ما حكم تقديم طواف الإفاضة على الرمي في حج التمتع؟ فهناك بعثة حجَّاج تعزم أن يكون خط سيرها المقترح في الحج: من القاهرة، إلى مطار جدة، ثم إلى مكة، ثم إلى عرفات، ثم إلى المزدلفة، ثم إلى مكة، ثم إلى منًى، ثم إلى مكة؛ بحيث يتم التوجُّه من المزدلفة إلى مكة مباشرة وأداء طواف الإفاضة وسعي الحج ثم التحلل الأكبر، ثم التوجه بعد ذلك إلى منًى ورمي جمرة العقبة الكبرى، فهل هذا جائزٌ في حجِّ التَّمتُّع، أم أنه يتعيَّن التوجُّه من مزدلفة إلى منًى لِرَمي جمرة العقبة الكبرى قبل التحلُّل الأكبر؟
يجوز شرعًا التوجُّه من مزدلفة إلى مكة مباشرةً لأداء طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة، ولا يجب على الحاج في هذه الحالة شيءٌ؛ لما ورد في الحديث أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم النحر فقال: يا رسول الله، إني أفضْتُ إلى البيتِ قبل أَنْ أرميَ. قال: «ارْمِ ولا حَرَجَ» رواه مسلم.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن وظائف يوم النحر للحاج المتمتع والقارن بالاتفاق أربعة أشياء: رمي جمرة العقبة، ثم نحر الهَدي أو ذبحه، ثم الحلق أو التقصير، ثم طواف الإفاضة، واتفق الفقهاء على أن مخالفة هذا الترتيب بأداء أي واحدٍ من هذه الأربعة قبل الآخر لا يُفسد الحج بحال.
ثم منهم من ذهب إلى الصحة مع عدم وجوب الدم، وهم الجمهور، ومنهم من ذهب إلى وجوب الدم مع صحة الحج، قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/480، ط. هجر): [ولا نعلم خلافًا بينهم في أن مخالفة الترتيب لا تُخرِج هذه الأفعالَ عن الإجزاءِ ولا تمنع وقوعَها مَوْقِعَها، وإنما اختلفوا في وجوب الدم] اهـ.
وقال الإمام القرطبي: [وذهب الشافعي وجمهور السلف والعلماء وفقهاء أصحاب الحديث إلى الجواز وعدم وجوب الدم؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم للسائل: «لا حَرَجَ»، فهو ظاهرٌ في رفع الإثم والفدية معًا؛ لأن اسم الضيق يشملهما] اهـ. نقلًا عن "فتح الباري" لابن حجر (3/571، ط. دار المعرفة).
أما بخصوص تقديم طواف الإفاضة على رمي جمرة العقبة فهو جائز شرعًا عند الجمهور، وصححه المالكية مع إلزامه بدم.
واستدل الجمهور بما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: زُرتُ قبل أن أرميَ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا حَرَجَ»، قال: حلقتُ قبل أن أذبح؟ قال: «لا حَرَجَ»، قال: ذبحتُ قبل أن أرمي؟ قال:«لا حَرَجَ».
وروى مسلم في "صحيحه" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتاه رجلٌ يومَ النَّحرِ وهو واقف عند الجمرة فقال: يا رسول الله، حلقتُ قبل أنْ أرميَ؟ قال: «ارمِ، ولا حَرَجَ»، وأَتاه آخر، فقال: إني ذبَحتُ قبلَ أن أرْميَ؟ قال: «ارمِ ولا حرج»، وأتاه آخر، فقال: إني أفضْتُ إلى البيتِ قبل أَنْ أرميَ؟ قال: «ارْمِ ولا حَرَجَ»، قال: فما رأيتُه سُئِلَ يومئذٍ عن شيء إلا قال: «افعلُوا ولا حَرَجَ».
ووقت طواف الإفاضة يبدأ من منتصف ليلة النحر عند الشافعية والحنابلة، ومن طلوع الفجر الصادق عند الحنفية والمالكية، وليس من شرط صحته إلا أن يكون الحاجُّ قد وقف بعرفة قبله، أما الرمي قبله فليس شرطًا لصحته.
وعلى ذلك: فلا يلزم الحاجَّ أن يتوجه من مزدلفة إلى مِنًى، بل يجوز له التوجه ليلة النحر من مزدلفة إلى مكة مباشرة لأداء طواف الإفاضة ثم العودة بعد ذلك إلى منًى لأداء بقية أعمال يوم النحر.
قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (8/221، ط. دار الفكر): [يدخل وقتُ طواف الإفاضة بنصف ليلة النحر، وهذا لا خلاف فيه عندنا، قال القاضيان أبو الطيب وحسين في "تعليقهما" وصاحب "البيان" وغيرهم: ليس للشافعي في ذلك نصٌّ، إلا أن أصحابنا ألحقوه بالرمي في ابتداء وقته] اهـ.
أما التحلُّل فهو قسمان:
التحلل الأول أو الأصغر: وتحِلُّ به محظورات الإحرام عدا النساء، ويحصل بالحلق عند الحنفية، وبالرمي عند المالكية والحنابلة، وبفعل شيئين من ثلاثةٍ مِن أعمال يوم النحر عند الشافعية، واستُثْنِيَ منها الذبحُ حيث لا دخل له في التحلل.
والتحلل الثاني أو الأكبر: وتحِلُّ به كل محظورات الإحرام حتى النساء، ويحصل بطواف الإفاضة فقط بشرط الحلق عند الحنفية، وبالإفاضة مع السعي عند المالكية والحنابلة، وباستكمال الأعمال الثلاثة عند الشافعية.
بناءً على ذلك: فلا مانع شرعًا من التوجه مباشرة من مزدلفة إلى مكة لطواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة، ولا يلزم فاعلَ ذلك جبرانٌ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم نيابة المرأة في الحج عن أخيها المريض؟ فهناك رجلٌ عنده مالٌ يكفي للحج، لكنه مريضٌ عاجزٌ، وليس لديه قدرةٌ جسديةٌ على تَحَمُّل السفر ومشقته ومجهود الحج. فهل يجوز أن يستنيب أخته في الحج بدلًا عنه؟
سائلٌ يسألُ عن مدى مشروعية قيام إحدى جمعيات الخدمات الاجتماعية بتقديم الدعم للعاملين من أجل أداء الحجِّ والعمرة؟
ما حكم النيابة عن الغير في حج التطوع للقادر عليه؟ فإن قريبي يعمل بالمملكة العربية السعودية، ويريد أن يقوم بأداء حج التطوع نيابةً عن والده هذا العام، علمًا بأن والده يقدر على أداء الحج بنفسه، وسوف يتحمل نفقة هذا الحج. فهل يصح في هذه الحالة أن يحج عنه تطوعًا؟
ما معنى يوم الحج الأكبر والحج الأكبر؟ وهل هما في معنى واحد، أو يختلف أحدهما عن الآخر؟ وهل كل منهما موجود في القرآن الكريم والسنة الصحيحة؟
ما حكم حج مريض الزهايمر؟ فوالدي رجل مسنٌّ ويعاني من مرض ألزهايمر، فهل تسقط عنه فريضة الحج أو أنه مطالبٌ بها؟ أفيدوني.
هل يجوز للحاج أن يأكل من الهدي الواجب عليه، سواء أكان هديَ تمتعٍ، أو قِرانٍ، أو نذر، أو لارتكاب محظور؟ حيث التبس الأمر عليَّ ولا أدري الصواب، فأرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.