ما حكم الصيام لمن يعاني من متلازمة داون؟ حيث يوجد رجلٌ له ابنٌ يبلغ مِن العُمر ستة وعشرين عامًا، ويعاني مِن "متلازمة داون" منذ الولادة، ويسأل: هل يجب على هذا الابن صوم رمضان؟ عِلمًا بأنه لا يُدرِك ما عبادة الصوم؟ ويظن أني أُعاقبه بمنعه مِن الطعام والشراب إذا أجبرتُه على الصوم.
لا يجب على الابن المذكور المصاب بـ"متلازمة داون" أن يصوم شهر رمضان ولو كان يَبلُغ مِن العُمر ستة وعشرين عامًا، وليس لوالده أن يجبره على الصوم؛ لكونه غير مكلَّف به؛ فقد أجمع العلماء على أنَّ غير العاقل الذي لا يعلم ما رمضانُ؟ وما الصومُ؟ وما حُكمُه؟ لا يُكَلَّفُ بالصيام.
ويستثنى مِن عدم التكليف بالصوم: مَن كانت إصابته بـ"متلازمة داون" في أدنى مراحِلِها، بحيث لا تَمنعه مِن إدراك الأحكام التكليفية إدراكًا كاملًا كالبالغ العاقل سواء بسواء، فيَفهم معناها، ويَعي ثوابَها وعقوبتها في الآخرة، فَيَعِي ما رمضانُ؟ وما الصومُ؟ وما حُكمُه؟ ونحو ذلك، ويقرِّر ذلك الأطباءُ المتخصِّصُون في هذا النوع من الأمراض، وحينئذ يكون مكلَّفًا بالصيام شأنه في ذلك شأن كلِّ مسلِمٍ بالغٍ عاقلٍ.
المحتويات
مِن المقرر شرعًا أن مما يتميز به الإنسان عن غيره مِن المخلوقات: العقل، فهو مِن أعظَم نِعَمِ الله على الإنسان، وهو مَنَاط التكليف، وَهَبَهُ الله سبحانه وتعالى للإنسان ليميزَ الخبيث مِن الطيِّب، والنافع مِن الضارِّ، وقد يولَد الإنسان مجرَّدًا مِن العقل كَمَن يولد فاقدًا لحاسَّةٍ مِن الحواس، وقد يولَد باضطراب عقلي، وقد يولَد ومعه عقلُه، لكنْ يعترضُه ما يوقِف العقلَ عن سَيْره ونموِّه في أول أطوار حياته.
قد يولد الطفل: "بمتلازمة داون"، والتي هي عبارة عن اضطراب خِلْقي مركَّب وشائع في الكروموسوم 21 نتيجة اختلال في تقسيم الخلية، وهذه المتلازمة بأنواعها يصاحبها الاختلال العقلي للمصاب، ويشترك معظم المصابين بها في عدد مِن الخصائص الجسمية والإكلينيكية، منها: نَقْص في نمو المخ، وعيوب خِلْقية في القلب، وتأخُّر عقلي أو نَقْص في النمو الإدراكي بين المتوسط والشديد، وتأخُّر في اللغة والكلام، وتأخُّر في النمو الحركي، وصعوبات في التنفس وفي وظائف الرئتين، وصعوبات في التفكير المجرَّد وفي الفهم والاستيعاب، والإدراك اللَّمْسِي والسَّمْعِي؛ كما في "الإعاقات الجسمية والصحية" للدكتور/ عبد العزيز السرطاوي، والدكتور/ جميل الصاوي (ص: 303-304، ط. مكتبة الفلاح).
وهذه الخصائص الجسدية والإكلينيكية الشائعة لمُصَابِي متلازمة داون تجعل المصاب بها يندرج تحت ما يُعرف في الفقه الإسلامي بـ"الجنون" و"العَتَه" وما بينهما مِن مراحل، وقد اختلف الفقهاء في كونهما حقيقةً واحدةً يندرج تحتها نوعان، أو هما حقيقتان مُتغايِرَتان، وهذا الخلاف بين مَن فرَّق الجنون عن العَتَه ومَن اعتَبَرَهُما نوعًا واحدًا هو خلافٌ لَفْظِي لا تتغير به الأحكام؛ لأنَّ كِلَا الوَصْفَيْن مِن عوارض الأهلية، فيكون حالُ مصابِ متلازمةِ داون مترددًا بين الجنون والعَتَه على قَدْر الخلل الذي أصاب عَقلَه. ينظر: "الأحوال الشخصية" للشيخ العلامة محمد أبو زهرة (ص: 445-446، ط. دار الفكر).
