على مَن تجب تكلفة إرجاع السلعة حال الشراء أون لاين online؟ فقد باع رجل كتبًا إلى آخر، وتمت عملية البيع عن طريق الإنترنت، واتفقا على أن يكون للمشتري بعد أن يعاين الكتب حقُّ إرجاعها واسترداد قيمتها مرة أخرى، وذلك خلال أسبوعين تبدأ من تاريخ استلامها، وعندما وصلت الكتب واستلمها المشتري وعاينها رغب في إرجاعها، فطلب من شركة الشحن أن تعيدها إلى البائع مرة أخرى، فعلى مَن تجب تكلفة الإرجاع؟
الشخص الذي اشترى سلعة -كتبًا كانت أو غيرها- عن طريق البيع «أون لاين: online»، فأراد إرجاعها في الفترة المتفق عليها بينه وبين البائع أو نص عليها القانون، فإن تكلفة إرجاع السلعة وشحنها مرة أخرى إلى البائع تكون على المشتري، وذلك ما لم يتفقا ويتراضيا بينهما على خلاف ذلك، ويُراعى في ذلك كله الضوابط والإجراءات التي تحددها القوانين واللوائح المنظمة للتجارة الإلكترونية وحماية المستهلك ونحو ذلك.
المحتويات
المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية على عمومها شُرعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم، وذلك في إطارٍ من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كل طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، فأحلَّ اللهُ البيعَ والشراء في أصلِهما؛ فقال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]؛ حيث بيَّن سبحانه أَنَّ جنس البيع حلال؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 356، ط. دار الشعب): [قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ هذا من عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد؛ إذ لم يتقدم بيعٌ مذكورٌ يرجع إليه] اهـ.
وهذا الحِلُّ ينسحبُ على كلِّ أنواع البيوع إلَّا ما نَصَّ الشرع على حرمته واستثناه من حكم الأصل؛ وذلك كالبيوع المشتملة على الرَّبَا أو غيره من المحرمات؛ يقول العلامة الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 339، ط. دار الكلم الطيب): [﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ أي: إن الله أحلَّ البيع، وحرَّم نوعًا من أنواعه، وهو البيع المشتمل على الربا] اهـ.
المعاملة المسؤول عنها هي صورة من صور البيع الإلكتروني، وهي إحدى صور الإجراءات التعاقدية الحديثة في البيع: ما يُعْرَف بالبيع «أون لاين: online»، والتي يكون البيع فيها من خلال موقع أو حساب إلكتروني يقوم فيه مالكه بعَرضِ السلعة وتسويقها مع إرفاق صورة توضيحية لتلك السلعة مع وصفها بكلِّ ما يُعَرِّفها وصفًا منضبطًا من خلال بياناتها وسعرها بما ينفي الجهالة عنها، فإن ارتضى العميل (المشتري) هذه السلعة المعروضة وحصل الاتفاق عليها على أن يكون التسليم وإنهاء إجراءات التعاقد في موعدٍ محددٍ من طرفي العقد.
وإجراء العقودِ بيعًا وشراءً «أون لاين: online» من خلال البيع والشراء عن طريق التسويق الإلكتروني الذي يعتمدُ على عَرْضِ البائعِ تفاصيل المنتج، وكيفية تسليمه للعميل بعد الاتفاق على السعر هو مَن قبيل بيع العين الغائبة الموصوفة، وهذا البيع جائزٌ ولا حرج فيه شرعًا بناء على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية، والشافعية في قولٍ، والحنابلة في روايةٍ؛ لأنَّ الأصل في المعاملات الإباحة إلَّا ما ورد الشرع بتحريمه، وما دام أَنَّ البيع عن طريق التسويق الإلكتروني يشتمل على مُقوِّمات البيع الشرعي أركانًا وشروطًا مما يرتبط بالصيغة والعاقدَين والمحلِّ، فهو بيع جائز شرعًا.
