ما مدى أحقية تناقل المنفعة في العلامة التجارية والاسم التجاري بالوصية والتوارث؟
العلامة التجارية والاسم التجاري يُعَدَّان مالًا، ويثبت لهما أحكام المال مِن بيع وغيره، وبوفاة صاحبها تكون ميراثًا عنه، ويجوز له حال حياته أن يوصي بها لمن شاء إن كان مقدارها يساوي ثلث أمواله أو أقل، وإن زادت على الثلث فلا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذه الأمور.
المحتويات
العلامة التجارية والاسم التجاري من أهم حقوق الملكية التجارية الثابتة لأصحابها شرعًا وقانونًا، فالعلامة التجارية هي: كل ما يميز منتجًا، سلعة كان أو خدمة عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلًا مميزًا، والإمضاءات، والكلمات، والحروف، والأرقام، والرسوم، والرموز، وعناوين المحال، والدمغات، والأختام، والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلًا خاصًّا ومميزًا، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي، أو استغلال زراعي، أو استغلال للغابات، أو لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وإما للدلالة على مصدر المنتجات، أو البضائع، أو نوعها، أو مرتبتها، أو ضمانها، أو طريقة تحضيرها، وإما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات. وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرَك بالبصر، كما في المادة (63) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢م.
أما الاسم التجاري فقد نظمه القانون رقم 55 لسنة 1951م الخاص بالأسماء التجارية، إلا أنه لم يضع تعريفًا للاسم التجاري، مكتفيًا ببيان الأحكام العامة المنظمة له، فنص في المادة رقم (1) منه على أنَّ: [على مَن يَملِك بمفرده محلًّا تجاريًّا أن يتخذ اسمه الشخصي عنصرًا أساسيًّا في تكوين اسمه التجاري، ولا يجوز في هذه الحالة أن يتضمن الاسم التجاري بيانات تدعو للاعتقاد بأن المحل التجاري مملوك لشركة] اهـ.
كما نص في المادة رقم (2) منه على أنه: [يجوز أن يتضمن الاسم التجاري بيانات خاصة بالأشخاص المذكورين فيه متعلقة بنوع التجارة المخصص لها، كما يجوز أن يتضمن تسمية مبتكرة، وفي جميع الأحوال يجب أن يطابق الاسمُ التجاري الحقيقةَ، وألَّا يؤدي إلى التضليل أو يمس بالصالح العام] اهـ.
وكل من العلامة التجارية والاسم التجاري من الناحية الشرعية له صفة المالية، وذلك لأنَّ كلًّا منهما تميل إليه الطباع بالتملك والانتفاع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، ويباح نفعه إذا لم يكن متعلقًا بأمر محرم أو سلعة محرمة، وله قيمة بين الناس يباع بها، ويتعلق به حقوق الضمان، وهذه هي حقيقة المال.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (4/ 501، ط. دار الفكر): [المراد بالمال ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم، والتقوُّم يثبت بها وبإباحة الانتفاع به شرعًا] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين النَّفَرَاوِي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 281، ط. دار الفكر): [وحقيقة المال: كلُّ ما مُلِكَ شرعًا ولو قَلَّ] اهـ.
وقال الإمام السيوطيّ الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 454، ط. دار الكتب العلمية): [قال الشافعي رضي الله عنه: لا يقع اسم (مال) إلا على ما له قيمة يباع بها، وتَلزَم مُتلِفَه، وإن قَلَّت، وما لا يَطَّرِحُه النّاسُ مثل الفَلس وما أشبه ذلك] اهـ.
وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 12، ط. المكتب الإسلامي): [(وهو)، أي: المال شرعًا (ما يباح نفعه مطلقًا)، أي: في كل الأحوال] اهـ.
المقرر شرعًا أنَّ التركة من حيث الأصل تطلق على ما تركه الميت أو خلَّفه من أموال وحقوق لمستحقيها من ورثته.
قال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (6/ 759) نقلًا عن "شروح السراجية" في تعريفها بأنها: [ما تركه الميت من الأموال صافيًا عن تعلُّق حق الغير بعَيْنٍ مِن الأموال] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (6/ 406، ط. دار الفكر) : [وتركة الميت تُرَاثه، وهو الميراث، وضبطه بعضهم: بأنه حقٌّ قابِلٌ للتَّجْزِيء ثَبَت لمستحقٍّ بعد موتِ مَن كان له؛ لوجود قرابة بينهما أو ما في معناها] اهـ.
