حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد

تاريخ الفتوى: 15 يوليو 2024 م
رقم الفتوى: 8413
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: أطعمة وأشربة
حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد

ما حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد؟ فنحن مجموعة من الشباب خرجنا معًا في رحلة، وجلسنا في استراحة الطريق لنتناول الغداء، فكنا نأكل في طبق واحد، ونتناوب زجاجة الماء نشرب منها جميعًا، فأَنِف أحدنا من هذا الفعل، وأنكر علينا إنكارًا شديدًا بحجة أنه قد تنتقل بسبب ذلك الأمراض، فرد عليه أحد الزملاء بأن ما نقوم به من التشارك في إناء الطعام والشراب سنة نبوية، فلا يجوز أن تنكر علينا ذلك، فما صحة هذا الكلام؟

التشارك في إناء الطعام أمر جائز شرعًا، بشرط ألَّا يؤدي ذلك إلى وقوع ضرر على صحة الإنسان، ويجوز لمن تعف نفسه عن أن يشاركه أحد في الإناء، أو لكونه يأخذ بالمعايير الصحية التي تحذر من انتقال العدوى بسبب ذلك في وقت انتشار الأمراض والأوبئة -أن يستقل بإناء خاص به، ويجلس مع باقي زملائه متى أمكنه ذلك، وبذلك يكون قد حصَّل ثواب الاجتماع على الطعام والشراب، وإن ترتب على التشارك ضرر صحي به أو بغيره ممن يشاركهم وجب الانفراد دفعًا ودرءًا للضرر.

المحتويات

 

النظافة إحدى أوجه الجمال المطلوبة شرعًا في كل الأمور

جاء الشرع الشريف ليرقى بسلوك الفرد والمجتمع إلى الجمال والكمال، فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» أخرجه مسلم.

قال الأَصْبَهَاني في "الترغيب والترهيب" (3/ 206، ط. دار الحديث) مشيرًا إلى أحد أوجه الجمال: [وقوله: «يُحِبُّ الْجَمَالَ» أي: النظافة] اهـ.

فإذا كانت النظافة التي هي إحدى أوجه الجمال مطلوبة شرعًا في المكان والأبدان والثياب، فإنها تكون في الطعام والشراب كذلك، فشأن المؤمنين أن يكون طعامهم طيبًا نظيفًا، يقول تعالى -في شأن أهل الكهف-: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ﴾ [الكهف: 19].

قال الإمام النَّسَفِي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (2/ 292، ط. دار الكلم الطيب): [﴿أَزْكَى﴾: أحل وأطيب..] اهـ.

حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد

التشارك في إناء الطعام أو الشراب أمر جائزٌ شرعًا، فقد مرَّ أبو هريرة رضي الله عنه على جمعٍ من أهل الصُّفَّة فسقاهم لبنًا من قدحٍ واحد بأمرٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل شرب نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم الفضلة آخرهم، كما في "صحيح البخاري".  

فقد تشارك النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام في نفس الإناء، مما يدل على مشروعية ذلك.

ضوابط  التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد

هذا الجواز مشروطٌ بوجوب مراعاة مشاعر المتشاركين في الإناء الواحد، فلا يجوز شرعًا أن يرتكب الشخص ما يتأذى منه الناس خلال الطعام والشراب، فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كُنْت غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فقال لِي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِك، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.

وأخرج أيضًا في "صحيحه" في كتاب: الأطعمة، باب: مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيِ القَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً- بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَرَأَيْتُهُ «يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ»، قال: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.

قال الإمام ابن حجر -عند شرحه للحديثين المذكورين- في "فتح الباري" (9/ 523-524، ط. دار المعرفة): [وقوله: «كُلْ مِمَّا يَلِيكَ»: محله ما إذا كان الطعام نوعًا واحدًا؛ لأن كل أحد كالحائز لما يليه من الطعام، فأخذ الغير له تعدٍّ عليه، مع ما فيه من تقذر النفس مما خاضت فيه الأيدي، ولما فيه من إظهار الحرص والنهم، وهو مع ذلك سوء أدب بغير فائدة، أما إذا اختلفت الأنواع فقد أباح ذلك العلماء... قوله: «إذا لم يعرف منه كراهية» ذكر فيه حديث أنس في تتبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدباء من الصحفة، وهذا ظاهره يعارض الذي قبله في الأمر بالأكل مما يليه، فجمع البخاري بينهما يحمل الجواز على ما إذا عَلِمَ رضا من يأكل معه] اهـ.

أما في حالة عياف النفس ذلك التشارك وعدم قبوله، فيجوز للإنسان حينئذٍ أن ينفرد بإناء خاص به، ويشارك الآخرين في الجلوس معهم وقت الطعام والشراب متى أمكن ذلك، فيأخذ بذلك أجر وثواب الاجتماع على الطعام والشراب دون أن يشاركه أحد في إنائه الخاص به، وقد يجب الانفراد حالة خوف انتقال العدوى من شخص مريض لآخر غير مريض بسبب ذلك التشارك، خاصة إذا أخبره الطبيب بذلك، فمما أمر به الشرع الشريف في الوقاية والحفاظ على صحة الإنسان ما أخرجه الإمام  مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ».

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 213- 214، ط. دار إحياء التراث العربي): [أما حديث: «لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقَدَره] اهـ.

