نرجو منكم بيان ما يجب على المسلم فعله عند الدعوة إلى طعام حال قضائه ما فات من صيام رمضان؟ فهناك صائم يقضي ما فاته من رمضان ودُعي إلى طعام، فهل يجوز له الفطر وترك إتمام الصوم من أجل تلبية الدعوة؟
مَنْ كان يقضي ما فاته من صيام رمضان ودُعِي إلى طعامٍ -فإنه يحرُم عليه الفطر؛ لأنه لا يجوز إفساد الصوم الواجب، وعليه أن يُخبر الداعي بحاله معتذرًا له، ولا إثم عليه في عدم إجابة الدعوة إلى الأكل من الطعام حينئذٍ.
المحتويات
أوجب الشرع قضاء ما فات من رمضان مطلقًا، أي: في أيِّ وقت من أوقات السنة ما عدا الأيام التي لا يجوز الصوم فيها كأيام الأعياد وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].
قال الإمام أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 113، ط. دار الكتب العلمية): [يقتضي وجوب القضاء من غير تعيين لزمان] اهـ.
إجابة الإنسان دعوةَ أخيه له إلى الطعام من جملة المستحبات ومحاسن الأمور؛ لما فيها من جبر خاطره، ونشر روح المودة والتكافل بينهم، ورغم ذلك فإذا دُعي إلى طعام وكان صائمًا صومًا واجِبًا -كما ورد بالسؤال- فإنه يحرُم عليه الفطر، والمشروعُ في حقِّه عندئذٍ أن يُخبر الداعي بحاله معتذرًا له، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» رواه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 28، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه الإشارة إلى حسن المعاشرة، وإصلاح ذات البين، وتأليف القلوب، وحسن الاعتذار عند سببه] اهـ.
وعلى ذلك فقد قرَّر جمهور الفقهاء أن الصائم المدعو إلى وليمة أو طعام وهو مُتلبِّسٌ بصوم واجب فهو معذورٌ شرعًا في عدم الأكل ومن دون إثم عليه لتركه الإجابة لذلك؛ لأنه لا يجوز إفسادُ الصوم الواجب عمدًا بلا خلاف.
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 160-161، ط. مكتبة القاهرة): [مَن دخل في واجبٍ، كقضاء رمضان، أو نذر معين أو مطلق، أو صيام كفارة، لم يَجُزْ له الخروج منه؛ لأن الْمُتَعَيِّنَ وجب عليه الدخول فيه، وغير الْمُتَعَيِّنِ تعيَّن بدخوله فيه، فصار بمنزلة الفرض الْمُتَعَيِّنِ، وليس في هذا خلاف] اهـ.
قد تواردت عبارات فقهاء المذاهب الأربعة المتبوعة على تقرير ذلك:
قال الإمام فخر الدين الزيلعي الحنفي في شرح متن الكنز "تبيين الحقائق" مع "حاشية الشلبي" عليه (1/ 337-338، ط. الأميرية) في ذكر العوارض التي تُبيح الفطر للصائم: [(وللمتطوع بغير عذر في رواية ويقضي).. ولا خلاف بينهم أنه يجوز للعذر، واختلفوا في الضيافة هل تكون عذرًا؟ قيل: لا تكون عذرًا.. وقيل: تكون عذرًا قبل الزوال] اهـ.
قال العلَّامةُ الشِّلْبِيُّ مُحَشِّيًا عليه (1/ 338): [(قوله: وقيل: تكون عذرًا) أي: في التطوع في الصحيح دون صوم القضاء] اهـ.
وقال الشيخ أبو الحسن عليُّ بن خلف المالكي في "كفاية الطالب الرباني" مع "حاشية العدوي" عليه (2/ 471، ط. دار الفكر): [(و) إن حضرت وكنت غير صائم فـ(أنت في الأكل بالخيار) وإذا كنت صائمًا فلا تأكل]. قال العلامة العدوي محشيًا عليه: [قوله: فلا تأكل] أي: يحرم الأكل] اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في "شرح منهج الطلاب" (4/ 276، ط. دار الفكر): [(ولا تسقط إجابة بصوم)؛ لخبر مسلم.. وإذا دعي وهو صائم فلا يكره أن يقول: إني صائم.. أما صوم الفرض فلا يجوز الخروج منه، ولو موسعًا، كنذر مطلق] اهـ.
وقال أيضًا في "أسنى المطالب" (3/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويحرُم) على الصائم (الإفطار من) صوم (فرض ولو توسَّع وقته) كنذرٍ مطلقٍ وقضاءِ ما فات من رمضان بعذرٍ] اهـ.
وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 188، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن حَضَر) المدعو إلى وليمة أو نحوها (وهو صائمٌ صومًا واجبًا: لم يفطر)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، ولأن الفطر محرم، والأكل غير واجب] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ مَنْ كان يقضي ما فاته من صيام رمضان ودُعِي إلى طعامٍ -فإنه يحرُم عليه الفطر؛ لأنه لا يجوز إفساد الصوم الواجب، وعليه أن يُخبر الداعي بحاله معتذرًا له، ولا إثم عليه في عدم إجابة الدعوة إلى الأكل من الطعام حينئذٍ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ما يقوم به بعض التجار من احتكار السلع في ظِلِّ الظَّرْف الاقتصادي الذي يمرُّ به العالم؟
اعتنى العلماء بذكر أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فما مظاهر ذلك بصفة عامة، وفي خصوص اسم ياسين بصفة خاصة؟
ما حكم إذاعة صلاة التراويح من المساجد بصوت مرتفع وبسماعات خارج المسجد بأصوات مرتفعة ممَّا يُؤثّر على المرضى وكبار السن؟
هل يجوز صيام شهر رجب؟ لأن بعض الناس يذكرون أن تخصيص شهر رجب بالصيام بدعة محرمة، وأن الفقهاء الذين استحبوه -كالشافعية- مخطؤون، وهم قد استندوا في قولهم هذا لأحاديث ضعيفة وموضوعة، فهل هذا صحيح؟
ما حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان ومدى حصول الإثم به؟ فقد كان أخي متعبًا جدًّا في نهار رمضان، وضغطه منخفض، فأشرتُ عليه بالفطر وأخذ الأدوية؛ خوفًا من أن يغمى عليه؛ لأنه كان قد حصل معي موقف مشابه، وقد استجاب لي وأفطر في هذا اليوم، وأرجو الإفادة عن حكم فعلي هذا.
ما حكم جلوس الأب عاريًا تمامًا أمام أولاده الصغار، ولأي سن يمكنه فعل ذلك إن كان جائزًا؟