مِن المقرر شرعًا أنَّ صومَ رمضان واجبٌ، وهو ركنٌ مِن أركان الإسلام الخمسة، والأصل في ذلك قولُ الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 183-184].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه.
قال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 226، ط. الفاروق الحديثة): [ولا خلاف بين العلماء في أن صيام شهر رمضان واجب] اهـ.
نظرًا لعظيم شأن الصوم ومكانته، فإن الفقهاء قد تناولوا -عند تَعَرُّضِهِم لأحكام الصيام- كلَّ ما يتعلق به مِن واجباتٍ ومُستَحَبَّاتٍ وسُنَنٍ ومُفسِداتٍ.
ومِن جملة هذه الأحكام: شروط الصوم، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل -فلا يجب الصوم على المجنون أو المعتوه ولا على الصبي-، والقدرة على الصوم -وتتحقق بالصحة، والإقامة، والخُلُوِّ مِن الموانع كالحيض والنفاس-، وهذه الشروط متفقٌ عليها بين أهل العلم، ومِن ثَمَّ فمَن توافرت فيه هذه الشروط وخَلَا مِن الموانع التي تمنعه مِن الصيام، فإنه يجب عليه صيام شهر رمضان.
أما إذا لم تتوافر فيه هذه الشروط أو أحدُها مِن نحو عدم توافر العقل الذي يُدرك به وجوب الصوم ومعناه -كما هي مسألتنا-، فإنه لا يكون مكلَّفًا بالصيام؛ إذ العقل مناط التكليف.
والأصل في ذلك: ما روي عن أمير المؤمنين الإمام عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ -أَوْ قَالَ: الْمَجْنُونِ- حَتَّى يَعْقِلَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَشِبَّ»، وفي رواية: «وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَعْقِلَ» والحديثان أخرجهما الأئمة: الطيالسي وأحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصحَّحهما.
قال العلامة زين الدين المُنَاوِي في "فيض القدير" (4/ 35، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» كنايةٌ عن عدم التكليف] اهـ.
وأجمع العلماء على أنَّ غير العاقل الذي لا يعلم ما رمضانُ؟ وما الصومُ؟ وما حُكمُه؟ لا يُكَلَّفُ بالصيام، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم (ص: 39، ط. دار الكتب العلمية)، و"بداية المجتهد" للإمام ابن رُشْدٍ الحفيد (2/ 46، ط. دار الحديث)، و"الإقناع" للعلامة ابن القَطَّان (1/ 226)، و"الشرح الكبير" للعلامة شمس الدين ابن قُدَامَة في "الشرح الكبير" (3/ 13، ط. دار الكتاب العربي)، و"المبدع" للعلامة برهان الدين ابن مُفْلِح (3/ 10، ط. دار الكتب العلمية).
ويستثنى مِن عدم التكليف بالصوم: مَن كانت إصابته بـ"متلازمة داون" في أدنى مراحِلِها، بحيث لا تَمنعه مِن إدراك الأحكام التكليفية إدراكًا كاملًا كالبالغ العاقل سواء بسواء، فيَفهم معناها، ويَعي ثوابَها وعقوبتها في الآخرة، فَيَعِي ما رمضانُ؟ وما الصومُ؟ وما حُكمُه؟ ونحو ذلك، ويقرِّر ذلك الأطباءُ المتخصِّصُون في هذا النوع من الأمراض، وحينئذ يكون مكلَّفًا بالصيام شأنه في ذلك شأن كلِّ مسلِمٍ بالغٍ عاقلٍ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب على الابن المذكور المصاب بـ"متلازمة داون" أن يصوم شهر رمضان ولو كان يَبلُغ مِن العُمر ستة وعشرين عامًا، وليس لوالده أن يجبره على الصوم؛ لكونه غير مكلَّف به كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجب الصيام على مريض الزهايمر، أو يجوز له أن يُفطر؟ وهل يجب عليه القضاء إذا أفاق؟
ما حكم الزكاة في عيادات الأسنان؟ وما كيفيتها؟ فهناك طبيب أسنانٍ يَملِك عيادةً، ويشتري لنشاطها كافةَ اللوازم الطبية لإجراء الفحوصات للمرضى والعلاج، سواء في ذلك الأدوات، أو المواد المستعمَلة في العلاج كالحشو والتركيبات وغير ذلك، ويسأل: هل تجب عليه زكاة هذه العيادة بمشتملاتها؟ وإذا وَجَبَت فما آلية حساب الواجب عليه من الزكاة شرعًا؟
يحتاج بعض مرضى قصور وظائف الكُلى إلى القيام بعملية الغسيل البريتوني، فهل غسيل الكُلى بهذه العملية يؤثر على صحة الطهارة، فيحتاج المريض إلى إعادة الوضوء بعدها، أو أنه يظل على طهارته؟
جمعية ومنظمة مصرية أهلية مشهرة بالوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.
وحيث إن الجمعية تمارس العديد من الأنشطة التي تتلخص في الآتي:
أولًا: دُور رعاية الأيتام، حيث تقوم الجمعية برعاية الأيتام الأسوياء والمعاقين، ويقوم على رعايتهم أمهات بديلات ومجموعة متكاملة من المشرفين.
ثانيًا: دار ضيافة مرضى الأورام، حيث تقدم خدماتها للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية ممن يتلقون العلاج، وتستضيف الدار المريض والمرافق.
ثالثًا: المساعدات الإنسانية المتمثلة في: زواج اليتيمات بتقديم مساعدات عينية ومساعدات نقدية للحالة المستفيدة، ومساعدات نقدية شهرية لغير القادرين على العمل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم مصدر دخل، وتبرعات عينية من الأثاث المنزلي للفقراء، وسداد مصروفات المدارس للأيتام، وتوزيع أجهزة لاب توب على ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية.
رابعًا: الأنشطة الصحية، ومنها: عمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية للمرضى غير القادرين، وعمليات العيون للمرضى من المحافظات المختلفة من مختلف الأعمار في كبرى المستشفيات المتخصصة، وتوفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وكراسي متحركة، وتوفير السماعات الطبية للمرضى غير القادرين، وتوفير الأدوية المستمرة بصفة شهرية للمرضى غير القادرين.
خامسًا: المشروعات التنموية تحت شعار (اكفُل قريةً فقيرة)، ومنها: مشروع تسليم رؤوس المواشي للأرامل والأُسر الأكثر احتياجًا في القرى المختلفة، شاملة التغذية لمدة سنة ونصف، والتأمين، ومشروع تسليم الأكشاك (الكشك شامل الثلاجة والبضاعة) إلى الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والأُسر الأكثر احتياجًا، وإعادة إعمار ورفع كفاءة المنازل في القرى الأكثر فقرًا، وذلك عن طريق بناء دورات مياه، وتعريش أسقف المنازل، وإضافة مواد عازلة للأسقف، وتركيب أبواب وشبابيك، ومحارة داخلية، وسيراميك للأرضيات، وتزويد هذه المنازل بالأثاث الخشبي والأجهزة الكهربائية، والمفروشات، وإقامة محطات تنقية المياه في القرى التي لا يوجد بها مصادر لمياه الشرب النقية لخدمة أهالي القرية بالمجان، وحفر آبار مياه في المناطق الصحراوية لخدمة أهالي المنطقة، وتوصيل كهرباء إلى المنازل التي لا يوجد بها كهرباء، والمساهمة في بناء واستكمال المساجد، وتأسيس المعاهد الأزهرية في المحافظات، وتكريم حفظة القرآن الكريم والمتفوقين.
سادسًا: الأنشطة الموسمية، وتتمثل في الآتي: توزيع كرتونة رمضان سنويًّا على الأُسر الأكثر احتياجًا، وذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأُسر الأكثر احتياجًا، وتوزيع البطاطين في موسم الشتاء على الأُسر الأكثر احتياجًا، وقوافل الخير الأسبوعية للجمعيات الصغيرة (معارض ملابس مجانًا في الجامعات والمدارس، وتوزيع مواد تموينية).
سابعًا: مستشفى لعلاج الأورام، حيث تقوم الجمعية بالإشراف على تمويل المستشفى بالمجان، ويهدف ذلك المستشفى إلى تقديم خدمات طبية متميزة طبقًا لأحدث المعايير والاعتمادات الطبية في العالم، ليكون هدية إلى أهلنا مرضى السرطان في صعيد مصر.
فهل تعد هذه الأنشطة سالفة الذكر ضمن مصارف الزكاة؟
ما مدى ولاية وليّ شخص من ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة على زوجة هذا الشخص وأولاده؟