وقد أجمع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على صحة بيع الغائب المقدور على تسليمه من غير نكير، وقد نقل الإجماع غير واحد من العلماء كالإمام محمد بن الحسن التميمي الجوهري (المتوفى: حوالي 350 هـ) في كتابه "نوادر الفقهاء" (ص: 241، ط. دار القلم).
وقد نص جمهور الفقهاء على ثبوت خيار الرؤية للمشتري، وذلك إذا اشترى سلعةً ما لكنه لم يرها، فله الخيار إذا رآها: إن شاء أخذها بثمنها، وإن شاء ردها، وذلك "للضرورة الداعية عند تعذر الرؤية لينفع النفع العاجل للبائع بتعجيل الثمن، وللمشتري بالاسترخاص"، كما قال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (5/ 19، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام برهان الدين المرغيناني الحنفي في "بداية المبتدى" (ص: 133، ط. محمد علي صبيح): [ومَن اشترى شيئًا لم يره فالبيع جائزٌ وله الخيار إذا رآه إن شاء أَخَذَه بجميع الثمن وإن شاء رَدَّه] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (2/ 678، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [فإن وجد المبيع سالمًا على تلك الصفة: لزم المبتاع ولا خيار له وقبض البائع ثمنه، وإن وجد على غير تلك الصفة: فالمشتري بالخيار في إجازة البيع ورده، ولا يجب عند مالك خيار الرؤية في بيع الغائب إلا لمن اشترطه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 377، ط. المكتب الإسلامي): [خيار الرؤية حيث ثَبَت، هل هو على الفور، أم يمتد امتداد مجلس الرؤية؟ وجهان: أصحهما: يمتد. قال الشيخ أبو محمد: الوجهان بناء على وجهين في أنه هل يثبت خيار المجلس مع خيار الرؤية كشراء العين الحاضرة، أم لا يثبت للاستغناء بخيار الرؤية؟ فعلى الأول: خيار الرؤية على الفور، لئلا يثبت خيار مجلسين. وعلى الثاني: يمتد] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 495-496، ط. مكتبة القاهرة): [ويعتبر لصحة العقد: الرؤية من البائع والمشتري جميعًا، وإن قلنا بصحة البيع مع عدم الرؤية، فباع ما لم يره، فله الخيار عند الرؤية، وإن لم يره المشتري أيضًا، فلكلِّ واحدٍ منهما الخيار] اهـ.
إذا ما حصل الاتفاق ووصلتِ السلعة للمشتري وتسلَّمها، وأراد بعد ذلك أن يقوم بإرجاعها، فإن التكلفة في هذه الحالة تكون على المشتري؛ بناء على ما نصَّ عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على أن المشتري إذا رجع في المبيع؛ فإن مؤنة الرد عليه.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (4/ 594، ط. دار الفكر): [ومؤنة رد المبيع بعيب أو بخيار شرط أو رؤية: على المشتري] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (4/ 375، ط. المكتبة التجارية الكبرى، ومعه حاشية العلامة الشرواني): [مؤنة رد المبيع بعد الفسخ بعيبٍ أو غيره إلى محل قبضه: على المشتري] اهـ.
قال الإمام الشرواني الشافعي محشيًا عليه: [(قوله: أو غيره) كالخيار] اهـ.
وقال الإمام البهوتى الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 253، ط. دار الكتب العلمية): [(وعليه) أي: المشتري إذا اختار الرد (مؤنة رده) إلى البائع] اهـ.
وإلى هذا المعنى أشار فقهاء المالكية في كلامهم حول ردِّ الشيء المستعار إلى صاحبه، حيث قال العلامة عليش المالكي في "منح الجليل" (7/ 75، ط. دار الفكر): [مؤنة (ردِّها) أي العارية لمكان معيرها فإنها على مستعيرها أيضًا (على الأظهر) عند ابن رشد من الخلاف "ق" ابن رشد اختلف في أجرة رد العارية فقيل: على المستعير، وهو الأظهر؛ لأن المعير فعل معروفًا، فلا يغرم أجرة معروف صنعه] اهـ.
