ما حكم ترديد الأذان بعد انتهاء المؤذن منه؟ فأنا أعلم أنه يستحب ترديد الأذان عند سماع المؤذن، وأحيانًا يفوتني الترديد خلفه، بمعنى أني لم أردده في أثنائه، فهل يجوز أن أقوم بترديده بعد انتهاء المؤذن من الأذان؟
الأصل متابعة المؤذن في ترديد الأذان أثناء الأذان، طلبًا للأجر والثواب على ذلك، ويجوز لمن فاته ترديد الأذان خلف المؤذن أثناء الأذان أن يقول مثل ما قال المؤذن إلا في الحيعلتين، أي: حي على الصلاة وحي على الفلاح، فإنه يقول عقب كل واحدة لا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك ما دام الوقت قريبًا، فإن طال الوقت والفصلُ فلا يُطلب حينئذٍ ترديده، ولا شيء في ذلك ولا إثم.
المحتويات
الأذان من أهم شعائر الإسلام، وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ترديد الأذان خلف المؤذن، وبيَّن أن العبد إذا ردَّده مُخلِصًا لله فيه بقلبه فإنه يكون سببًا من أسباب دخول الجنة، فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم.
اختلف الفقهاء في حكم ترديد الأذان خلف المؤذن، فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى استحبابه، فيقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين، أي: حي على الصلاة وحي على الفلاح، فإنه يقول عقب كل واحدة لا حول ولا قوة إلا بالله، وقد تواردت عباراتهم على ذلك.
قال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 442، ط. دار الفكر): [يُستحب حكاية المؤذن... وما ذكره المصنف من أن حكمها الاستحباب هو المشهور] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 130، دار الكتاب الإسلامي): [(ويُستحب أن يجيب) السامع (المؤذن) والمقيم (وإن كان جُنُبًا) أو حائضًا (بمثل قوله عقيبه) بأن يجيبه عقب كل كلمة... (إلا في الحيعلتين فإنه يحولق) بأن يقول عقبهما في الأذان لا حول ولا قوة إلا بالله أربعًا وفي الإقامة مرتين أي لا حول لي عن المعصية ولا قوة لي على ما دعوتني إليه إلا بك... (وفي التثويب يقول صدقت وبررت) مرتين بكسر الراء الأولى لخبر ورد فيه. قال ابن الرفعة: أي صرت ذا برٍّ أي خير كثير] اهـ.
وقال الشيخ مرعي الكرمي الحنبلي في "دليل الطالب" (ص: 27، ط. دار طيبة بالرياض): [وسُنَّ لمن يسمع المؤذن أو المقيم أن يقول مثله إلا في الحيعلة فيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" وفي التثويب: "صدقْت وبررْت"، وفي لفظ الإقامة: "أقامها الله وأدامها"] اهـ.
بينما ذهب الحنفية إلى وجوب إجابة المؤذن، واختلفوا هل هي باللسان أو بالذهاب إلى صلاة الجماعة؟
فذهب جمهورهم إلى أنها باللسان، كما استظهره الإمام ابن نجيم، بينما ذهب العلامة الحلواني إلى أنها بالقدم يعني بالذهاب إلى صلاة الجماعة. يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 155، ط. دار الكتب العلمية)، و"البحر الرائق مع منحة الخالق" للإمام ابن نجيم (1/ 273، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"ردّ المحتار" للإمام ابن عابدين (1/ 399، ط. دار الفكر).
والأصل في ترديد الأذان أنه مشروع لمن يسمعه دون من لم يسمع، بمعنى أنَّ من لم يسمع الأذان لعذر كنحو صمم أو بُعد مسافة وغير ذلك فلا يُطلب منه شرعًا الترديد؛ لأن المتابعة معلقة بالسَّماع وهو غير حاصل.
