حكم عمل غير المسلمين في توزيع الزكاة

تاريخ الفتوى: 22 أبريل 2025 م
رقم الفتوى: 8623
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الزكاة
حكم عمل غير المسلمين في توزيع الزكاة

ما حكم عمل غير المسلمين في المؤسسات والجمعيات الرسمية القائمة على توزيع الزكاة؟ وهل يجوز إعطاؤهم أجرة عملهم من أموال الزكاة؟

يجوز عمل غير المسلمين في المؤسسات والجمعيات الرسمية القائمة على توزيع الزكاة، وذلك للإطلاق الوارد في قوله تعالى: ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: 60]، دون التفرقة بين العامل المسلم وغير المسلم، ويجوز إعطاؤهم من أموال الزكاة، وما يأخذونه من أجر هو مقابل عملهم لا عمالتهم وولايتهم.

المحتويات

 

المراد بمصرف (العاملين عليها) من مصارف الزكاة

العمل في استقبال أموال الزكاة وصرفها لمستحقِّيهَا يدخل تحت مصرف العاملين عليها الذي جاء النصُّ عليه في الآية التي حددت مصارف الزكاة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، فجعل الحق سبحانه المصرف الثالث من مصارف الزكاة مصرفَ العاملين على الزكاة الذي هو من أوضح الدلائل على حماية الشريعة لفريضة الزكاة، وصيانتها من العبث.

والمراد بالعاملين على الزكاة هم: السُّعَاةُ الذين ينصبهم الإمام لجمع الزكاة من أهلها، وقد اقتصر الحنفية على هذا المعنى. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (2/ 44، ط. دار الكتب العلمية).

بينما تَوسَّع جمهور الفقهاء فأضافوا إلى هذا المعنى معنًى آخر وهو: تفريقها وتوزيعها على مستحقيها، وغير ذلك ممن يُحتاج إليه فيها. ينظر: "القوانين الفقهية" للإمام أبي القاسم ابن جُزَيّ المالكي (ص: 201، ط. دار ابن حزم)، و"روضة الطالبين" للإمام محيي الدين النووي الشافعي (2/ 313، ط. المكتب الإسلامي)، و"الإنصاف" للإمام علاء الدين المرداوي الحنبلي (3/ 223، ط. مطبعة السنة المحمدية).

ويتبينُ من كلام الأئمة الفقهاء أصلٌ متقررٌ وهو أنَّ العامل على الزكاة لا بد أن يكون ممن ولَّاه الإمام للعمل في أموال الزكاة.

والمؤسساتُ والجمعيات الرسمية المرخص لها من الدولة في جمع الزكاة وتوزيعها داخلةٌ في هذا الأصل المقرر؛ إذ قد أجيزت من الدولة أن تقوم بوظيفة العامل على الزكاة، حتى صارت وظائفها واضحة، وأنظمتها ظاهرة، بخلاف غيرها من المؤسسات غير المرخصة، المفتئتة على أنظمة الدولة، المجاوزة لصلاحية ولي الأمر.

حكم عمل غير المسلمين في توزيع الزكاة

اشترط جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب للعاملين على الزكاة شروطًا، منها: أن يكون العامل عليها مسلمًا؛ وذلك لأنَّ عمل غير المسلم على الزكاة فيه نوع ولاية على المسلم، ولا ولاية لغير المسلم على المسلم: قال الإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 248، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال في "الغاية": ويشترط في العامل أن يكون حرًّا مسلمًا غير هاشمي، فلا يصح أن يكون عبدًا؛ لعدم الولاية، ولا يصح أن يكون كافرًا؛ لأنَّه لا يلي على المسلم بالآية، ولا يصح أن يكون مسلمًا هاشميًّا؛ لأنَّ فيها شبهة الزكاة] اهـ.

وقال الإمام تاج الدين بَهْرَام المالكي في "الدرر في شرح المختصر" (1/ 529، ط. وزارة الأوقاف القطرية): [ويشترط في العامل أن يكونَ حرًّا عدلًا عالمًا بحكمِ الزكاة، غير هاشمي، وكافرٍ، فلا يجوز استعمال عبد، ولا كافر فيها؛ إذ لا حقَّ لهما في الزكاة] اهـ.

وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 168، ط. دار الفكر) وهو يبين شروط العامل على الزكاة: [واتفقوا على أنَّه يشترط فيه: كونه مسلمًا حرًّا عدلًا...] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين الـمَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 223): [(ويشترط أن يكون العامل مسلمًا أمينًا من غير ذوي القربى)، يشترط أن يكون العامل مسلمًا، على الصحيح من المذهب] اهـ.

