سائل يقول: رجلٌ مغترب يقيم مع رفقائه، وقد اعتادوا على أداء الصلاة المفروضة في المسجد، إلا أنَّهم في بعض الأحيان يصلونها معًا في المسكن، ويسأل أحدهم: هل ننال بذلك أجر صلاة الجماعة، وهل هناك أفضلية بين أداء الجماعة في المسجد وبين أدائها في غيره من الأماكن؟
أداء الرجل المذكور بعضَ الصلوات المفروضة مع رفقائه في المَسكَن الذي يقيمون فيه هو أمرٌ تتحقق به صلاة الجماعة، وينالون بذلك أجرَها، ويحصلون عظيم ثوابها، إلا أن المستحب والأكمل ثوابًا والأتم أجرًا في حقهم أن تكون في المسجد؛ لِمَا في ذلك من مزيد خصوصية وفضائل زائدة مستقلة عن فضل ثواب الجماعة وحدها، والتي منها: إظهار شعيرة الجماعة بإقامتها في المسجد وإعماره، وبركةِ المكانِ وعلُوِّ شرفهِ، فضلًا عن أجرِ الخطوات إليه ذهابًا وإيابًا، والمكث فيه، وانتظار الصلاة، وصلاة الملائكة واستغفارهم للمصلي، وكثرة أعداد المصلين، وما كان أكثر فهو أحبُّ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وأقربُ إليه؛ فإن كان المصلي معذورًا في تركها لمرض ونحوه فإنه يحصل له ثوابها كاملًا ما دام معتادًا ومحافظًا على أدائها في المسجد حال السعة والاختيار.
المحتويات
صلاة الفرض في جماعة شعيرةٌ من أعظم شعائر الإسلام، أَمَرَ بها ورغَّب في أدائها بمضاعفة المثوبة عليها وتعظيم أجرها عن صلاة المنفرد.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه، وفي روايةٍ: «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» أخرجها الإمام البخاري من حديث أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه.
قال الإمام أبو الحسن ابن بَطَّال في "شرح صحيح الإمام البخاري" (2/ 272، ط. مكتبة الرشد): [قوله: بسبعٍ وعشرين درجة، وخمسٍ وعشرين ضعفًا، وخمس وعشرين جزءًا، يدلُّ على تضعيف ثواب المصلِّي في جماعة على ثواب المصلِّي وحده بهذه الأجزاء وهذه الأوصاف المذكورة] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أن الجماعة تنعقد صحيحةً في غير صلاة الجمعة والعيدين باجتماع اثنين فأكثر، سواء كان ذلك الانعقاد في المسجد أو في غيره كالبيت والسوق ونحوه، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» أخرجه الإمامان: البخاري -واللفظ له- ومسلم من حديث مالك بن الحُوَيْرِث رضي الله عنه.
قال الإمام النَّوَوِي في "شرح صحيح الإمام مسلم" (5/ 175، ط. دار إحياء التراث العربي): [الجماعة تصح بإمام ومأموم، وهو إجماع المسلمين] اهـ.
قد تقرر بأن الجماعة تنعقدُ صحيحةً وينال فضلها باجتماع واحد مع الإمام في مسجدٍ أو غيره، إلا أن أداءها في المسجد أتم وأكمل، وأكثر مثوبةً وأجرًا من أدائها في غيره من الأماكن في حق الرجال، وذلك لما فيه -أي المسجد- من مزيد خصوصية وفضائل مستقلة زائدة عن فضل الجماعة تزيد في الأجر وترفع من منزلة العبد عند ربه، ومن تلك الفضائل:
أولًا: بركة المسجد، وعلو شرفه، وكونه أحب البقاع إلى الله عز وجل، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: 36-37].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا» أخرجه الإمام مسلم، وذلك "لأنها بيوت خُصت بالذكر، وبُقَعٌ أُسست للتقوى والعمل الصالح"، كما قال القاضي عِيَاض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (2/ 647، ط. دار الوفاء).
