كيفية تصرف زوجة المسجون ومدى أحقيتها في طلب الطلاق

تاريخ الفتوى: 07 مارس 2023 م
رقم الفتوى: 7512
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطلاق
كيفية تصرف زوجة المسجون ومدى أحقيتها في طلب الطلاق

ما حكم طلب الزوجة الطلاق بسبب دخول زوجها السجن؟ حيث يوجد زوج محكوم عليه بالسجن المشدد، ولزوجته منه أولاد، وقد مضى من مدة سجنه عدة أعوام؛ وهي لم تعد تستطيع الحياة على هذا النحو؛ ماديًّا ونفسيًّا وجسديًّا، فماذا تفعل، وهل يحق لها طلب الطلاق؟

لا ينبغي للزوجة أن تتسرَّع في طلب الطلاق بسبب الحكم على زوجها بالسجن، وخاصة إذا كان بينهما أولاد، فإذا ما وصل الحال بها إلى عدم قدرتها على  تحمل ذلك الوضع؛ كان لها أنْ ترفع أمرها إلى القضاء؛ فقد أقام الشرع الحنيف القضاء للفصل بين العباد ورفع الضرر عن المتضررين.

المحتويات

حسن العشرة بالمعروف بين الزوجين

العلاقة الزوجية السليمة أساسها في الشرع الحنيف على المعاشرة بالمعروف من كلا الجانبين، ومن المعروف مراعاة ظروف كلا الطرفين للآخر؛ يسرًا وضيقًا، صحةً ومرضًا، قوةً وضعفًا، في حضرٍ أم سفرٍ.. إلخ؛ قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وكل معروف أوجبه الشرع الحنيف على المرأة لزوجها؛ أوجبه كذلك على الرجال لزوجاتهم، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228]؛ أي: في حسن العشرة، وحفظ بعضهم لبعض، وتقوى الله فيه، والآية تعم جميع حقوق الزوجية.

حق الزوجة في طلب الطلاق بسبب دخول زوجها السجن

لما كان الشخص المسجون ممنوعًا بحكم القضاء أو بقرار الجهات المختصة من التصرف بنفسه، والخروج إلى أشغاله ومهماته الدنيوية والاجتماعية؛ فإنَّه من مقتضيات المعاشرة بالمعروف، أن تراعي الزوجة ظروفه، وأن تصبر عليه؛ وفاءً لحقه عليها، وشدًّا لأزره في محنته، ولمصلحة الأولاد وعدم تشتتهم بينهما، إلى غير ذلك من الجوانب الحسنة للزواج، ومقصود الشرع من إقامة حياة مستقرة بين الزوجين.

ومع هذا فقد أباح الشرع لها -أي الزوجة- طلب الطلاق إذا ما تضررت من ذلك؛ لما تقرر شرعًا أنه: "لا ضرر ولا ضِرَار" و"الضرر يزال"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 83، ط. دار الكتب العلمية)؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه ابن ماجه في "سننه"، وهي قاعدة تحول مراعاتها بين الإنسان وبين كل ما يمكن أن يسبب له الضرر، وإزالة الضرر هنا لا تتم إلا بعودة الزوج -وهو غير ممكن؛ لوجوب قضاء المدة المحكوم بها عليه- أو التفريق بينهما.

وهذا القول هو المختار من أقوال فقهاء مذهب المالكية والحنابلة التي تشير إلى جواز التفريق للغيبة والضرر؛ قال الإمام الدردير في "الشرح الكبير" (2/ 431، ط. دار الفكر، مع "حاشية الدسوقي") في مسائل للقاضي أن يطلق فيه على الزوج: [(واجتهد) الحاكم.. (وطَلَّق) على الزوج.. (في) حلفه.. (أو تَرَكَ الوطء ضررًا) فيُطلِّق عليه بالاجتهاد إن كان حاضرًا بل (وإن غائبًا)، ولا مفهوم لقوله: ضررًا؛ بل إذا تضررت هي من ترك الوطء؛ طُلَّق عليه بالاجتهاد، ولو لم يقصد الضَّررَ] اهـ.