بينما ذهب الإمام أحمد في رواية إلى أنَّه لا يشترط في العامل على الزكاة أن يكونَ مسلمًا؛ وذلك للإطلاق الوارد في قوله تعالى: ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: 60]، دون التفرقة بين العامل المسلم وغير المسلم.

قال الإمام موفق الدين ابن قُدَامة في "المغني" (2/ 488، ط. مكتبة القاهرة): [وظاهرُ كلام الخِرَقي أنه يجوز أن يكون كافرًا، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد؛ لأنَّ الله تعالى قال: ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: 60]، وهذا لفظ عام يدخل فيه كل عامل على أي صفة كان] اهـ.

إلا أنه لا بُدَّ من ملاحظةِ أنَّ شَرْطَ الإسلام الذي اشترطه جمهور الفقهاء إنما هو شرط لإعطاء العامل من أموال الزكاة نفسها، لكن إن كان يعمل في مال الزكاة ويأخذ أجرة مقابل هذا العمل من غير مال الزكاة؛ فإنَّه لا يشترط حينئذ الإسلام؛ لأنَّ ما يأخذه أجرة لا زكاة:
قال الشيخ عِلِيش في "مِنَح الجليل" (2/ 87، ط. دار الفكر): [(و) غير (كافر)؛ شروطٌ في إعطائه منها إلا في عمله، فيصح عمل الرقيق والهاشمي والكافر عليها، ويعطون أجرة مثلهم من بيت المال] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوي في "الإنصاف (3/ 226): [يجوز أن يكون حَمَّال الزكاة وراعيها ونحوهما كافرًا وعبدًا ومن ذوي القربى وغيرهم بلا خلاف أعلمه؛ لأنَّ ما يأخذه أجرة لعمله لا لعمالته] اهـ.

ووجهة ذلك: أنَّ العمالة ولاية فلم تجز، أما العمل فهو خدمة بمقابل وهي الأجرة، فلا وجه لمنعه، ولذا قال الإمام ابن مُفْلِح في "الفروع" (4/ 323، ط. مؤسسة الرسالة): [وقيل: يشترط إسلامه وحريته في عمالة تفويض لا تنفيذ] اهـ.

قال الإمام تقي الدين ابن قُنْدُس في "حاشيته على الفروع" (4/ 323-324، ط. مؤسسة الرسالة): [المراد -والله أعلم- بعمالة التفويض: أن يجعلَ الحاكم إلى العامل الكلام على الزكاة والنظر في أحكامها، فيصير بمنزلة الحاكم، والحاكم لا يكون إلا حرًّا مسلمًا، وأما عمالة التنفيذ، فهي أن يجعل إليه قَسمَها وتفريقَها على أربابها، فيكون بمنزلة الوكيل، والوكيل لا يُشترَط إسلامه ولا حريته] اهـ.

فعمالة التنفيذ إذن لا علاقة لها بولاية غير المسلم على المسلم، وإنما هي تنزيل لغير المسلم منزلة الوكيل، والوكيل لا يُشترَط إسلامه، مما يدل على أنَّ غير المسلم قد تَجَرَّدَ عن حكم الولاية على المسلم، فكأنَّ الذي أدى الزكاة هو المسلم ما دام نوى إخراج الزكاة وكفت نيته في ذلك:
قال الإمام علاء الدين الكاساني (2/ 40): [لو وكَّل ذِمِّيًّا بأداء الزكاة جاز؛ لأنَّ المؤدي في الحقيقة هو المسلم] اهـ.

وقال الإمام محيي الدين النووي في "المجموع" (6/ 165): [له أن يوكل في صَرْفِ الزكاة التي له تفريقها بنفسه... قال البَغَوِي في أول باب نية الزكاة: ويجوز أن يوكل عبدًا أو كافرًا في إخراج الزكاة، كما يجوز توكيله في ذبح الأضحية] اهـ.

وقال في موضع آخر بعد أن نقل كلام البَغَوِي (6/ 181): [هذا كلام البَغَوِي، وفي استنابة الكافر في إخراجها نظر، ولكن الصواب الجواز كما يجوز استنابته في ذبح الأضحية] اهـ.

وقال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (3/ 420، ط. ركائز): [(فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى وَكِيلِهِ) المسلمِ الثِّقةِ، نَصَّ عليه، وقال القاضِي: يجوز أن يكون كافرًا على خلاف فيه، كما لو استناب ذمِّيًّا في ذبح أضحيَّته] اهـ.

