ما حكم التكبير عند رمي حصى الجمار؟ فهناك رجل سيذهب للحج هذا العام، ويسأل: هل يكَبِّر عند رمي حصى الجِمَار؟ وهل يذكر الله تعالى بأي ذكر آخر؟
يستحب للحاجّ أن يُكبِّر الله تعالى مع كل حصاة يرميها أثناء رمي الجِمَار يوم النحر وأيام التشريق، وله أن يضيف إليه غيرَه كالتسبيح أو التهليل أو غيرهما، ولا حرج عليه.
المحتويات
شَرَع الله تعالى بعض العبادات التي تُنَاجي القلب، وتُخاطِب الروح، وتُجَرِّدُ النَّفس من زَخَارِف الدُّنيا، ومن ذلك "فريضة الحج" الذي تَتَجلَّى في مناسكه هذه المعاني الرُّوحية، ومن جملة هذه المناسك "رمي الجمار" الذي يُبْرِزُ كمال الانقياد، وتمام الامتثال لأمر الله تعالى.
ومن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ رميَ الِجمَارِ واجبٌ من واجباتِ الحَجِّ بالإجماع، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي (2/ 136، ط. دار الكتب العلمية).
الرمي بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم نوعان: رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النَّحر، ورمي باقي الجمار أيام التشريق.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرمي على راحلته يوم النَّحرِ، ويقول: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» أخرجه الإمام مسلم.
لقد أمر الله تعالى عبادَه المؤمنين بالمُدَاوَمَة على إقامةِ ذكره تعالى وإحيائه بمجامع التوحيد والتعظيم في أيام رمي الجِمَار، وذلك في عموم قول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]، ومن جملة الذكر: التكبير عند رمي كل حصاة من حصى هذه الجِمَار، كما في "جامع البيان" للإمام أبي جَعْفَر الطَّبَرِي (4/ 208، ط. مؤسسة الرسالة).
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ» أخرجه الإمام أبو داود.
فأفاد قوله: «لِإِقَامَةِ ذِكْرِ الله» بيان الحكمة التي شُرِعَت لأجلها هذه المناسك والطاعات العَمَلِيَّة الواردة في الحديث الشريف، فإنَّ هذه الطاعات وإن كان فعلها في حد ذاته -من جِهةِ الحجيج- ذكرًا لله تعالى، إلَّا أنها تُقْرَنُ بالذكر اللِّسَانِيِّ؛ لتُعَاضِدَ ألسنة الحَجيج كُلًّا من أفعالهم وقلوبهم، فيحصل لهم الذكر بالكُلِّيَّة، كما في "شرح سنن أبي داود" للإمام شهاب الدين بن رَسْلَان (8/ 523، ط. دار الفلاح).
وقد تواردت نصوص الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على ذلك، فذهبوا إلى أنَّ الحاج إذا عمد واتَّجه لأداء منسك رمي الجِمَار، وشرع في رمي الحصوات، فإنه يستحب له أن يصاحب رميها بالتكبير عند رمي كل حصاة؛ وذلك للأخبار الواردة الدَّالة على فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتكبيره حالَ رَمْيِهِ حصى الجِمَار، وما أُثِرَ عن الصحابة والتَّابعين وجرى عليه عملهم؛ اقتداءً بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ، وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» أخرجه الإمام أبو داود.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ قِيَامًا طَوِيلًا فَيَدْعُو، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» أخرجه الإمام ابن حِبَّان.
قال الإمام المَيْدَانِي الحنفي في "اللباب" (1/ 192، ط. المكتبة العلمية): [ويسن أنه (يُكَبِّرَ مع كل حصاةٍ)] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 334، ط. دار الفكر) مُبَيِّنًا ومُعَدِّدًا ما يُسَنُّ في الحج: [(ص) وتكبيره مع كل حصاة (ش) يعني أنه يُسْتَحبُّ لَه أن يُكَبِّرَ مع رميِ كلِّ حصاةٍ تكبيرةً واحدةً، وظاهر "المدونة" أنه سُنة] اهـ.
وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (8/ 154، ط. دار الفكر): [والمستحب... أن يكبِّر مع كل حصاة] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 585، ط. عالم الكتب): [(و) ندب (أن يُكَبِّرَ) رَامٍ (مع كل حصاةٍ)] اهـ.
من صيغ التكبير أن يقول الحاج عند رمي كل حصاة: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، كما في "الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي (4/ 184، ط. دار الكتب العلمية) نقلًا عن الإمام الشافعي.
على أنَّ الحاجَّ إذا أضاف إلى التَّكْبِير التَّسْبيحَ أو التَّهْلِيلَ أو الدُّعاءَ أو غيرَها من الذكر أجزأه ذلك، فإنَّ التَّكبير وإن كان هو الأصل في الاستحباب عند رمي حصى الجِمَار، إلَّا أنَّ تفاوت الصيغ المنقولة عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ومَن بعدهم من الأئمة أثناء رميهم الحصى يدل على أنَّ الأمر فيه سعة، فبأي ذكرٍ أجراهُ اللهُ تعالى على لسان الحاجِّ يكون ذلك جائزًا شرعًا ومُجزئًا في حَقِّه.
قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (4/ 419، ط. مكتبة الرشد): [وكان عليٌّ يقول كلما رمى حصاة: اللهم اهدني بالهُدى، وقِنِي بالتقوى، واجعل الآخرة خيرًا لي من الأُولى. وكان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند ذلك: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا"] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يستحب للرجل المذكور أن يُكبِّر الله تعالى مع كل حصاة يرميها أثناء رمي الجِمَار يوم النحر وأيام التشريق، وله أن يضيف إليه غيرَه كالتسبيح أو التهليل أو غيرهما، ولا حرج عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم لف المُحرِم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات؟ فأنا أحتاج لاستعمال رباط ضاغط للفخذ؛ لحماية الفخذين من التسلخ الناتج عن المشي، فأرجو منكم بيان الحكم الشرعي في استعمال هذا الرباط أثناء الإحرام.
ما حكم ختم المحرم بالحج التلبية بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؟ حيث كنت في حجِّ العام الماضي، فوجدتُّ وفدًا من حُجَّاج إحدى الدول يختمون تلبيتهم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فما حكم صنيعهم هذا؟
ما حكم من يقول بأن الحج ما هو إلا بقايا عبادة وثنية؟
ما حكم الاستراحة في الطواف؟ فأنا رجلٌ تقدَّمَ بي العمر، ولا أقدرُ على إتمامِ الطوافِ دفعةً واحدة، فأجلسُ لالتقاطِ أنفاسي لأقدرَ على إكمالِ الطواف.
هل يجب أن تُجمع الحصيات لرمي الجمار من مزدلفة؟
ما حكم الحج عن الابن المتوفى وهبة أعمال البر له؟ لأن امرأة تريدُ أن تَحُجَّ عن ابنها المُتَوفَّى في حادث، وكان قد سبق لها الحج، وتبرع والد المُتوفّى بنفقة الحج؛ لأنه كان طالبًا ولم يكن له مال خاص، كما تريد هذه المرأة أن تصطحب معها ابنتها البالغة من العمر ستة عشر عامًا، وقد تبرع لها والدها بنفقات الحج أيضًا؛ لأنها ما زالت طالبة، فهل يصحُّ حجّهما؟ وإذا كُتِبَ لها الحج عن ابنها، فما الذي يجب عليها عمله اعتبارًا من نية الحج إلى الانتهاء منه؟ وهل إذا صلَّت في الحرمين الشريفين بمكة والمدينة المنورة أن تُصَلي لابنها الصلوات المفروضة؟ وهل يجوز أن تؤدي العمرة عن نفسها بعد أداء الحج عن الابن المتوفى؟