شروط الاستطاعة في الحج للرجال

تاريخ الفتوى: 17 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8194
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
شروط الاستطاعة في الحج للرجال

ما هى شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟ فأنا أعلم أن الحج غير واجب إلا على المستطيع؛ فأرجو من فضيلتكم التكرم ببيان الشروط التي تلزم الرجل حتى يكون مستطيعًا لأداء هذه الفريضة العظيمة.

الشروط التي تلزم الإنسان ليكون مستطيعًا لأداء الحج؛ ومن ثم يكون واجبًا عليه محصورة في كونه مالكًا لنفقات الحج؛ ذهابًا، وإقامةً، وإيابًا، وأن تكون النفقات فائضةً عن حاجاته الأصلية التي لا بد منها في حياته، وأن يكون صحيح البدن قادرًا على أداء المناسك، وأن تكون ذمته خاليةً من الأمور الواجبة عليه؛ كنحو زكاة أو كفارة أو نذر، أو أيِّ نفقة من النفقات الواجبة شرعًا، وأن يُسمح له بأداء الفريضة من قِبل الجهات المختصة وبالشروط التنظيمية الْـمُتَّبعة.

المحتويات

 

مذهب السادة الحنفية في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

فرض الله الحج على المستطيع من عباده؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، أي: أن الحج واجب شرعًا على مَن يستطيع أداءه من الناس.

قال العلامة أبو السعود العمادي في "تفسيره" (2/ 61، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ في محل الجرِّ على أنَّه بدلٌ من النَّاسِ، بدلَ بدلُ البعضِ من الكل مخصِّصٌ لعمومه؛ فالضميرُ العائد إلى المُبدَل منه محذوفٌ؛ أي: من استطاع منهم، وقيل: بدلَ الكلِّ، على أن المرادَ بالناس هو البعضُ المستطيعُ؛ فلا حاجةَ إلى الضمير] اهـ.

وللفقهاء تفصيل في بيان شروط الاستطاعة وضوابطها؛ فذهب الحنفية إلى أن شروط الاستطاعة هي: أن يملك الإنسان الزاد والراحلة؛ أي: أن تكون عنده المقدرة على النفقة ذهابًا وإيابًا، وهي الآن تكاليف السفر من تذكرة الطائرة، والتأشيرة، وغيرهما، وأن يكون ذلك فائضًا عن مسكنه، وعن كل شيء لا بد منه في حياته؛ كنحو ما يلزم البيت من أمتعة وغيرها، وأن يكون فاضلًا عن نفقة عياله، وأن يأمن الطريق؛ لأن الاستطاعة لا تثبت من دونه، وهو الآن يتحقق باتباع الإجراءات التي وضعتها السلطات المختصة.

قال العلامة بدر الدين العَيْني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (4/ 144-147، ط. دار الكتب العلمية): [ما تتحقق به الاستطاعة في الحج: م: (ولا بد من القدرة على الزاد والراحلة).. ثم فسر الزاد والراحلة بقوله: م: (وهو قدر ما يَكْتَرِي به شِقَّ مَحْمِلٍ) ش: بفتح الميم الأولى وكسر الثانية، أي جانبيه؛ لأن له جانبين، ويكفي للراكب أحد جانبيه، م: (أو رأس زَامِلَةٍ) ش: الزاملة البعير الذي يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه.. م: (وقدر النفقة) ش: أي: ولا بد من قدر النفقة حال كونه م: (ذاهبًا وجائيًا) ش: يعني ذاهبًا إلى مكة، وجائيًا إلى وطنه، حال كونه م: (راكبًا).. بنفقة وَسَطٍ بلا إسراف ولا تقتير.. (ويشترط أن يكون فاضلًا عن المسكن).. أي: يُشترط أن يكون ما قَدَروا به من الزاد والراحلة فاضلًا عن مسكنه الذي يسكن فيه.. م: (وعما لا بد منه) ش: أي: يشترط أيضًا أن يكون الزاد والراحلة فاضلتين عما لا بد منه م: (كالخادم، وأثاث البيت) ش: قال الجوهري: الأثاث متاع البيت كالفرش، والبسط، وآلات الطبخ، ونحو ذلك م: (وثيابه) ش: أي: الثياب التي يلبسها هو م: (لأن هذه الأشياء مشغولة بالحاجة الأصلية) ش: والمشغول بالحاجة الأصلية في حكم العدم.. م: (ويشترط أن يكون فاضلًا عن نفقة عياله).. م: (ولا بد من أمن الطريق؛ لأن الاستطاعة لا تثبت دونه)] اهـ.

مذهب السادة الشافعية في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

قد وافق الشافعيةُ أيضًا الحنفيةَ فيما ذهبوا إليه، وزادوا أن يكون صحيح البدن قادرًا على أداء المناسك؛ فإن كان مريضًا تلحقُهُ مشقَّةٌ لم يكن معتادًا عليها لم يلزمه الحج.

قال العلامة العمراني الشافعي في "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (4/ 25-26، ط. دار المنهاج): [والمستطيع اثنان: مستطيعٌ ببدنه، ومستطيعٌ بغيره: فأما المستطيع ببدنه فله شروط: أحدها: أن يكونَ صحيحَ البدنِ.. الخامس: أن تجتمعَ هذه الشروط وقد بقي من الوقت ما يتمكَّنُ فيه من الوصولِ إلى الحج، فإن كان مريضًا تلحقُهُ مشقَّةٌ غيرُ معتادةٍ في الركوب.. لم يلزمه الحج؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «من لم يمنَعْهُ من الحَجِّ حاجَةٌ ظاهرةٌ، أو مرَضٌ حابِسٌ، أو سُلطانٌ جائِرٌ، فمَاتَ ولم يحُجَّ.. فليمُتْ إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا»] اهـ.

مذهب السادة الحانبلة في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

قد وافق الحنابلةُ أيضًا الحنفيةَ فيما ذهبوا إليه، وزادوا أن تكون ذمته خاليةً من أيِّ واجبٍ من الواجبات؛ كنحو زكاة أو كفارة أو نذر، أو أيِّ نفقة من النفقات الواجبة شرعًا.

قال الإمام البُهُوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 247-248، ط. دار المؤيد): [(والقادر) المراد فيما سبق (من أمكنه الركوب ووجد زادًا وراحلةً) بآلتهما (صالحين لمثله)؛ عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله عز وجل: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، قال: "قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»".. (بعد قضاء الواجبات) من الديون.. والزكاة والكفارات والنذور (و) بعد (النفقات الشرعية) له ولعياله.. (و) بعد (الحوائج الأصلية) من كتب ومسكن وخادم.. ونحوها] اهـ.

مذهب السادة المالكية في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

بينما ذهب السادةُ المالكية إلى أن شروط الاستطاعة هي القدرة على الوصول إلى مكة من غير حصول مشقة، مع الأمن على النفس والمال، والقدرة على إقامة الفرائض، ولم يشترطوا في القدرة وجود الزاد حال إقامته بمكة؛ أي: المعتبر فقط هو القدرة على الذهاب، والظاهر في المذهب القدرة على الرجوع أيضًا.

قال الإمام الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 497، ط. دار الفكر): [وبيَّن العلماء أن الاستطاعة هي الوصول إلى البيت من غير مشقَّة، مع الأمن على النفس، والمال، وَالتَّمَكُّنِ من إقامة الفرائض] اهـ.

وقال العلامة المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (3/ 474-475، ط. دار الكتب العلمية): [نصَّ اللَّخْمِي وغيره على أن المعتبر في الاستطاعة ما يُوَصِّلُ فقط، إلا أن يعلم أنه إن بقي هناك ضاع وخشي على نفسه؛ فيراعي ما يبلغه ويرجع به إلى أقرب المواضع مما يُمْكِنُهُ التَّمَعُّشُ فيه... ونقل ابن الْمُعَلَّى عن بعض المتأخرين اعتبار الذهاب والرجوع، وهو الظاهر] اهـ.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام: أن الإنسان إذا مُنع من دخول مكة من قِبل السلطات المعنية بسبب أمور تنظيمية، أو لم يَستطع الحصول على تأشيرة أصلًا، فهو في هذه الحالة غير مستطيع، ولو كان مالكًا لجميع النفقات اللازمة، ومُستوفيًا لجميع الشروط السابق ذكرها.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال وفق ما سبق من أقوال الفقهاء: فإن الشروط التي تلزم الإنسان ليكون مستطيعًا لأداء الحج؛ ومن ثم يكون واجبًا عليه محصورة في كونه مالكًا لنفقات الحج؛ ذهابًا، وإقامةً، وإيابًا، وأن تكون النفقات فائضةً عن حاجاته الأصلية التي لا بد منها في حياته، وأن يكون صحيح البدن قادرًا على أداء المناسك، وأن تكون ذمته خاليةً من الأمور الواجبة عليه؛ كنحو زكاة أو كفارة أو نذر، أو أيِّ نفقة من النفقات الواجبة شرعًا، وأن يُسمح له بأداء الفريضة من قِبل الجهات المختصة وبالشروط التنظيمية الْـمُتَّبعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكم فيما لو أحرمتُ من المدينة متمتعًا، ثم جاءني المرض فخلعتُ ملابس الإحرام قبل أداء العمرة؟


نرجو منكم بيان الحكمة من تحديد السعي بين الصفا والمروة بسبعة أشواط. ولماذا لا يكون أكثر من ذلك أو أقل؟ خاصة لمن يحب السعي ويريد أن يُكثر، ومن كان مريضًا ويودُّ أن يقلل من عدد الأشواط. وهل صحة العمرة أو الحج تتعلق فيهما بالعدد المذكور؟


ما حكم طواف حامل طفل يلبس حفاظة؟ فأنا سأسافر بعد أيام قليلة -إن شاء الله- لأداء مناسك الحج، ولي طفل رضيع لا أستطيع تركه وحده؛ فهل يجوز لي أن أحمله أثناء الطواف وهو يلبس حفاظة، وربَّما قضى حاجته فيها أثناء طوافي؟


نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في المبيت بالمزدلفة، وهل يجب بتركه شيء؟ وما مقدار الوقت الذي يتحقق به المبيت؟ وهل يجوز للحاج أن يدفع منها إلى منى قبل منتصف الليل؟


سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛ صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:
أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم.
ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.
ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.
رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.
لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج. وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.


ما حكم ذبح دم الفدية خارج الحرم؟ حيث عزم أحدُ الأشخاص على الحجَّ هذا العام، والسؤال: إذا وجب عليه دمُ الفدية بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو ترك واجب من واجبات الحج؛ هل يجوز ذبحه خارج الحرم، وفي بلده تحديدًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :13
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 58
العشاء
8 :15