حكم دفع الزكاة لدور المسنين

تاريخ الفتوى: 19 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8259
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم دفع الزكاة لدور المسنين

ما حكم دفع الزكاة لدور المسنين؟ فأنا أريد أن أدفع زكاة مالي لدار المسنين المجاورة لمحل سكني، وسمعتُ في بعض الدروس الدينية أنَّه لا يجوز ذلك، فهل هذا صحيح؟

لا مانع شرعًا من إعطاء المؤسسات التي تقوم على رعاية المسنين من مال الزكاة ما دامت تقوم على رعاية المسنين، وذلك عند انعدام أموال الصدقات والتبرعات في هذا المجال، مع تقديم الأشد احتياجًا منهم على غيرهم، شريطة التَّأكُّد من مراعاتها للشؤون التنظيمية الخاصة بهذا الأمر.

المحتويات

 

بيان المصارف الشرعية للزكاة

حَدَّد الله تعالى مصارف الزكاة في ثمانية أصناف، لا يستحق أن يأخذ من الزكاة أحدٌ غيرهم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة 60].

وروى أبو داود في "سننه" عن زياد بن الحارث رضي الله عنه، أنَّه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبايعته فذَكَر حديثًا طويلًا، قال: فأتاه رجلٌ فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله تعالى لم يَرْضَ بحكم نبيٍّ ولا غيره في الصدقات، حتى حكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنتَ مِن تلك الأجزاء أعطيتُك حقَّك».

وهذا هو ما اتفق عليه فقهاء المذاهب الأربعة، على خلافٍ بينهم فيما إذا كان الواجب أن تُقَسم الزكاة على الثمانية، أم يجوز أن تُقَسم على بعض الأصناف دون بعض. ينظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي الحنفي (1/ 299، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل" للشيخ عليش المالكي (2/ 92، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (4/ 173، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (2/ 446، ط. دار العبيكان).

حكم دفع الزكاة لدور المسنين

قد توسَّع كثير من العلماء في مفهوم مصرف الصنف السابع في الآية، وهو قول الله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، فجعلوه مجالًا لصرف الزكاة عند الحاجة في كل القُرَب وسُبُل الخير ومصالح الناس العامة؛ أخذًا بظاهر اللفظ في الآية الكريمة.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 45، ط. دار الكتب العلمية): [وأَمَّا قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فعبارة عن جميع القُرَب، فيدخل فيه كل مَن سعى في طاعة الله وسبيل الخـيرات إذا كان محتاجًا] اهـ.

وقال الإمام الفخر الرازي الشافعي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (16/ 87، ط. دار إحياء التراث العربي): [واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لا يوجب القصر على كل الغزاة؛ فلهذا المعنى نقل القَفَّال في "تفسيره" عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد؛ لأنَّ قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ عامٌّ في الكل] اهـ.

وهذا هو ما نقله أيضًا الإمام ابن قدامة الحنبلي عن أنسِ بن مالك، والحسن البصري، فقال في "المغني" (2/ 497، ط. مكتبة القاهرة)، قال: [وقال أنس والحسن: ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة ماضية] اهـ.

ولم يتعرَّض الفقهاء في كلامهم عن مصارف الزكاة إلى كبار السِّن بعينهم، وإنما اكتفوا بالأصناف التي يندرج فيها كبار السِّن وغيرهم، ومع ذلك فمن الممكن أن نُدرِج المحتاجين من كبار السِّن تحت الصنف المناسب لهم، فالمسن قد يكون مندرجًا تحت أحد الأصناف التي تستحق الزكاة بأن يكون فقيرًا أو مسكينًا أو غارمًا مثلًا، وقد لا تشمله إذا كان غنيًّا، وذلك على مستوى الأفراد، أي: بالنظر للمُسِنِّ مِن حيث هو.

أَمَّا على مستوى المؤسسات التي تقوم على رعاية كبار السِّن، فإنَّ الدُّور التي تنشأ لرعاية المسنين قد تضم الفقراء فقط، وقد تضم إلى جوارهم الأغنياء، والغني لا يجوز دفع الزكاة له اتفاقًا. يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (2/ 160، ط. دار المعرفة)، و"التاج والإكليل" لأبي عبد الله الموَّاق (3/ 247، ط. دار الكتب العلمية)، و"كفاية الأخيار" لتقي الدين الحصني (ص: 194، ط. دار الخير)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 493، ط. مكتبة القاهرة).

وعلى ذلك: فإذا كانت هذه الدور تقوم على رعاية المسنين الفقراء، فحينئذٍ يجوز دفع الزكاة لها تحت مصرف "الفقراء".

هذا فضلًا عن أنَّ هذه المؤسسات تقوم بأعمال البر العامة التي يجوز دفع الزكاة إلى مَن يقوم بها؛ إذ إنها تُوفِّر لهم المسكن والرعاية اللازمة لهم مِن طعامٍ ودواءٍ ومأوى وغير ذلك، فيجوز صرف الزكاة لها تحت مصرف ﴿وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ وَفْق ما نَصَّ عليه الفقهاء -كما سبق- في تفسير هذا المصرف، لكن ينبغي في سياق ذلك الالتزام بمراعاة الشؤون التنظيمية الخاصة بهذا الأمر، وعدم مخالفة القانون في ذلك.

ومقتضى هذا أَنَّ الأخذ بهذا القول مقيدٌ بما إذا تَوقَّف الإنفاق في دور رعاية المسنين -كما هي مسألتنا- على مال الزكاة، وذلك في الحالة التي يَنعَدِم عندها أموال الصدقات والتبرعات، وإلَّا ففيهما -أي: الصدقات والتبرعات- الغُنْيَة إذا تيسَّرا.

وسواء قُلْنا بدفع الزكاة مِن مصرف "في سبيل الله" أو من مصرف "الفقراء" فينبغي أن يُرَاعَى في الإنفاق أَشَدُّ المسنين حاجةً إليه، فهُم أَوْلَى مِن غيرهم بمال الزكاة.

الخلاصة

بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا من إعطاء المؤسسات التي تقوم على رعاية المسنين من مال الزكاة ما دامت تقوم على رعاية المسنين، وذلك عند انعدام أموال الصدقات والتبرعات في هذا المجال، مع تقديم الأشد احتياجًا منهم على غيرهم، شريطة التَّأكُّد من مراعاتها للشؤون التنظيمية الخاصة بهذا الأمر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نحن مؤسسة ومستشفى خيري: هل يجوز لمؤسستنا الخيرية أن تتلقى أموال الزكاة الشرعية والتبرعات والصدقات؟ علمًا بأنَّ هذه الأموال المُتَحَصَّل عليها سوف يتم إنفاقها على علاج الفئات الأقلّ حظًّا مجانًا بالكامل، وذلك وفقًا لأفضل المستويات العالمية.


ما حكم صرف جمعية خيرية من أموال الزكاة والصدقات على أنشطتها، فقد قال سائل: هناك اتحاد خيري تتكوَّن مواردُهُ من التبرعات المالية، وزكاة الأموال، والتبرعات العينية، ويتحمل مصروفات القائمين على إدارة نشاطه، وكلّ احتياجاته؛ ويطلب بيان الحكم الشرعي فيما يلي:

1- ما هي أوجه إنفاق التبرعات النقدية التي تَرد للاتحاد؟ 

2- ما هي نسبة المصروفات الإدارية التي تخصم من هذه التبرعات، وهل يحسب ضمن هذه النسبة إيجارات المقرات، ورسوم استهلاك الكهرباء والمياه والضرائب المقررة للدولة؟

3- هل تدفع رواتب العاملين من الزكاة إذا لم تتسع لذلك أموال الصدقات؟

4- هل يدخل ما يصرفه الاتحاد على ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن التبرعات المقررة أو ضمن المصروفات الإدارية؟

5- كيف يمكن التعامل مع نية المتبرع ؟ وهل للاتحاد مطلق الحرية في أن يتصرف وفقًا للمناطق الأشد احتياجًا أو يتقيد بهذه النوايا؟


هل يجوز إعطاء زكاة المال لشخص ينوي الحج هو وزوجته حيث لا يمتلك تكاليف الحج لهما سويا؟


أرجو من سيادتكم إفادتي بخصوص الزكاة على قطعة أرض معدة للبناء ومتروكة بغرض البيع مستقبلًا بنية أن يزداد ثمنها؛ هل أخرج عنها زكاة مُقَدِّرًا ثمنها كل عام؟


ما حكم الزكاة في الماشية التي تملكها الدولة؟ فالسائل يعمل في محطة البحوث الزراعية التابعة لكلية الزراعة، ويوجد بجهة عمله مزارع للأقسام العلمية وكذلك وحدات إنتاجية، ويتبع ذلك وجود قطعان من الماشية والأغنام ومحاصيل زراعية تنتج على مدار العام. ويسأل هل تستحق زكاة على هذه الماشية والأغنام ومنتجاتها وكذلك المحاصيل الزراعية؟


هل احتكار الدولار في أيامنا هذه يدخل تحت الاحتكار المنهي عنه، وما هو جزاء مَنْ يقوم بجمع الدولار ليضارب به بقصد الإضرار باقتصاد الدولة، وهل المال المكتسب من تجارة السوق السوداء حرامٌ شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :27
الشروق
6 :53
الظهر
12 : 42
العصر
4:1
المغرب
6 : 31
العشاء
7 :48