قال العلامة الدسوقي محشِّيًا عليه: [والحاصل: أنه إذا حلف ليعزلنَّ عن زوجته زمنًا يحصل به ضررها، أو حلف لا يبيت عندها، أو ترك وطأها ضررًا من غير حلفٍ، أو أدام العبادة، وتضررتِ الزوجة من ترك الوطء، وأرادت الطلاق؛ فإن الحاكم يجتهد في طلاقها عليه، ومعنى الاجتهاد في الطلاق عليه: أن يجتهد في أن يطلِّق عليه فورًا بدون أجل..(قوله: لكن الغائب إلخ) أي أنه لا يطلق على مَن ترك الوطء لغيبته إلا إذا طالت مدة الغيبة، وذلك كسنة فأكثر عند أبي الحسن وهو المعتمد] اهـ؛ أي: أن ترك الوطء سبب للتطليق سواء أكان الزوج حاضرًا أو غائبًا وبغض النظر عن سبب غيابه ومكانه.

فكما أن للمرأة أن تطلب الطلاق بسبب عدم النفقة عليها وتضررها من ذلك؛ جاز لها طلب التفريق لترك المعاشرة الزوجية لغياب الزوج عنها؛ قال العلامة نور الدين الأجهوري كما نقله عن العلامة النفراوي في "الفواكه الدواني" (2/ 42، ط. دار الفكر): [وإذا جاز لها التطليق بعدم النفقة؛ فإنه يجوز لها إذا خشيت على نفسها الفتنة بالأولى؛ لشدة ضرر ترك الوطء الناشئ عنه الزنا، ألا ترى أنها لو أسقطت النفقة عن زوجها يلزمها الإسقاط، وإن أسقطت عنه حقها في الوطء لا يلزمها ولها أن ترجع فيه، وأيضًا النفقة يمكن تحصيلها من غير الزوج بِتسلُّفٍ ونحوه بخلاف الوطء] اهـ.

وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (5/ 481-482، ط. دار الكتب العلمية): [وحصول الضرر للزوجة بترك الوطء مقتضٍ للفسخ بكل حالٍ سواءٌ كان بقصدٍ من الزوج أو بغير قصدٍ ولو مع قدرته وعجزه؛ كالنفقة، وأولى للفسخ بتعذره في الإيلاء إجماعًا، وعلى هذا فالقول في امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ممن تعذر انتفاع امرأته به إذا طلبت فرقته كالقول في امرأة المفقود بالإجماع] اهـ.

وقد اعتبر المشرع المصري حبس الزوج قرينة على ضرر الزوجة؛ فأجاز لها في هذه الحالة طلب التطليق شريطة أن يكون الحبس نهائيًّا ومقيدًا للحرية، مع اشتراط مدة قانونية وإجراءات محددة حتى تكون الزوجة قد لحقها شيء من الضرر الذي بني عليه التطليق؛ كما هو مفاد المادة رقم (14) من المرسوم بقانون (25) لسنة 1929م (المعدل).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا ينبغي للزوجة أن تتسرَّع في طلب الطلاق بسبب الحكم على زوجها بالسجن، وخاصة إذا كان بينهما أولاد، فإذا ما وصل الحال بها إلى عدم قدرتها على  تحمل ذلك الوضع؛ كان لها أنْ ترفع أمرها إلى القضاء؛ فقد نصب الشرع الحنيف القضاء للفصل بين العباد ورفع الضرر عن المتضررين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائلة تسأل عن مدى حدود العلاقة بينها وبين أم زوجها؛ وذلك لوجود العديد من المشكلات بينهما، والناتجة عن سوء معاملتها لها هي وبناتها؟ وهل يجوز شرعًا عدم زيارتها أو الاتصال بها نهائيًّا؟ مع العلم بأن زوجها يقوم بزيارتها والاتصال بها كل فترة.


ما مدى اعتبار الكتابة غير الموثقة في إيقاع الطلاق؟ حيث كنت في حالة غضب شديدة أنا وزوجتي، وطلقتها كتابةً بناءً على طلبها، ولم يكن لدي نية طلاق، بل فعلت ذلك لإنهاء حالة الغضب الشديدة؛ فهل تقع هذه الطلقة؟ علمًا بأني طلقها قبل ذلك طلقتين موثقتين.


ما حكم الطلاق الصوري من أجل الحصول على المعاش؟ فقد تزوجت من زوجة قريبة لي، وهي متخلفة عقليًّا، وأنجبت منها بنتين، ولها أم مسنة ولها معاش كبير. تريد هذه الأم أن أطلق زوجتي صوريًّا من أجل أن تأخذ المعاش بعد وفاة أمها. فهل أطيع حماتي في هذا العمل وأطلق زوجتي صوريًّا؟ علما بأنني مبسوط وأعمل ولي مرتب.


