ما حكم استقبال مؤسسات العمل الخيري صكوك الأضاحي وتوزيعها على المستحقين لها؟
صَك الأضحية هو عبارةٌ عن توكيلٍ بالشراء والذبح، وهذا أمرٌ جائزٌ شرعًا، حيث يجوز للمضحي أن يشتري ويذبح بنفسه أو ينيب عنه غيره، وأما التوزيع فإنه يكون بحسب ما يُتَّفَقُ عليه بين المؤسسة المذكورة والمضحِّي، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.
المحتويات
الأضحية شعيرة من شعائر الدِّين، قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي من العبادات التي وقَّت لها الشرع الشريف وقتًا معلومًا مختصًّا بها؛ فقال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، وقال سبحانه: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].
الصَّكُّ نوعٌ مِن أنواع الوكالة، وهي جائزة في الأضحية، حيث يجوز للإنسان أن يشتري ويُضحِّي -أي يذبح أضحيته- بنَفْسه وبغيره بإذنه؛ لأنها قُربةٌ تتعلق بالمال، فتُجزئ فيها النيابة، كأداء الزكاة وصدقة الفطر، ولأنَّ كلَّ أَحَدٍ لا يَقدر على مباشَرَة الشراء أو الذبح بنفسه، فلو لَم تَجُز الاستنابةُ لَأَدَّى إلى الحرج، ومن ثَمَّ يجوز للمضحي إقامةُ سُنَّة الأضحية بنَفْسه أو يُنيب عنه المؤسسات القائمة على شراء وذبح الأضاحي وتوزيعها عن طريقِ هذا الصَّكِّ أو نحوه، وعلى تلك المؤسسات -باعتبارها وكيلًا عن المُضَحِّي- عَمَلُ ما يَلزم لاختيار الأضاحي وذبحها طِبقًا للأحكام الشرعية، وتوزيعها وِفقًا لِمَا يتم الاتفاق عليه بينها وبين المُضحِّين.
والأصل في جواز التوكيل في شراء الأضاحي: ما روي عن عروة بن الجعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» أخرجه الإمام البخاري.
وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً» أخرجه الأئمة: الحميدي، وأبو داود، والبيهقي.
وقد اتفق الفقهاء على جواز الوكالة في البيع والشراء، وحفظ المتاع، وقبض الحقوق من الأموال، ودفعها، ونحو ذلك، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 61، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (5/ 64، ط. مكتبة القاهرة).
أما عن جواز الاستنابة في ذبح الأضحية: فالأصل في ذلك ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، وَأَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه، والنسائي، والبيهقي.
وهو ما عليه جماهير الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 67، ط. دار الكتب العلمية) في بيان أحكام الأضحية: [تجزئ فيها النيابة، فيجوز للإنسان أن يُضحِّي بنَفْسه وبغيره بإذنه؛ لأنها قُربةٌ تتعلق بالمال فتُجزئ فيها النيابة كأداء الزكاة وصدقة الفطر، ولأنَّ كلَّ أَحَدٍ لا يَقدر على مباشَرَة الذبح بنفسه، خصوصًا النساء، فلو لَم تَجُز الاستنابةُ لَأَدَّى إلى الحرج] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البَر المالكي في "التمهيد" (2/ 107، ط. أوقاف المغرب): [وجائزٌ أن ينحر الهديَ والضحايا غيرُ صاحبها] اهـ، ثم قال: [إذا كان صاحب الهدي أو الضحية قد أمر بنحر هديِهِ أو ذبح أضحيته فلا خلاف بين الفقهاء في إجازة ذلك، كما لو وَكَّل غيرَه بشراء هديِهِ فاشتراه جاز بإجماع] اهـ.
وقال الإمام شرف الدين النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (8/ 405، ط. دار الفكر) في بيان أحكام الأضحية وما يستحب على المضحي: [(والمستحب أن يضحي بنفسه؛ لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، وَسَمَّى وَكَبَّرَ»، ويجوز أن يستنيب غيره؛ لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَنَحَرَ مَا غَبَرَ مِنْهَا»] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 383) في معرض حديثه عن ذبح الهدي: [وإن لم يكن عليه واجبٌ، فأَحَبَّ أن يضحي، اشترى ما يُضحِّي به، وينحر الإبل، ويذبح ما سواها، والمستحب أن يتولى ذلك بيده، وإن استناب غيره جاز] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صَكَّ الأضحية هو عبارةٌ عن توكيلٍ بالشراء والذبح، وهذا أمرٌ جائزٌ شرعًا، حيث يجوز للمضحي أن يشتري ويذبح بنفسه أو ينيب عنه غيره، وأما التوزيع فإنه يكون بحسب ما يُتَّفَقُ عليه بين المؤسسة المذكورة والمضحِّي، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم أكل الناذر من النذر المعين للفقراء والمساكين؟ حيث نذر رجلٌ إن نجح ولده هذا العام فسوف يذبح شيئًا ويوزعه على الفقراء والمحتاجين. فهل يجوز له الأكل من هذا النذر؟
ما حكم الأضحية إذا انتشر في الحيوانات مرض وبائي؟ نظرًا لانتشار أمراض جنون البقر والحُمَّى القلاعية في البلاد التي نعيش فيها حيث من الممكن أن تصاب الأضحية بهذه الأمراض التي تؤثر على الإنسان وتصيبه؛ هل من الممكن إخراج ثمن هذه الأضحية بدلًا من ذبحها، وما هي البدائل المتاحة؟
ما حكم الذبح بطريقة آلية؟ فرجاء التكرم بالإحاطة بأن شركتنا قد قامت بإنشاء عدد 2 مجزر آلي للدواجن لصالح إحدى الجهات، وطريقة الذبح في هذين المجزرين هي الذبح اليدوي، وتطلب هذه الجهة من شركتنا أن تكون طريقة الذبح أوتوماتيكية في هذين المجزرين بدلا من الذبح اليدوي.
ما حكم ذبح شاة الأضحية قبل العيد؟ فأنا اشتريت شاةً للأضحية، وقبل حلول عيد الأضحى بثلاثة أيام أكلت فوق طاقتها وأشرفت على الموت، فقمت بذبحها خوفًا من نفوقها وقمت بتوزيعها على الفقراء، فهل تعتبر أضحية أم صدقة؟
ما حكم الأضحية بكبش واحد عن الرجل وأهل بيته؟ فأنا لي ثلاثة أولاد -ولدان وبنت-، كنت أضحي كل سنة بكبش عن كل فرد منهم، وقد ارتفعت أثمان اللحوم هذا العام، فهل تحتم الشريعة التضحية بكبش لكل شخص منهم، أو يجوز الاكتفاء بكبش واحد؟
ما حكم إعطاء الجزار من الأضحية؟ فقد اشتركنا جماعة في ذبح عجل كأضحية، واتفقنا مع الجزار على أجرة معينة، فذَبَحَ الأضحية وأخذ حق الذبح، وأخذ أيضًا الرأس والرجلين، ثم اكتشفنا أنه لا يحق له أخذ شيءٍ من الأضحية، فرجعنا له نطالبه بما أخذ فقال بأنه قد باعها لينتفع بثمنها، فما حكم ما أخذه الجزار من الأضحية بهذه الطريقة، وهل يؤثر ذلك على قبول الأضحية؟ وهل لنا أن نسترد هذه الأموال من الجزار؟ أفيدونا أفادكم الله.