قال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 233، ط. دار الفكر): [غير السامع لا يُنْدَبُ له الحكاية وإن أُخْبِرَ بالأذان أو رأى المؤذن وَعَلِمَ أنه مؤذن ولو كان عدم سماعه لعارض كَصَمَمٍ] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 120، ط. دار الفكر): [من رأى المؤذن وعلم أنه يُؤَذِّنُ ولم يسمعه لِبُعْد أو صَمَم، الظاهر أنه لا تُشْرع له المتابعة؛ لأن المتابعة معلقة بالسَّماع، والحديث مُصَرِّحٌ باشتراطه] اهـ.
من سمع الأذان ولم يردده خلف المؤذن لسبب ما وقد انتهى المؤذن من أذانه، فله أن يردِّده، فيقوم بقول ما قاله المؤذن ما دام الفاصل بين الأذان ووقت الترديد يسيرًا، فإذا كان الفاصل طويلًا فلا يُطلب الترديد حينئذٍ، ومرد تحديد الطول والقصر إلى العرف، وهذا هو المفهوم من كلام الحنفية والمالكية في أحد القولين والشافعية.
قال الإمام الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 57، ط. دار الكتب العلمية): [وينبغي تداركه إنْ قصُر الفصل] اهـ.
وقال الإمام العدوي في "حاشيته على شرح مختصر خليل" (1/ 233، ط. دار الفكر): [وهل يحكي المؤذن مؤذنًا آخر سمعه أو لا؟ قولان، وعلى الأول فيحكيه بعد فراغه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 120): [من سمع المؤذن ولم يتابعه حتى فرغ لم أر لأصحابنا تعرضًا؛ لأنه هل يستحب تدارك المتابعة والظاهر أنه يتدارك على القرب ولا يتدارك بعد طول الفصل] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الأصل متابعة المؤذن في ترديد الأذان أثناء الأذان، طلبًا للأجر والثواب على ذلك، ويجوز لمن فاته ترديد الأذان خلف المؤذن أثناء الأذان أن يقول مثل ما قال المؤذن إلا في الحيعلتين، أي: حي على الصلاة وحي على الفلاح، فإنه يقول عقب كل واحدة لا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك ما دام الوقت قريبًا، فإن طال الوقت والفصلُ فلا يُطلب حينئذٍ ترديده، ولا شيء في ذلك ولا إثم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال أحد الشيوخ داخل بيت الله الحرام: إنه أثناء الصلاة يجب النظر إلى الكعبة المشرفة، في حين أنني أعرف أن النظر أثناء الصلاة يكون إلى موضع السجود. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما كيفية تحريك الأصبع السبابة في التشهد؟
ما هي طريقة وضع الميت أثناء صلاة الجنازة؛ فإني توجهت لإحدى المساجد لحضور جنازة مُتَوفَّى فوجدت أن الإمام جعل رأس الـمُتَوفَّى على يساره، وأشار إلى أن رأس المرأة تكون على يمين الإمام ورأس الرجل تكون على يسار الإمام، واعتراض بعض الحضور على هذا التصرف. فما رأي الشرع في ذلك؟
يقول السائل: ما حكم إمامة الصبيِّ لصبيٍّ مثله في الصلاة، وهل يختلف إذا كانت الصلاة فرضًا أو نفلًا؟
ما حكم صلاة الرجل بامرأته جماعة عند الحنفية؛ علمًا بأن والدي ووالدتي -اللذين درسا الإسلام في روسيا في أيام ما قبل الثورة حيث كان التعليم الإسلامي في روسيا يتمتع بجودة عالية- لم يُصَلُّوها على هذه الصفة، وظل الوضع كذلك حتى أصبحت صبيًّا وصرنا نصليها نحن الثلاثة (أنا وأبي وأمي). فقد بيَّن لي أبي أن صلاة الجماعة تستلزم وجود رجُلين حتى وإن كان أحدهما صبيًّا. أرجو الإجابة مدعومة بالدلائل وذكر المصادر وشكرًا.
ما حكم صلاة الظهر أربع ركعات بعد فريضة الجمعة؟