ويشهد لذلك ما أخرجه الإمام أحمد في "المسند" وابن ماجه والنسائي في "السنن" عن سمرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه»، وكلمة "على" في الحديث كلمة إلزام، فما دام أنَّ المشتري قد تَسَّلم السلعة فصار الأداء لزامًا عليه، إلا أن يتفقا بالتراضي على غير ذلك. قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (3/ 175، ط. المطبعة العلمية): ["على" كلمة إلزامٍ وإذا حصلت اليد آخذة صار الأداء لازمًا لها، والأداء قد يتضمن العين إذا كادت موجودة والقيمة إذا صارت مستهلكة] اهـ.
فيُفهم مما سبق من نصوص الفقهاء أن تكلفة رد المبيع ومؤنة ذلك تكون في الأصل على المشتري إلا أن يتفقا على غير ذلك.
وإلى هذا ذهب المشرِّع المصري في خصوص السِّلع، إذ أتاح للمستهلك الرجوع في السلعة التي اشتراها عن بُعدٍ في خلال أربعة عشر يومًا من استلامه السلعة، وألزم المورد بردِّ المبلغ المدفوع من المستهلك بذات طريقة دفعه، وذلك خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام من تاريخ إعادة المنتج، مع تقرير أن تَبِعة الإرجاع في هذه الحالة تكون على المستهلك -أي: المشتري- لا البائع، وذلك كله ما لَم يتفقا ويتراضيا على غير ذلك، كما قررته المادة (40- فقرة 1، 2) من القانون رقم (181) لسنة 2018م بشأن حماية المستهلك.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الشخص الذي اشترى سلعة -كتبًا كانت أو غيرها- عن طريق البيع «أون لاين: online»، فأراد إرجاعها في الفترة المتفق عليها بينه وبين البائع أو نص عليها القانون، فإن تكلفة إرجاع السلعة وشحنها مرة أخرى إلى البائع تكون على المشتري، وذلك ما لم يتفقا ويتراضيا بينهما على خلاف ذلك، ويُراعى في ذلك كله الضوابط والإجراءات التي تحددها القوانين واللوائح المنظمة للتجارة الإلكترونية وحماية المستهلك ونحو ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما دور الحساب الفلكي والوسائل العلمية الحديثة في تحديد بداية الشهور الهجرية؟ وما هو الرأي الشرعي في البحث المسمى: "الجدلية العلمية بين علماء الفلك وعلماء الشريعة حول بدايات ونهايات الشهور القمرية" لكاتبه السيد/ عبد السلام مهاجر خليفة قريرة، فوجدناه يدور حول عدة قضايا؛ منها:
- قضية الخلاف بين علماء الفلك وعلماء الشريعة.
- وقضية اعتبار الحساب الفلكي في إثبات هلال شهور رمضان وشوال وذي الحجة، باعتبارها حجر الزاوية بين الشهور القمرية.
- وقضية اختلاف المطالع، وأثرها على ثبوت دخول الشهر.
- وقضية شروق الشمس والقمر وغروبهما في الحسابات الفلكية، وفي القرآن الكريم.
- وقضية الصيام والحج، وما يترتب عليهما من عبادات.
- وقضية المراكز الفلكية واختلاف معاييرها.
- وقضية ميلاد الهلال، ورؤية الهلال.
- وقضية الوسائل العلمية الحديثة في التماس هلال أوائل الشهور القمرية، ومنها القمر الاصطناعي، وإمكانية بث صورة الهلال بعد غروب شمس التاسع والعشرين؛ ليراها جميع المسلمين في كل بقاع الأرض.
- وقضية الفرق بين علم الفلك، ومهنة التنجيم.
- وقضية توحيد أوائل الشهور القمرية لجميع المسلمين في العالم.
ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟
ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟
يطلب السائل بيان الحكم الشرعي في الفوائد على الأموال التي في البنوك، هل هي حلال أم حرام؟
ما حكم بيع الذهب القديم بالجديد؟