سائلة تقول: هل يجوز التداوي بالكيّ؟ فهناك امرأة تعاني منذ فترة من حبوب زائدة بارزة في اليد وأخذت علاج لذلك، لكن لم يتم شفاؤها، وقد أخبرها أهل الخبرة في التداوي أنها تحتاج إلى كيّ في حالة عدم نفع العلاج؛ وتسأل هل العلاج بالكي جائز شرعًا؟
المحتويات
تضافرت النصوص الشرعية في الحثّ على التداوي والأخذ بأسباب العافية؛ فروى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».
وروى مسلم في "صحيحه" عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ؛ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وروى أبو داود في "سننه" عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ».
الكيّ من العلاجات المعروفة في الطبّ القديم، ويكون عن طريق استعمال حديدة محماة تكوى بها مواضع معينة لعلاج بعض الأمراض، وهو مأخوذ من: [كَواهُ البيطار وغيره يَكْوِيه كيًّا: أحرق جلده بحديدة ونحوها، ومنه قولهم: "آخر الدواء الكَيُّ"]. انظر: "تاج العروس" (39/ 423، ط. دار الهداية).
والكيُّ من العلاجات التي أباحها الشرع الشريف عند عدم نفع الأدوية؛ والأصل في مشروعيَّته:
ما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه فِي أَكْحَلِهِ، قَالَ: فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ".
وما رواه أيضًا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ".
قال الإمام النووي في شرح الحديث من "شرحه لصحيح مسلم" (14/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [وذَكَرَ الكيّ؛ لأنه يُستعمل عند عدم نفع الأدوية المشروبة ونحوها، فآخر الطب الكيّ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» إشارة إلى تأخير العلاج بالكيّ؛ حتى يُضطرَ إليه، لما فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكيّ] اهـ.
أما ما ورد في بعض الأحاديث التي ظاهرها النهي عن الكيّ فمحمول على عدم الحاجة إلى الكيّ؛ وقد جمع الحافظ ابن حجر العسقلاني بين هذه الأحاديث الواردة في الكي؛ فقال في "فتح الباري" (10/ 155-156، ط. دار المعرفة): [قوله: (باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو): كأنه أراد أن الكي جائز للحاجة، وأن الأولى تركه إذا لم يتعين، وأنه إذا جاز كان أعم من أن يباشر الشخص ذلك بنفسه أو بغيره لنفسه أو لغيره، وعموم الجواز مأخوذ من نسبة الشفاء إليه في أول حديثي الباب، وفضل تركه من قوله: «وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ»، وقد أخرج مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: رُمِيَ سعد بن معاذ على أَكْحَلِهِ فَحَسَمَهُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن طريق أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بعث إلى أبي بن كعب رضي الله عنه طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كَوَاهُ"، وروى الطحاوي وصححه الحاكم عن أنس رضي الله عنه قال: "كَوَانِي أبو طلحة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، وأصله في البخاري، وأنه كُوِيَ من ذات الجَنْبِ وسيأتي قريبًا، وعند الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَوَى أَسْعَدَ بن زُرَارَة من الشَّوكَة، ولمسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه: "كَانَ يُسَلِّمُ عَليّ حَتَّى اكتويت فَترك ثُمَّ تَرَكْتُ الْكَيَّ فعاد"، وله عنه من وجه آخر: إن الذي كان انقطع عني رجع إلي؛ يعني تسليم الملائكة كذا في الأصل، وفي لفظ: "أنه كان يسلم عليَّ، فلما اكتويت أمسك عني، فلما تركته عاد إلي"، وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي عن عمران رضي الله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحنا ولا أنجحنا"، وفي لفظ: "فلم يُفْلِحْنَ وَلَمْ يُنْجِحْنَ"، وسنده قوي، والنهي فيه محمول على الكراهة أو على خلاف الأولى؛ لما يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل إنه خاص بعمران؛ لأنه كان به الباسور وكان موضعه خطرًا فنهاه عن كيه، فلما اشتد عليه كواه فلم ينجح. وقال ابن قتيبة: الكيّ نوعان: كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر، والقدر لا يدافع، والثاني: كيّ الجرح إذا نَغِلَ أي: فسد، والعضو إذا قطع فهو الذي يُشرع التداوي به، فإن كان الكي لأمر محتمل فهو خلاف الأولى؛ لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق، وحاصل الجمع: أن الفعل يدل على الجواز، وعدم الفعل لا يدل على المنع، بل يدل على أن تركه أرجح من فعله، وكذا الثناء على تاركه، وأما النهي عنه: فإما على سبيل الاختيار والتنزيه، وإما عما لا يتعين طريقًا إلى الشفاء، والله أعلم] اهـ.
