حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها

تاريخ الفتوى: 09 نوفمبر 2024 م
رقم الفتوى: 8480
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: البيع
حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها

ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.

وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟

ما تقوم به الشركة من إنشاء وتصميم المنصات وبيعها جائز شرعًا إذا لم تعلم ابتداءً استعمال المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا، وبالبيع تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، فإن استعمله بعد ذلك فيما هو منهي عنه فالإثم عليه وحده دون البائع، وأما إذا علمت الشركة عند البيع أن المشتري سيستعملها استعمالًا منهيًّا عنه فيحرم البيع حينئذٍ؛ لما فيه من الإعانة على المعصية.

وأمَّا تقديم الدعم الفني للمنصة بعد بيعها، فإذا كان المستخدم محددًا وكان استعماله لحسابه المحدد له على المنصة في بيع المحرم فيحرم تقديم الدعم له، وإلا فيجوز تقديم الدعم له ولا حرج فيه.

وأما إذا كان تعين تقديم الدعم للمنصة كلها في آن واحد، بحيث لا يتميز مستخدم عن غيره، وكان عدد المستخدمين الذين يستخدمون حساباتهم فيما نُهي عنه قليلًا فتقديم الدعم في هذه الحالة جائز شرعًا ولا إثم فيه.

المحتويات

 

بيان المقصد من تشريع المعاملات المالية بين الناس

المعاملات المالية في الشرع الشريف شُرِعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم، وذلك في إطار من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كلِّ طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، ومنع ما يؤدي إلى الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين، فإن قطع المنازعات ضرورةٌ؛ إذ هي مادة الفتن والفساد، وفي سبيل تحقيق ذلك أحل اللهُ البيعَ والشراء في أصلهما؛ فقال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، حيث بيَّن سبحانه أَنَّ جنس البيع حلال، وهذا الحِلُّ ينسحب على كل أنواع البيوع إلَّا ما نَصَّ الشرع على حرمته واستثناه من حكم الأصل؛ وذلك كالبيوع المشتملة على الرِّبَا أو غيره من المحرمات.

حكم المعاملة المسؤول عنها

من صور المعاملات الحديثة: ما تقوم به الشركة في الواقعة المسؤول عنها، وهو على -وفق تصويرها- أمران:

أحدهما: تصميم المنصة الإلكترونية وبيعها لحساب عميلٍ مُعيَّنٍ.

ثانيهما: تقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة.

فأمَّا التصميم والبيع لحساب عميلٍ مُعيَّنٍ، فالأصل فيه جوازه وصحته متى تحققت أركانُه -من توفر: العاقدين، والمعقود عليه، والصيغة- وشروطُه اللازمة له من حيث أهلية المتعاقدين واختيارهما، وكون المعقود عليه منتفَعًا به مقدورًا على تسلمه مملوكًا معلومًا علمًا ينفي الجهالة عنه، وتوفر الإيجاب والقبول بين الطرفين، وخلا ممَّا يفسده أو يبطله، كالغرر، والجهالة المؤدية إلى التنازع، والغبن الفاحش.

ومن المقرر شرعًا عدم جواز البيع إذا علم البائع ابتداءً استعمالَ المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا؛ لأن "ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام"، أما إذا لم يعلم ذلك ابتداءً، وكان المبيع يحتمل استعمالًا مباحًا وآخر ممنوعًا، فيجوز البيع ولا حرج فيه، وإذا تم البيع في هذه الحالة ثم ظهر للبائع بعد البيع استعمال المشتري للمبيع فيما نهى الشرع عنه فلا إثم على البائع ولا حرمة؛ إذ المعصية لا تقوم بعين المبيع، بل باستعمال المشتري له فيما نهى الشرع عنه، فيكون الـمُحرَّمُ الاستعمالَ لا التعاملَ عليه بيعًا وشراءً ونحوهما؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].

قال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (14/ 192، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومعناه أن إِثْمَ الْجَانِي عليه لا على غيره، ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، أي: لا تُؤْخَذُ نفسٌ آثِمَةٌ بِإِثْمِ أُخرَى] اهـ.

وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء:

قال العلامة فخر الدين الزَّيْلَعِي في "تبيين الحقائق" (3/ 297، ط. المطبعة الأميرية): [والخشب الذي يُتخَذُ منه المعازفُ لا يُكرَه بيعُه؛ لأنه لا معصيةَ في عينها، وكذا لا يُكرَه بيعُ الجارية المغنِّيَة، والكبش النَّطُوح، والدِّيك المقاتل، والحمَامة الطيَّارة؛ لأنه ليس عينُها منكرًا، وإنما المنكَر في استعماله المحظور] اهـ.

وقال العلامة أبو العباس الصَّاوِي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (3/ 20، ط. دار المعارف): [يُمنع بيعُ كلِّ شيءٍ عُلم أن المشتري قَصَد به أمرًا لا يجوز] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 98، ط. دار الفكر): [ومِن المنهي عنه: ما لا يَبطُل؛ لرجوعه إلى معنى يقترن به، كبيع حاضر لباد.. وبيع الرطب والعنب لعاصِرِ الخمر] اهـ.

وقال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [إنما يَحرُم البيعُ ويَبطُل إذا علم البائعُ قصدَ المشتري ذلك، إمَّا بقولِهِ، وإمَّا بقرائن مختصة به تدل على ذلك] اهـ.

ومما يدل على حِلِّ بيع  ما له استعمالان  لو لم يعلم البائع استعمال المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا: أنَّ الأشياء والأعيان تندرج في باب الوضع لا التكليف، فترتبط بمراعاة الأسباب والموانع والشروط والعلل، أما الجواز وعدمه فلا يتعلقان بأيهما، وإنما بفعل المكلف بهما.

قال الإمام الغزالي في "المستصفى" (ص: 23، ط. دار الكتب العلمية) عند حديثه عن الأحكام التكليفية: [وهذه الألفاظ لا شك أنها لا تطلق على جوهرٍ بل على عَرض، ولا على كل عرض بل من جملتها على الأفعال فقط، ومن الأفعال على أفعال المكلفين لا على أفعال البهائم] اهـ.

وأمَّا تقديم الدعم الفني للمنصة التِّقنِيَّة بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهو من قبيل الوسائل للمحافظة على جودة المنصات وسلامتها والقيام بما أنشئت من أجله، ومن المقرر أنَّ "لِلْوَسَائِلِ أَحْكَامَ المَقَاصِدِ"، كما في "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 53، ط. مكتبة الكليات الأزهرية)، و"الإِذْنَ فِي الشَّيْءِ إِذْنٌ فِي مُكَمِّلَاتِ مَقْصُودِهِ"، كما في "إحكام الأحكام" للإمام ابن دقيق العيد (2/ 289، ط. مطبعة السُّنَّة المحمدية)، ويفرق فيه بين أن يكون تقديم الدعم لمعين -مستخدم على الانفراد-، أو لغير معين -المنصة كلها بكل من يبيع من خلالها- فإذا كان تقديم الدعم لمعين، وكان استعماله لحسابه المحدد له فيما نهى عنه الشرع الشريف فلا يجوز تقديم الدعم له؛ لما فيه من الإعانة على المعصية، وإن لم يستعمله فيما نهى عنه الشرع الشريف فيجوز تقديم الدعم له حينئذ ولا حرج فيه.

وأما إذا كان تقديم الدعم لغير معين؛ بأن كان للمنصة كلها بحيث لا يتميز مستخدم عن غيره، وكان عدد المستخدمين الذين يستخدمون حساباتهم فيما نُهي عنه قليلًا -كما في صورة السؤال-، فتقديم الدعم جائز شرعًا ولا إثم فيه على الشركة مقدمة الدعم؛ لعدم تعين الدعم فيما نُهي عنه.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فعمل الشركة من إنشاء وتصميم المنصات وبيعها جائز شرعًا إذا لم تعلم ابتداءً استعمال المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا، وبالبيع تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، فإن استعمله بعد ذلك فيما هو منهي عنه فالإثم عليه وحده دون البائع، وأما إذا علمت الشركة عند البيع أن المشتري سيستعملها استعمالًا منهيًّا عنه فيحرم البيع حينئذٍ؛ لما فيه من الإعانة على المعصية.

وأمَّا تقديم الدعم الفني للمنصة بعد بيعها، فإذا كان المستخدم محددًا وكان استعماله لحسابه المحدد له على المنصة في بيع المحرم فيحرم تقديم الدعم له، وإلا فيجوز تقديم الدعم له ولا حرج فيه.

وأما إذا كان تعين تقديم الدعم للمنصة كلها في آن واحد، بحيث لا يتميز مستخدم عن غيره، وكان عدد المستخدمين الذين يستخدمون حساباتهم فيما نُهي عنه قليلًا فتقديم الدعم في هذه الحالة جائز شرعًا ولا إثم فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الشرع في الكسب المبني على الغش والخداع والتحايل على الناس؟


ما حكم الشرع في بيع الذهب المصوغ بالتقسيط؟


ما حكم حجز الذهب بدفع بعض قيمته؟ فقد ذهبتُ مع زوجتي إلى تاجر المشغولات الذهبية وقد أعجبها أحد المنتجات المعروضة، وقد أخبرنا التاجر أن ما اخترناه قد بِيع بالفعل، وأنه سَيجلب مثلَه في غضون ثلاثة أيامٍ، لكن لا بد من دفع جزءٍ مِن الثمن، فتم الاتفاق على شراء المنتج مع تحديد جميع الأمور المتعلقة بذلك من صفة المنتج ووزنه وثمنه وموعد تسليمه وتمَّ تحرير فاتورة بيع بذلك، على أن نستلمه بعد ثلاثة أيام ونسدِّد عند ذاك باقي الثمن، فهل تجوز هذه المعاملة شرعًا؟


سائل يقول: اشتريت من أخي قطعة أرض تابعة لجمعية العاملين بهيئة معينة، ودفعت له الثمن، وأخي كان قد اشترى الأرض من شقيق زوجته، وتمَّ تحرير العقد مع المالك الأول الذي يعمل بالهيئة، وعند مطالبة الأرض تم رفض الاعتراف بهذا العقد، لأن لائحة الجمعية تنصُّ على أنَّ الأرض للعاملين بها، ولا يجوز بيعها للآخرين، وقد حاولت استرداد ما دفعته دون جدوى.

وسؤالي: ممَّن أطلب مالي الذي دفعته؟ وما رأي الشرع فيمَن يمتنع عن ردّ مالي ممَّن يثبت في حقه أنه مطالبٌ بالسداد؟


ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟


ما حكم عمل الكيانات الموازية للشركات والمصانع بحيث لا يشملها الحجر عند الإفلاس؟ فأنا أعرف أحد الأصدقاء عليه ديون كثيرة، واقترب موعد سدادها، لكنه لا يرغب في السداد في الموعد المحدد، بدعوى أن أمامه فرصة استثمارية فيها ربح كثير، ففكر في أن يبيع بعض أملاكه لأحد أقاربه بيعًا صوريًّا مع بقاء انتفاعه بها؛ حتى لا يتم الحجز عليها، فما حكم هذا الفعل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28