ثانيًا: إعمار بيوت الرحمن في الأرض بإقامة الصلوات وذكر الله عزَّ وجل بها، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التوبة: 18]، و"عمارة المساجد تكون بلزومها وكثرة إتيانها، يقال: فلانٌ يَعْمرُ مجلسَ فلانٍ إذا كثر إتيانه إياه"، كما في "مفاتيح الغيب" للإمام فخر الدين الرَّازِي (16/ 9، دار إحياء التراث العربي).
وهي من دلالات صدق إيمان العبد بربه وحُسن الظن به، قال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (8/ 90، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة؛ لأن الله سبحانه رَبَطَهُ بها، وأخبر عنه بملازمتها، وقد قال بعض السلف: إذا رأيتم الرجل يَعمُر المسجد فحَسِّنوا به الظن] اهـ.
وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾» الْآيَةَ. أخرجه الأئمة: أحمد وابن ماجه والحاكم، وفي لفظ: «يَتَعَاهَدُ المَسْجِدَ» أخرجه الإمام الترمذي، وفي لفظٍ ثالثٍ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَلْزَمُ الْمَسْجِدَ فَلَا تَحَرَّجُوا أَنْ تَشْهَدُوا أَنَّهُ مُؤْمِنٌ» أخرجه الإمام الحاكم، وقال عَقِبَهُ: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: إِنَّ بُيُوتِي فِي الْأَرْضِ الْمَسَاجِدُ، وَإِنَّ زُوَّارِي فِيهَا عُمَّارُهَا، فَطُوبَى لِعَبْدٍ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتِي، فَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ» أخرجه الإمامان: أبو داود في "الزهد"، والواقدي في "فتوح الشام" واللفظ له.
وأخرجه الإمام الطبراني مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، إِلَّا كَانَ زَائِرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ».
ثالثًا: إظهار شعيرة الجماعة وتحقيق مقصودها من الاجتماع لذكر الله وإقامة الصلاة وقراءة القرآن، في مكانٍ يسهل اجتماع الناس به، وتقوية الصلة الإيمانية بين المصلين، وتواصلهم، وتفقُّدِ بعضِهم حال بعض.
قال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي في "مغني المحتاج" (1/ 466-467، ط. دار الكتب العلمية): [(و) الجماعة.. في المسجد أفضل؛ لأن المسجد مشتمل على الشرفِ، والطهارةِ، وإظهار الشعائرِ، وكثرة الجماعةِ] اهـ.
وقال الإمام نور الدين بن علي الشَّبْرَامَلِّسِي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (2/ 136، ط. دار الفكر): [المقصود من الجماعة حثُّ أهل البلد على التعارف بإقامتها، وبحث بعضهم عن أحوال بعض بالاجتماع في أوقات الصلوات، وتسهيل الجماعة على طالبيها] اهـ.
رابعًا: كثرة الخُطا إلى المساجد، وصلاة الملائكة عليه واستغفارهم للمصلي ما دام في انتظار الصلاة وعَقِبَ الفراغ منها.
فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ» متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» متفق عليه.
ومقتضى الحديث أن صلاة الرجل في المسجد جماعة تفضلُ على صلاته في بيته وسوقه جماعة وفرادى بهذا القدر، كما في "إحكام الأحكام" للإمام ابن دقيق العيد (1/ 191، ط. مطبعة السنة المحمدية).
وعنه أيضًا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟»، قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» أخرجه الإمام مسلم.
ومعنى "قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» أي: الرِّباطُ المرغبُ فيه، وأصل الرِّباطِ الحبس على الشيء كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة، قيل ويحتمل أنه أفضل الرِّباطِ كما قيل الجهاد جهاد النفس، ويحتمل أنه الرِّباطُ المتيسِّرُ الممكن، أي: أنه من أنواع الرِّباطِ، هذا آخر كلام القاضي، وكلُّه حَسَن"، كما في "شرح صحيح الإمام مسلم" للإمام النَّوَوِي (3/ 141).
خامسًا: زيادة أعداد المصلين؛ لأن المسجد في الأعم أكثر جمعًا وعددًا، وكلما زاد العدد زاد الفضل والثواب.
فعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى» أخرجه الأئمة: أحمد وأبو داود والنسائي.
