ما حكم صوم من نهاه الطبيب عن الصوم؟ فرجلٌ مريض بالقلب أُجرِيَت له عملية قسطرة، وقد نهاه الطبيب عن الصيام في رمضان، فما حكمه؟ وهل يجوز له أن يصوم مخالفًا أمرَ الطبيب؟ وهل عليه وزر إذا صام؟
المريض الذي نهاه الطبيبُ الثقةُ المختصُّ عن الصوم في رمضان خوفًا عليه من الهلاك أو مضاعفات المرض يجب عليه الفطر، وإن صام فعليه المؤاخذةُ وإثمُ المخالفةِ والإلقاءِ بالنفس إلى التهلكة شرعًا، وعليه قضاء الصوم بعد تمام الشفاء من المرض واستقرار حالته الصحية، فإن كان مرضه مستمرًّا فيلزمه لفطره الفديةُ إطعام مسكينٍ عن كلِّ يوم، فإن لم يجد فلا شيء عليه.
المحتويات
مِن المقرر شرعًا أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين، ونهت عن كل ما من شأنه أن يوقع المسلم في المشقة أو يعرضه للخطر أو الضرر؛ وذلك بعموم قول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله سبحانه: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]، وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].
وقد أناطت الشريعة الإسلامية التكليف بالاستطاعة، فقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومِن أَجْل ذلك عَقَّب اللهُ تعالى فَرْضَ الصوم بالتيسير على مَن يَشُقُّ عليه مشقةً غير معتادة لنحو مرض أو سفر، فقال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
والمعنى: إناطة رُخصة الإفطار في رمضان بالمرض والقضاء عند زواله؛ لأن "تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعِلِّيَّة"، كما في "حاشية العَطَّار على شرح المَحَلِّي لجمع الجوامع" (2/ 186، ط. دار الكتب العلمية)، وقد "أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة"، كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامَة (3/ 155، ط. مكتبة القاهرة)، ونص جماهير الفقهاء على خصوص جواز الفطر للمسلم إذا لَحِقَهُ مشقةٌ من مرض أو سفر، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (2/ 94، ط. دار الكتب العلمية)، و"القوانين الفقهية" للإمام ابن جُزَي الغِرْنَاطِي المالكي (ص: 220، ط. دار ابن حزم)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (6/ 258، دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 155).
إذا زاد على الصائم مع المشقة خوف الضرر أو الخطر أو الهلاك وكان ذلك بإخبار الطبيب الثقة المختص، فقد نص جمهور الفقهاء على وجوب الفطر للمريض في هذه الحالة، ولدخول ذلك في عموم ما أطبقت عليه الأدلة الشرعية من وجوب حفظ النفس، ومجانبتها المهالك والمفاسد، والواردة في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
إضافة إلى ما تقرر من القواعد الشرعية والأحكام المرعية من أن "الضرر يزال"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام تاج الدين السُّبْكِي (1/ 41، ط. دار الكتب العلمية).
قال العلامة علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 94): [والمبيح المطلق، بل الموجب: هو الذي يخاف منه الهلاك؛ لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة، لا لإقامة حق الله تعالى، وهو الوجوب، والوجوب لا يبقى في هذه الحالة، وإنه حرام، فكان الإفطار مباحًا، بل واجبًا] اهـ.
وقال الإمام ابن جُزَي الغِرْنَاطِي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 219-221، ط. دار ابن حزم): [وأما المريض فله أحوال: الأولى: ألَّا يقدر على الصوم، أو يخاف الهلاك من المرض، أو الضعف إن صام، فالفطر عليه واجب] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 261، ط. دار الفكر): [فإن خاف على نفسه الهلاك، أو أن يلحقه مشقة عظيمة، فإنه يجب عليه الإفطار؛ لأنَّ حفظ النفوس واجب ما أمكن، وإليه أشار بقوله: (ص) ووَجَب إن خاف هلاكًا، أو شديدَ أذًى (ش) أي: مشقة عظيمة.. فمجرد الخوف كافٍ في وجوب الفطر، ولا يشترط وجود المخوف منه، وهو الهلاك، أو شديد الأذى] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 169، ط. دار الكتب العلمية): [ويجب الفطر إذا خشي الهلاك، كما صرح به الغَزَالِي وغيره، وجزم به الأَذْرَعِي] اهـ.
وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 285، ط. دار إحياء التراث العربي): [المريض إذا خاف زيادةَ مرضه، أو طولَه، أو كان صحيحًا ثمَّ مَرِضَ في يومه، أو خاف مرضًا لأجْلِ العطشِ أو غيرِهِ، فإنه يستحب له الفطر، ويُكرَه صومُه وإتمامُه إجماعًا] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 476، ط. عالم الكتب): [(و) سُنَّ فِطر، وكُرِه صَوم (لخوفِ مرضٍ بعطشٍ أو غيرِه).. ولأنه في معنى المريضِ؛ لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّوْمِ] اهـ.
ومن ثَمَّ فإذا كان حال المريض كذلك ثم تعافى وقدر على الصوم وكان ذلك بإخبار الطبيب الثقة له وجب عليه قضاء ما فاته باتفاق الفقهاء، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"بداية المجتهد" للإمام أبي الوليد بن رُشْد (2/ 60، ط. دار الحديث)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (3/ 146).
والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
أما إذا لم يستطع قضاء الصوم لكون المرض مستمرًّا مزمنًا لا يرجى شفاؤه بقول أهل التخصص من الأطباء، وكان لا يقوى معه على الصوم بحال، أو يلحقه به ضرر أو أذى، أو أمره الطبيب بدوام الفطر، فإن عليه الفدية، وهي إطعام مسكين عن كلِّ يوم يفطره من رمضان، فإن لم يستطع إخراج الفدية لإعسار أو فقر فإنها تسقط في حقه حينئذٍ ولا يلزمه إخراجها؛ لأن الفدية إنما وجبت على القادر المتيسر، لا العاجز المتعسر، وعليه أن يستغفر الله تعالى. ينظر: "التنبيه" للإمام ابن أبي العِزِّ الحنفي (2/ 932، ط. مكتبة الرشد)، و"الدر المختار" للإمام علاء الدين الحَصْكَفِي الحنفي (2/ 427، ط. دار الفكر، مع "حاشية الإمام ابن عَابِدِين")، و"حاشية الإمام الطَّحْطَاوِي على مراقي الفلاح" (ص: 688، ط. دار الكتب العلمية)، و"المهذب" للإمام أبي إسحاق الشِّيرَازِي الشافعي (1/ 326، ط. دار الكتب العلمية)، و"الوسيط في المذهب" لحجة الإسلام الغَزَالِي الشافعي (2/ 552، ط. دار السلام)، و"فتح الملك العزيز" للإمام ابن بَهَاء البغدادي الحنبلي (3/ 364، ط. دار خضر).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمريض الذي نهاه الطبيبُ الثقةُ المختصُّ عن الصوم في رمضان خوفًا عليه من الهلاك أو مضاعفات المرض يجب عليه الفطر، وإن صام فعليه المؤاخذةُ وإثمُ المخالفةِ والإلقاءِ بالنفس إلى التهلكة شرعًا، وعليه قضاء الصوم بعد تمام الشفاء من المرض واستقرار حالته الصحية، فإن كان مرضه مستمرًّا فيلزمه لفطره الفديةُ إطعام مسكينٍ عن كلِّ يوم، فإن لم يجد فلا شيء عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قيام الطبيب الذي يقوم بالإشراف على علاج المرضى ورعايتهم بترك صلاة الجمعة والجماعة من أجل هذا الأمر؟
سائلة تقول: هل يجوز التداوي بالكيّ؟ فهناك امرأة تعاني منذ فترة من حبوب زائدة بارزة في اليد وأخذت علاج لذلك، لكن لم يتم شفاؤها، وقد أخبرها أهل الخبرة في التداوي أنها تحتاج إلى كيّ في حالة عدم نفع العلاج؛ وتسأل هل العلاج بالكي جائز شرعًا؟
جمعية ومنظمة مصرية أهلية مشهرة بالوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.
وحيث إن الجمعية تمارس العديد من الأنشطة التي تتلخص في الآتي:
أولًا: دُور رعاية الأيتام، حيث تقوم الجمعية برعاية الأيتام الأسوياء والمعاقين، ويقوم على رعايتهم أمهات بديلات ومجموعة متكاملة من المشرفين.