ما حكم من طلق زوجته طلقة رجعية بوثيقة ثم راجعها من غير وثيقة ثم افترقا من غير طلاق؟ فرجل طلق زوجته طلقة رجعية غير بائنة بوثيقة رسمية، وراجعها في اليوم الثاني مراجعة شرعية بحضور ذوي عدل من الشهود، ولكنه لم يثبت المراجعة بوثيقة، ولبث يعاشرها معاشرة الأزواج ثلاثة أشهر ونصفًا، وبعد ذلك أرادا الانفصال، فاتفق الزوجان على الافتراق بدون طلاق ثانٍ، وأن يُعتبر الطلاق المثبوت بالوثيقة كأنه لا زال واقعًا، وكأن المراجعة والمعاشرة الزوجية لم يحدثا بعده، وذلك فرارًا من طلاق جديد، ودفع الزوج مؤخر صداقها ونفقة عدتها، وأخذ منها اعترافًا كتابيًّا بالحيض، وافترقا على ذلك. ويتمسك الزوج الآن بأنها لا زالت زوجته شرعًا، وأن زواجها بغيره زنًا وفحشاء؛ إذ إن الطلاق المثبوت بوثيقة روجع شرعًا في اليوم الثاني لوقوعه، وقامت بينهما الزوجية مدة من الزمن، وأن دفعه لمؤخر صداقها ونفقة عدتها وأخذه اعترافًا منها بالحيض، كل ذلك حسمًا للنزاع القائم بينهما يومئذٍ، ولا يصح أن يعتبر ذلك بمثابة طلاق جديد، أو اعتراف منه بخروج الزوجة عن عصمته، وأن الحيض الذي اعترفت به حدث وهي مراجعة ومعاشرة له، وتقول الزوجة: إن المراجعة التي حدثت في اليوم التالي للطلاق لم تثبت رسميًّا، وقد وافقني الزوج على اعتبار هذه المراجعة كأن لم تكن وكأن لم يحدث بعدها معاشرة زوجية، ودفع لي مؤخر صداقي ونفقة عدتي، وأخذ مني اعترافًا بالحيض، وكل ذلك يعتبر اعترافًا منه بخروجي عن ذمته وعصمته، ويحلُّ لي التزوج بمن أشاء، والتمسك بوثيقة الطلاق الأول وإن كان روجع.
فما قول فضيلتكم؛ هل يحلُّ شرعًا لهذه الزوجة التزوج بمن تشاء باعتبار أنها اتفقت مع زوجها على اعتبار الطلاق الأول واقعًا مع أنه روجع وحدثت بعده معاشرة زوجية طويلة؟ وهل تكون موافقة الزوج لها باعتبار الطلاق لا زال واقعًا يكون هذا الاتفاق كطلاق جديد، ولم يعطِ الزوج أوراقًا عليه بشيء ما غير دَفْعِه نفقتها ومؤخر صداقها؟ أم تعتبر زوجة شرعية لزوجها ما دام أنه راجع الطلاق وعاشرها معاشرة الأزواج؟ وهل يحل لها التمسك بالقول إنها مطلقة استنادًا إلى الاتفاق باعتبار المراجعة كأنها لم تكن ودفع الزوج حقوقها؟ أفتونا في ذلك خدمة للدين وراحة لضمائرنا، والله يجزيكم خير الجزاء.


سائلٌ يقول: تزوج رجل بامرأة زواجًا عرفيًّا بدون إشهاد وقت العقد، وبعد الدخول أشهد اثنين من معارفه، وكان قد فَوَّض الزوجة في طلاقها، فطلقت نفسها منه وراجعت نفسها، فهل هذا الزواج صحيح؟ ولو تم الزواج بصفة رسمية مكتملة الشروط والأركان فهل تُعَدّ الطلقة التي حصلت إحدى الثلاث؟


هل للمستجدات الطبية أثر على عدة الطلاق أو الوفاة؟ فقد ظهرت بعض الوسائل الطِّبِّيَّة الحديثة التي تقطع علميًّا ببراءة الرحم بعد انتهاء العلاقة الزوجية بطلاقٍ أو وفاةٍ، فهل يمكن الاستناد إلى هذه الوسائل في الحكم بانتهاء العدة؛ بحيث تحل المرأة للأزواج متى تحقَّقت براءة رحمها من الحمل أو كانت قد استُؤصِلَ رَحِمُها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :30
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 22
العشاء
8 :43