ما حكم استخدام التوكيل في نقل ملكية عقارات الوالد الذي يسيء التصرف دون علمه؟ فقد قام والدي بعمل توكيل عام لي، وقد كبر في السن جدًّا، وعنده أموال وممتلكات، وأصبح لا يحسن التصرف في تلك الأملاك، فهل يجوز استخدام هذا التوكيل في نقل ما يملكه لي وجعله باسمي دون علمه؟
لا يجوز للولد أن ينقل أملاك والده من عقارات وغيرها بموجب هذا التوكيل دون إذن والده أو رضاه، فالوكيل يعمل في مال الوكالة وفق إرادة الموكِّل، وليست إساءة الوالد التصرف في ماله مبررًا لتصرف الابن في مال والده بغير إذنه أو في غير مصلحته، بل يبذل مع والده الوسع في النصح لحسن التصرف على أن يكون ذلك برفق ولين وبمشاركة أهله وأولاده ومن لهم حقٌّ في هذا المال حال التوارث، ثم باستشارة أهل الحكمة والخبرة والتخصص إن احتاج الأمر ذلك، ثم إذا استمر سوء التصرف في المال رفع أمره إلى القضاء، وما يقضي به القاضي يتعين العمل به، وذلك لما لديه من سلطات واسعة في التحقيق والإثبات التي لا تتوفر لدى آحاد الناس، والتي بها يتوصل إلى ثبوت عدم التمييز والرشاد.
المحتويات
شرع الإسلام العقود لتيسير مصالح الناس، وتلبية رغباتهم في تحقيق تعاملاتهم التي تستقيم من خلالها حياتهم، ومن هذه العقود: عقد الوكالة.
والوكالة عبارة عن إقامةِ الإنسانِ غيرَه مَقامَ نَفْسه في تصرُّفٍ معلومٍ، أو هي تفويضُ أَمْرِك إلى مَن وَكَّلتَه اعتمادًا عليه فيه؛ تَرَفُّهًا منكَ أو عجزًا عنه. يُنظر: "العناية" للإمام البَابَرْتِي الحنفي (7/ 499، ط. دار الفكر)، و"فتح القدير" للإمام كمال الدين ابن الهُمَام الحنفي (7/ 499-500، ط. دار الفكر).
إذا صَحَّ التوكيلُ كانت يَدُ الوكيل على مال الموكل يد أمانةٍ ما لَم يُفَرِّط في حِفْظِه، فإنْ فَرَّط تَحَوَّلَت يدُه مِن أمانٍ إلى ضمانٍ، وذلك كغيرها مِن سائر الأموال، وقد نص الفقهاء على أن الوكيلَ أمينٌ فيما دَفَعَه إليه الموكِّل مِن المال وأقامه فيه مقام نفسه من التصرفات؛ لأنه نائبٌ عنه في اليد والتصرُّف، ولهذا لا يَضمن ما تَلِفَ أو هَلَكَ في يده إلا إذا كان مُتَعَدِّيًا ومُفَرِّطًا في حِفْظِه؛ لأن هلاكَه في يده كهلاكِهِ في يد الموكِّل. يُنظر: "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (14/ 40، ط. دار المعرفة)، و"الذخيرة" للإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي (8/ 15، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"المهذب" للإمام الشِّيرَازِي الشافعي (2/ 177، ط. دار الكتب العلمية)، و"المبدع" للإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (4/ 347، ط. دار الكتب العلمية).
ما قام به الوالد من الوكالة العامة لابنه تصرفٌ صحيحٌ يترتب عليه آثاره؛ إذ الأصل أنه لا تنفذ التصرفات على الشيء إلا لمالكه أو من ينيبه عنه، وتنفذ تصرفات النائب أو الوكيل بمقتضى ما خوَّله إياه المالك من تصرفات، فإذا وكَّل أحدهم غيره بإطلاق، فإن تصرُّف الوكيل في مال موكله يكون قائمًا على الوكالة، ولا يخرج عن حدودها.
ولَـمَّا كان الوكيل أمينًا في تصرفه، لزم من ذلك أنه ليس له أن يأخذ لنفسه من مال الوكالة شيئًا إلا بإذن موكله ورضاه، ووجب أن يكون تصرفه محصورًا فيما فيه مصلحة الوكيل وما يتفق مع مراده، ولا يفعل ما يوقع به الضرر أو الإضرار، وإلا كان خائنًا للأمانة، والتي أكدت نصوص الشريعة على حرمتها شرعًا، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: 107]، وقال جلَّ شأنه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27].
قال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل القرآن" (9/ 190، ط. دار التربية والتراث): [إنّ الله لا يحب من كان من صفته خِيَانة الناس في أموالهم، وركوب الإثم في ذلك وغيره مما حرَّمه الله عليه] اهـ.
لا يجوز للولد نقل ممتلكات أبيه إلى ملكيته بطريق التوكيل، وإلا كان خائنًا للأمانة؛ لأنه سيكون قد تصرف بالوكالة في غير مصلحة الوكيل وعلى غير مراده.
قال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (6/ 71، ط. دار الفكر): [الوكالة إذا وقعت مطلقة مفوضة فإنه يمضي من فعل الوكيل ما كان على وجه السداد والنظر، إذ الوكيل إنما يتصرف بما فيه الحظ والمصلحة، وأما الذي لا مصلحة في فعله فإن الوكيل معزول عنه شرعًا] اهـ.
وهذا ما قرره القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م، حيث جاء في الفقرة الأولى من المادة رقم (701): [الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل، لا تخوّل الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة] اهـ، ومعلوم أن أعمال الإدارة لا يُتصور أن يدخل فيها نقل ملكية ممتلكات والده لنفسه.
وكون الوالد لا يحسن التصرف لا يصلح أن يكون سببًا شرعيًّا لاستغلال الابن التوكيل الصادر من أبيه له بنقل مال الأب إليه، بل يبذل مع والده الوسع في النصح لحسن التصرف على أن يكون ذلك برفق ولين وبمشاركة أهله وأولاده ومن لهم حقٌّ في هذا المال حال التوارث؛ ضمانة لحقوقهم، ثم باستشارة أهل الحكمة والخبرة والتخصص إن احتاج الأمر ذلك، ثم إذا استمر سوء التصرف في المال جاز رفع أمره إلى القضاء طلبًا للحجر عليه؛ صيانة للمال وحفظًا له من الضياع، فمن المقرر شرعًا جواز الحجر على الشخص البالغ الذي لا يحسن التصرف في ماله، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، وهو المروي عن الصاحبين أبي يوسف ومحمد من الحنفية. يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني الحنفي (7/ 169، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل" للشيخ عليش المالكي (6/ 95، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (3/ 140، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح منتهى الإرادات" للعلامة البُهوتي الحنبلي (2/ 178، ط. عالم الكتب).
قال الإمام أبو الحسن ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/ 179، ط. الفاروق الحديثة): [الأكثر من أهل العلم يوجبون الحجر على الحر البالغ المُضَيِّعِ لماله صغيرًا كان أو كبيرًا] اهـ.
وهذا ما نصَّ عليه قانون الولاية على المال رقم 119 لسنة 1952 في المادة (65)، حيث جاء فيه: [يُحكم بالحجر على البالغ؛ للجنون أو للعته أو للسفه أو للغفلة، ولا يُرفع الحجر إلا بحكمٍ، وتُقيم المحكمة على من يُحجر عليه قيِّمًا لإدارة أمواله وفقًا للأحكام المقررة في هذا القانون] اهـ.
وتتجلى حكمة ومشروعية رفع الأمر إلى القضاء حينئذ من أجل حفظ المال؛ لأنه لما كان حفظ المال من الأمور الضرورية، فإنَّ الأساليب والإجراءات التي تُعين على حفظه واجبة؛ لما تقرر من أنَّ "ما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهو واجب" لما تقرر من أن حفظ المال من الأمور الضرورية والمقاصد الكلية.
قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي في "الذخيرة" (9/ 108، ط. دار الغرب الإسلامي): [وصون المَال وَاجِب إِجْمَاعًا، فَتجبُ وسيلتُه] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز للولد أن ينقل أملاك والده من عقارات وغيرها بموجب هذا التوكيل دون إذن والده أو رضاه، فالوكيل يعمل في مال الوكالة وفق إرادة الموكِّل، وليست إساءة الوالد التصرف في ماله مبررًا لتصرف الابن في مال والده بغير إذنه أو في غير مصلحته، بل يبذل مع والده الوسع في النصح لحسن التصرف على أن يكون ذلك برفق ولين وبمشاركة أهله وأولاده ومن لهم حقٌّ في هذا المال حال التوارث، ثم باستشارة أهل الحكمة والخبرة والتخصص إن احتاج الأمر ذلك، ثم إذا استمر سوء التصرف في المال رفع أمره إلى القضاء، وما يقضي به القاضي يتعين العمل به، وذلك لما لديه من سلطات واسعة في التحقيق والإثبات التي لا تتوفر لدى آحاد الناس، والتي بها يتوصل إلى ثبوت عدم التمييز والرشاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حقوق الطفل المكفول من الناحية الاجتماعية؟
ما هو حق الزوجة في هدايا لم تستلمها من زوجها قبل وفاته؛ فقد أرسل زوج ابنتي إليها مالًا لمصاريفها، وأرسلَ لأخيه مبلغًا؛ لبناء شقة له في أرض أخيه، وقد أعلم زوجته تليفونيًّا قبل وفاته أنه أحضر لها هدايا ذهبية وغيرها وأنه سيُقدّمها هدية لها عند العودة إلى مصر؛ إلَّا أنه مات وترك الهدايا عند أهله بالسعودية، ولمَّا عاد والداه من السعودية طالَبَ ابنتي بما قدَّمه لها زوجها المتوفى من المصاريف، وقد عَلِمت منهما أن عليه دينًا بالسعودية وطلَبَ منها المساهمة في هذا الدين بقدر ما يخصّها فيه؛ فهل يحقّ لهم المطالبة بذلك؟ وما مقدار نصيب ابنتي من المبلغ الذي أعطاه المُتَوفَّى لأخيه لبناء الشقة؟ وهل لها الحقّ فيما اشتراه لها زوجُها المُتوفَّى من الهدايا والحلي، وكذلك مؤخر الصداق؟ وهل عليها أن تساهم في الدين الذي على زوجها بالسعودية؟
ما حكم الحلف على المصحف بترك شيء وكفارة فعل ذلك؟ حيث يفيد السائل: أنه حلف يمينًا على المصحف بعدم دخول منزل جاره الذي هو صهرُه مدى الحياة، ويريد أن يدخل بيتهم؛ فما حكم هذا اليمين وكفارته إذا دخل منزل صهره؟
ما حكم الخلوة بين المرأة والمطلِّق أثناء فترة العدة؟ فقد طَلَّق زوجٌ زوجتَه طلاقًا بائنًا، وعنده منها طفلٌ رضيعٌ يريد رؤيته، فهل يجوز التواجد معها في المنزل لرؤية طفله، أو يشترط وجود مَحْرَمٍ؟
طلب من المحكمة يتضمن الإفادة بفتوى بالرأي الشرعي في مدى أحقِّية القيِّم في تطليق زوجة المحجور عليه طلقةً أولى رجعية؛ لبطلان قيام المحجور عليه شرعًا بطلاق زوجته، ولترك الزوجة للزوج المحجور عليه دون رعايته، وحصولها على حكمٍ بنفقةٍ زوجيةٍ ضده رغم تفويتها عليه حَقَّ احتِباسِها وطاعتِه مُدة سبع سنوات، وعدم قبول طلبه قانونًا في إنذارها بالدخول في طاعته بحُجة أنه محجورٌ عليه. وذلك حتى تتمكن المحكمة من الفصل في الدعوى.
يقول السائل: والدتي تمتلك محلًّا بعقد شراكة بينها وبين والدي، ويعمل بهذا المحل أخي الأصغر، ولا يراعي إخوته، فأعطت والدتي توكيلًا رسميًّا لأخي الآخر يعطيه الحق في التصرف في حقوق باقي إخوته، فما حكم الشرع في تصرف والدتي؟ وما حكم الشرع في تصرف أخي الأصغر؟