حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5221
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة

ما حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة؟ فنظرًا لكثرة الوفيات بسبب فيروس كورونا الوبائي، وتزاحم أعداد الوفيات داخل المستشفيات وامتلاء ثلاجات الموتى في بعض الدول، مع الخوف من انتشار العدوى إلى الأحياء. فهل يجوز في هذه الحالة التخلص من جثث المتوفين بهذا الفيروس بالحرق أو الإذابة؛ خوفًا من انتقال عدوى كورونا من المتوفي للأصحاء؟

لا يجوز شرعًا التخلص من جثث المتوفين بفيروس كورونا بالحرق أو الإذابة خوفًا من انتقال العدوى للأصحاء؛ لِما فيه من إيذاء الميت وإهانته؛ لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته، وحرمته بعد موته باقية، ولِما تقرر أن جثة المتوفى بالفيروس لا يُسمح بالتعامل معها إلا للخبراء المتدربين في مجال الأوبئة، مستخدمين معدات الحماية ووسائل الوقاية، وقد احتال الخبراء لذلك بوضع الجثث بعد تغسيلها في أكياس طبية واقية، ثُم وضعها بعد ذلك في تابوت مُعَدٍّ لذلك، ولِما تقرر طبيًّا أن الفيروس لا ينتشر ويتكاثر إلا في الخلايا الحية، عن طريق التنفس والرذاذ والتلامس ونحو ذلك، وهذا كله لا يتصور حصوله من الشخص المتوفى بهذا الفيروس.

المحتويات

 

حكم دفن الميت ومواراته بالتراب

كرَّم الله تعالى الإنسان وفضله على سائر المخلوقات؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء:70]، ومن مظاهر هذا التكريم أنْ شرَع اللهُ تعالى دَفنَ الميت ومُوارَاة بَدَنِهِ؛ إكرامًا للإنسان وصيانة لحرمته وحفظًا لأمانته؛ حتَّى تُمنَع رائحتُه وتُصانَ جُثَّتُه، وحتى لا تنهشه السباع أو الجوارح؛ قال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55]، وقال سبحانه في مَعرِض الِامتِنان: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۞ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: 21].
قال الإمام الماتريدي في تفسيره "تأويلات أهل السنة" (7/ 287، ط. دار الكتب العلمية): [﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ إذا مـتُّمْ، أي: تُقبَرون فيها؛ فيخرج مخرج الامتنان علينا، وذلك لنا خاصة دون غيرنا من الحيوان؛ لئلا نتأذى بهم] اهـ.

وقد أجمع العلماء سلفًا وخلفًا على وجوب دفن الميت ومواراته بالتراب وجوبًا كفائيًّا؛ إذا قام به بعض الناس سقط الإثم عن باقيهم، ولا يسعهم تركه بلا دفنٍ، وإلَّا أثِموا جميعًا:
قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 44، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن دفن الميت لازم واجب على الناس، لا يسعهم تركُه عند الإمكان] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 539، ط. دار إحياء التراث العربي): [حَمْله ودفْنه فرضُ كفايةٍ، إجماعًا] اهـ.
والتخلص من جثة المتوفى تكون بالدفن في باطن الأرض، وقد عظَّم الشرع الشريف أجر من حفر لأخيه قبرًا يواري بدنه، وجعله كأجر مسكنٍ أسكنه فيه إلى يوم القيامة؛ فعن أبي رافع أسلم رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَفَرَ لِمَيِّتٍ قَبْرًا فَأَجَنَّهُ فِيهِ أُجْرِيَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أُسْكِنَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير" بإسناد رجالُه رجال الصحيح؛ كما قال الحافظ الدمياطي في "المتجر الرابح"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الإمام الذهبي.

حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة

أما التخلص من جثة المتوفى عن طريق حرقها أو إذابتها: فإن ذلك ينافي تكريم الإنسان، ويسلبه خصوصيته التي منحها الله تعالى له دون باقي المخلوقات؛ بل هو إيذاء للميت وانتهاك لحُرمته، وقد تقرر أن حرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا؛ وقد روى أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا»؛ أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وعبد الرزاق في "المصنف"، وأبو داود وابن ماجه في "سننهما".
قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (13/ 144، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [هذا كلام عام يراد به الخصوص؛ لإجماعهم على أنَّ كسر عظم الميت لا دية فيه ولا قَوَد، فعلمنا أن المعنى ككسره حيًّا في الإثم، لا في القَوَد ولا الدية؛ لإجماع العلماء على ما ذكرت لك] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 113، ط. دار المعرفة): [ويستفاد منه: أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "التنوير شرح الجامع الصغير" (8/ 136، ط. دار السلام): [(كسر عظم الميت) وكذلك جرحه وضربه ونحوهما] اهـ.
ولا يجوز الاحتجاج بخطر عدوى كورونا ونقل الفيروس إلى الأصحاء؛ لعدة أسباب:
أولها: أن جثث المتوفين بسبب الأوبئة لا يصرح بالتعامل معها إلا للخبراء المتدربين في مجال الأوبئة، مستخدمين معدات الحماية الشخصية، وقاية لهم من العدوى.
ثانيها: اتخذ الخبراء عدة وسائل احترازية للتعامل مع هذه الجثث؛ حيث يضعون الجثث بعد تغسيلها في أكياس طبية واقية معدة لها، ثُم يضعونها بعد ذلك في تابوت؛ كما نص على ذلك "الدليل الميداني" لإدارة الجثث بعد وقوع الكوارث؛ الصادر عن منظمة الصحة الأمريكية (ص: 55-56، ط. جنيف)، وعند الدفن يراعى وجود أقل عدد ممكن عند إدخال الجثة المقبرة، والالتزام التام بالتنظيف والتطهير بعد إتمام إجراءات الدفن؛ كما نص قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة المصرية.
ثالثها: تقرر طبيًّا أن الفيروس لا ينتشر إلا في الخلايا الحية، عن طريق التنفس والرذاذ والتلامس ونحو ذلك، ولا يتصور شيء من ذلك بعد الوفاة عند الالتزام بوسائل الحماية، فإذا اتخذت الإجراءات الوقائية اللازمة لم يعد هناك أي خوف من عدوى الوباء.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فلا يجوز التخلص من جثث المتوفين بفيروس كورونا بالحرق أو الإذابة خوفًا من انتقال العدوى للأصحاء؛ لِما فيه من إيذاء الميت وإهانته؛ لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته، وحرمته بعد موته باقية، ولِما تقرر أن جثة المتوفى بالفيروس لا يُسمح بالتعامل معها إلا للخبراء المتدربين في مجال الأوبئة، مستخدمين معدات الحماية ووسائل الوقاية، وقد احتال الخبراء لذلك بوضع الجثث بعد تغسيلها في أكياس طبية واقية، ثُم وضعها بعد ذلك في تابوت مُعَدٍّ لذلك، ولِما تقرر طبيًّا أن الفيروس لا ينتشر ويتكاثر إلا في الخلايا الحية، عن طريق التنفس والرذاذ والتلامس ونحو ذلك، وهذا كله لا يتصور حصوله من الشخص المتوفى بهذا الفيروس.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استخدام الكريمات المغذية للبشرة أثناء الصيام؟ فهناك مريضٌ يعاني مِن جفافٍ في البشرة ونُدوبٍ وتشققاتٍ في جِلد اليدين والقدمين، ووَصَف له الطبيبُ بعضَ الكريمات المغذية للبشرة، والتي تحتوي على بعض أنواع الفيتامينات، فما حكم استخدامها أثناء الصيام؟


1- ما الحكمة الشرعية في اعتبار الشهر بالحساب القمري لا الشمسي؟
2- كيف يعرف بداية الشهر العربي؟
3- هل القمر يختلف عن الهلال، أم هما شيء واحد؟
4- هل رؤية الهلال في مكان ما بالعالم صالحة لكل العالم؟
5- هل هناك اعتبار لاختلاف المطالع؟
6- ما الحكم في الحسابات الفلكية التي تحدد بدايات الشهور العربية مقدمًا لسنين؟
7- ما الفرق بين الحساب الرياضي والرؤية الشرعية؟
8- هل يجوز الاكتفاء بالرؤية البصرية غير المسلحة في إثبات دخول الشهر العربي؟
9- كيف يعمل التقويم الشمسي؟


ما حكم نقل كلية من بنت إلى أمها؟ مع ملاحظة أن البنت تعاني من قصور في الإدراك العقلي.


ما حكم تأجيل العمرة خوفا من انتشار مرض كورونا؟ فبعد انتشار فيروس كورونا قامت السلطات السعودية باتخاذ قرار إرجاء العمرة؛ تحرزًا من انتشار عدوى الوباء، فهل يجوز ذلك شرعًا؟


وصلنا خطاب معالي وزير الأوقاف المتضمن صورة الكتاب الوارد إلى معاليه من الأستاذ الدكتور مدير بنك وحدة بنك العيون بمستشفى قصر العيني جامعة القاهرة، الذي يَذْكُرُ فيه أنَّ هناك فتوى مِن دار الإفتاء تُجِيزُ عمليةَ نَقْل قَرَنِيَّةٍ مِن متوفًى إلى شخصٍ حيٍّ مُصَاب. وكذلك رغبته في زيادة الوَعْيِ المُجتَمَعِيِّ وزيادة ثقافة التبرع بالقَرَنِيَّةِ وقبول نَقْلِها؛ عن طريق الخِطَاب الدِّينيِّ الذي يُمَثِّلُ أهميةً خاصةً في هذا الموضوع؛ تَحقِيقًا لخدمة هؤلاء المرضى والمساهمة في إعادة الإبصار لَهُم. ويرجو التفضل بالإفادة بما اسْتَقَرَّ عليه رأيُ دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن؛ حتى يَتَسَنَّى تقديمُ العَوْن لهؤلاء المرضى بما يُوَافِقُ أحكام الشريعة الإسلامية الغَرَّاء.


ما الحكم الشرعي لقراءة القرآن على الموتى من أهل القبور، مع ذكر السند؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28