ومن باب الحفاظ على صحة الإنسان وردت عدة نصوص تفيد الاحتراز من أي ممارسة في الطعام والشراب قد تؤدي إلى وقوع ضرر بصحة الإنسان، وذلك نحو التنفس في الإناء، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التشارك في إناء الطعام أمر جائز شرعًا، بشرط ألَّا يؤدي ذلك إلى وقوع ضرر على صحة الإنسان، ويجوز لمن تعف نفسه عن أن يشاركه أحد في الإناء، أو لكونه يأخذ بالمعايير الصحية التي تحذر من انتقال العدوى بسبب ذلك في وقت انتشار الأمراض والأوبئة -أن يستقل بإناء خاص به، ويجلس مع باقي زملائه متى أمكنه ذلك، وبذلك يكون قد حصَّل ثواب الاجتماع على الطعام والشراب، وإن ترتب على التشارك ضرر صحي به أو بغيره ممن يشاركهم وجب الانفراد دفعًا ودرءًا للضرر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إخراج زكاة الفطر مالًا؟ فقد سمعت في أحد البرامج أن زكاة الفطر يمكن أن تخرج مالًا، وكان معي صديقي فاعترض على ذلك وقال: إنها  لا بد أن تخرج حبوبًا كما جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل ما قاله صحيح؟ وهل أحد من الفقهاء أجاز إخراجها مالا؟ أو أن الفقهاء كلهم يرون عدم جواز إخراجها مالا؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.


سائل يقول: حدث نزاع بين الزوج ووالد الزوجة، وأراد والد الزوجة أخذ منقولات الزوجة بدعوى أنه وليّ مال عليها، والزوجة تعارض والدها؛ لأنها في وئام مع زوجها؛ فهل لوالدها الحقّ في أخذ هذه المنقولات؟


ما حكم اتباع التقويم الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في أوقات الصلوات؛ فنحن مجموعة من أئمة مركز ومدينة المحلة الكبرى؛ نحيط سيادتكم علمًا بأن القائمين على المساجد اعتادوا على أن يرفعوا الأذان بعد انتهاء الأذان في الإذاعة والدعاء بعده؛ نظرًا لأن النتائج لم يكن فيها غير توقيت القاهرة والإسكندرية، وظل الأمر على ذلك سنوات، ثم ظهرت النتائج تحمل توقيت مدن أخرى ومنها مدينتي طنطا والمحلة، فلم يلتفت الناس وساروا على عادتهم، ثم انتبه البعض فوجد أن النتائج جميعها ومنها النتيجة الخاصة بالهيئة العامة المصرية للمساحة قسم النتائج والتقويم على موقعها، أن توقيت أذان المحلة قبل توقيت أذان القاهرة مما أدى إلى اختلافٍ بين الأئمة؛ فمنهم من راعى اعتراض الناس فلم يُعِر ذلك اهتمامًا، أو خشي من رد الفعل فاستمر على ما كان عليه، ومنهم من وجد مُسوِّغًا للقول بأن أذان الصبح الآن قبل موعده الشرعي بثلث ساعة، ومنهم من رأى أن ذلك يؤدي إلى شبهة على الأقل في الصيام في رمضان؛ إذ إن التوقيت الذي ينبغي أن يُمسك فيه عن الطعام هو قبل أذان القاهرة، وهو في الواقع لا يمسك إلا بعده، أي بعد أذان الفجر بتوقيت محافظته وهي المحلة (وذلك في الدقائق التي قبل أذان القاهرة، والدقائق التي بقَدْر ما يسمع أذان الراديو والدعاءَ بعده)؛ حيث إن الناس لا يُمسكون إلا بسماع الآذان في الأحياء التي يعيشون فيها فحَمَل الناس على التوقيت الذي أخبر به أهلُ الذكر في المسألة.
وتعدد الآراء في هذا الأمر أحدث بلبلة وتعدُّدًا في وقت رفع الأذان في الحي الواحد.
وقد اتفق الجميع (الأئمة والأهالي) على أنه لو جاءهم منشور أو بيان او إفادة من الجهة المختصة فسيرتفع الخلاف بينهم؛ فنحن في انتظار إفادتكم لقطع الخلاف ومنع أسباب الفتنة خاصة وقد اقترب شهر رمضان أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات. والله المستعان وعليه التكلان.


زوجي كثير التحدث عن حقوق الزوج على زوجته، ويستخدمها في جعل الخطأ دائمًا لا يصدر إلا مني وأني دائمًا مقصرة في حقه، مما يسبب لي ضغوطًا نفسية كثيرة، فلا أعلم كيف أقوم بإرضائه. فما حكم هذا التصرف؟


تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: هناك بعض الناس يضعون أيديهم على قطعة من الأرض بأنفسهم دون إذنٍ من الحكومة، وقد يجعلون فيها حجارة أو شيئًا أخر، أو يحوِّطونها بحائط، أو شريطِ حديد، أو غيره؛ ليستدل الآخرون بذلك على أن هذا المكان مملوكٌ ملكيةً خاصة. ثم إن الحكومة عند توزيعها الأراضي توزعها على الخارطة وبالأرقام، فتخصص هذه القطعة من الأرض لغير مَن وضع يده عليها، وتسجلها باسمه، فيذهب إلى أرضه التي خصصتها له الحكومة فيجد فيها آثار التملك، فيسأل عنها ويجد أن فلانًا قد حجز هذه القطعة من الأرض لنفسه، وقد يكون من أقاربه، فما حكم هذه القطعة من الأرض؛ هل هي لواضع اليد، أو لمن خصَّصَتْها الحكومة له؟ وفي بعض الأحيان نجد أن شخصين يملكان أوراقًا؛ تثبت أوراق كل واحد منهما أنه صاحب الأرض. وهل توجد اليوم أرضٌ تُعتبَر مواتًا؟


ماذا ورد في السنة النبوية الشريفة من الحث على العمل والكسب الحلال والتحذير من سؤال الناس؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :43
الشروق
6 :19
الظهر
1 : 0
العصر
4:37
المغرب
7 : 42
العشاء
9 :6