ما حكم دفع المشترك المتأخر في الأسانسير أكثر من المتقدم لزيادة السعر؟ فهناك مجموعةٌ من الجيران في إحدى العمارات اشتَرَكوا في شراء مِصْعَدٍ كهربائي، وبعد عامٍ تقريبًا أرادَ أحدُ الجيران -غيرَ هؤلاء- الاشتراكَ معهم في المِصْعَد، فطلبوا منه مبلغًا أكبر من المبلغ الذي كان سيدفعُه لو أنه اشتَرَكَ معهم أوَّل الأمر، وعلَّلوا تلك الزيادة بزيادة الأسعار، فهل هذا المبلغُ الزائدُ يُعتبر رِّبا؟
إذا كان عقدُ شراء الوحدة العقارية المذكورة قد تمَّ الاتفاق فيه على مبلغٍ محدَّد خاصٍّ بالخدمات يدفعه المشتري عند التعاقد، وكان المِصعَد مشمولًا في تلك الخدمات، فإنَّه يجب الالتزام بهذا المبلغ، ولا يجوز الزيادة عليه إلا أن يرضى بذلك المشتري، أما إذا لم يكن ذلك حاصلًا فإنَّ المعاملة المذكورة تُعدُّ مِن باب بيع حصةٍ في عينٍ مملوكةٍ لشركاء على المَشَاع، وهي جائزةٌ شرعًا بما يتفق عليه طَرَفَا العقد ويتراضيان عليه مِن الثمن، قَلَّ هذا الثمنُ أو كثُر، مع مراعاة ألَّا يزيد هذا الثمن زيادةً كبيرةً عن ثمن المثل يوم البيع، ولذلك فإن الزِّيادةَ التي يدفعُها المشترِك المتأخِّر عن جيرانه في الاشتراك في المِصْعَد بسبب ارتفاع السعر ليست من الرِّبا المُحَرَّم شرعًا، وإنَّما هي من جُملة الثمن الذي يدفعُهُ في مقابل حِصَّةٍ منه بالاتفاق والتراضي، ولا حرج فيها.
المحتويات
المعاملةُ المسؤولُ عنها تُعدُّ من قبيل بيع الحِصَّة في عينٍ مملوكةٍ لشركاء على المشاع، حيث يشترك أكثرُ من مالِكٍ في كلِّ جزءٍ من أجزاء المِصعَد المملوك لهم شُيُوعًا، ولا يختصُّ أيٌّ منهم بقَدرٍ محدَّدٍ منه، وتلك الشركة تعرف عند فقهاء الحنفية بـ"شركة الأملاك التي يثبُت المِلك فيها بفعل الشركاء"، وهي: أن يَتملَّك اثنان أو أكثرُ عَيْنًا، وهذا المِلك إما أن يثبت بفعل الشريكَيْن أو الشركاء اختيارًا، وذلك عن طريق الشراء أو الهبة أو الوصية أو التصدُّق أو نحو ذلك، أو بغير فعلهم جَبْرًا، كأن يؤول إليهم المِلكُ بالميراث، أو يختلط شيءٌ مِن أموالهم بحيث يَعسُر التمييز بينه. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (6/ 56، ط. دار الكتب العلمية).
وهي صورة من صور "الشركة الأعَمِّيَّة" عند فقهاء المالكية، كما أنَّها داخلةٌ في "شركة الرِّقاب والمنافع" عند الشافعية، كما تدخل ضمن "شركة اجتماعٍ في استحقاقٍ تُملَكُ فيه العين بمنافعها" عند الحنابلة. ينظر: "المختصر الفقهي" للإمام ابن عَرَفة المالكي (7/ 5، ط. مؤسسة خلف أحمد الحبتور)، و"الحاوي الكبير" للإمام أبي الحسن المَاوَرْدِي (6/ 470، ط. دار الكتب العلمية)، و"مطالب أولي النهى" للإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي (3/ 494، ط. المكتب الإسلامي).
وبيعُ حِصَّةٍ من العَيْن المملوكة لشركاء على المَشَاع جائزٌ بالإجماع، سواء كان هذا المَشَاع مما يَحتمل القسمة والإفراز أو لا يحتملهما.
قال الإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي في "تبيين الحقائق" (5/ 126، ط. المطبعة الأميرية): [بيعُ المشاعِ يجوز من شريكِهِ ومن غيرِ شريكِهِ بالإجماع، سواء كان ممَّا يحتملُ القِسْمَة أو ممَّا لا يحتملُ القِسْمَة] اهـ. ينظر: "شرح التلقين" للإمام أبي عبد الله المَازِرِي المالكي (2/ 344، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"المجموع" للإمام شرف الدين النَّوَوِي (9/ 256، ط. دار الفكر)، و"الفروع" للإمام شمس الدين ابن مُفْلِح الحنبلي (7/ 151، ط. مؤسسة الرسالة).
إذا تقرَّر كَوْنُ المعاملةِ المسؤولِ عنها من قبيل بيع الحِصَّة من عينٍ مملوكة لشركاء، فإنَّ البيع يجوز بما يتراضى عليه المتعاقدان وقتَ العقدِ، قلَّ ذلك أو كَثُر؛ إذ مدار الأمر في العقود على التَّرَاضي بين طَرَفَيْها؛ لقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
قال الإمام ناصر الدين البَيْضَاوِي في "أنوار التنزيل" (2/ 70، ط. دار إحياء التراث العربي) في تفسير هذه الآية الكريمة: [و﴿عَنْ تَرَاضٍ﴾ صفة لتجارة، أي: تجارة صادرة عن تراضي المتعاقدين] اهـ.
وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الإمامان: ابن ماجه في "سننه"، وابن حبان في "صحيحه".
قال الإمام شهاب الدين الزَّنْجَانِي في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصلُ الذي تُبْنَى عليه العقود المالِيَّة مِن المعاملاتِ الجاريةِ بين العباد: اتِّباعُ التَّرَاضي] اهـ.
ولا تُعَدُّ الزِّيَادةُ المذكورة في واقعة السؤال من الرِّبا المحرَّم شرعًا؛ إذ المبلغُ المدفوعُ لم يَكُن مُقابَلًا بِعِوَضٍ مُتَفَاضِلٍ من جِنْسِهِ، أو دَيْنًا زِيدَ فيه في مقابِل مَدِّ الأجل بعد حُلُوله، وإنَّما هو في مقابلة شراء حِصَّةٍ من عَيْن، فكان للبائعين الشركاء في مِلك تلك العَيْن أوَّلَ الأمر -تقويمُ هذه العَيْن بثمنها المتعارفِ عليه في السُّوق وقت البيع، أو الثمن الذي يرتضونه بدلًا منها وقتَ عقدِ البيعِ.
قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي الحنفي في "الهداية" (4/ 377، ط. دار إحياء التراث العربي): [الثَّمنُ حَقُّ العاقد، فإليه تقديرُه] اهـ. وينظر: "الكافي" للإمام أبي عُمَر ابن عبد البَرِّ المالكي (2/ 730، ط. مكتبة الرياض)، و"الحاوي الكبير" للإمام أبي الحسن الماوَرْدِي الشافعي (5/ 409)، و"المبدع" للإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي (4/ 47، ط. دار الكتب العلمية).
يُراعى في تقدير هذا الثمن أنَّ هذا الجار المتأخِّر عن جيرانه في الاشتراك في مِلكية المِصْعَد يُعدُّ محتاجًا لشراء تلك الحصة فيه؛ دفعًا لمشقة الصعود والنزول على درج السُّلَّم، خاصة مع التقدُّم في السِّن أو الإصابة بالمرضِ، وليس له سبيلٌ إلى دفع هذه المشقة إلا بشراء تلك الحصة في هذا المِصعد دون غيرِه، ومِن ثم فلا يُزاد في هذا التقدير زيادة فاحشة عن ثمن المِثل عند عقد البيع؛ حتى لا تدخل هذه المعاملة تحت باب بيع المضطر المنهي عنه شرعًا، وصورته: "أن يُضطر الرجلُ إلى طعامٍ أو شرابٍ أو لباسٍ أو غيره، ولا يبيعه البائِعُ إلا بأكثَرَ مِن ثمنه بكثير، وكذلك في الشراء منه"، كما قال الإمام أبو الحسن السُّغْدِي في "النتف في الفتاوى" (1/ 468، ط. دار الفرقان).
فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ» أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، وأبو داود في " السنن" واللفظ له.
قال العلامة المُلَّا علي القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (6/ 86-87، ط. دار الفكر): [«الْمُضْطَر» (مفتعل) مِن الضُّر، وأصله: مُضْتَر، فأُدغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طاءً لأجْل الضاد.. والمروءة ألَّا يبايع على هذا الوجه، ولكن.. يشتري السلعة بقيمتها، ومعنى البيع هاهنا: الشراء، أو المبايعة، أو قبول البيع] اهـ.
بالإضافة إلى أنه جارٌ، وقد أوصت الشريعة الغرَّاء بضرورة العناية به، والاهتمام بشأنه، إذ عطف الله تعالى الوصية به على عبادته تعالى وعدم الشرك به، فقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: 36].
قال الإمام الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (5/ 48، ط. الدار التونسية) مبينًا وجه العطف في الآية الكريمة: [عَطْفُ تشريعٍ يَختَص بالمعاملة مع ذوي القربى والضعفاء، وقدم له الأمر بعبادة الله تعالى وعدم الإشراك على وجه الإدماج؛ للاهتمام بهذا الأمر، وأنه أحقُّ ما يَتَوَخَّاه المسلم.. والعَرَب معروفون بحِفظ الجِوار والإحسانِ إلى الجار، وأقوالُهُم في ذلك كثيرة، فأكد ذلك في الإسلام؛ لأنه مِن مَحَامِدِ العَرَب التي جاء الإسلام لِتَكْمِيلِهَا من مكارم الأخلاق، ومِن ذلك: الإحسانُ إلى الجار] اهـ.
وإذا تتبعنا السُّنَّة النبوية المطهَّرة نجد أنها قد أكدت على هذا المعنى في العديد من الأحاديث الشريفة، ومِن ذلك: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» متفق عليه.
ومما تجدُر الإشارة إليه في هذا السياق: أنه ينبغي مُراعاةُ ما توجِبُهُ الآدابُ الشَّرعيَّة من الرِّفقِ والقناعة والسَّماحَةِ في المعاملةِ الجاريةِ، والتَّيْسيرِ على النَّاس، وعدمِ استغلالِ حاجاتِهِم؛ امتثالًا لوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" مِن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «سَمْحًا» أَيْ: سَهْلًا جَوَادًا، يَتجاوز عنْ بَعْضِ حَقِّهِ، ولا شك أنَّ هذه المُسامحةَ والمُساهلةَ والمُجاملةَ في المُعاملةِ تُعد منْ قَبيل الصَّدَقَةِ الْخَفِيَّةِ، كما في "مرقاة المفاتيح" للعلامة المُلَّا علي القَارِي (6/ 37).
وممَّا ينبغي التنبيه عليه: أنَّه لو تم الاتفاق على مبلغٍ محدَّد خاصٍّ بالخدمات يدفعه مشتري الوِحدة العقارية عند التعاقد عليها وكان منها المِصْعَد، فإنَّه عقدٌ يجب الالتزام به وبما تضمنه من شروطٍ وأثمان؛ لقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].
قال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (6/ 32، ط. دار الكتب المصرية): [أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، قال الحسن: يعني بذلك عقود الدَّيْن، وهي: ما عقده المرء على نفسه، من بيع وشراء وإجارة وكراء ومناكحة وطلاق ومزارعة ومصالحة وتمليك وتخيير وعتق وتدبير وغير ذلك من الأمور، ما كان ذلك غيرَ خارجٍ عن الشريعة] اهـ.
كما أنَّ مقتضى هذا الاتفاق: اشتراط المشتري أن يتمتَّع بتلك الخدمات نظير ما دفعه من قيمتها عند التعاقد، فيجب الالتزام بذلك الشرط، ولا يجوز طلب الزيادة على ما دفعه إلا بإذنه؛ إذ "الأصل في الشروط الوفاءُ"، كما في "الفروع" للإمام شمس الدين ابن مُفْلِح (8/ 268، ط. مؤسسة الرسالة).
فعن عمرو بن عَوْفٍ المُزَنِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ- والدَّارَقُطْنِي والبَيْهَقِي -واللفظ له- في "سننهم"، والحاكم في "المستدرك".
قال الإمام بدر الدين العَيْنِي في "نخب الأفكار" (14/ 365، ط. أوقاف قطر): [يعني: المسلمون هم الذين يَثْبتُون عند شروطهم، وأراد بالشروط: الشروط الجائزة في الدَّين، لا الشروط الفاسدة] اهـ.
هذا ما عليه القانون المدني المصري الصادر برقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨م، حيث نصت الفقرةُ الأولى مِن المادة رقم (147) منه على أن: [العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نَقْضُه ولا تعديلُه إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقرِّرها القانون] اهـ.
كما نصت المادة رقم (148) في فقرتيها الأُولى والثانية مِن نفس القانون على أنه: [(١) يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقةٍ تتفق مع ما يوجبه حُسن النية. (٢) ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقِد بما وَرَد فيه، ولكن يتناول أيضًا ما هو مِن مستلزماته وفقًا للقانون والعُرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا كان عقدُ شراء الوحدة العقارية المذكورة قد تمَّ الاتفاق فيه على مبلغٍ محدَّد خاصٍّ بالخدمات يدفعه المشتري عند التعاقد، وكان المِصعَد مشمولًا في تلك الخدمات، فإنَّه يجب الالتزام بهذا المبلغ، ولا يجوز الزيادة عليه إلا أن يرضى بذلك المشتري، أما إذا لم يكن ذلك حاصلًا فإنَّ المعاملة المذكورة تُعدُّ مِن باب بيع حصةٍ في عينٍ مملوكةٍ لشركاء على المَشَاع، وهي جائزةٌ شرعًا بما يتفق عليه طَرَفَا العقد ويتراضيان عليه مِن الثمن، قَلَّ هذا الثمنُ أو كثُر، مع مراعاة ألَّا يزيد هذا الثمن زيادةً كبيرةً عن ثمن المثل يوم البيع، ومِن ثَمَّ فإن الزِّيادةَ التي يدفعُها المشترِك المتأخِّر عن جيرانه في الاشتراك في المِصْعَد بسبب ارتفاع السعر ليست من الرِّبا المُحَرَّم شرعًا، وإنَّما هي من جُملة الثمن الذي يدفعُهُ في مقابل حِصَّةٍ منه بالاتفاق والتراضي، ولا حرج فيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟
ما حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء؟ فهناك رجلٌ يعمل في شركةٍ توفر للعاملين بها خصوماتٍ على منتجاتها، فهل يجوز له شراء السلع للحصول على تلك الخصومات ثم بيعها بالثمن الأصلي بالسُّوق المحلي؟ علمًا بأنه قد لا يكون في حاجة إليها عند شرائها، وإنما يشتريها لغرض أن يبيعها بهامش ربح.
هل يجوز الإفطار اعتمادًا على الحساب الفلكي؟ فأنا أقيم في أحد البلاد الأوروبية، والمسلمون فيها يعتمدون في إثبات شهور السنة الهجرية على الحسابات الفلكية، وليس هناك مَن يَستطلع الهلال، فما حكم الإفطار في هذا البلد اعتمادًا على الحساب الفلكي دون التحقق مِن الرؤية البصرية للهلال؟
سأل أحد المحضرين بمحكمة مصر الأهلية في رجل وصِيّ على ابن أخيه القاصر، بلغ ابن الأخ المذكور سفيهًا، ثم بعد ما بلغ عمره ثماني عشرة سنة ذهب إلى المجلس الحسبي وادَّعى أنه رشيد، وأتى بشاهدين شهدا له بحسن السير واستقامته، فبناءً على ذلك أثبت المجلس الحسبي رشده -على خلاف الواقع- بشهادة الشاهدين المذكورين، ثم إن الوصيّ المذكور اشترى منه ثمانية أفدنة وكسورًا بملبغ مائتي جنيه إنكليزي باسم ولده المراهق بغبن فاحش بالنسبة لثمن مثل الأطيان المذكورة، مع غروره لابن أخيه المذكور بقوله له: إن تلك الأطيان لا تساوي أكثر من ذلك، ولم يعطه من الثمن المذكور إلا خمسة عشر جنيهًا، ثم لمَّا علم بعض أقاربه بحالته التي اتصف بها ذهب إلى المجلس الحسبيّ وأوقع الحجر عليه رسميًّا، فهل هذا البيع الصادر من الولد المذكور يكون فاسدًا ويجب فسخه حيث كان بغبن فاحش مع التغرير، خصوصًا وقد أثبت بعض أقاربه الحجر عليه بعد ذلك؟ وهل إذا علم الوصي قبل الحجر عليه بسفهه لا يجوز تسليمه أمواله؟ أفيدوا الجواب ولفضيلتكم الأجر والثواب. أفندم.
يشتري شخصٌ أشياءَ متنوعةً فيبيعها في بلدٍ آخر، فهل له حدٌّ لا يتعداه في كسب الأرباح، أم له البيع كيفما تطاوعه نفسُه طمعًا في استرجاع مؤنِ الرحلة ما دام المشتري راضيًا بذلك؟