ثانيًا: دار ضيافة مرضى الأورام، حيث تقدم خدماتها للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية ممن يتلقون العلاج، وتستضيف الدار المريض والمرافق.
ثالثًا: المساعدات الإنسانية المتمثلة في: زواج اليتيمات بتقديم مساعدات عينية ومساعدات نقدية للحالة المستفيدة، ومساعدات نقدية شهرية لغير القادرين على العمل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم مصدر دخل، وتبرعات عينية من الأثاث المنزلي للفقراء، وسداد مصروفات المدارس للأيتام، وتوزيع أجهزة لاب توب على ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية.
رابعًا: الأنشطة الصحية، ومنها: عمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية للمرضى غير القادرين، وعمليات العيون للمرضى من المحافظات المختلفة من مختلف الأعمار في كبرى المستشفيات المتخصصة، وتوفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وكراسي متحركة، وتوفير السماعات الطبية للمرضى غير القادرين، وتوفير الأدوية المستمرة بصفة شهرية للمرضى غير القادرين.
خامسًا: المشروعات التنموية تحت شعار (اكفُل قريةً فقيرة)، ومنها: مشروع تسليم رؤوس المواشي للأرامل والأُسر الأكثر احتياجًا في القرى المختلفة، شاملة التغذية لمدة سنة ونصف، والتأمين، ومشروع تسليم الأكشاك (الكشك شامل الثلاجة والبضاعة) إلى الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والأُسر الأكثر احتياجًا، وإعادة إعمار ورفع كفاءة المنازل في القرى الأكثر فقرًا، وذلك عن طريق بناء دورات مياه، وتعريش أسقف المنازل، وإضافة مواد عازلة للأسقف، وتركيب أبواب وشبابيك، ومحارة داخلية، وسيراميك للأرضيات، وتزويد هذه المنازل بالأثاث الخشبي والأجهزة الكهربائية، والمفروشات، وإقامة محطات تنقية المياه في القرى التي لا يوجد بها مصادر لمياه الشرب النقية لخدمة أهالي القرية بالمجان، وحفر آبار مياه في المناطق الصحراوية لخدمة أهالي المنطقة، وتوصيل كهرباء إلى المنازل التي لا يوجد بها كهرباء، والمساهمة في بناء واستكمال المساجد، وتأسيس المعاهد الأزهرية في المحافظات، وتكريم حفظة القرآن الكريم والمتفوقين.
سادسًا: الأنشطة الموسمية، وتتمثل في الآتي: توزيع كرتونة رمضان سنويًّا على الأُسر الأكثر احتياجًا، وذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأُسر الأكثر احتياجًا، وتوزيع البطاطين في موسم الشتاء على الأُسر الأكثر احتياجًا، وقوافل الخير الأسبوعية للجمعيات الصغيرة (معارض ملابس مجانًا في الجامعات والمدارس، وتوزيع مواد تموينية).
سابعًا: مستشفى لعلاج الأورام، حيث تقوم الجمعية بالإشراف على تمويل المستشفى بالمجان، ويهدف ذلك المستشفى إلى تقديم خدمات طبية متميزة طبقًا لأحدث المعايير والاعتمادات الطبية في العالم، ليكون هدية إلى أهلنا مرضى السرطان في صعيد مصر.
فهل تعد هذه الأنشطة سالفة الذكر ضمن مصارف الزكاة؟
ما رأيكم دام فضلكم في حشو الأسنان المسوسة بأي شيء، أو تركيب غطائها بمعدن من المعادن؛ كالذهب والفضة والبلاتين. أيجوز ذلك شرعًا؟ وحكم المضمضة في الوضوء والاغتسال مع عدم وصول الماء تحت سن الذهب والفضة والبلاتين من الفم أو لا يجوز؟ أفادكم الله وأبقاكم.
ما حكم استخدام عدسة في تصحيح عيوب الإبصار يدخل في تكوينها مادة جيلاتينية مكونة من عين الخنزير بنسبة ضئيلة جدًّا ويتم زراعتها داخل العين؟ علمًا بأنه لا يوجد بديل غير هذا.
ما حكم تناول عقار الكبتاجون؟ حيث انتشر في الآونة الأخيرة تناول بعض الفئات لعقار "الكبتاجون" (Captagon)؛ فما حكم الشرع في تناول هذا العقار وتداوله؟