ما حكم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة؟ فهناك رجلٌ حجَّ العام الماضي، وبَاتَ بالمزدلفة، ثم غادَرَها إلى مكة مباشرةً، وطاف طوافَ الإفاضة قبل أن يرمي جمرة العقبة، فهل تقديمُه الطوافَ على الرمي جائزٌ شرعًا؟ وهل يجب عليه شيءٌ؟
أداءُ الحاجّ طوافَ الإفاضةِ قبل رمي جمرة العقبة أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا حرج عليه في ذلك ولا فدية.
المحتويات
مِن المقرر شرعًا أن أعمالَ الحج بعد الوقوف بعرفة للحاج المتمتع والقارن أربعةُ أشياء، وهي على الترتيب المَسْنُون: رَمْيُ جمرة العقبة، ثم نحر الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم طواف الإفاضة، والحاجُّ المُفْرِدُ مِثلُهما إلا أنه لا هدي عليه، وقد اتفق جماهير الفقهاء على أنَّ مخالفةَ هذا الترتيب بأداءِ أيِّ واحدٍ مِن هذه الأربعة قَبل الآخَر لا يُفسِد الحجَّ بحالٍ؛ كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامة (3/ 395-396، ط. مكتبة القاهرة)، و"المجموع" للإمام النووي (8/ 207، ط. دار الفكر).
أما بخصوص تقديم طواف الإفاضة على رمي جمرة العقبة -كما هي مسألتنا-، فالمختار للفتوى: أنَّ مَن قَدَّم طواف الإفاضة على رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر (العاشر مِن شَهْر ذي الحجة)، فإنَّ حجه صحيحٌ شرعًا، ولا يجب عليه في هذه الحالة دمٌ؛ إذ قد وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع أنه ما سُئل عن شيءٍ قُدِّمَ أو أُخِّرَ إلا أجازه مِن غير حرج.
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقَف في حجة الوداع بمنًى للناس يسألونه، فجاءه رجلٌ، فقال: لم أَشْعُرْ فحلقتُ قبل أن أذبح. فقال: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ»، فجاء آخَر فقال: لم أَشْعُرْ فنحرتُ قبل أن أرمي. قال: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، فما سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن شيءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قال: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» متفق عليه.
وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: وأتاه آخَر، فقال: إني أفضتُ إلى البيت قبل أن أرمي. قال: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، قال: فما رأيته سُئِلَ يومئذٍ عن شيءٍ إلا قال: «افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وفي رواية: "إني أَفَضْتُ قبل أن أرمي. قال: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ» أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، والدارقطني في "السنن".
هو مذهب جمهور الفقهاء مِن الحنفية -وإن كَرِهُوا أن يَفعلَ الحاجُّ ذلك ابتِدَاءً؛ لتَرْكِهِ السُّنَّةَ في مراعاة الترتيب السابق ذِكرُه-، والشافعية، والحنابلة، وهو قول مجاهد، وطاوس، وإسحاق، وابن حزم.
قال المُلَّا علي القارِي الحنفي في "المَسْلَك المُتَقَسِّط" (ص: 184، ط. دار الترقي الماجدية): [(ولو طاف) أي: المُفْرِدُ وغيرُه (قبل الرمي والحَلْق لا شيء عليه، ويُكْرَه) أي: لِتَرْكِهِ السُّنَّة، وهي الترتيب بين الثلاثة] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين الحَصْكَفِي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 167، ط. دار الكتب العلمية): [يجب في يوم النحر أربعةُ أشياء: الرمي، ثم الذبح لغير المفرد، ثم الحَلْق، ثم الطواف، لكن لا شيء على مَن طاف قبل الرمي والحلق، نعم يُكْرَه "لباب"] اهـ.
وقال إمام الحرمين الجُوَيْنِي الشافعي في "نهاية المطلب" (4/ 331، ط. دار المنهاج): [لو أراد تقديمَ طواف الإفاضة على رمي جمرة العقبة فلا بأس عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 207): [الأفعال المشروعة يوم النحر بعد وصوله منًى أربعةٌ، وهي: جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، والسُّنَّة ترتيبها هكذا، فإنْ خالَف ترتيبَها نظر: إنْ قَدَّم الطوافَ على الجميع.. جاز بلا خلاف... وإنْ طاف ثم حَلَق ثم رمى جاز بلا خلاف] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 396): [فإن قَدَّم الإفاضة على الرمي أجزأه طوافُه] اهـ.
وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 587، ط. عالم الكتب): [(أو قَدَّم الحَلْق على الرمي، أو قَدَّم الحَلْق على النحر، أو نَحَر) قبل رميه (أو طاف) للإفاضة (قَبل رَمْيِهِ) جمرةَ العقبةِ فلا شيء عليه] اهـ.
وقال الإمام ابن حَزْم في "المحلى" (5/ 191، ط. دار الفكر): [وجائزٌ في رمي الجمرة، والحَلْق، والنحر، والذبح، وطواف الإفاضة، والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، أنْ تُقَدِّمَ أَيَّهَا شِئتَ على أيِّهَا شِئتَ، لا حرج في شيءٍ مِن ذلك] اهـ.
وقال الإمام البَغَوِي في "شرح السنة" (7/ 213، ط. المكتب الإسلامي): [ترتيب أعمال يوم النحر سُنَّةٌ، وهو أن يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق، ثم يطوف، فلو قَدَّم منها نُسُكًا على نُسُكٍ لا شيء عليه عند أكثر أهل العلم، وإليه ذهب مجاهد، وطاوس] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنه لا مانع شرعًا مِن التوجه من المزدلفة بعد المبيت بها إلى مكة مباشرةً وأداء طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة بمنًى، ولا يجب على مَن فَعَل ذلك دمٌ.
وفي واقعة السؤال: أداءُ الرجلِ المذكورِ طوافَ الإفاضةِ قبل رمي جمرة العقبة أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا حرج عليه في ذلك ولا فدية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الذهاب للعمرة لمن لا تجد مَن يعتني بأطفالها؟ حيث أرغب في الذهاب للعمرة وعندي القدرة المالية لكن لا أجد مَن يعتني بأطفالي في وقت سفري؛ خاصة أن أحدهم ما زال في مدة الرضاع، ويصعب عليَّ اصطحابهم معي لصغر أعمارهم، فهل عليَّ إثم إن تخلفتُ عن العمرة في هذا العام، وهل الأفضل لي السفر أو البقاء لرعاية أولادي؟
ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟
ما المقصود من عبارة (حاضري المسجد الحرام)؟ حيث أعيش في مكة المكرمة، وسافرتُ إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بداية شهر ذي القعدة، ثم رجعتُ فأحرمتُ من آبار عليٍّ بالعمرة، علمًا بأني قد نويتُ أن أحج هذا العام، فهل ينطبق عليَّ وصف حاضري المسجد الحرام الوارد في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُن أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ﴾؟
ما حكم نيابة المرأة في الحج عن أخيها المريض؟ فهناك رجلٌ عنده مالٌ يكفي للحج، لكنه مريضٌ عاجزٌ، وليس لديه قدرةٌ جسديةٌ على تَحَمُّل السفر ومشقته ومجهود الحج. فهل يجوز أن يستنيب أخته في الحج بدلًا عنه؟
ما حكم العمرة؟ وهل أكون آثمًا إذا لم أفعلها رغم الاستطاعة؟
ما حكم من وصل إلى مزدلفة بعد شروق الشمس؟ فقد وفقني الله تعالى لأداء فريضة الحج هذا العام، ولكنني خرجت من عرفة بعد المغرب، وبسبب شدة الزحام، لم أستطع الوصول إلى مزدلفة إلا بعد شروق الشمس؛ فما الحكم؟