 
                                ما حكم مخالفة الموكِّل في نوع الأُضْحِيَّة؟ فقد وكَّلتُ شخصًا بذبح شاة أضحية، فهل يجوز له أن يذبح بَدَلًا مِن ذلك سُبع بقرة؟
توكيل المسلم غيره في التضحية عنه بشاةٍ تعيينًا جائزٌ شرعًا، ولا يجوز للوكيل مخالفة الموكِّل فيما وَكَّله فيه بذبح سُبُع بقرة بَدَلًا مِن ذبح شاة، فإن فعل الوكيل غير ما عيَّنَه له الموكِّل فإن ما فعله متوقف على إذن الموكِّل فإن أَذِنَ الموكِّل نَفَذ الشراء وإلَّا فلا، أمَّا إذا وكَّله بالذَّبْح من غير تعيينٍ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراءً وذبحًا.
المحتويات
يجوز الاشتراك في الأُضْحِيَّة إذا كانت الذبيحة من الإبل أو البقر؛ لأنَّ السُّبُع الواحد منها يجزئ عن أُضْحِيَّة، فيمكن لسبعة أفراد مختلفين أن يتشاركوا في بدنة أو بقرة، ولا يجوز الاشتراك في الشاة والماعز؛ لأنَّ الواحدة منها لا تجزئ إلا عن أُضْحِيَّة واحدة، وقد نقل الإمام محيي الدين النووي إجماعَ العلماء على ذلك في "شرح صحيح مسلم" (9/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» رواه مسلم في "صحيحه".
قد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز الإنابة في ذَبْح الأضحية. كما في "بدائع الصنائع" للكاساني (5/ 79، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحَطَّاب (4/ 373، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (8/ 405، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبُهُوتي (3/ 8، ط. دار الكتب العلمية).
واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم نحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيده، ثم أعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ. رواه مسلم في "صحيحه".
يقول الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (2/ 107، ط. أوقاف المغرب) بعد أَن ذَكَر هذه المسألة، وأنَّ حكمها الجواز: [وهو أمرٌ لا خلاف بين العُلَماء في إجازَتِه] اهـ.
الوكيل في شراء وذبح الأضحية إن أطلق الموكِّل له، فلم يُبَيِّن نوعًا معيَّنًا للتضحية؛ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراء وذبحًا؛ لأنَّ المقصود بالأضحية رعاية مصلحة الفقراء والمساكين.
أَمَّا إذا عَيَّن الموكِّل للوكيل نوعًا ما من الأضاحي؛ كأن قال له: "اشتر لي شاة" فيلتزم الوكيل بما عيَّنَه له الموكِّل، وقد نقل الإمام الكاساني الحنفي الإجماعَ على وجوب مراعاة ما قيَّدَهُ الموكِّل؛ فقال في "بدائع الصنائع" (6/ 29، ط. دار الكتب العلمية): [الوكيل بالشراء فالتوكيل بالشراء لا يخلو إمَّا أن كان مطلقًا أو كان مُقيَّدًا، فإن كان مُقيَّدًا يراعى فيه القيد إجماعًا] اهـ.
وقد اختلف الفقهاء في مخالفة الوكيل للموكِّل فيما عيَّنَه له، وهذا تخريجًا على خلافهم في مخالفته أي: الموكِّل- في جنس السلعة في الشراء.
فيرى الحنفية: أنَّ الشراء في هذه الحالة لا يلزم الموكِّل، وإنما هو للوكيل خاصة، وهو مذهب الشافعية وأصح الروايتين عند الحنابلة إن اشترى الموكِّل من ماله.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 29): [الأصل أنَّ الوكيل بالشراء إذا خالف يكون مشتريًا لنفسه] اهـ. وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (4/ 324، ط. المكتب الإسلامي) عند كلامه على حكم البيع والشراء المخالفَيْن أمرَ الموكِّل: [أَمَّا البيع، فإذا قال: بع هذا العبد، فباع آخر، فباطل. وأما الشراء، فإن وقع بعين مال الموكل، فباطل] اهـ.
وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (5 /93، ط. مكتبة القاهرة) عند الكلام على حكم مَن وُكِّل في شراء شيء فاشترى غيره: [وجملته أنَّ الوكيل في الشراء إذا خالف موكله، فاشترى غير ما وُكِّل في شرائه، مثل أن يوكله في شراء عبد فيشتري جارية، لم يخل من أن يكون اشتراه في ذمته أو بعين المال... فأَمَّا إن اشترى بعين المال، مثل أن يقول: بعني الجارية بهذه الدنانير، أو باع مال غيره بغير إذنه، فالصحيح في المذهب أَنَّ البيع باطل] اهـ.
ويرى المالكية والحنابلة في رواية: أنَّ الشراء في هذه الحالة يتوقف على إذن الموكِّل، فإن أجازه نفذ، وإلَّا بطل.
قال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 384، ط. دار الفكر): [(أو) خالف الوكيل (في بيع) بأن باع بأنقص مما سمى له أو من ثمن المثل إذا لم يُسَم، أو بفلوس، أو عروض وليس الشأن ذلك (فيُخيَّر مُوكِّلُه) في الرد والإمضاء] اهـ.
وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (4/ 154): [والوكيل إذا خالف فهو ضامن، إلَّا أن يرضى الآمر، فيلزمه... وإن اشترى بعين مال الآمر أو باع بغير إذنه، أو اشترى لغير مُوكله شيئًا بعين ماله، أو باع ماله بغير إذنه، ففيه روايتان... والثانية: البيع والشراء صحيحان، ويقف على إجازة المالك، فإن أجازه نفذ، ولزم البيع] اهـ.
الذي نختاره للفتوى في هذه المسألة: أنه يجب على الوكيل الالتزام بما وُكِّل فيه من شراء وذبح الأضحية المعينة، ولا يجوز له البدل بغيره، أو التَّعدِّي في غير ما وُكِّل فيه؛ لأنَّه لا يجوز مخالفة الوكيل للموكِّل فيما وَكَّله فيه، فإن تعدَّى الموكِّل وخالف، فإن أمضاه الوكيل في شرائه فلا بأس، وإلَّا فإن الشراء لا يَنْفُذ على الموكِّل في هذه الحالة، وذلك لأنَّ تعيين الموكِّل في نوع الأضحية هو مقصدٌ مراعى لا ينبغي إهداره تغييرًا أو تَعدِّيًا.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما فَعَلْتَه من توكيل غيركَ في التضحية عنك بشاةٍ تعيينًا جائزٌ شرعًا، ولا يجوز للوكيل مخالفة الموكِّل فيما وَكَّله فيه بذبح سُبُع بقرة بَدَلًا مِن ذبح شاة، فإن فعل الوكيل غير ما عيَّنَه له الموكِّل فإن ما فعله متوقف على إذن الموكِّل فإن أَذِنَ الموكِّل نَفَذ الشراء وإلَّا فلا، أمَّا إذا وكَّلتَه بالذَّبْح من غير تعيينٍ فيجوز للموكِّل حينئذٍ أن يتخيَّر الأصلح للفقراء شراءً وذبحًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الحكم الشرعي في اشتراك شخصين في شراء عجل جاموس للتضحية به في عيد الأضحى؛ كل شخص عن أسرته؟
ما حكم الاستبدال في لحوم الأضاحي؟ فنحن نحيط سيادتكم علمًا بأننا جهة خيرية تقوم بتنفيذ مشروع الأضاحي للاستفادة من لحوم الصدقات والأضاحي، ومنذ تأسيس المشروع لا نخطو خطوة إلا بعد الرجوع إلى دار الإفتاء المصرية. وحيث إننا حصلنا على فتوى باستبدال اللحوم (في المطلق) لزيادة الكمية الموزعة على المسلمين فإننا نسأل سيادتكم استكمالًا لهذه الفتوى: هل يجوز أخذ الجزء المستبدل (الكمية الزائدة) قبل العيد لتوزيعها صدقات لإدخال الفرحة على المسلمين لحين وصول كمية لحوم الأضاحي بعدها بشهرين؟ وهل يمكن استبدال جميع الكمية بعد ذبحها أضاحي ونأخذ بدلًا منها لحومًا مذبوحةً صدقات لتصنيعها معلبات؟ حيث إننا نتعاقد مع المجازر ونقوم بإدارة المشروع كاملًا ونحن نعين الجزارين، ونتفق مع المجزر بأن يأخذ الأجزاء الخلفية المرتفعة الثمن ويعطينا بدلًا منها لحومًا أمامية أكثر.
