ما حكم دفع الزكاة لدار الايتام من أجل كفالة طفل؟ فأنا أتبرع لإحدى دور الرعاية بهدف كفالة طفل من الأيتام أو فاقدي الرعاية الأبوية ممن ترعاهم الجمعية. فهل يجوز تخصيص هذا المبلغ من زكاة المال؟
اليتيم الذي لا يملك ما يفي باحتياجاته مصرفٌ من مصارف الزكاة، يجوز دفع الزكاة له إن كان بالغًا عاقلًا رشيدًا، وإن كان صغيرًا ضعيفًا دُفعت الزكاة لكافله القائم بأمر رعايته وسد حاجته المادية من طعام وشراب وكسوة، والمعنوية من تربية وإصلاح وتهذيب، والقائمون على دور الأيتام والعاملون عليها هم في حكم ولي اليتيم من جهة الرعاية والعناية به، ومن ثمَّ فيجوز احتساب ما يتبرع به المسلم لإحدى دور الرعاية بهدف كفالة طفل من الأيتام أو فاقدي الرعاية الأبوية -من مال الزكاة بشرط أن تكون النية عند الإخراج هي الزكاة لا محض الصدقة أو التبرع.
المحتويات
حث الإسلام على كفالة اليتيم ورعايته والإحسان إليه، وبشر كافله والقائم على أمره بالجنة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، وأبو يعلى في "مسانيدهم"، والطبراني في معجمَيْه "الكبير" و"الأوسط"، والبيهقي في "شعب الإيمان"؛ بل بمرافقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. رواه البخاري.
ويستوي في الأمر بكفالة اليتيم ورعايته اجتماعيًّا وتربويًّا من كان غنيًّا أو فقيرًا.
إذا كان اليتيم فقيرًا محتاجًا بأن لم يكن له مال يكفي احتياجاته، زاد على الأمر بكفالته ورعايتِه: استحقاقه للزكاة؛ لدخوله دخولًا أوليًّا في مصرف الفقراء والمساكين في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]؛ وذلك لِمَا اجتمع عليه من عوامل الضعف: ضعف اليتم، وضعف الصغر، وضعف الفقر، وما يلزم عن ذلك من احتياجات مادية ونفسية وعقلية، فكان أحق بالزكاة وأولى من غيره ممن لم يجتمع فيه كل هذا الضعف.
قال الإمام ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (10/ 303، ط. دار النوادر): [قال ابن المسيب: أَوْلَى الناس بزكاة مالي: يتيمٌ، ومن كان مني] اهـ.
فإذا كان اليتيم الفقير بالغًا عاقلًا رشيدًا دُفعت إليه الزكاة لإعانته على القيام بأمر نفسه، وإن كان صغيرًا ضعيفًا دُفعت الزكاة لكافله القائم بأمر رعايته وسد حاجته المادية من طعام وشراب وكسوة، والمعنوية من تربية وإصلاح وتهذيب.
دور رعاية الأيتام مؤسسات تكفلت بأمر الأيتام الذين فقدوا الأوصياء عليهم من أسرهم، وتعهدت باحتضانهم ورعايتهم والقيام على سد حاجتهم وتهذيبهم، فأصبحت بذلك بمثابة الولي عليهم، فكان دفع الزكاة إليها هو سبيل الكفالة المالية لمن تعول من أيتام وفقراء.
قال العلامة السمرقندي الحنفي في "تحفة الفقهاء" (1/ 308، ط. دار الكتب العلمية): [وذكر في "العيون" عن أبي يوسف أن من عال يتيمًا فجعل يكسوه ويطعمه وينوي به عن زكاة ماله قال: يجوز، وقال محمد: ما كان من كسوة يجوز، وما كان من طعام لا يجوز إلا ما دفع إليه، وهذا مما لا خلاف فيه بينهما في الحقيقة، فإن أبا يوسف لم يرد إلا الإطعام على طريق الإباحة ولكن على وجه التمليك إن كان اليتيم عاقلًا يدفع إليه، وإن لم يكن عاقلًا يقبض عنه بطريق النيابة ثم يطعمه ويكسوه؛ لأن قبض الولي كقبضه] اهـ.
وقال الامام الحطاب الرُّعيني المالكي في "مواهب الجليل" (2 /347، ط. دار الفكر): [تقدم عن البرزلي أن اليتيمة تعطى من الزكاة ما تصرفه في ضروريات النكاح والأمر الذي يراه القاضي حسنًا في حق المحجور، فعلى هذا فمن ليس معها من الأمتعة والحلي ما هو من ضروريات النكاح تعطى من الزكاة من باب أولى، فتأمله، والله أعلم] اهـ.
وقال العلامة تقي الدين الحصني الشافعي في "كفاية الأخيار" (1/ 507، ط. دار الخير): [لو كان اليتيم مسكينًا أعطي بسهم اليتيم؛ لأنه صفة لازمة، والمسكنة زائلة. قاله الماوردي، قلت: وفيه نظر؛ لأن اليتم صفة محققة الزوال عند الحياة لا محالة بالبلوغ، والمسكنة قد تستمر إلى الممات إلا أن يزول اللزوم في الحال. والله أعلم] اهـ.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 175، ط. وزارة العدل): [(وإن تبرع) المزكِّي (بنفقة قريب) لا تلزمه نفقته (أو) بنفقة (يتيم أو غيره) من الأجانب (ضمَّه إلى عياله، جاز دفعها إليه) لوجود المقتضي] اهـ.
يشترط لصحة اعتبار المتبرع به من الزكاة توفر نية الزكاة حال الإعطاء لا أن تتأخر عنه، والنية محلها القلب فلا يشترط التلفظ بها، فإذا أراد الإنسان أن يتبرع لإحدى دور الأيتام وأراد أن يحتسب هذا التبرع من زكاة ماله، فيشترط لذلك أن تسبق نية الزكاة إخراج المال، ولا يجوز أن تكون النية لاحقة له؛ لأن الزكاة عبادة يشترط لصحتها توفر النية حال الإعطاء، فلا يسقط عن المكلف فرض الزكاة إن أخرج المال الواجب عليه دون أن ينوي أنه زكَّاه، وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء.
قال العلامة فخر الدين الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 257، ط. المطبعة الأميرية): [وشرط أدائها نية مقارنة للأداء أو لعزل ما وجب أو تصدق بكله) أي شرط صحة أداء الزكاة نية مقارنة للأداء أو لعزل مقدار الواجب أو تصدق بجميع النصاب؛ لأنها عبادة فلا تصح بدون النية] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة" (1/ 302، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [لا يجزئ إخراج الزكاة إلا بنية عند إخراجها وقسمتها] اهـ.
قال العلامة الدميري الشافعي في "النجم الوهاج" (3/ 255، ط. دار المنهاج): [(وتجب النية)؛ لعموم حديث: «الأعمال بالنيات»، ومقصوده: أن النية هنا ركن -كالصلاة- ومحلها القلب على الأصح كما تقدم... فلو تصدق بجميع ماله ولم ينو الزكاة لم تسقط عنه الزكاة عندنا] اهـ.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 476، ط. مكتبة القاهرة): [مسألة: قال: (ولا يجوز إخراج الزكاة إلا بنية)] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن اليتيم الذي لا يملك ما يفي باحتياجاته مصرفٌ من مصارف الزكاة، يجوز دفع الزكاة له إن كان بالغًا عاقلًا رشيدًا، وإن كان صغيرًا ضعيفًا دُفعت الزكاة لكافله القائم بأمر رعايته وسد حاجته المادية من طعام وشراب وكسوة، والمعنوية من تربية وإصلاح وتهذيب، والقائمون على دور الأيتام والعاملون عليها هم في حكم ولي اليتيم من جهة الرعاية والعناية به، ومن ثمَّ فيجوز لكَ احتساب ما تتبرع به لإحدى دور الرعاية بهدف كفالة طفل من الأيتام أو فاقدي الرعاية الأبوية -من مال الزكاة بشرط أن تكون نيتك عند الإخراج هي الزكاة لا محض الصدقة أو التبرع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: قام بعض الناس بشراء قطعة أرض مجاورة للمسجد وألحقوها به يفرشونها أيام الجمع والأعياد حينما يضيق المسجد برواده؛ فهل يجوز استغلال هذه المساحة الملحقة في أنشطة تعليمية واجتماعية ورياضية لأطفال وشباب المسلمين في غير أيام الجمع والأعياد؟
سائل يسأل عن مصارف إنفاق أموال الصدقات، وهل هي قاصرة على المسلمين أو أنه يجوز حكم إعطاء غير المسلمين منها؟
ما هي الأعمال المستحبَّة عند حدوث البَرْق والرَّعْد؟
هل من حقّ المرأة أن تستشار وتشارك برأيها في أمور الحياة الزوجية؟
فأنا امرأة متزوِّجة وكثيرًا ما تحصل خلافات بيني وبين زوجي، بسبب أنَّه يريد أن يفرض عليَّ كل أمر يعزم عليه من غير مشاورة لي، ودائمًا ما يردِّد عبارات من نحو: "أنَّ استشارة الرجل زوجته تقل من قيمته"، و"المرأة أقل عقلًا من الرجل" وغير ذلك من العبارات التي تقلل من شأن المرأة، وينسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "شاورهم وخالفوهم"، وكلما راجعتُه احتجَّ عليَّ بقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾، وأنَّ ما يفعله من قبيل استخدام حق القوامة الذي خوَّله له الشرع الشريف؛ فهل للمرأة الحق في أن تُستَشار وتُشَارك برأيها في أمور الحياة الزوجية؟ وما معنى القوامة في الآية؟
تابعت مؤخرًا أحد البرامج التليفزيونية لفضيلتكم حيث أشرتم إلى موافقتكم على رأي فيما يتعلق بزكاة الأموال المودعة في البنوك؛ من حيث اعتبار هذه الزكاة كزكاة الأرض واحتساب الزكاة على العائد فقط وبنسبة 10%؛ وذلك منعًا لتآكل الأصل. أرجو التكرم بموافاتي بنص هذه الفتوى بالكامل.
ما حكم صرف جمعية خيرية من أموال الزكاة على نشاطاتها؛ فتتقدم جمعيتنا بطلب فتوى حول أحد المشاريع التي تقوم على تنفيذها لخدمة المجتمع، وهل يجوز تخصيص جزءٍ مِن أموال الزكاة لهذا الغرض أو لا؛ حيث تقوم جمعيتنا بتنفيذ مشروعٍ لتنمية القرى الفقيرة وتحسين الأحوال المعيشية لسكانها، ويقوم على مساعدة أهالي القرى على أن يعيشوا حياة كريمة؛ وذلك مِن خلال الآتي:
1. بناء بنيةٍ أساسيةٍ للقرى.
2. ترميم بيوت، وتركيب أسقف، وإعادة بناء بيوت.
3. بناء مدارس ووحدات صحية.
4. تركيب صرفٍ صحيٍّ للبيوت.
5. حملات توعية (صحية، وثقافية، ونظافة، واجتماعية).
6. توصيل مياهٍ للشرب.
7. فصل مياه الري عن مياه الصرف.
8. تمهيد مداخل القرى (رصف الطريق، وإنارة الطريق).
9. قوافل طبية وعلاج المرضى.
10. توزيع بطاطين، وملابس، وأدوية، وشنط رمضان.
فهل يجوز للمؤسسة أن تصرف مِن أموال زكاة المال التي ترد إليها على هذا المشروع؟