الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

"حكمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مشهد إعادة بناء الكعبة"

"حكمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مشهد إعادة بناء الكعبة"


جاء عن مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ لِي مَوْلَايَ عَبْدُ اللهِ بْن السَّائِبِ: "كُنْتُ فِيمَنْ بَنَى الْبَيْتَ، فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَسَوَّيْتُهُ، فَوَضَعْتُهُ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، قَالَ: فَكُنْتُ أَعْبُدُهُ، فَإِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ الشَّيْءُ أَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا لَبَنٌ طَيِّبٌ فَبَعَثْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَصَبُّوهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قُرَيْشًا اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَرِ حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ "الْأَمِينَ"، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ رَضِينَا بِكَ. فَدَعَا بِثَوْبٍ فَبَسَطَهُ وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لِهَذَا الْبَطْنِ، وَلِهَذَا الْبَطْنِ -غَيْرَ أَنَّهُ سَمَّى بُطُونًا: لِيَأْخُذْ كُلُّ بَطْنٍ مِنْكُمْ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ رَفَعُوهُ، وَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِ.

وهذا مشهدٌ جديدٌ من مشاهد التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان هذا الحدث قبل مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره الشريف، وقد حصلت أحداث هذا المشهد إبَّان بناء قريش للكعبة؛ حيث إنه كان قد تهدَّم جزء منها بسبب السيل، فأرادت قريش أن تعيد بناءها وترفع بنيانها وتصنع لها سقفًا حتى لا تتهدم ثانية، فاجتمعوا واتفقوا على ذلك، وأيضًا اتفقوا على أن لا يدخل في بنائها إلا الأموال الطيبة، فلا يدخل فيها مهر بغيٍّ ولا حُلوان كاهنٍ ولا مال حصل عليه صاحبه بظلمٍ.

وبدءوا العمل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخامسة والثلاثين من عمره إذ ذاك، وكان معهم يشاركهم نقل الحجارة مع عمه العباس رضي الله عنه، وكانت كلُّ قبيلة مسئولة عن أحد جوانبها، ثم لما حان وقت نقل الحجر الأسود ووضعه في مكانه دَبَّ الشجار والخلاف بينهم؛ لأن كلَّ قبيلة تريد أن تنال شرف وضع الحجر في مكانه، ثم اتفقت كلمتهم أن يُحَكِّموا بينهم أول داخل عليهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول داخل ففرحوا وطلبوا منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يفصل بينهم، فأجابهم وطلب منهم أن يُحضِروا رداءً ثم بسطه وطلب من كلِّ قبيلة أن تأخذ بطرفٍ منه ثم وضع صلى الله عليه وآله وسلم الحجر بيده الشريفة حتى نقلوه إلى مكانه ووضعه صلى الله عليه وآله وسلم فيه بيده الشريفة، وقد قَصُرت بقريشٍ النفقة الحلال عن أن يتموا البناء كلَّه كما كان؛ ولذا فقد بقي الجزء المسمى "حِجْرَ إسماعيل" خارج البناء، ولكنه من الكعبة.

ومما يستفاد من هذه الواقعة أن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان محلَّ تقديرٍ واحترامٍ من قريشٍ، بدليل ارتضائهم لتحكيمه، وأن تدخُّلَه صلى الله عليه وآله وسلم الحكيم كان سببًا في حقن دمائهم وجمع كلمتهم، وهكذا يجب أن يكون المصلحون بين الناس.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" متفق عليه.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود.


حُكي أن الحسن والحسين رضي الله عنهما وعن والديهما وعلى جدهما أفضل الصلاة وأتم التسليم مرَّا بشخص يفسد وضوءه، فقال أحدهما لأخيه: تعال نرشد هذا الشيخ، فقالا: يا شيخ إنا نريد أن نتوضأ بين يديك حتى تنظر إلينا، وتعلم من يحسن منا الوضوء ومن لا يحسنه، ففعلا ذلك، فلما فرغا من وضوئهما


عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ»، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري.


عَنْ عَطَاءٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنِّي شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ هَكَذَا أَيْ فَاتِحُهُ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخَرْصَ، وَالْخَاتَمَ، وَالشَّيْءَ" متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20