الأربعاء 29 أكتوبر 2025م – 7 جُمادى الأولى 1447 هـ

حكم تبييت النية في صيام الست من شوال

تاريخ الفتوى: 10 نوفمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8135
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم تبييت النية في صيام الست من شوال

ما مدى اشتراط تبييت النية  في صيام الست من شوال؟ فقد استيقظتُ من نومي صباحًا بعد صلاة الفجر في شهر شوال، وأَرَدتُ أن أصوم يومًا من أيام الست من شوال، فهل يصح مني هذا الصوم، أو يشترط أن أَنْويَ ذلك ليلة الصوم؟

ينبغي على مريد صوم النافلة -ومنها صيام الأيام الستة مِن شوال- تبييت نية الصيام من الليل، فإن أَصْبَح مِن غير أَنْ يُبَيِّت النية وأراد الصوم فصومه صحيح حينئذ، تقليدًا لمن أجاز، شريطةَ أن لا يكون قد أتى بمفسد للصوم من أكلٍ أو غيره.

المحتويات

 

حكم النية في الصيام

من المقرر شرعًا أنَّ النيَّة مطلوبة في الصوم مطلقًا -فَرْضًا كان أو نفلًا-، فلا يصح الصوم إلَّا بنيَّة، والأصل في ذلك: ما رواه الشيخان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».

مذاهب الفقهاء في حكم تبييت النية  في صيام الست من شوال

صيام الأيام الستة مِن شوال مِن جملة الصيام الذي يفتقر إلى نيَّةٍ، لكن اختلف الفقهاء في مدى اشتراط تبييت النيَّة في مثل هذا الصوم: فيرى جمهور فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة: أنَّ صوم النافلة يصح فيه انعقاد النيَّة بعد طلوع الفجر، وقيده الحنفية والشافعية بالزوال، وأطلق الحنابلة القول في أيِّ وقت من النهار، وقد اشترطوا جميعًا أن لا يتقدمها مفسدٌ للصوم من أكل أو غيره.

قال الإمام أبو البركات النَّسَفي الحنفي في "كنز الدقائق" (ص: 219، ط. دار البشائر الإسلامية): [وصَحَّ صوم رمضان وهو فرض، والنذر المعين وهو واجب، والنفل، بنيَّةٍ من الليل إلى ما قبل نصف النهار] اهـ.

وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 332، ط. دار الكتب العلمية): [وأَمَّا صوم التطوع فإنَّه يجوز بنيَّة قبل الزوال] اهـ.

وقال العلامة ابن قُدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 113، ط. مكتبة القاهرة): [قال: (ومَن نوى صيام التطوع من النهار، ولم يكن طَعِم؛ أجزأه) وجملة ذلك أَنَّ صوم التطوع يجوز بنيَّة من النهار] اهـ.

وقال أيضًا في "الكافي" (1/ 440، ط. دار الكتب العلمية): [وفي أيِّ وقتٍ نَوَى من النهار أجزأه في ظاهر كلام الخرقي؛ لأنه نوى في النهار، أشبه ما قبل الزوال. واختار القاضي أنه يجزئ بنية بعد الزوال؛ لأنَّ النية لم تصحب العبادة في معظمها، أشبه ما لو نوى مع الغروب] اهـ.

وقد استدل الجمهور على ذلك بما ثَبت عن سَلَمة بن الأكوع رضي الله عنه، أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَعَث رجلًا يُنادِي في الناس يوم عاشوراء: «إنَّ مَن أَكَل فَلْيُتِمَّ أو فليَصُم، ومَن لم يَأكُل فلا يَأكُل» أخرجه البخاري في "صحيحه"، ومعناه: أنَّ "من كان نوى الصوم في هذا اليوم فليتم صومه، ومَن كان لم ينو الصوم ولم يأكل أو أكل فليمسك بقية يومه حرمة للوقت"، كما قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 14، ط. دار إحياء التراث العربي).

قال الحافظ بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (10/ 303، ط. دار إحياء التراث العربي) في شرح هذا الحديث: [مطابقته للترجمة في جواز نية الصوم بالنهار؛ لأن قوله (فليتم) وقوله: (فلا يأكل) يدلان على جواز النية بالصوم في النهار، ولم يشترط التبييت] اهـ.

وكذلك استدلوا بحديث أُمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم: «يا عائشة، هل عندكم شيء؟» قالت: فقلتُ: يا رسول الله، ما عندنا شيء. قال: «فإني صائم» أخرجه مسلم في "صحيحه".

وقد اشترط القائلون بصحة عقد نية صوم النافلة بعد الفجر: أَلَّا يكون النَّاوي قد أَتَى بشيءٍ مِن الـمفطرات عامدًا -أي: ناويًا بذلك عدم الصوم- مِن بعد طلوع الفجر إلى وقت عَقْد النية؛ وإلَّا لم يحصل مقصود الصوم. ينظر: "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (ص: 642، ط. دار الكتب العلمية)، و"تحفة المحتاج" للإمام ابن حجر الهيتمي (3/ 389، ط. المكتبة التجارية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (3/ 114).

مذهب المالكية والمزني من الشافعية في هذه المسألة

بينما ذهب المالكيةُ والمُزَني من الشافعية إلى اشتراط تبييت النية مِن الليل في صوم التطوع، وذلك كصوم الفرض، وذلك بانعقادها قبل الصوم في جزء من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

قال العلامة ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (1/ 335، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [فالفرض والتطوع لا يصح صومه إلَّا بنيَّة مُقدَّمة قبل طلوع الفجر] اهـ.

وقال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 520، ط. دار الفكر): [(وصحته) أي: شرط صحة الصوم (مطلقًا) فرضًا أو نفلًا (بنيَّة) أي: نيَّة الصوم ولو لم يلاحظ التقرب لله، (مبيَّتة) بأن تقع في جزء من الليل من الغروب إلى الفجر] اهـ.

وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 332) في كلامِه عن النية في صوم التطوع: [وقال الـمُزَني: لا يجوز إلَّا بنيَّة من الليل كالفَرْض] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك: فينبغي على مريد صوم النافلة -ومنها صيام الأيام الستة مِن شوال- تبييت نية الصيام من الليل، فإن أَصْبَح مِن غير أَنْ يُبَيِّت النية وأراد الصوم فيصح ذلك منه، تقليدًا لمن أجاز.

وفي واقعة السؤال: صيامكَ في هذه الحالة صحيحٌ بهذه النية التي عَقدْتَها بعد صلاة الفجر، شريطةَ أن لا يتقدمها مفسدٌ للصوم من أكلٍ أو غيره.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل لا بُدّ في صيام الستة أيام من شوال أن تكون متتابعة بعد يوم العيد؟ أو أنَّ هناك سعة في ذلك، ويمكن تفريق صيامها على مدار شهر شوال؟




ما حكم الصيام بالنسبة لمسلمة جديدة تصوم سرًّا؟ فأنا أعيش في إحدى الدول الغربية وقبل حلول شهر رمضان بفترة زمنية قصيرة أسلمتُ جديدًا ولم أعلن إسلامي لوالديَّ، ويحتاج الأمر إلى فترة زمنية حتى أُمهد لهم خبر إسلامي؛ فهل عليَّ حرج إن صمتُ سرًّا؟ وهل يصح صومي في حال قمتُ بذلك؟


ما حكم إدخال نية صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان؟ فأنا عليَّ صيام بعض أيامٍ مِن كفارةِ يمينٍ، وأيضًا نذرتُ لله تعالى أَنْ أَصوم ثلاثةَ أيام، فدخل عَليَّ شهر رمضان، فعَقَدتُ النِّيَّة على صوم رمضان وأيضًا صوم الكفارة والنذر اللذين في ذمتي، فهل صيامي هذا صحيحٌ أو لا؟


ما حكم التسامح بالتنازل عن قضية منظورة أمام القضاء مراعاة لحرمة شهر رمضان؟ فنحن مقبلون على أيام كريمة في شهر رمضان، وعندي قضية مرفوعة أمام إحدى المحاكم على بعض الأفراد بخصوص أرضٍ بيني وبينهم، وقال لي بعض المقربين بأنه لن يُتقبل لي صيام، ولن يُغفر لي إلا بعد التنازل عن هذه القضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليَّ التنازل عن القضية وعن حقوقي أو على أقل تقدير ما أظنه حقي من باب التسامح؟ وما التسامح الذي يحصل به القبول والمغفرة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :39
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:47
المغرب
6 : 10
العشاء
7 :29