ما حكم بيع المال المشاع من دون إذن باقي الشركاء؟ فقد اشترى مجموعةٌ من الأفراد ماكينة رَيٍّ على المشاع لِسَقْيِ المحاصيل الزراعية، وبعد فترة بَاعَها أحدُ الشركاء بدون إذن الآخَرين، فما حكم هذا البيع شرعًا؟
المِلكية على الشيوع لا تجعل لأيِّ واحدٍ من الشركاء حقًّا في أن يتصرف في نصيب غيره مِن المالِكِين بدون إذن منه أو ولاية له عليه، وإنما يَثبُت لكلِّ شريكٍ حقُّ الاستعمال والتصرف في حدود نصيبه فقط، وبيعُ أحد الشركاء نصيبَ شريكه دون إذنه يعدُّ بيعًا فضوليًّا موقوف النفاذ على إجازة شركائه الآخرين في هذا النصيب، ولذلك فإن ما قام به الشريك المذكور من تصرُّفٍ فرديٍّ ببيع ماكينة الرَّي الزراعية المشتركة بينه وبين باقي شركائه على المشاع موقوفٌ فيما زاد على نصيبه من تلك الماكينة على موافقة باقي الشركاء، أو أن يُبطِلوا ذلك البيع ويستردوا أنصبتهم فيها.
المحتويات
تعرف الملكية الشائعة بأنها: ملكية اثنين أو أكثر لشيءٍ بغير فرزٍ وتجنيبٍ لحصَّةِ كلٍّ منهم في هذا الشيء. ينظر: المادة (825) من التقنين المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م.
فالمالك في الشيوع يملك حصة تقدر بنسبةٍ مِن المال، ولكن هذه النسبة لا يقابلها جزءٌ محدد من الشيء محل العقد، حيث يشترك هو وباقي المُلَّاك -كلٌّ بقدر حصته- في كلِّ ذَرَّة من ذَرَّات الشيء المملوك لهم شُيُوعًا، ولا يختص أيٌّ منهم بقدرٍ محددٍ من الشيء، كما في "موسوعة الفقه والقضاء" للمستشار/ عَزْمِي البَكْرِي (11/ 456، ط. دار محمود).
الاشتراك القائم بين الشركاء في محل السؤال يُعَدُّ مِن قبيل الشركة التي تُعرَف عند الفقهاء بـ"شركة المِلك" أو "شركة الأملاك"، وهي: أن يمتلك اثنان أو أكثرُ عَيْنًا، وهذه الشركة إمَّا أن تثبت بفعل الشريكَيْن أو الشركاء (اختيارًا)، وذلك عن طريق الشراء -كما هو الحال في مسألتنا- أو الهبة، أو الوصية، أو التصدُّق، أو نحو ذلك، وإمَّا أن تثبت بغير فعلهم (اضطرارًا أو جبرًا)، كأن يئول إليهم المِلكُ بالميراث، أو يختلط شيءٌ مِن أموالهم بحيث لا تتميَّز أو يعسُر التمييز بينها، ويترتب على ذلك صحةُ الشركة بين الشركاء في العَيْن المشتَرَكَة بينهم. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (6/ 56، ط. دار الكتب العلمية)، و"الفواكه الدواني" للإمام شهاب الدين النَّفْرَاوِي المالكي (2/ 119، ط. دار الفكر) و"اللباب في الفقه الشافعي" للإمام المَحَامِلي الشافعي (ص: 256، ط. دار البخاري)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (3/ 496، ط. دار الكتب العلمية).
ومن أحكام شركة المِلك المقررة أن كلَّ واحد من الشركاء له حق التصرف في نصيبه فقط؛ حيث إنه مِلكُه، وأما نصيب أيِّ شريك آخر فليس له حق في التصرف فيه بشيءٍ من التصرفات التعاقدية كنحو البيع والإجارة وغيرهما إلا بإذن شريكه؛ لأن التصرفَ فرعُ المِلك أو الولاية، ولا مِلك ولا ولاية لأيِّ أحد من الشركاء في نصيب أيِّ شريك آخَر بمجرد الشركة.
قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 65): [فأمَّا شركة الأملاك: فحكمها في النوعين جميعًا واحد، وهو أن كلَّ واحد من الشريكين كأنه أجنبي في نصيب صاحبه، لا يجوز له التصرف فيه بغير إذنه؛ لأن المُطلِق للتصرف المِلكُ أو الولايةُ] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي في "الذخيرة" (8/ 66، ط. دار الغرب الإسلامي): [إذَا كانَا شَريكين في حيوانٍ مثلًا بميراثٍ أو غيرهِ: لا يجوزُ له أن يَتصرَّفَ فيهِ إلَّا بإذنِ شريكهِ] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 224، ط. دار الكتب العلمية): [المالُ المشتَرَكُ لا يجوزُ لأحدِ الشريكَينِ التصرُّفُ فيهِ، إلا بإذنِ صاحبهِ] اهـ.
وقال الإمام أبو الخَطَّاب الكَلْوَذَانِي الحنبلي في "الهداية" (ص: 282، ط. مؤسسة غراس): [كلُّ واحدٍ منهما في نصيب شريكه كالأجنبي لا يجوز له التصرُّف فيه إلا بإذنه] اهـ.
إذا تصرَّف أحد الشركاء في مِلك شريكه بدون إذن منه أو ولاية بأيِّ نوع من أنواع التصرف كالبيع -عُدَّ تصرفًا فضوليًّا في مِلك الغير بلا إذن شرعي.
قال العلامة علي حيدر أفندي في "درر الحكام" (3/ 29، ط. دار الجيل): [لَو بَاعَ أحدُ صاحبَي الدَّار المشتركةِ حِصَّتهُ وحصَّةَ شريكهِ بدون إذنِه لآخرَ، فيكون البيعُ المذكورُ فُضولًا في حصَّةِ الشَّريكِ. "البهجة". وللشَّرِيك المذكورِ إن شاء فَسْخُ البيعِ في حصَّتهِ، وإن شاء أَجَازَ البيعَ إذا وُجدَت شَرائِطُ الإِجَازةِ] اهـ.
والمقرر إفتاءً وقضاءً أن تصرفات الفضولي تقع صحيحةً موقوفةً على إجازة المالك أو وكيله، فإن لم يُجزها ورَدَّها بَطَل تصرُّفُ الفُضُولي، كما هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والإمام أحمد في روايةٍ، خلافًا للشافعية والحنابلة في المذهب، حيث يَرَوْن عدمَ صحة تصرُّف الفُضُولي وبطلانَه. ينظر: "مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي (2/ 351)، و"الإنصاف" للإمام علاء الدين المَرْدَاوِي (4/ 283، ط. دار إحياء التراث العربي).
قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 147): [بيعُ الفضولي عندنا منعقدٌ موقوفٌ على إجازة المالك، فإن أجاز نَفَذ، وإن رَدَّ بَطَل] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين ابنُ عسكر البغدادي المالكي في "إرشاد السالك إلى أشرف المسالك" (ص: 80، ط. الحلبي): [يصح بيعُ مميِّزٍ موقوفًا على إجازة وَلِيِّه، وبيعُ الفضولي وابتياعُه موقوفًا على إجازة المالك] اهـ.
وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 283): [(إن بَاع مِلكَ غيره بغير إذنه، أو اشترى بعينِ ماله شيئًا بغير إذنه لم يصح) وهو المذهب.. وعنه: يصح، ويقفُ على إجازة المالك. اختاره في "الفائق"] اهـ.
والقول بأن بيع الشريك لحصة شريكه دون إذنه يُعد بيعًا موقوفًا على إجازة الشريك الآخَر هو ما قضت به محكمة النقض المصرية، فجاء في (الطعن رقم 1595 لسنة 71ق جلسة: 4/ 4/ 2012م)، ما نصُّه: [إن مؤدى نص المادتين: 825، و826/ 2 من القانون المدني.. أن كلَّ شريك على الشيوع يَملِكُ حصتَه مِلكًا تامًّا، وله أن ينتفع بها، وأن يستولي على ثمارها، وأن يستعملها، بشرط ألَّا يُلحِق ضررًا بحقوق سائر الشركاء، فالمِلكية في الشيوع كالمِلكية المُفرَزة تشتمل على عناصرها الثلاثة: الاستعمال، والاستغلال، والتصرف، وتصرُّفُ الشريك في مقدارٍ شائِعٍ يزيد على حصته لا يَنفُذ في حق الشركاء الآخَرين فيما يتعلق بالقدر الزائد على حصة الشريك المتصرِّف، ويحق لهم أن يرفعوا دعوى بتثبيتِ مِلكيتهم وعدمِ نفاذ البيع فيما زاد على حصة الشريك البائع دون انتظار نتيجة القسمة، إلا أنه إذا أَقَرَّ الشركاءُ الباقون البيعَ فيما زاد عن حصة الشريك البائع سَرَى العقدُ في حقِّهم وانقَلَب صحيحًا، فإذا لم يُقِرُّوه كان التصرُّفُ غيرَ نافذٍ في حقِّهم] اهـ.
