01 يناير 2017 م

الخرائط عند المسلمين

الخرائط عند المسلمين

كانت الخرائط في العصور القديمة محدودة المجال والمساحة الجغرافية وغير دقيقة وكانت آثارها ماثلة في ألواح الفخار أو أوراق البردي، وكان التصور السائد عند كثيرين أن الأرض عبارة عن قرص دائري تحيط به المياه من كل جانب، ولكن اعتناء المسلمين الخاص بهذا الفن من فروع علم الجغرافيا قد أكسبه مذاقًا خاصًّا، ودفع به قُدُمًا نحو مزيد من تغطية المساحات المكتشفة والمرسومة بقدر كبير من الدقة والضبط والحرفية.
كان لاتساع رقعة أرض الإسلام وتحولها لمركز استراتيجي مهم في العالم وامتداد خطوط التجارة وطرق الحج دور مهم في الاعتناء بالخرائط، حيث احتاجت الدولة الإسلامية لمعرفة تضاريسها بدقة لتحديد مقادير الضرائب والخراج، وزادت حركة السفر والترحال في أرجاء أرض الإسلام للتجارة أو الحج أو طلب العلم وغير ذلك.
طلب الحجاج بن يوسف من قتيبة بن مسلم الباهلي أن يرسل لها مصوَّرًا للأماكن التي امتدت فترة حصارها أمدًا طويلا في بلاد ما وراء النهر، تعتبر هذه أول خريطة للمسلمين سنة 89 هـ، وكان العرب يسمونها صورة أو رسمًا أو لوح رسم، ولم تُستخدم كلمة خريطة إلا في عهود متأخرة، ثم اعتنى الخوارزمي برسم الخرائط بعد دراسته للرياضيات وحساب المثلثات في الهند، في عهد الخليفة العباسي المأمون الذي تطورت العلوم في عهده كثيرًا، وكان من أهم العلماء الذين أحدثوا نُقلة نوعية في فن الخرائط هو الشريف الإدريسي (ت: 560 هـ) حيث رسم العديد من الخرائط ذات الوصف الدقيق بتصور شكل الكرة الأرضية، وقال بكرويتها في كتابه الشهير "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق": "إن الذي تحصَّل من كلام الفلاسفة وجلة العلماء وأهل النظر في علم الهيئة أن الأرض مدورة كتدوير الكرة، والماء لاصق بها وراكد عليها ركودًا طبيعيًّا لا يفارقها، والأرض والماء مستقران في جوف الفلك كالمحة (كالصَّفَار) في جوف البيضة، ووضعهما وضع متوسط، والنسيم محيط بهما من جميع جهاتهما، وهو لهما جاذب إلى جهة الفلك أو دافع لهما والله أعلم بحقيقة ذلك... والأرض مقسومة بقسمين بينهما خط الاستواء وهو من المشرق إلى المغرب وهذا هو طول الأرض وهو أكبر خط في الكرة كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك واستدارة الأرض في موضع خط الاستواء ثلاثمائة وستون درجة" إلى آخر ما قال من معلومات كانت تعد سبقًا علميًّا بمقاييس عصره. وقد صنع الإدريسي كرة من الفضة أوضح عليها تضاريس الأرض لملك صقلية روجرز الثاني، ويقال إنها فقدت في أحداث ضربت صقلية فيما بعد، وكان قد رسمها على الورق في البداية، ثم جسمها في صورة كرة من الفضة رسم عليها اليابس بالذهب، كما ذكر الدكتور حسين مؤنس في "أطلس تاريخ الإسلام".

 

من إبداعات الحضارة الإسلامية التي نشأت تلبية لنداء الشريعة بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي وشيوع العدل والفضيلة في كافة مناحي الحياة (علم الاحتساب). وقد ذكرنا في مقال سابق أن أمر الحسبة خطير، وأنها أحد وجوه التطبيق العملي لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها إن لم تنضبط بميزان الشرع فقد تأتي بنتائج سلبية تكر على المقصود منها بالبطلان، وبدلًا من أن تؤدي إلى استقرار المجتمعات تؤدي إلى اضطرابها. وآية ذلك ما نرى من بعض المتشددين الذين لم ينالوا من العلم والدين القدر الكافي، ويسعون في الأرض بغير هدى ولا علم؛ ظانين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.


تعدُّ الحياة في هذه الدنيا امتحانًا للإنسان، يتحدَّدُ بناءً على تعامله فيها مصيرُهُ في الآخرة، ومن رحمة الله بنا أن أرشدنا إلى أوجه وأسس الاستعداد فيها لهذا الاختبار، وتصحيح المواقف، والعودة عن المخالفات التي يرتكبها الإنسان فيها، والتربية هي التي تحدد السلوك الذي سيسلكه الإنسان في هذا الاختبار.


تعد مقاصد الشريعة من المظاهر الحضارية للشريعة الإسلامية؛ فهي التي تحدد أساس التصور الإسلامي للسعي في هذه الحياة، والإسلام يُعنَى بدرجات مختلفة من المقاصد، تُرَتَّبُ على حسب الأولوية، فهي على ثلاثة مستويات: ضرورية، وحاجيَّة، وتحسينية.


جاء ذكر المعادن وتصنيعها في القرآن الكريم بصورة إيجابية؛ فقد كان العمل بها صناعة بعض الأنبياء مثل سيدنا داود عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ [الأنبياء: 80]، واللبوس: هو السلاح كله؛ أي السيف والرمح والدرع وغيره، وقال تعالى عنه وعن سيدنا سليمان عليهما السلام، ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ۞ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ۞ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ۞ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 10-13]،


يُعَدُّ "الإسناد" إحدى خصائص الأمة الإسلامية؛ ذلك أن حضارتنا الإسلامية تتميز بسمة المشافهة، أي: انتقال العلم فيها بالتلقي الشفوي، وهذا النوع أضبط الطرق لتوثيق العلم؛ فالكتابة بمفردها لا توفر الثقة الكاملة بما تفيده؛ لأن كثيرًا من الإشكالات تتعلق بضبط المكتوب، فتم الجمع بين التلقي الشفوي والتوثيق بالكتابة، وهذا أمر تتفرد به الأمة الإسلامية وحضارتها، قال الإمام محمد بن حاتم: "إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها -قديمهم وحديثهم- إسناد".


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 يوليو 2025 م
الفجر
4 :20
الشروق
6 :3
الظهر
1 : 1
العصر
4:37
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :29