بيان بعض أحكام ميراث التوائم الملتصقة

تاريخ الفتوى: 10 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8427
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الميراث
بيان بعض أحكام ميراث التوائم الملتصقة

ما حكم التوائم الملتصقة في الميراث باعتبارهم وارثين أو موروثين؟ وما حكمهم من حيث الحجب وعدمه؟ وما يتعلق بهم من أحكام؟

التوائم الملتصقة إذا كانت من نوع الطفيلية -وهي التي تكون في صورة جسدٍ واحدٍ ينمو بشكلٍ صحيحٍ ويحمل أعضاء أو زوائد إضافية تتنوع بحسب موطن الاتصال، وتفتقد تلك الأعضاء أو الزوائد مقوِّمات الحياة بشكلٍ مستقلٍّ- أو من نوع شبه المكتملة -وهي التي تشترك في أحد مُقوِّمات الحياة أو في كليهما، كالمخ والقلب على اختلافٍ فيهما، بحيث لا يمكن أن يستقل أحدُ طرفيها بحياة عن الآخر، وإذا أمكن فصلُهما فَقَدَ أحدُهما حياته- فتعامل في الصورتين معاملة الشخص الواحد في الإرث، من غير نظر إلى زائدٍ، أو فاقدٍ لأحد مُقَوِّمات الحياة أو كليهما، بخلاف ما لو كانت من نوع المكتملة الذي يستقل كِلا طرفيها بالحياة إذا ما انفصلا: فظاهر اعتبارهما شخصين في الميراث كما لو كانا منفصلين، فيكون لهما ميراث شخصين إذا مات عنهما مورِّثُهما، ويكون أحدهما ضمن ورثة الآخر إذا مات عنه قبله، وتكون تركةُ كلٍّ منهما لورثته إذا ماتَا معًا، وكذا في الحجب، ومَرَدُّ معرفة حقيقة التوأم ومدى اندراجه تحت أيٍّ من الأنواع إنما يكون بالرجوع إلى الأطباء المختصين.

المحتويات

 

بيان المقصود بالتوائم

التوائم الملتصقة مِن آيات الله تعالى المعجزة الدالَّة على عظيم قدرته في اختلاف مخلوقاته أنواعًا وأحوالًا، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم: 22].

والتوائم جمع توأم، وهو اسم لولدٍ يكون معه آخر في بطنٍ واحدةٍ، وهما توأمان، وقد يجمع أيضًا على تُؤَام، ويستعار في جميع المزدوجات، وأصله ذلك. ينظر: "طلبة الطلبة" للعلَّامة النسفي (ص: 135، ط. العامرة)، و"المصباح المنير" للعلَّامة الفيومي، مادة: «ت و م» (1/ 78، ط. المكتبة العلمية).

بيان أحكام الميراث للتوائم الملتصقة وفق ثلاث صور

التوائم الملتصقة تنقسم من حيث اشتراك أفرادها في جملةٍ من الخصائص إلى ثلاث فئات رئيسة، يختلف كلٌّ منها في طبيعته وفق الخلل الجيني الذي نشأ عنه والبنية التشريحية لجسده؛ ومن ثَمَّ فتختلف الأحكام الفقهية بهذا الاعتبار، لِمَا ينتج عن ذلك من اعتباره شخصًا واحدًا أو اثنين، ومن ثَمَّ فبيان أحكام الإرث للتوائم يكون وفق الصور الآتية:

الصورة الأولى: أحكام الميراث المتعلقة بالتوائم الطفيلية

الصورة الأولى: التوائم الطفيلية، وهي التي تكون في صورة جسدٍ واحدٍ ينمو بشكلٍ صحيحٍ ويحمل أعضاء أو زوائد إضافية تتنوع بحسب موطن الاتصال، وتفتقد تلك الأعضاء أو الزوائد مقوِّمات الحياة بشكلٍ مستقلٍّ، والناظر في نصوص الفقهاء يجد أنَّهم قد عاملوا هذا النوع من التوائم معاملة الشخص الواحد في الطهارة وفي أحكام القصاص والدية، ملاحظين في ذلك الأعضاء الظاهرة والأساسية.

قال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 194، ط. دار الفكر) في كيفية وضوء التوأم: [قال: في "السليمانية" في امرأةٍ خُلِقَت من سرتها إلى أسفل خِلْقَة امرأةٍ واحدةٍ وإلى فوق خِلْقة امرأتين: أنها تَغْسِلُ منها محل الأذى، وتَغْسِلُ الوجهين فرضًا أو سنةً، والأيدي الأربع، وتمسح الرأسين وتَغْسِلُ الرجلين، نقله عنها ابن عبد السلام وابن عرفة وابن ناجي وغيرهم] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (4/ 90، ط. دار الكتاب الإسلامي) في أحكام الغُرة عند إسقاط جنين التوأم: [(وكذا) لو ألقت (ثلاثًا، وأربعًا) من الأيدي أو الأرجل (ورأسين) لإمكان كونهما لجنينٍ واحدٍ بعضها أصلي وبعضها زائد... وظاهر أنه يجب للعضو الثالث فأكثر حكومة، (وإن ألقت بدنين) ولو ملتصقين (فغرتان) إذ الواحد لا يكون له بدنان، فالبدنان حقيقة يستلزمان رأسين، فلو لم يكن إلا رأس فالمجموع بدنٌ واحدٌ حقيقةً فلا تجب إلا غرة واحدة] اهـ.

وتنزيلًا لما قرَّره الفقهاء في هذه النصوص فإنَّ هذا النوع من التوائم يُعامل معاملةَ الشخص الواحد في مسائل الإرث من حيثُ كونُه وارثًا أو مورِّثًا، وكذا من حيثُ الحجب، دون اعتبار للجزء الزائد الملتصق به؛ لعدم استقلاله بحياة.

الصورة الثانية: أحكام الميراث المتعلقة بالتوائم المكتملة "السيامية"

الصورة الثانية: التوائم المكتملة: وهي التي تتحقق كافةُ مقومات الحياة في كِلَا طرفيها، بحيث إذا أمكن فصلهما استقلَّ كلٌّ منهما بحياته عن الآخر، ومما يُميِّزُ هذا النوع أنه لا يكون إلا من جنسٍ واحدٍ، إما ذَكَرين أو أُنْثَيين، ولا يمكن أن يكون أحدهما ذكرًا والآخر أنثى، كما يمكن أن يَمُوتَ أحدُهما ويبقى الآخر بعده زمنًا، واشتهر تسمية هذا النوع طبيًّا بـ"التوائم السيامية".

وقد بحث الفقهاء إرث التوائم في هذه الصورة، فنصوا على أنهما شخصان حقيقة، وأنَّ لهما حكم الاثنين في جميع الأحكام.

فجاء في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 407، ط. دار الكتب العلمية) في أحكام التوأمين الملتصقين: [إنهما شخصان حقيقة بدليل أنهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس] اهـ.

وقال أيضًا (4/ 18) عند الكلام على حجب الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس بالأخوين: [تنبيه: قوله: (اثنين) قد يشمل ما لو ولدت امرأة ولدين ملزقين، لهما رأسان وأربع أرجل وأربع أيد وفرجان ولها ابن آخر، ثم مات هذا الابن وترك أمه وهذين، فيصرف لها السدس، وهو كذلك؛ لأن حكمهما حكم الاثنين في سائر الأحكام من قصاص ودية وغيرهما] اهـ.

وقال الإمام الدميري في "النجم الوهاج" نقلًا عن الإمام ابن القطان (6/ 135، ط. دار المنهاج): [في (فروع ابن القطان): إذا ولدت ولدين ملتصقين لهما رأسان وأربعة أرجل وأربعة أيد وفرجان.. فحكمهما حكم الاثنين في جميع الأحكام، فتحجب الأم بهما، وميراثهما ميراث اثنين] اهـ.

وبهذا يظهر أن التوائم المكتملة أو ما اشتهر بـ"التوائم السيامية" التي يتصل طرفاها ويلتصقان في جزءٍ منهما مع انفراد كلٍّ منهما بمقومات الحياة واستقلاله إذا ما انفصل -أنهما يعتبران شخصين في أحكام الميراث، من حيث كون كلٍّ منهما وارثًا أو مورِّثًا، وكذا من حيث الحجب.

الصورة الثالثة: أحكام الميراث المتعلقة بالتوائم شبه المكتملة

الصورة الثالثة: التوائم شبه المكتملة: وهي التي تشترك في أحد مُقوِّمات الحياة أو في كليهما، كالمخ والقلب على اختلافٍ فيهما، بحيث لا يمكن أن يستقل أحدُ طرفيها بحياة عن الآخر، وإذا أمكن فصلُهما فَقَدَ أحدُهما حياته، وقد بحث الفقهاء هذا النوع وجعلوا له أحكامًا خاصة، تختلف باختلاف بابها، فجاء في "الأشباه والنظائر" لتاج الدين السبكي (2/ 130، ط. دار الكتب العلمية): [فلو خُلِقَ له وجهان وجب غسلهما، ولو خُلِقَ له رأسان كفى مسح أحدهما، ولينظر هنا اليدين المتساويتين، والمتميز منهما الزائد، والشعور الخارجة عن العادة وغير ذلك] اهـ.

وبذلك يُعلم أنَّ التوائم شبه المكتملة التي لا يمكن أن يستقل أحد طرفيها بحياته عن الآخر؛ لاشتراكهما في أحد مُقَوِّمَات الحياة أو في كليهما تجري عليها أحكام الميراث كالشخص الواحد، من حيث كونه وارثًا أو مورِّثًا، وكذا من حيث الحجب.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فالتوائم الملتصقة إذا كانت من نوع الطفيلية وشبه المكتملة فتعامل معاملة الشخص الواحد في الإرث، من غير نظر إلى زائدٍ، أو فاقدٍ لأحد مُقَوِّمات الحياة أو كليهما، بخلاف ما لو كانت من نوع المكتملة الذي يستقل كِلا طرفيها بالحياة إذا ما انفصلا: فظاهر اعتبارهما شخصين في الميراث كما لو كانا منفصلين، فيكون لهما ميراث شخصين إذا مات عنهما مورِّثُهما، ويكون أحدهما ضمن ورثة الآخر إذا مات عنه قبله، وتكون تركةُ كلٍّ منهما لورثته إذا ماتَا معًا، وكذا في الحجب، ومَرَدُّ معرفة حقيقة التوأم ومدى اندراجه تحت أيٍّ من الأنواع إنما يكون بالرجوع إلى الأطباء المختصين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز شرعًا إجراء عملية لزرع النخاع؟ مع العلم أن النخاع ليس عضوًا، ولكنه مادة يخلقها الجسم ويعوضها طبيعيًّا بعد التبرع به.


توفيت امرأةٌ عن زوجها الذي ماتت وهي على عصمته، وعن أخت شقيقة، وأخت لأب فقط، وتَرَكَت تَرِكة. فما نصيب كل منهم في تَرِكَتها؟ أفيدونا الجواب، ولكم الثواب.


ما حكم الإقدام على عملية جراحية قد تفضي إلى الموت؟ فرئيس القسم الجنائي بنيابة السيدة زينب قال: لي ولد أصيب في عامه الرابع من عمره بمرض الصَّرع، عرضته على كثير من الأطباء المختصين في الأعصاب، وكانوا يعالجونه بشتى طرق العلاج من أدوية وحقن مخدرة إلى غير ذلك، إلا أن حالته كانت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام، حتى أصبح الآن فاقد النطق والإحساس والحركة، فلا يستطيع المشي ولا الكلام ولا الفهم، فهو عبارة عن جثة أو كتلة يدب فيها الروح، ويبلغ من العمر الآن ثماني سنوات، ونعاني في تمريضه صنوف العذاب فيحتاج لمن يطعمه ويحمله ويعتني بنظافته كأنه طفل في عامه الأول.
لم أشأ أن ألجأ للشعوذة لعلمي ويقيني أنها خرافات لا فائدة منها، وأخيرًا أشار عليّ بعض الأطباء بإجراء جراحة له في المخ وأفهموني أنها خطيرة لا يرجى منها إلا بنسبة واحد إلى عشرة آلاف، أعني أنه سينتهي أمره بعد العملية، وعللوا نظريتهم بأنه:
أولًا: ربما تنجح العملية، ويستفيد منها.
ثانيًا: إذا قدر له الموت وهو محتمل فسيستريح هو كما سنستريح نحن من هذا الشقاء، ولما كنت أخشى إن أقدمت على إجراء هذه العملية أن يكون فيها ما يغضب الله؛ لأنني أعتقد بأنني أسعى إلى قتله بهذه العملية، فقد رأيت أن ألجأ إلى فضيلتكم لتفتوني إن كان في إجراء العملية في هذه الحالة محرم وأتحمل وزرًا أم لا.


تصريح إحدى محاكم شئون الأسرة، لتقديم فتوى من دار الإفتاء المصرية، لبيان ما إذا كانت المدعية في إحدى القضايا ترث في زوجها المتوفى من عدمه؛ وذلك بناءً على ما نسبته النيابة العامة لها من قيامها بضرب زوجها ومورِّثها -عمدًا- وأفضى ذلك إلى موته؛ بأن طعنته بسلاح أبيض (سكين)، فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، ولم تقصد من ذلك قتله، ولكن الضرب أودى بحياته على النحو المبين بالتحقيقات، وهو ما بنت عليه المحكمة حكمها بمعاقبتها بالحبس سنة مع الشغل؟


ما حكم إجهاض في الشهر السادس بناء على تقرير طبي؟ فأنا حاملٌ في جنينٍ منذ ستة أشهر، وقد قرر الأطباء أن في استمرار الحمل خطرًا محقَّقًا على حياتي، وقد أرفقتُ بطلبي تقريرًا طبيًّا مبيِّنًا ذلك؛ فما حكم إجهاض الجنين في هذه الحالة؟


هل يجوز للشخص أن يتنازل عن حقه في الميراث قبل القسمة؟ وهل يتعارض التنازل عن الحق في الميراث مع كتاب الله تعالى في قوله: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: 229]؟ وهل يشترط لتنازل الشخص عن حقه أن يكون قد قَبَضَهُ وصار في مِلْكِه قبل التنازل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28