ما حكم صيام الحادي عشر مع عاشوراء بدلًا من التاسع من شهر المحرم؟ لأن رجلًا لم يتمكن من صيام يوم التاسِع من شهر الله المحرم، فلما دخل عليه يومُ عاشوراء صامه، وصام معه الحاديَ عشر، يرجو بذلك إصابة السُّنة، ونَيلَ أجرِ التطوع، فهل يجزئه صنيعُه هذا ويُرجى له به الفضل؟
يُستحبُّ صيام يَومَي التاسِع والحادي عشر أو أحدهما مع يوم عاشوراء اتِّباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن فات صيام التاسِع بقي الاستحبابُ في صيام الحادي عشر، وبه يُنال فضل موافقة السُّنة، ولا حرمان من الفضل الذي رُجِيَ لصيام التاسِع.
المحتويات
يومُ عاشوراء يومٌ من أيامِ الله المشهودة، وآيةٌ من آياته الممدودة، نصر اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فيه سيدَنا موسى عليه السلام وأنجاه ومَن معه، قال الله تعالى: ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ﴾ [طه: 80].
وقد صامه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم صيامَ شكرٍ لنِعَمِ الله الوافرة، واعترافًا بجميل مِنَنِه السابغة على نبيه موسى عليه السلام، ومن تَبِعَه من أولي الإيمان، وأمر أمَّتَه بصيامه، فكانت سُنَّةً ظاهرة، وشعيرة ماضية إلى يوم الدِّين، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.
وقد ورد في بعض الآثار أن الله سبحانه وتعالى عظَّم يوم عاشوراء بجملةٍ من الآيات، فقيل: كان فيه توبةُ سيدنا آدم، ونجاةُ سيدنا نوح، وخروجُ سيدنا يونس من الظلمات، وإنجاءُ سيدنا يوسف من الجُبِّ، وتوبةُ الله على قوم سيدنا يونس، على أنبياء الله جميعًا السلام، وفيه تُكسى الكعبة في كلِّ عام، فاجتمع له من البركات ما لم يجتمع لغيره من الأيام، كما في "مواهب الجليل" للإمام الحَطَّاب (2/ 403، ط. دار الفكر).
وصيام يوم عاشوراء فيه نفحةٌ ربانيةٌ، حيث يُكفِّر اللهُ به ذنوب سَنَةٍ قَبلَه، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.
وقد انعقد الإجماع على استحباب التقرب إلى الله تعالى بصيامه، كما في "شرح صحيح مسلم" للإمام النَّوَوِي (8/ 5، ط. دار إحياء التراث العربي).
يُستحب لمن أراد صيام يوم عاشوراء أن يصوم معه التاسِع من شهر الله المحرم أو الحادي عشر، وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى استحباب الجمع بين الأيام الثلاثة: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر، فإن فاته صيامُ التاسع، بقي الاستحباب في صيام الحادي عشر، لينال المسلمُ بذلك فضل موافَقة السُّنة، ويُدرك الأجر المترتِّب على هذه الشعيرة العظيمة، فقد عزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ورغَّب فيه، كما في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقبِلُ إِن شَاءَ اللهُ صُمنَا اليَومَ التَّاسِعَ»، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فَلَم يَأتِ العَامُ المُقبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم. أخرجه الإمام مسلم.
وعنه أيضًا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في صيام عاشوراء: «صُومُوا قَبلَهُ يَومًا، أَو بَعدَهُ يَومًا» أخرجه الأئمة: أحمد، والبَزَّار، وابن خزيمة.
وفي روايةٍ أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَئِن بَقِيتُ لَأَمَرتُ بِصِيَامِ يَومٍ قَبلَهُ أَو بَعدَهُ، يَعنِي: يَومَ عَاشُورَاءَ» أخرجها الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".