قال الإمام أبو إسحاق الشِّيرَازِي في "المهذب" (1/ 176، ط. دار الكتب العلمية): [وفِعلها للرجال في المسجد أفضل؛ لأنهم أكثر جمعًا، وفي المساجد التي يكثر الناس فيها أفضل] اهـ.
وعلى هذه المعاني الجليلة والفضائل العظيمة من أداء الجماعة في المسجد عن غيره من الأماكن تواردت أقوال فقهاء المذاهب الأربعة.
قال الإمام الطَّحْطَاوِي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 287، ط. دار الكتب العلمية): [لو صلى في بيته بزوجته... أو ولده فقد أتى بفضيلة الجماعة اهـ. كذا في "الشرح" ولكن فضيلة المسجد أتم] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زَكَرِيَّا الأَنْصَارِي الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 210، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(والمساجد) أفضل من غيرها؛ للأخبار المشهورة في فضل المشي إليها، ولأنها أشرفُ، ولأن فيها إظهارَ شعار الجماعة، فالصلاة فيها أفضل منها في غيرها إلا ما استُثني] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 456، ط. عالم الكتب): [(وتُسن) الجماعة (في مسجدٍ) لحديث زيد بن ثابت مرفوعًا: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكِمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» متفق عليه، ولما فيه من إظهار الشعار، وكثرة الجماعة، (وله فِعلها) أي: الجماعة (في بيته، و) في (صحراء)؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيَّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ» متفق عليه (و) فِعلها (في مسجدٍ أفضل) لأنه السُّنة] اهـ.
مما يجدر التنبيه عليه في هذا السياق أن تلك الفضائل والخصائص المذكورة في حقِّ جماعة المسجد إنما تكون حيث لا عذر، أي: حال الاختيار والسعة، بينما في حال العذر والاضطرار كالمرض ونحوه، فإن المصلي في جماعة خارج المسجد أو منفردًا حال الانفراد، يحصل له أجر جماعة المسجد كما كان حال التمكُّن والأداء؛ وذلك لما نصَّ عليه الفقهاء مِن أنَّ مَن مُنِع عن العبادة بالعُذر لا يَنقُص في الأجر ما دام معتادًا وممارِسًا لتلك العبادة على وجهها ولم يمنعه عن أدائها إلا ذلك العذر، إذ نقصانُ أجره بالعذر فرعُ الجزاء على ذلك العذر، لا فرع التفضُّل بقبول العذر، وفضل الله تعالى -وهو أكرم الأكرمين- أوسَعُ مِن أن يَضِيق بالمعذور فيُنقِصَه أجرَه أو يحاسِبَه على قَدْر عملِه، إنما يحاسِبه على قَدْرِ فضلِهِ سبحانه؛ وذلك لِمَا ورد عن أبي موسى الأَشْعَرِي رضي اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتب مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» أخرجه الإمام البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ، فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا، أَعْطَاهُ اللهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا، أَوْ حَضَرَهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والنسائي في "السنن".
قال الإمام أبو الحسن بن بَطَّال في "شرح صحيح الإمام البخاري" (3/ 102، ط. مكتبة الرشد): [ولا خلافَ بينَ العلماءِ أنَّهُ لا يقالُ لِمَنْ لا يَقْدِرُ على الشَّيء: لَكَ نِصْفُ أَجْرِ القَادِرِ عَلَيْهِ، بَل الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه مَن مَنَعه اللهُ وحبسهُ عَنْ عملهِ بمرضٍ أوْ غيرهِ، فإنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَهُو صَحيح] اهـ.