وقال الإمام أبو البقاء الدَّمِيرِي الشافعي في "النجم الوهاج" (6/ 111، ط. دار المنهاج): [التركة: ما يخلفه الميت] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 499، ط. عالم الكتب): [المواريث جمع ميراث، وهو مصدر بمعنى الإرث، والوراثة، أي البقاء وانتقال الشيء من قوم إلى آخرين. وشرعًا: بمعنى التركة أي الحق المخلف عن الميت، ويقال له التراث] اهـ.
لما كان كل من العلامة التجارية والاسم التجاري مالًا ثابتًا لصاحبه، فإنه يجري عليه التصرفات التعاقدية المعتبرة شرعًا وقانونًا من البيع والشراء والهبة ونحو ذلك، كما قرر ذلك قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 في مادته رقم (87) والتي نصت على أنه: [يجوز نقل ملكية العلامة أو تقرير أي حق عيني عليها أو الحجز عليها استقلالًا عن المحل التجاري أو مشروع الاستغلال، وذلك وفقًا للقواعد والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون] اهـ.
وعلى ذلك فتجوز التصرفات التي تسري على العلامة التجارية والاسم التجاري المضافة لما بعد الموت كالميراث والوصية؛ وذلك لأن حقيقة الميراث "انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة"، وبما تقرر من مالية العلامة التجارية والاسم التجاري فهما مِمَّا يصحُّ توريثه والوصية به.
قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (5/ 85، ط. دار الكتب العلمية) في بيان تعريف الميراث: [وفي الشرع: انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة، فكأن الوارث لبقائه انتقل إليه بقية مال الميت] اهـ.
وقال الإمام أبو البركات الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (4/ 456-457، ط. دار الفكر): [وغايته إيصال كل ذي حق حقه من تركة الميت والتركة حق يقبل التجزيء] اهـ.
قال الإمام الدسوقي مُحَشِّيًا: [(قوله: حق) هذا جنس يتناول المال وغيره كالخيار والشفعة والقصاص والولاء والولاية] اهـ.
وقال الإمام ابن الرفعة في "كفاية النبيه" (12/ 484، ط. دار الكتب العلمية): [الإرث والميراث أصله: العاقبة، كما قاله المبرد، ومعناه هاهنا: الانتقال من واحد إلى واحد] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 402، ط. دار الفكر): [المواريث جمع ميراث، وهو الحق المخلَّف عن الميت] اهـ.
والوصية عبارةٌ عن تبرعٍ مضافٍ إلى ما بعد الموت، كما في "نهاية المطلب" لإمام الحرمين الجويني (8/ 412، ط. دار المنهاج). ومعنى كونه مضافًا إلى ما بعد الموت: أنَّ نفاذ هذا التبرع لا يكون إلَّا بعد موت المُوصِي.
والذي عليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً: أن الوصية مشروعة، وأنها تَنْفُذُ فيما لا يزيد على ثلث التركة وجوبًا متى استكملت شروط صحتها وثبتت بما تثبت به الحقوق قضاءً، ولا تتوقف حينئذٍ على إجازة أحدٍ من الورثة، فإن زادت على الثلث فهذه الزيادة تحتاج إلى إجازة الورثة، فإن أجازوها جميعُهُم نفذت في حقهم جميعًا، وإن أجازها بعضهم ورفضها الآخرون نفذت الزيادة في حق مَنْ أجازها فقط، ثم تقسم التركة بعد استخلاص الوصية منها بين جميع الورثة كلٌّ حسب نصيبه فيها.
قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (8/ 482، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وفيما زاد على الثلث مؤخرة، فإن الوصية بالثلث تقع نافذة من غير إجازة، فكانت وصية قوية مستحكمة فتكون في التنفيذ مقدمة. والوصية بما زاد على الثلث واهية ضعيفة؛ لأنها لا تجوز إلا بالإجازة لتعلق حق الورثة به فكانت مؤخرة عن حق الورثة؛ لأن حقهم متأكد] اهـ.
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (2/ 1024، ط. مكتبة الرياض): [ومن أوصى بثلثه كله جاز ونفذ ذلك، ومن أوصى بأكثر من ثلثه لم يجز ما زاد على الثلث إلا أن يجيزه الورثة، هم في ذلك بالخيار؛ فإن أبى بعضهم وأجاز بعضهم لزم من أجاز ذلك منهم في نصيبه بقسطه، وإن أجازوا كلهم جاز، وإن لم يجيزوا كلهم نفذ عليهم الثلث، وذلك من بعد كفنه ومؤونة قبره ودفنه بالمعروف شيئًا متوسطًا، وبعد قضاء ديونه أيضًا؛ لأنه لا ميراث ولا وصية إلا بعد أداء الدين، فإذا قضي دينه أخرج ثلثه في وصيته] اهـ.
قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (4/ 78، ط. دار الكتب العلمية): [(فإن زاد) في الوصية على الثلث (ورد) (الوارث) الخاص المطلق التصرف (بطلت في الزائد) على الثلث بالإجماع لأنه حقه... (وإن أجاز) المطلق التصرف (فإجازته تنفيذ) أي: إمضاء لتصرف الموصي بالزائد، وتصرفه موقوف على الإجازة] اهـ.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (2/ 266، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم سعدًا عن ذلك، فإن فعل وقف الزائد على الثلث على إجازة الورثة، فإن أجازوه جاز] اهـ.
وقد نص قانون الوصية المصري رقم 71 لسنة 1946م في المادة 37 على أنه: [تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ مِن غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه] اهـ.
وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن العلامة التجارية والاسم التجاري يُعَدَّان مالًا، ويثبت لهما أحكام المال مِن بيع وغيره، وبوفاة صاحبها تكون ميراثًا عنه، ويجوز له حال حياته أن يوصي بها لمن شاء إن كان مقدارها يساوي ثلث أمواله أو أقل، وإن زادت على الثلث فلا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذه الأمور.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
توفيَ رجل سنة 1940م عن أولاده وهم ذَكَران وأربع إناث، وعن ابنَي بنته المتوفاة قبله سنة 1924م؛ منهم ابن توفي سنة 1969م، والثاني توفي سنة 1972م عن أولاد ذكور وإناث فقط.
وطلب السائل الإفادة عمَّن يرث ومَن لا يرث ونصيب كل وارث.
تسأل امرأة في وفاة عمها شقيق والدها عنها هي، وإخوتها ذكورًا وإناثًا، وعن أولاد أخيه الشقيق الآخر ذكورًا وإناثًا أيضًا، وعن زوجته فقط. وطلبت السائلة الإفادة عمن يرث ومن لا يرث ونصيب كل وارث.
ما الفرق بين المفقود من أفراد القوات المسلحة والمفقود من غيرهم؟ فقد تضمن السؤال أن السائلة تزوجت بمدرس بمحافظة سوهاج، وأن زوجها جند بالقوات المسلحة، وأنه فقد في العمليات الحربية بجهة سيناء بتاريخ 8/ 6/ 1967م بمقتضى شهادة دالة على فقده وصلت إلى مديرية التربية والتعليم بسوهاج من وزارة الحربية، وأن مديرية التربية والتعليم المذكورة كانت تصرف للسائلة مرتب زوجها شهريًّا حتى أوقف الصرف بمقتضى حكم صدر ضدها من المحكمة الحسبية ببندر سوهاج في قضية رفعها والد الزوج ضدها، وأنه قد ورد إليها كتاب من وزارة الحربية يفيد بأنه بموجب القرار رقم 72 لسنة 1969م باعتبار الغائبين بالعمليات الحربية بسيناء مفقودين وتسوية حالاتهم وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم، وأن الزوجة -السائلة- لا تجد من يعولها وليس لها مصدر رزق بعد قطع راتب زوجها عنها اعتبارًا من نوفمبر سنة 1969م للآن. وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعي فيما إذا كان يحق لها شرعًا أن تتزوج بآخر استنادًا إلى:
أ- القرار السالف الذكر رقم 72 سنة 1969م الخاص باعتبار الغائبين مفقودين وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم.
ب- خطاب ورد إلى والد زوجها من قلم خسائر الحرب يقضي باعتبار الغائبين مفقودين.
ج- أنه مضى على عقد زواجها بالمفقود المذكور خمس سنوات وهي معلقة بين السماء والأرض.
د- أن زوجها المفقود من قبل يونيه سنة 1967م حتى اليوم لم تصل أنباء أو معلومات تفيد بأنه موجود على قيد الحياة.
هـ- أن غياب الزوج المذكور كان غيابًا متصلًا من قبل يونيه سنة 1967م إلى الآن، ولم ينقطع هذا الغياب خلال تلك المدة الطويلة.
شاب مصري في مانيلا، واجه والده الكثير من المشاكل واضطر إلى الاقتراض بفائدة، وتوفي وعليه دين للناس، ويستفسر السائل عن وضع أبيه، وماذا يستطيع أن يفعله أولاده رغم أنهم فقراء؟
توفِّيت امرأةٌ عن ورثتها الشرعيين، وهم: زوجها، وأختان شقيقتان، وأختان لأم، وخمسة إخوة لأب بنات، وأخ لأب فقط، فما نصيب كل منهم؟ ومن يرث، ومن لا يرث؟
توفي رجل عن: ابن، وابن بنته المتوفاة قبله، وأولاد بنت أخرى توفيت قبله: ابنين وثلاث بنات. ولم يترك المتوفى المذكور أي وارث آخر، ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذكروا. فما نصيب كل وارث ومستحق؟