قال الإمام الشُّرُنبُلَالِي في "مراقي الفلاح" (ص: 639، ط. دار الكتب العلمية): [(وأمَّا) القسم الثالث وهو (المسنون: فهو صوم عاشوراء) فإنَّه يكفِّر السنة الماضية (مع) صوم (التاسع)] اهـ.
قال العلامة الطَّحطَاوِي محشِّيًا عليه: [قوله: (مع صوم التاسع) أي: أو الحادي عشر... فتنتفي الكراهة بضمِّ يومٍ قبله أو بعده] اهـ.
وقال الإمام ابن عَابِدِين في "رد المحتار" (2/ 375، ط. دار الفكر): [ويستحبُّ أن يصوم يوم عاشوراء، بصوم يومٍ قبله أو يومٍ بعده، ليكون مخالفًا لأهل الكتاب] اهـ.
وقال الإمام الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (2/ 403): [قال الشيخ زَرُّوق في "شرح القُرطُبية"... واستحب بعض العلماء يومًا قبله ويومًا بعده... وقال الشيخ يوسف بن عمر: ويستحب صيام التاسِع، وقال بعضهم: وكذلك الحادي عشر؛ احتياطًا، لعله نقص الشهر] اهـ.
وقال الإمام النَّوَوِي في "روضة الطالبين" (2/ 387، ط. المكتب الإسلامي): [صوم التَّطوُّع... ومنه يوم عاشوراء، وهو عاشر المحرم، ويستحب أن يصوم معه تاسوعاء، وهو التاسِع... فعلى هذا، لو لم يصم التاسِع معه، استحبَّ أن يصوم الحادي عشر] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الرَّملِي في "نهاية المحتاج" (3/ 207، ط. دار الفكر) عند تعداده صيام التطوع: [(و) صوم (عاشوراء) بالمَد فيه وفيما بعده، وهو عاشر المُحرَّم... (و) صوم (تاسوعاء) وهو تاسِع المُحرَّم... والحكمةُ في صومه مع عاشوراء الاحتياطُ له؛ لاحتمال الغَلط في أول الشهر، وللمخالفة لليهود؛ فإنهم يصومون العاشر، وللاحتراز من إفراده كما في يوم الجمعة، ولذلك يُسنُّ أن يصوم معه الحادي عشر إن لم يصم التاسِع، بل في "الأم" وغيرها: أنه يُندب صوم الثلاثة؛ لحصول الاحتياط به] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيُستحبُّ للرجل المذكور أن يصوم يَومَي التاسِع والحادي عشر أو أحدهما مع يوم عاشوراء اتِّباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن فاته صيام التاسِع بقي الاستحبابُ في صيام الحادي عشر، وبه ينال فضل موافقة السُّنة، ولا يُحرَم من الفضل الذي رُجِيَ لصيام التاسِع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.
تسحرت وأنا شاكَّة في طلوع الفجر، ثم تبين لي بعد الانتهاء من الأكل أن وقت الفجر قد انتهى وبدأ النهار، فما حكم ما فعلتُه؟ وما حكم صومي؟ وهل يجب عليَّ قضاء ذلك اليوم؟ وما الحكم لو أفطرتُ وأنا أظنُّ أن الشمس قد غربت ثم تبين أنها لم تغرب بعد؟
ما حكم قضاء الصوم عن المتوفى؟ حيث توفيت أمي ولم تكن قد قضت أيام فطرها في رمضان بسبب حيضها في سائر عمرها، وكل أولادها يعلمون هذا، وقد تركت مالًا، فهل نكفر عنها من هذا المال؟ وتكون قراءة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم لكل متوفًى على حدة، أم يمكن إهداؤها للجميع دفعة واحدة؟
ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.
سائل يقول: زوجتي تعاني مِن استمرار نزول الدم بعد الولادة، وقد جاوزت أربعين يومًا؛ فكيف تتطهر من أجل الصيام والصلاة؟
هل الدواء الذي يؤخذ للغرغرة في الفم يبطل الصيام؟