عليه: فإن صلاة الجماعة شعيرةٌ من أعظم شعائر الإسلام وخصائصه الرصينة، حثَّ على أدائها، ووعد بمضاعفة المثوبةِ عليها عن صلاة المنفردِ وحده، وتنعقد صحيحةً في غير الجمعة والعيدين باجتماعِ واحدٍ مع الإمام، في المسجدِ وغيره، إلا أنَّ الأكمل والأتم فيها والأكثر فضلًا ومثوبةً أن تكون في المسجد؛ لِمَا فيه من مزيد خصوصية وفضائل زائدة مستقلة عن فضل ثواب الجماعة وحدها وعظيم منزلتها، والتي منها: إظهار شعيرة الجماعة بإقامتها في المسجد وإعماره، وبركةِ المكانِ وعلُوِّ شرفهِ، فضلًا عن أجرِ الخطوات إليه ذهابًا وإيابًا، والمكث فيه، وانتظار الصلاة، وصلاة الملائكة واستغفارهم للمصلي، وكثرة أعداد المصلين، وما كان أكثر فهو أحبُّ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وأقربُ إليه، ما لم يكن المصلي معذورًا في تركها لمرض ونحوه فإنه يحصل له ثوابها كاملًا ما دام معتادًا ومحافظًا على أدائها في المسجد حال السعة والاختيار.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن أداء الرجل المذكور بعضَ الصلوات المفروضة مع رفقائه في المَسكَن الذي يقيمون فيه هو أمرٌ تتحقق به صلاة الجماعة، وينالون بذلك أجرَها، ويحصلون عظيم ثوابها، إلا أن المستحب والأكمل ثوابًا والأتم أجرًا في حقهم أن تكون في المسجد حيث تمكنوا من ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكم تنظيم أوقات الامتحانات بما يتناسب مع أوقات الصلاة؛ حيث تقوم إحدى الجامعات الأجنبية بالقاهرة بتقديم شهادة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية، والذي يتطلب إجراء امتحانات دورية في نصف ونهاية كل فصل دراسي، ونوعية الدارسين من الموظفين؛ بما يتحتم معه أن تكون مواعيد الامتحانات من الساعة السابعة مساءً حتى التاسعة مساءً، وبعض الطلبة يطلبون الخروج أثناء وقت الامتحانات لدخول دورات المياه للوضوء والصلاة؛ مما يربك بقية الحاضرين من زملائهم في القاعة وخارجها ويشتت أفكارهم ويسمح لبعضهم بإجراء مكالمات تليفونية أو للغش في الامتحان.
فبرجاء الإفتاء عن وجوب الخروج من الامتحان للصلاة من عدمه، وبرجاء الإفادة عما إذا كان هذا النظام مُتَّبَعًا في كليات جامعة الأزهر من عدمه.
ما حكم الجمع في المطار للمسافر؟ فقد أَذَّنَ علينا الظهر في مطار القاهرة، ومجموعة منا قامت بصلاة الظهر في المطار ومعه العصر جمع تقديم أربع ركعات، وكانت معنا مجموعة أخرى من دولة إسلامية آسيوية فصلوا معنا الظهر فقط ورفضوا صلاة العصر، وفي الطائرة قام أحدهم برفع أذان العصر وقام كل واحد منهم وصلى إمامًا ومعه آخر في طرقة الطائرة، ويذكر السائل أن الطائرة ستصل إلى البلدة المتوجهة إليها بعد أذان المغرب. ويطلب بيان الحكم الشرعي.
ما حكم من تيمم في الحضر عند انقطاع الماء، ثم جاء الماء بعد انتهائه من الصلاة وقبل خروج وقت الصلاة؟ هل يعيد صلاته أو لا؟
ما الحكمة من تحريك الأصبع في التشهد، وما السبب في تخصيص السبابة به دون غيره من الأصابع؟
كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يختم الصلاة المكتوبة؟ وهل كان دعاؤه بعدها سرًّا أو جهرًا؟
سأل شخص قال: إن مصلحة السكة الحديد أنشأت بقليوب زاوية للصلاة، وإن خطيب هذا المسجد منع المصلين يوم الجمعة من صلاة سنَّة الجمعة القبلية مستدلًّا بأحاديث رواها السائل محتجًّا بأن الإمام إذا صعد على المنبر يحرم على المصلين القيام للصلاة وهو يصعد على المنبر قبل الأذان. وإن إمام مسجد آخر بالبلدة المذكورة قال إن سنة الجمعة سنَّة مؤكدة، ولا يصح لأحد أن يتركها واحتج بأحاديث رواها السائل أيضًا عنه. وطلب بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة عند الحنفية والشافعية والمالكية حتى يكون الناس على بيِّنة من أمور دينهم.