وقد قوَّى هذا المسلك الإمام علاء الدين المَرْدَاوي بعد أن نقل تجويز توكيل غير المسلم في إخراج الزكاة إذا نوى الموكل، فقال في "الإنصاف" (3/ 198): [قلت: وهو قوي] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز عمل غير المسلمين في المؤسسات والجمعيات الرسمية القائمة على توزيع الزكاة، وما يأخذه من أجر هو مقابل عمله لا عمالته وولايته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما كيفية تسمية المسجد المقام بالجهود الذاتية؟ قامت وزارة الأوقاف بإعادة بناء أحد المساجد؛ حيث كان مشيدًا بالطوب اللَّبِن، وساهم أهالي القرية جميعًا في توسعته، وقام أحد أبناء القرية بوضع لافتة رخامية على باب المسجد باسم والده المرحوم؛ بدعوى أنَّ والده كان قد جدَّد المسجد قبل وفاته، والحقيقة أنَّ هذا قد حدث فعلًا، ولكن بمساعدة أهالي القرية جميعًا؛ وقد أثار هذا الفعل استنكار واستياء أهل القرية جميعًا، فهل يجوز أن يُنْسَبَ هذا المسجد لأحد الأهالي، وتُوضَع عليه لافتة رخامية باسمه أم لا؟


ما حكم شراء لحوم ودواجن للفقراء من الزكاة؛ فنحن فريق جمعية خيرية، نقوم بمشروع، وَصِفَةُ هذا المشروع أن الجمعية تَرعى أكثر مِن مائتين وخمسين أسرة فقيرة بصرف لحوم ودواجن بشكل شهري حتى يتم تغطية احتياجات هؤلاء الأسر طوال الشهر مِن لحوم ودواجن. والسؤال: هل يجوز لنا قبول تبرعات زكاة المال مِن المتبرعين؟


يقول السائل: هل يجوز إخراج زكاة أزيد من المفروض؛ لتطهير الذمة من شبهة دخول أيّ حق للغير فيها بنية احتسابها من الزكاة لهم عند إخراجها؟


سائل يسأل عن مدى ضرورة الالتزام بالقوانين التي تضعها الدول للدخول إليها والخروج منها، وهل هي واجبة شرعًا؟


ما حكم عطاء الوالد لبعض أولاده حال حياته؟ فنحن ثلاث أخوات شقيقات، ولنا أختان من أبينا، وكان والدنا رحمه الله تعالى قد كتب لي ولشقيقَتَيَّ أرضًا زراعية مساحتها 11 فدانًا بيعًا وشراء، وترك ستة أفدنة أخرى لم يكتبها باسم أحد، تم تقسيمها على ورثته بعد وفاته، وكذلك قد خصني أنا وشقيقَتَيَّ -دون الأختين الأخريين- بمبلغ ألف جنيه في دفتر توفير لكل واحدة منا، مع العلم أننا ساعتها كنا صغيرات، وكانت أختانا لأبينا متزوجتين.

والسؤال هنا: هل من حق الإنسان أن يتصرف حال حياته كيفما يشاء في ماله؟ مع العلم أنني قد سمعت عدة آراء فقهية مختلفة في هذه المسألة؛ بعضها يحرم ما فعله الوالد ويلزمنا بِرَدِّ الحقوق، وبعضها يحرم ما فعله الوالد ويجعل رد الحقوق تطوعيًّا منا، وبعضها يجيز ما فعله الوالد ولا يلزمنا بشيء، فما مدى صحة هذه الآراء؟ وهل يجوز لي تقليد أيٍّ منها؟ وهل معنى حديث: «استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك، والبر ما اطمأن إليه القلب والإثم ما حاك بالصدر» أن الإنسان إذا سمع عددًا من الآراء فإن الرأي الذي يطمئن إليه قلبه وعقله يكون هو الصحيح شرعًا؟ وما حكم العمل بالأحوط هنا؟ حيث إنني قد احتطت ورددت بعض الحقوق لأصحابها، وطلبت منهم المسامحة في الباقي فسامحوا.


ما حكم المساهمة في علاج مرضى معهد الكبد القومي -جامعة المنوفية- غير القادرين من الأعمال الخيرة ومن مصارف الزكاة والصدقات؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 21 يوليو 2025 م
الفجر
4 :26
الشروق
6 :7
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :25