ما مدى تأثير رجوع القيء على الصيام؟ فصديقتي مصابة بداء في معدتها يسبب لها القيء عدة مرات يوميًّا، بل ويغلبها في بعض الأحيان شيء من القيء فيعود إلى جوفها، وبمراجعة الطبيب المختص في إمكان صومها رمضان أو عدم الصوم، أشار عليها بالصوم؛ فهل رجوع بعض القيء لجوفها غلبةً يفسد صومها أو لا؟
صيام مَن غلبه القيءُ من غير تسبُّبٍ منه صحيحٌ ولا قضاء عليه؛ لأنه كالمكرَه في ذلك، ولأنه لا يتحقق فيه معنى الابتلاع ولا الغذاء، ولكن عليه ألَّا يتعمَّد ابتلاع شيءٍ مما خرج من جوفه، فإذا سبق إلى جوفه شيء من ذلك فلا يضره، أما مَنْ تَعَمَّدَ القيء وهو مُخْتارٌ ذاكِرٌ لصومه فإن صومَه يفسد ولو لم يرجع شيءٌ منه إلى جوفه، وعليه أن يقضي يومًا مكانه.
المحتويات
صوم رمضان واجبٌ على كلِّ مسلم بالغ عاقل مستطيع للصوم؛ قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال جل شأنه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185]، وهو أحد أركان الإسلام؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان.
وقد وعد الله الصائمين بالأجر العظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أخرجه الشيخان.
قد اتفق الفقهاء على أنَّ مَن تعمد التقيؤ في نهار رمضان أفطر.
قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 49، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على إبطال صوم من استقاء عامدًا] اهـ.
أمَّا من غلبه الْقَيْءُ فلا يفسد صومه، مستدلين على ذلك بما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ: فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ: فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ» أخرجه ابن ماجه والترمذي في "سننهما".
غير أنهم اختلفوا فيمَن غلبه القيء ثم عاد شيء منه إلى جوفه: هل يفطر بذلك أم لا؟
ففرق الحنفية بين قليل القيء وكثيره، متفقين على أن القليل لا يفطر، وأما الكثير: فذهب الإمام محمد بن الحسن الشيباني إلى أنه لا يفطر أيضًا باعتباره الصنع، وهو الصحيح من المذهب؛ لأنه لا يتحقق فيه معنى الابتلاع ولا الغذاء، بل النفس تعافه، وذهب القاضي أبو يوسف: أنه يفطر، باعتبار الخروج ثم الدخول مرة أخرى.
وذهب المالكية والشافعية إلى أنه يفطر، وأوجبوا عليه القضاء، ووافقهم أبو يوسف من الحنفية إذا كان القيء كثيرًا، وجعل ضابط الكثرة فيه: أن يكون ملء الفم.
وذهب الحنابلة إلى صحة الصوم إذا كان على سبيل الاضطرار لا الاختيار.
قال فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 325- 326، ط. الأميرية): [قال رحمه الله: (وإن أعاده أو استقاء أو ابتلع حصاة أو حديدًا قضى فقط) أي: إن أعاد القيء، أو قاء عامدًا إلى آخره يجب عليه القضاء لا غير، أي: لا تجب عليه الكفارة، أما إعادة القيء والاستقاءة، فالجملة فيه: أنه لا يخلو إما أن قاء عمدًا أو ذرعه القيء، وكل واحد منهما لا يخلو إما أن يكون ملء الفم أو لا يكون، وكل واحد من هذه الأقسام لا يخلو إما أن عاد هو بنفسه أو أعاده أو خرج ولم يعده ولا عاد هو بنفسه، فإن ذرعه القيء وخرج لا يفطره قل أو كثر؛ لإطلاق ما روينا، وإن عاد هو بنفسه وهو ذاكر للصوم: إن كان ملء الفم؛ فسد صومه عند أبي يوسف؛ لأنه خارج، حتى انتقضت به الطهارة، وقد دخل، وعند محمد: لا يفسده، وهو الصحيح؛ لأنه لم يوجد منه صورة الفطر وهو الابتلاع؛ وكذا معناه إذ لا يتغذى به، فأبو يوسف يعتبر الخروج، ومحمد يعتبر الصنع، وإن كان أقل من ملء الفم: لا يفطره؛ لما روينا، فإن عاد: لا يفطره بالإجماع؛ لعدم الخروج عند أبي يوسف، والصنع عند محمد] اهـ.
وقال الشيخ الخَرَشِي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 250، ط. دار الفكر): [(ص) وقيء وبلغم إن أمكن طرحه (ش) هو معطوف على قوله: وإيصال متحلل، يعني: أن صحة الصوم بترك إيصال قيء وبلغم أو قلس إن أمكن طرحه أي: طرح ما ذكر، وقوله: (مطلقًا) يرجع لكل منهما؛ فمعناه في القيء: كان من علة أو امتلاء، تغير عن الطعام أم لا، رجع عمدًا أو سهوًا، زاد بعض: أو غلبةً، وهو صحيح حكمًا لا لفظًا؛ إذ لا إمكان مع الغلبة.. (ص) وقضى في الفرض مطلقًا (ش) يعني: أنه يقضي في الصوم الواجب رمضان أو غيره بكل مفطر مِن كل منفذ على أي وجه، من عمد أو سهو أو غلبة، وجبت عليه الكفارة أم لا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 220، ط. دار الكتب العلمية) في مفسدات الصوم: [ومنها: الاستقاءة، فمَن تقيأ عمدًا أفطر. ومَن ذرعه القيء لم يفطر. ثم اختلفوا في سبب الفطر إذا تقيأ عمدًا، فالأصح: أن نفس الاستقاءة مفطرة كالإنزال، والثاني: أن المفطر رجوع شيء مما خرج وإن قل، فلو تقيأ منكوسًا، أو تحفَّظ، فاستيقن أنه لم يرجع شيء إلى جوفه، ففي فطره الوجهان. قال الإمام: فلو استقاء عمدًا، أو تحفَّظ جهده، فغلبه القيء ورجع شيء، فإن قلنا: الاستقاءة مفطرة بنفسها، فهنا أولى، وإلا فهو كالمبالغة في المضمضة إذا سبق الماء إلى جوفه] اهـ.
وقال شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 164، ط. دار الفكر): [الصحيح أنه لو تيقن أنه لم يرجع شيء إلى جوفه) بالاستقاءة كأن تقيأ منكوسًا (بطل) صومه، بناء على أنها مفطرة لعينها لا لعود شيء، ووجه مقابله البناء على أن المفطر رجوع شيء مما خرج وإن قلَّ] اهـ.
وقال علاء الدين المَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 307، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (أو ذرعه القيء) لم يفسد صومه بلا نزاع، وكذا لو عاد إلى جوفه بغير اختياره، فأما إن أعاده باختياره، أو قاء ما لا يفطر به، ثم أعاده باختياره: أفطر] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 321، ط. دار الكتب العلمية): [(أو ذرعه القيء) بالذال المعجمة أي: غلبه وسبقه لم يفطر؛ للخبر، (ولو عاد) شيء من قيئه (إلى جوفه بغير اختياره)؛ لأنه كالمكرَه، (لا إن عاد) القيء إلى جوفه (باختياره) ولو لم يملأ الفم، أو ذرعه القيء ثم أعاده عمدًا؛ فإنه يفطر بذلك؛ كبلعه بعد انفصاله عن الفم] اهـ.
الذي نختاره للفتوى: صحة صوم مَن غلبه القيء، ثم عاد إلى جوفه شيء منه من غير اختيار؛ كما هو مذهب الحنفية في الصحيح عندهم، والحنابلة؛ لأن غلبة رجوع القيء جعلتِ الصائم كالمكره، ولأنه يغفر في الاضطرار ما لا يغفر في الاختيار، وتطبيقًا لما تقرر في قواعد الشرع من أنَّ: "المَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ"، وأنه "لَا يُنْكَرُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للحافظ السيوطي (ص: 76-158، ط. دار الكتب العلمية)، وأن "مَنْ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ المُخْتَلَفِ فِيهِ فَلْيُقَلِّدْ مَنْ أَجَازَ"؛ كما أفاده الإمام الباجوري في "حاشيته على شرح ابن القاسم" (1/ 41، ط. الحلبي).
بناء على ما سبق: فصيام مَن غلبه القيءُ من غير تسبُّبٍ منه صحيحٌ ولا قضاء عليه؛ لأنه كالمكرَه في ذلك، ولأنه لا يتحقق فيه معنى الابتلاع ولا الغذاء، ولكن عليه ألَّا يتعمَّد ابتلاع شيءٍ مما خرج من جوفه، فإذا سبق إلى جوفه شيء من ذلك فلا يضره، أما مَنْ تَعَمَّدَ القيء وهو مُخْتارٌ ذاكِرٌ لصومه فإن صومَه يفسد ولو لم يرجع شيءٌ منه إلى جوفه، وعليه أن يقضي يومًا مكانه.
وفي واقعة السؤال: رجوع بعض القيء لجوف صديقتك غلبةً لا يفسد صومها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاجتماع في ليالي رمضان للاستماع لقراءة القرآن من القراء الذين يحسنون أداءه، وإنشاد المدائح والقصائد الدينية؟ حيث اعتدنا في قريتنا أن نجتمع بعد صلاة التراويح للاستماع لقارئ يقرأ القرآن الكريم، وأحيانًا يتبعه شيء من المديح النبوي وإنشاد القصائد الدينية، ويصحب ذلك تقديم بعض المأكولات والحلويات والمشروبات، وأحيانًا تقديم وجبة السحور؛ فرحًا بالشهر الكريم من ناحية، وفرحًا لتجمع الأهل والأحباب والجيران كبارًا وأطفالا أغنياء وفقراء من ناحية أخرى، ونسمي ذلك "سهرات رمضان"، فهل هذا يعد من إحياء ليالي رمضان؟ وهل نثاب عليه؟ وهل هو موافق أو مخالف للسنة النبوية؟
شاب في الثانية والثلاثين من عمره متزوج منذ خمس سنوات من زميلته بالمدرسة، ولزوجته أختان أكبر منها ومنه متزوجتان وفاضلتان إحداهما محجبة -ترتدي الحجاب-، والأخرى منتقبة، إلا أنهما عندما يزورهما زوج أختهما -السائل وغيره من أزواج أخواتهما- يظلَّان على حالهما كما هما مرتديتين ملابس البيت من غير حجاب ولا نقاب، وأحيانًا تكونان عاريتي الرأس وبملابس نصف كم، وعندما ناقشهما في هذا الأمر قالت له كل منهما: إنك أخونا الصغير ونحن محرمات عليك، ويريد أن يعرف الحكم الشرعي في ذلك، كما أن لزوجته أختين إحداهما في مثل سنه ومتزوجة وتعمل في السعودية ومنتقبة -تلبس النقاب كاملًا وجوانتي في يديها وجوربًا في رجليها-، وتلبس نظارة سوداء حتى لا يرى أحد منها شيئًا، وجاءت من السعودية وهي على هذا الحال، لا تتكلم مع أحد من الرجال حتى من أزواج أخواتها وإذا اجتمعت مع الأسرة في مكان فإنها تُسلِّم على الرجال أزواج أخواتها باللسان فقط وعلى بعد منهم، ولا تتحدث مع أحد منهم، أما الأخرى فهي طالبة جامعية وهي أصغر منه بحوالي عشر سنوات وحملها كثيرًا وهي صغيرة ويعتبرها في منزله بنته، والآن هي محجبة، وإذا زارهم أحد من أزواج أخواتها ومنهم السائل فإنها ترتدي الحجاب والملابس الطويلة الساترة لجسمها ولا تُسلِّم أيضًا على أحد منهم أي لا تصافح أحدًا، ويريد السائل معرفة الحكم الشرعي في هذه التصرفات، وهل أخوات زوجته المحجبات والمنتقبات على صواب أم لا؟
ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح مع وجود خطورة على الأم وتشوهات بالجنين؟ فزوجتي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، وهي حامل في منتصف الشهر السادس، وقد اكتشفنا أن حملها غير طبيعي من بداية الحمل؛ حيث أظهرت أشعة الموجات فوق الصوتية وجود توءمين أحدهما حي والآخر ميت، وتابعنا الحمل حتى اختفى التوءم الأخير واستمر التوءم الحي، ومنذ شهر تقريبًا اكتشفنا بواسطة أشعة الموجات الصوتية رباعية الأبعاد وجود استسقاء مائي كبير ومطرد بالجمجمة نتيجة ورم حميد بالمخ أدى إلى تضخم حجم جمجمة الجنين مع ضمور شبه كامل بالمخ، وأكد لنا الأستاذ الدكتور الذي يتابع الحالة وهو أستاذ التوليد والنساء بكلية طب عين شمس، والذي أجرى الأشعة، ضرورةَ إنهاء الحمل على الفور؛ حيث إن استمراره للنهاية قد يؤدي إلى تضخم الرأس بشكل كبير يصعب معه الولادة الطبيعية إضافة إلى أنَّ فرص بقاء الجنين حيًّا بعد الولادة منعدمة نظرًا لضمور المخ ضمورًا شبه كلي، وقد استشَرتُ اختصاصي الأمراض العصبية وأكد لي صعوبة بقاء الطفل وصعوبة إنقاذه حال ولادته مبكرًا في سبعة أشهر؛ لعدم وجود المخ القادر على القيام بالوظائف الحيوية والحركية وخلافه. إضافة إلى أن شقيقتي وهي طبيبة أمراض توليد ونساء متخصصة في رعاية الأجنة بكلية طب عين شمس أفادتني بخطورة استمرار الحمل حتى النهاية لاحتمالية تأثير الجمجمة المتضخمة على الأم، وقد يؤدي إلى نزيف رحمي حاد قد يؤدي إلى استئصال الرحم لا قدر الله، وزوجتي صغيرة في السن، ولم يُنعم علينا المولى — عز وجل — بنعمة الإنجاب بعدُ، إضافةً إلى خطورة ذلك على الأم. فما الحكم الشرعي في الإجهاض في هذه الحالة؟
ما حكم صيام من كان في بلد غير إسلامي برؤية بلد إسلامي مجاور؟ فأنا أعيش في بلد ذي أقلية مسلمة، ولا أعرف كيفية رؤية الهلال، ولا يوجد عندنا هيئة رسمية لذلك الشأن، لكن هناك بعض الناس يجتهدون في رؤية الهلال، وتختلف أقوالهم كل عام في ثبوت رؤية الهلال وعدم ثبوته، ويجاورنا بلد إسلامي، وبه مؤسسة إفتائية رسمية تقوم باستطلاع هلال شهر رمضان الكريم وتصدر بيانًا بذلك، فهل يجوز لمن يعيشون في مثل بلدنا أن يصوموا بناء على رؤية ذلك البلد الإسلامي المجاور حسمًا للخلاف الموجود في تلك البلد، أو يجب عليهم أن يصوموا برؤية بلدنا؟
ما حكم كشف عيون النساء بحيث يظهر بعض الخد؟
هل يجب على المستحاضة أن تتوضَّأ لكل صلاة؟ أو يكفيها وضوءٌ واحدٌ بحيث تُصلِّي به ما شاءت من الصلوات؟