ولو فرضنا أن العجل يعطي 150 كيلو من اللحم الأمامي والخلفي فإننا نأخذ كمية زائدة تصل إلى 50 كيلو لكل عجل، ويصبح إجمالي كمية اللحوم المأخوذة من العجل 200 كيلو بدلًا من 150 كيلو، وللعلم نذبح هذه العجول والخراف جميعها في أوقات التشريق كأضاحٍ، أما كمية الزيادة المستبدلة فتذبح قبل أو بعد أيام التشريق كصدقات.
وقد تبين من خلال المسؤولين عن جهتنا الخيرية أنهم يدفعون ثمن الأضاحي قبل مدةٍ مِن ذبحها وقبل أخذ الأموال من المُضَحِّين، ويتفقون مع المجازر على أخذ الجزء الزائد ابتداءً قبل العيد، ثم يأخذون الباقي بعد العيد.
ما حكم ذبح الدجاج آليا وذكر التسمية والتكبير مرة واحدة؟ فأنا صاحب مذبح آلي لذبح الدجاج، يتم الذبح آليًّا دون أيدٍ بشرية، وأريد معرفة حكم الشرع في طريقة هذا الذبح، علمًا بأن الذي يقوم بتشغيل الماكينة يقول: «بسم الله، الله أكبر»، مرة واحدة. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.
سأل شخص في قيِّمة وكَّلت عنها في إدارة شؤونها شخصًا آخر، ثم آجرت بنفسها أطيان محجورها البالغ قدرها ثلاثين فدانًا بسعر 1350 ألف وثلاثمائة وخمسين قرشًا صاغًا، وعشرين فدانًا بسعر 650 ستمائة وخمسين قرشًا صاغًا لمدة سنة بعقد تاريخه 29 أغسطس سنة 1921م، ثم جاء وكيلها، فأجَّر لآخر نفس هذه الأطيان القدر الأول بسعر الفدان 1300 ألف وثلاثمائة قرش صاغ، والقدر الثاني بسعر 550 خمسمائة وخمسين قرشًا صاغًا لمدة سنتين من تاريخه بعد الأول الصادر من القَيِّمة. فهل يكون العقد الأول الصادر من القيِّمة الموكِّلة صحيحًا شرعًا، أم العقد الصادر بعده من وكيلها؟ أفتونا ولكم الثواب.
سائل يقول: رجلٌ وكَّل صديقًا له في دولة أخرى ليعقد قرانه على امرأة بعينها، فعقد قرانه على امرأة خلافها. فهل هذا العقد صحيح؟
كنت أعمل في دولة الكويت، ولي شقيقة تملك مشغل خياطة في الكويت أيضًا، وعند نزولي في إجازة عام 1989م أعطتني أختي مبلغًا من الدولارات لأقوم بتوصيله إلى صاحب عمارة تمتلك فيها شقة، وهذا المبلغ قسط لهذه الشقة، وحضر إليَّ ابن أختي الثانية للسلام عليَّ فعرضت عليه المبلغ ليقوم بتغييره من شخص يعرفه بالبلدة ونتعامل معه، ونَبَّهتُ عليه أن يأخذ باله من الفلوس خوفًا عليها من الضياع، وعاد من البلد دون أن يغير المبلغ، ولم يحضر طرفي مباشرة وأبقى معه المبلغ لمدة يومين، وعلم والده بذلك فنهره وطلب منه أن يرد المبلغ إليَّ، وأثناء عودته ضاع منه المبلغ، فقمت بسداده إلى صاحب العمارة بعد استدانة هذا المبلغ، وعند عودتي إلى الكويت أخبرت شقيقتي بما حدث، ولم تعطني أي شيء من المال، ولم أطالب ابن أختي الذي أضاع المال بشيء؛ لأنه في وقتها لم يكن يملك شيئًا، وتغيرت الأحوال وسافر ابن أختي إلى الخليج وأصبح يملك مالًا، وأنا الآن في حاجة ماسة إلى هذا المبلغ.
ويطلب السائل رأي الدين في ذلك، وهل من حقِّه أن يُطالب صاحبة المبلغ الأصلي؟ أم يطالب الشخص الذي أضاع المال؟ أم يتحمله هو؟ أم يتحمله الجميع؟