كما أن القاعدة الثابتة والمقررة في التقنين المدني في حكم بيع مِلك الغير بدون إذنٍ من المالك أو ولاية من المتصرَّف عليه -أنه: "لا يسري هذا البيعُ في حق المالك ولو أجاز المشتري العقدَ، فإذا ما أَقَرَّ المالكُ البيعَ سَرَى العقدُ في حقِّه، وانقَلَب صحيحًا في حقِّ المشتري"، كما في المادتين رقم: 466 و467 من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمِلكية على الشيوع لا تُخَوِّل لأيِّ واحدٍ من الشركاء أن يتصرف في نصيب غيره مِن المالِكِين بدون إذن منه أو ولاية له عليه، وإنما يَثبُت لكلِّ شريكٍ حقُّ الاستعمال والتصرف في حدود نصيبه فقط، وبيعُ أحد الشركاء نصيبَ شريكه دون إذنه يعدُّ بيعًا فضوليًّا موقوف النفاذ على إجازة شركائه الآخرين في هذا النصيب، ومِن ثمَّ فإن ما قام به الشريك المذكور من تصرُّفٍ فرديٍّ ببيع ماكينة الرَّي الزراعية المشتركة بينه وبين باقي شركائه على المشاع موقوفٌ فيما زاد على نصيبه من تلك الماكينة على موافقة باقي الشركاء، أو أن يُبطِلوا ذلك البيع ويستردوا أنصبتهم فيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاحتكار وتضليل البائعين في أسعار السلع واستغلال الأحوال الاقتصادية؛ حيث يقول السائل: في ظِلِّ الظَّرْف الاقتصادي الذي تَمُرُّ به بلادنا يحتكر بعض التجار السلع، ويُضَلِّلون في أسعارها، ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة في السعر على الفقراء؛ فنرجو موافاتنا بالحكم الشرعي لهذا الفعل؟
ما حكم شراء الوكيل لنفسه من مال موكله؟ فهناك شخصٌ وكَّلَ غيرَه في شراء قطعة أثاثٍ معيَّنةٍ يملكُها شخصٌ آخَر، وأعطاه المالَ اللازم لذلك، إلا أنَّ الوكيل عند معاينته للمبيع تملَّكه الإعجاب به والرغبة في الحصول عليه لنفسه، فهل يجوز له أنْ يشتري قطعة الأثاث المذكورة لنفسه بالمال الذي أعطاه الموكِّل له دون الرجوع إليه، وذلك خشية أن يشتريها غيرُه بينما يُحضر ثمنها مِن ماله الخاص، مع عزمه على ردِّ المال لصاحبه (الموكِّل)؟
ما حكم التعامل بخطاب الضمان البنكي بنوعيه: المغطى، والمكشوف؟ فأنا شخص أعمل في مجال المقاولات وبعض الأعمال التجارية، ويُطلب مني في بعض المعاملات إحضار خطاب ضمان من أحد البنوك كشرط لإتمام هذه المعاملات.
ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟
ما حكم الاستفادة من نقاط الخصم التي تهديها إحدى المحلات التجارية للمشتري عند قيامه بعملية الشراء ؟ فهناك رجلٌ حصل على مجموعةٍ مِن نقاط الخصم مِن أحد المتاجر، مما يُتيح له شراء السِّلع مِن ذلك المتجر بتخفيض يكافئ تلك النقاط عند الطلب، فما حكم الشراء بهذه النقاط؟
ما حكم بيع الأدوية المرسومة بسعر قديم بسعرها الجديد؟ فهناك رجلٌ يملِك صيدلية، وفي ظلِّ ارتفاع الأسعار تُوَرَّدُ إليه الأدوية مُسَعَّرَةً بأسعارها الجديدة، ويوجد في الصيدلية أدويةٌ أخرى بأسعارها القديمة، فهل يجوز له بيع الأدوية المُسَعَّرَة بالسِّعر القديم بسِعر التوريد الجديد مِن باب توحيد سِعر الدواء؟ علمًا بأنه يسدد ثمن الدواء القديم لشركات الأدوية بالسِّعر القديم المنقوش عليه ولو كان السداد بعد تحرُّك الأسعار.