حكم السجائر الإلكترونية

تاريخ الفتوى: 05 فبراير 2019 م
رقم الفتوى: 4730
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم السجائر الإلكترونية

ما حكم استخدام السجائر الإلكترونية للتخلُّص من التَّدخين؟

التَّدخين حرام شرعًا لما ثبت من ضرره، وعلى ذلك فالحكم الشرعي في السجائر الإلكترونية يرجع إلى مدى الضرر الحاصل منها أو عدمه؛ فإن كان الضرر الناتج عنها أزيدَ من ضرر السجائر العادية أو مساويًا لها فهي ممنوعةٌ شرعًا، وإن كان ضررها أخف وقُصِد بها العلاج فيجوز استعمالها لمن يستعين بها للإقلاع عن التَّدخين بمشورة المختصين من الأطباء وأهل الخبرة؛ إذ من المقرَّر شَرعًا أن "مَن ابتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ يَخْتَارُ أَهْوَنَهُمَا".

المحتويات

 

أضرار التدخين

جاءت الشريعة الإسلامية لجلْب المصالحِ ودرء المفاسد؛ قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (1/ 11، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [والشريعة كلها مصالح إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح؛ فإذا سمعت الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فتأمَّل وصيته بعد ندائه، فلا تجد إلا خيرًا يحثُّك عليه، أو شرًّا يزجرك عنه، أو جمعًا بين الحث والزجر، وقد أبان في كتابه ما في بعض الأحكام من المفاسدِ حثًّا على اجتناب المفاسد، وما في بعض الأحكام من المصالح حثًّا على إتيان المصالح] اهـ.

ومن المفاسدِ ما يضرُّ بِصحةِ الإنسانِ مثل السجائر التي أفتت دارُ الإفتاء المصرية بمنع شربها؛ بناءً على كلام الأطباء في ذلك.
كما أنَّ في الإقلاعِ عن التَّدخين مصلحةً للإنسان هي: حفْظ نفسه وصيانتها عن الهلاك، وهذا مَقْصدٌ من مقاصدِ الشرع الشريف؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
ومن المؤكد أنَّ التَّدخينَ تهلكة يُلقي الإنسانُ بنفسه فيها؛ لأنه من أهم العواملِ المسببة لكثيرٍ من الأمراض، ومن ذلك: سرطان الرئة، والالتهابات الشعبية، وانتفاخ الرئة، وقصور الدورة الدموية للقلب، وانسداد الأوعية الدموية في الأطراف، وسرطان اللسان والحنجرة والبلعوم والبنكرياس والمثانة، كما يتسبَّب في الإجهاض وموت الأجنَّة، والوفاة المبكرة، وقرحة المعدة والإثني عشري، وقد أكَّدت الاختبارات والتجارب العلمية وجودَ موادَّ سرطانيةٍ في القطران الناتج عن دخان السجائر.. إلى آخر الأضرار التي وردت في تقرير لجنة خبراء منظمة الصحَّة العالمية عن التدخين وآثاره في المؤتمر المنعقد بجنيف في ديسمبر عام 1974م.

حكم السجائر الإلكترونية 

أما السجائرُ الإلكترونيةُ فإنها تأتي بأشكالٍ متعددة، ولكنَّ مؤدَّاها واحد، وتكون في الغالب شبيهةً بالسجائر العادية، ولكنها تعملُ بالبطارية ويتم شحنها بالكهرباء، ومن بين هذه الأنواع يوجد نوع يوضع به كحول، ولا شكَّ في منع هذا النوع؛ لما يحتوي عليه من الكحول.

والأصلُ فيها أنها جاءت للعلاج، وعلى هذا فلا شكَّ أنَّ الضَّرر الناتجَ من هذا النوع من السجائر إن كان ضررُه أزيدَ من السجائر العادية فهو ممنوع بالأولى، وإن كان مساويًا لها في الضرر فله حكمه، أما إن كان الضررُ أخفَّ منهما فهو جَائزٌ بشرط المتابعة مع الأطباء المختصين.

فما كان منها لا يشتملُ على مُحرَّم ويوصي به الأطباء فهو جَائزٌ شرعًا، وما اشتمل منها على محرَّم يدخل تحت قاعدة: "وجوب ارتكاب أخف الضررين للحاجة".

فإنَّ التَّدخين ممنوع شرعًا لما يترتب عليه من إضرار بالنفس والمال والغير كما في التدخين السلبي، والقاعدة تقضي بأن الضرر يزال، إلا أن الضرر ليس على درجةٍ واحدةٍ، وإنما يتفاوت في ذاته وآثاره؛ فأثر الضرر في تناول السجائر العادية التي تحتوي على التبغ والنيكوتين والكحول أشدُّ وأخطرُ منه في الإلكترونية؛ فقد جاء في تقرير منظمة الصحَّة العالمية عن نظم إيصال النيكوتين إلكترونيًّا الموجه إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية منظمـة الصحَّة العالمية الإطاريــة بشأن مكافحة التبغ في دَورته السادسة المنعقدة في موسكو عام ٢٠١٤م: أنَّ مدى حجم الجسيمات المولدة باستخدام النظم الإلكترونية يماثل مدى حجم الجسيمات التي تولدها السجائر التقليدية، بوجود معظم الجسيمات في المدى الفائق الدقة مقارنةً بالحجم الأكبر الموجود فـي دخان السجائر، غير أنَّ مستوى الجسيمات التي تولدها النظم الإلكترونية هو أدنى من المستوى الذي تولده السجائر التقليدية، وأن هناك احتمالًا كبيرًا أن استخدام النظم الإلكترونية يؤدي إلى التعرُّض للمواد السُّمِّيَّة بمستوياتٍ أدنى مما هي عليه باستخدام المنتجات القابلة للاحتراق، وأنَّ مسـتوى المـواد السُّـِّمَّية ومـادة النيكوتين والجسيمات المنبعثة من نظام إلكتروني أدنى من مستوى انبعاثاتها من السيجارة التقليدية، وأنَّ هناك تقاريرَ سردية تشيرُ إلى إقلاع نسبة غير محددة من مستخدمي النظم الإلكترونية عـن التَّدخين باسـتخدام هذه المنتجات، غير أنَّ فعالية هذه المنتجات لم تُقيَّم تقييمًا منهجيًّا حتـى الآن، فهناك عددٌ قليلٌ فقط من الدراسات التي بحثت مدى فعالية استخدام النظم الإلكترونية كطريقة للإقلاع عن تدخين التبغ.

ومن المقرَّر شرعًا أنَّ الضرر ليس على درجةٍ واحدةٍ؛ وإنما يتفاوت في ذاته، وفي آثاره، فأثر الضرر في تناول السجائر العادية أشدُّ وأخطرُ منه في الإلكترونية، والضرر يجب رفعه؛ لقاعدة: "الضرر يزال"، وقاعدة: "لا ضرر ولا ضرار".
ولكن إذا لم يمكن إزالة الضرر نهائيًّا، وكان بعضه أشدَّ من بعض، ولا بدَّ من ارتكاب أحدهما، فتأتي هذه القاعدة: "الضرر الأشد يرفع بارتكاب الضرر الأخف"؛ قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "الأَشْبَاه وَالنَّظَائِر" (1/ 76، ط. دار الكتب العلمية): [من ابْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ وهما متساويتان؛ يأخذ بِأَيَّتِهِمَا شاء، وإن اختلفا يختار أهونهما؛ لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة] اهـ.

وعليه: فإن الشارع الحكيم أباح رفْع الضرر الأشد بارتكاب الضرر الأخف، وهو ما تقرَّر لدى الفقهاء؛ حيث نصوا على أنَّ ارتكابَ أخف الضررين واجب للحاجة، وعلى هذا فمن لا يستطيع التخلُّص من التَّدخين له أن يستبدلَ السجائر العادية بالسجائر الإلكترونية؛ لما في ذلك من حفْظ النفس وصيانتها عن الهلاك، بحيث يستغني عن سجائر التبغ والنيكوتين.

حكم التداوي بالمحرم للضرورة

قد أجاز فقهاء الحنفية والشافعية التداوي بالمحرم للضرورة، بشرط إخبار الطبيب الثقة أن فيه شفاءً؛ قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ومعه حاشية الشِّلْبِيِّ" (6/ 33، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [يجوز التداوي بالمحرم كالخمر والبول إذا أخبره طبيب مسلم أن فيه شفاءً، ولم يجد غيره من المباح ما يقوم مقامه، والحرمة ترتفع للضرورة] اهـ.
وقال الإمام أبو الحسن الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (15/ 117، ط. دار الكتب العلمية): [يحلُّ له أن يأكلَ من لحوم الميتة للتداوي إذا لم يكن له دواء سواه، ومنعه بعض أصحابنا من التداوي بالمحرمات؛ احتجاجًا بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَا جَعَلَ اللهُ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ»، وهذا القائل مخطئٌ بعد حديث العرنيين من وجهين:
أحدهما: أن التداوي حال الضَّرُورَةِ؛ فصار بها مُضْطَرًّا إلى أكل الميتة.
والثاني: أن أكل السُّم حرام والتداوي به متداول، وقيل: إن السَّقَمُونِيَا سُمٌّ قاتل، ولهذا من استكثر منه في الدواء قتله، ثم يجوز التداوي به، كذلك كل حرام. فأما الخبر فمعناه أن ما فيه شفاؤكم مما حرم عليكم] اهـ.
فيقاس على ذلك استخدام السجائر الإلكترونية بدلًا من العادية كوسيلة للتخلُّص من التَّدخين نهائيًّا.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن كان الضرر الناتج عن السجائرِ الإلكترونية أزيدَ من ضرر السجائر العادية فهي ممنوعةٌ بالأولى، وإن كانت مساويةً لها في الضرر فلها نفس حكمها وهو المنع، وأما إن كانت أخفَّ منها في الضرر فيجوز استعمالها لمن يستعين بها للإقلاع عن التَّدخين بشرط المتابعة مع مختص من الأطباء وأهل الخبرة؛ إذ من المقرَّر شَرعًا أن من ابتلي ببليتين يختار أهونهما.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نرجو التكرم بإفادتنا عن وجود أي مانع ديني أو أخلاقي في استخدام مادتَي: (UBM (urinary bladder matrix أو (SIS (small intestine submucosa وهما عبارة عن ألياف من النسيج الضام بعد نزع الخلايا منها من مصدر حيوان الخنزير على حيوانات التجارب "الأرنب" حتى يتسنى لنا دراسة تأثير هذه المواد من ناحية تجديد الأنسجة الحَيَّة، علمًا بأن هذه التجارب تُجرى كخطوة أولى لاستخدام مثل هذه المواد من مصدر حيواني آخر غير "الخنزير" لعلاج الإنسان بدلًا من مصدر الخنزير المتاح حاليًّا في الأسواق الأمريكية.


ما حكم قيام الصيدلي بترخيص صيدلية لشخص غير صيدلي؟ علمًا بأنَّ قانون مزاولة مهنة الصيدلة يمنع ذلك.


ما حكم وضع مريض القلب حبة تحت اللسان في نهار رمضان لعلاج الذبحة الصدرية؟ فأنا أعاني من ذبحة صدرية وأحيانًا -حالَ الصيام- تأتيني النوبةُ، فأحتاج إلى وضع حبة دواء تحت اللسان من أجل عودة الأمور إلى طبيعتها؛ فهل يفسد ذلك الصوم؟


ما حكم إزالة غشاء البكارة لإجراء عملية جراحية؟ فطالبة بإحدى الجامعات بأمريكا وتبلغ من العمر ثلاثين عامًا ولم يسبق لها الزواج، دخلت إحدى المستشفيات للعلاج من ورم في رجلها اليمنى، وعند الكشف عليها وجد الأطباء أن لديها أورامًا غير معروفة داخل الرحم، الأمر الذي يتطلب إدخال آلة لأخذ عينات من هذه الأورام وتحليلها، وهذا يعني إجراء فحص داخلي مما يتسبب عنه إزالة غشاء البكارة، ولما امتنعت عن إتمام هذا الإجراء أخرجوها من المستشفى على أن تعود إليها في أقرب وقت لإجراء هذه الفحوص قبل أن يستفحل الأمر، وأشاروا عليها بإحضار أحد الأطباء المسلمين ليقف على أن هذا الفحص لازم للعلاج، ثم انتهت إلى السؤال عن: هل إجراء مثل هذه العملية من الناحية الدينية جائز أو يعتبر زنًا؟ وإذا جاز لها إجراء تلك العملية، فما هي الخطوات التي تتبعها ليعرف الأهل ما حدث؟


ما حكم الصيام لمن يعاني من متلازمة داون؟ حيث يوجد رجلٌ له ابنٌ يبلغ مِن العُمر ستة وعشرين عامًا، ويعاني مِن "متلازمة داون" منذ الولادة، ويسأل: هل يجب على هذا الابن صوم رمضان؟ عِلمًا بأنه لا يُدرِك ما عبادة الصوم؟ ويظن أني أُعاقبه بمنعه مِن الطعام والشراب إذا أجبرتُه على الصوم.


ما حكم اختراع آلات تساعد على الانتحار؟ حيث يقول السائل: سمعنا في وسائل الإعلام المختلفة عن اختراع آلة تُسمَّى«Sarco»  تساعد -كما يقول مخترعها- على سَلْب حياة الأشخاص الذين يريدون إنهاء حياتهم بدون ألمٍ، وفي غضون دقائق.

فما الحكم الشرعي لمثل هذه الابتكارات العلمية؟ وهل يجوز إقدام الإنسان على استعمال مثل هذه الابتكارات؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 26 يونيو 2025 م
الفجر
4 :9
الشروق
5 :55
الظهر
12 : 58
العصر
4:33
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :34