ما حكم نقل الأثاث الموقوف من مسجد إلى آخر؟ فالمسجد الذي نصلي فيه جُدِّد سَجَّادُه ومصابيحُه وغيرُ ذلك، فهل يجوز نقل ما استُغني عنه من هذه الأشياء إلى مسجدٍ آخَر في حاجة إليها؟
لا مانع شرعًا من نقل الأشياء الموقوفة على المسجد المذكور من نحو سَجَّاد ومصابيح وغيرها بعد استغناء هذا المسجد عنها إلى مسجد آخَر يكون في حاجة إليها؛ لأن المرادَ من وقفها هو نفعُ المُصَلِّين والتقرُّبُ إلى الله تعالى بما يُعِينُهم على أداء صلاتهم، مع مراعاة ألَّا يتم ذلك إلا بالرجوع إلى الجهة المختصة المسؤولة عن إدارة شؤون المساجد، والالتزام باللوائح والقوانين المنظِّمة لهذا الأمر.
المحتويات
عمارةُ المساجد بكلِّ ما يُنتفع به لعمارتها -كالحصير والسجاد والمصابيح وغير ذلك- مِن أقرب القُرُبات وأَرْجَى الطاعات؛ لِمَا حثَّ عليه الشرع الشريف مِن بناء المساجد وإعمارها، فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التوبة: 18].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه".
عمارةُ المساجد ترتكز في الأصل على ما يُوقَف عليها ويُخَصَّص لها مِن أثاثٍ وأغراضٍ، فتجري عليها أحكام الوقف، ومِن هذه الأحكام أَنَّه لو وُقِفَ على مسجدٍ يصير الموقوفُ لازمًا له وباقيًا فيه ما دام ذلك المسجدُ في حاجة إلى تلك الأشياء الموقوفة عليه، فلا يُباعُ أيُّ شيءٍ من ذلك ولا يُنقَل من المسجد، أما إذا استُغْنِيَ عنها، كنحو سَجَّاد قديم حلَّ محلَّه سَجَّاد آخَر جديد فصار القديم مستغنًى عنه، فإن التصرف في السَّجَّاد القديم ليُفرَش في مسجدٍ آخَر محتاج إليه هو الأَوْلَى؛ تحقيقًا للمصلحة، ولحفظ الانتفاع، شريطةَ تحقُّقِ غَلَبَةِ المصلحة المقصودة مِن الوقف، ومع مراعاة الضوابط التي لا تخرج تلك الأشياء عن كونها وَقْفًا، وهذا قول الإمام القاضي أبي يوسف من الحنفية، وقولٌ أفتى به بعضُ فقهاء المالكية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
قال الإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي في "تبيين الحقائق" (3/ 331، ط. الأميرية): [حصيرُ المسجد وحشيشُه إذا استُغْنِيَ عنهما.. عند أبي يوسف: يَنتقل إلى مسجدٍ آخَر] اهـ.
وقال الإمام العَدَوِي المالكي في "حاشيته على شرح الإمام الخَرَشِي لمختصر الإمام ضياء الدين خليل" (7/ 95، ط. دار الفكر) نقلًا عن "المعيار" للإمام أبي العباس الوَنْشَرِيسِي، في بيان حكم التصرُّف فيما وُقِف على مسجدٍ مِن حصيرٍ ونحوه: [وإن نُقلت لمسجدٍ آخَر دون بَيْعٍ -مع غِنى هذا المسجد الذي كانت فيه- لغيره من المساجد مع شدة الحاجة فيجوز على قولٍ أفتى بِهِ بعضُ من تقدَّمنا ممن يُقتدى به علمًا وعملًا، فمَن عمل به صَّح عمله إن شاء الله تعالى، انتهى] اهـ.
وقال الإمام زين الدين المُلَيْبَارِي الشافعي في "فتح المعين" (ص: 414، ط. دار ابن حزم): [وسُئِل شيخنا عما إذا عُمِرَ مسجدٌ بآلاتٍ جُددٍ وبقيت آلاتُه القديمة، فهل يجوز عمارة مسجدٍ آخَر قديمٍ بها؟.. فأجاب بأنه يجوز عمارة مسجدٍ قديمٍ وحادثٍ بها حيث قُطِعَ بعدم احتياجِ ما هي مِنْهُ إليها قَبْل فنائها] اهـ، ثم قال: [ونقل نحو حصير المسجد وقناديله كنقل آلته] اهـ.
وقال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (8/ 224، ط. دار عالم الكتب): [وما فَضَلَ من حُصُرِ المسجدِ وزَيْتِه ولم يُحتَج إليه، جاز أن يُجعل في مسجدٍ آخَر] اهـ.
ومما يلزم التنبيه عليه في هذه المسألة أن القول بجواز نقل الأثاث الموقوف على مسجدٍ ما بعد استغناء هذا المسجد عنه، إلى مسجدٍ آخَر يكون في حاجة إليه -منوط بما تقرره الجهة المختصة المسؤولة عن إدارة شؤون المساجد، والمتمثلة في وزارة الأوقاف أو مَن تحدده في هذا الشأن؛ لأن مِن المقرر شرعًا أن لولي الأمر دون غيره حقَّ التصرف بما يعود بالنفع العامِّ على البلاد والعباد.
بناءً على ذلك وفي السؤال: فإنه لا مانع شرعًا من نقل الأشياء الموقوفة على المسجد المذكور من نحو سَجَّاد ومصابيح وغيرها بعد استغناء هذا المسجد عنها -إلى مسجد آخَر يكون في حاجة إليها؛ لأن المرادَ من وقفها هو نفعُ المُصَلِّين والتقرُّبُ إلى الله تعالى بما يُعِينُهم على أداء صلاتهم، مع مراعاة ألَّا يتم ذلك إلا بالرجوع إلى الجهة المختصة المسؤولة عن إدارة شؤون المساجد، والالتزام باللوائح والقوانين المنظِّمة لهذا الأمر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بناء شقة لإمام المسجد مكان دورة المياه؛ فقد تبرعت شركة من شركات القطن لمجلس المدينة بأرض كبيرة، فقام بتقسيمها إلى عمارات سكنية ومحلات، وخصص مساحة لتكون مسجدًا، وهذا المسجد قائم بالفعل وتمارس فيه الشعائر، وهناك مساحة من الدور الأرضي بها دورات مياه ومصلى للنساء، وقد تم بناء طوابق متكررة جُعِل منها طابق للنساء، والمسجد في حاجة إلى أن يُوَفِّر سكنًا دائمًا لإمامه الراتب؛ نظرًا لكونه من غير أهل البلد، ويصعب استئجار سكن له قريب من المسجد؛ لارتفاع الأسعار بالمنطقة. فهل يمكن بناء شقة له مكان دورات المياه الحالية بحيث تنقل دورات المياه للمكان القديم المخصص للنساء؛ نظرًا للاستغناء عنه بالطابق الذي تم تخصيصه للنساء بالكامل؟
ما هو الحكم الشرعي في فتح وديعة ببنك بمبلغ معين من مال الصدقة، يتم تحديده وجمعه من قِبَل المتبرعين، ثم صرف الشهرية للأسر بشكل ثابت من عوائد الوديعة مدى الحياة؟ ففي هذه الحالة بدلًا من أن يلتزم المتبرع بدفع مبلغ 500 جنيهًا شهريًّا، يدفع 500 جنيهًا مرة واحدة بشراء شهادة استثمار للأسر بهذه القيمة وإيداعها بالوديعة، ويكون عائدها للأسر مدى الحياة وبشكل شهري ثابت.
مثال: إيداع وديعة بقيمة مليون جنيه بالبنك (الفائدة: 13%)، ويتم جمعها بإيداع (2000) شهادة استثمار، قيمة الشهادة (500) جنيه، بواقع عائد 10.833 شهريًّا.
ملحوظة: الحد الأدنى لكفالة الأسر: 150 جنيهًا، والأقصى: 350 جنيهًا.
هل التبرع بمصحف يعتبر صدقة جارية؟
ما حكم صرف الفائض من وقف المسجد إلى مسجد آخر؟ فهناك رجلٌ أوقف وقفًا على مسجدٍ خاص وسجَّل وقفيته على يد القاضي في المحكمة الشرعية، وعيَّن عليه ناظرًا عنه ليقوم برعاية شؤون الوقف وصرف رِيعه على المسجد المذكور، وقام الناظر بأداء ما وُكِّل إليه بدقة وأمانة، غير أنه اتضح له بعد مرور فترة من الزمن ازدياد ريع الوقف أكثر بكثير من اللازم وعن المتطلبات الشهرية والسنوية للمسجد، وأن المسجد أصبح الآن ليس بحاجة أكثر مما يصرف عليه، وظلت دراهم ريع المسجد تزداد سنة بعد سنة ويجمع له في البنك.
ما حكم استبدال العين الموقوفة؟ فمثلًا المبنى الموقوف الصالح للسكن لا يسع لكثيرٍ من الناس، كما أنه لو بنى متولي الوقف غرفًا جديدة في مكان واسع أمام هذا المبنى القديم فسيبدو مظهر المبنى القديم غير جيد أمام هذه الغرف الجديدة، فبناءً على ذلك، هل يجوز أن نهدم المبنى القديم ونبني عليه الجديد على نفس الصورة والشكل الذي بناه المتولي؟ وإن كان ذلك جائزًا فإلى أي حدٍّ؟ وأيضًا بأي أوصافٍ يجوز أن يتصف الرجل الذي يتولى أمور المسجد؟ نريد تفصيلًا في هذه المسألة؟
هل البناء على الشيء الموقوف يعد من الوقف؟ فقد أنشأ رجلٌ من الناس وقفًا شرعيًّا عبارة عن منزلٍ مكون من عددٍ معينٍ من الأدوار على واحدٍ من أولاده، وجعل هذا الوقف على ابنه الموقوف عليه، ومن بعده على أولاد هذا الموقوف عليه، ثم على أولاد أولاده، ثم على أولاد أولاد أولاده، ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم إلى حين انقراضهم، فإذا انقرضوا جميعًا عاد الوقف إلى جهة خيرية عينها الواقف في كتاب وقفه، وجعل الواقف لابنه الموقوف عليه الشروط العشرة بعد وفاة هذا الواقف، وبعد أن صدر الوقف بما يقرب من عام أنشأ الواقف دورًا آخر على المنزل الموقوف زاد به عدد أدوار المنزل الموقوف، وبعد أن تم بناء الدور وأصبح صالحًا للاستغلال من حيث السُّكنى والريع واستغل بالفعل توفي الواقف قبل أن يلحقه بالوقف، وفي وقت صدور الوقف من الواقف على ابنه الموقوف عليه كان له أولاد آخرون في قيد الحياة، وما يزال بعضهم حيًّا إلى الآن، ولكنَّه لم يجعل لهم أي نصيب في المنزل الموقوف، وقد كان جميعهم أحياء وقت أن أنشأ الدور الأخير، ففي هذه الحالة ماذا يكون حكم الدور الذي أنشأه الواقف على المنزل الذي أوقفه على ولده واختصه به من سائر أولاده الآخرين، هل يكون تابعًا للمنزل الموقوف؟ وهل يكون من حق ابنه الموقوف عليه استغلال ريعه لنفسه، ثم من بعده لأولاده بالتداول بينهم؟ وهل للموقوف عليه أن يلحق الدور بالوقف وقد عاد الوقف إليه بعد أن توفي الواقف؟