وقال المازري في "المُعْلِم بفوائد مسلم" (3/ 169، ط. الدار التونسية للنشر): [وتعقيبه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا أحبّ أن أكتويَ» إشارة إلى أن يؤخَّر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يوجد الشفاء إلا فيه؛ لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعفَ من ألم الكيّ] اهـ.
من هنا يظهر أنَّ مقصود الشارع هو النهيُ عن الكيّ الذي يُبادر إليه الصحيح رغبةً في التَّحَصُّن من المرض أو الذي يرتكبه المريض مع وجود غيره ممَّا لا ألم معه من الأدوية، أو مع اعتقاد التأثير الذاتي للكي.
أما المريض الذي غلب على الظن أن الكيّ هو الدواء المناسب له؛ لعدم جدوى غيره من أسباب التداوي فهو: مشروع في حقه؛ للحاجة، ولما فيه من المداواة وإزالة الضرر. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم
ما فكرة بنك العيون قبل قانون 274 لسنة 1959م؟ فنحن نرجوا بيان حكم الشريعة الإسلامية في الاستيلاء على عيون الموتى عقب وفاتهم وحفظها في بنك يسمى بنك العيون أسوة بحفظ الدم من الأحياء في بنك الدم. هل هو حرام أم حلال؟ وذلك لاستخدام هذه العيون في ترقيع القرنية لمن تحرقت قرنياتهم حديثًا أسوة بما يفعله الأطباء الآن ليعيدوا البصر إلى المكفوفين.
وبيان ما إذا كان الدين يمنع من صدور قانون يقضي بالاستيلاء على عيون الموتى لاستعمالها في تطبيب عيون الأحياء.
نرجو منكم بيان حكم الشرع في الرُّقْيَة بالقرآن الكريم.
ما حكم استعمال واستيراد صمام للقلب من أنسجة الخنزير؟ حيث تقوم شركة باستيراد بعض الأصناف الخاصة بعلاج مرضى القلب المفتوح، وأحد الأصناف التي نستوردها هي صمام طبيعي نسيجي مأخوذ من الخنزير، علمًا بأن هذا الصنف يتم معالجته وتعقيمه وحفظه في درجة حرارة معينة ثم يُزرع في جسم المريض. فما حكم الشرع في استعمال واستيراد مثل هذا الصمام؟
ما حكم ربط المبيض للضرورة الطبية؟ فأنا سيدة أعاني من مرض التهاب نيفروزي بالكُلى وقمت بإجراء عمليات إجهاض ستَّ مرات، والأطباء يتوقعون أن الحمل مرة أخرى قد يسبب فشلًا كُلويًّا، فهل يجوز لي إجراء عملية ربط؟ أرجو الإفادة وبيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم التبرع ببلازما الدم؟ فقد أثبتت التجارب العلمية التي أعلنت عنها وزارة الصحة المصرية نجاح علاج المصابين بفيروس كورونا عن طريق حقنهم بالبلازما المستخلصة من دماء المتعافين منه، حيث ظهرت النتائج المبشرة من خلال زيادة نسب الشفاء للمرضى، وتقليل احتياجهم لأجهزة التنفس الصناعي. وبدأت هذه التجارب منذ إعلان هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عن إمكانية استخدام البلازما الخاصة بالمرضى المتعافين من فيروس كورونا المستجد في علاج الحالات الحرجة، نظرًا لكونها تحتوي على الأجسام المضادة للفيروس، مما يمنح احتمالية لتحسن تلك الحالات خاصة مع الشواهد البحثية في العديد من دول العالم.
وقد ناشدت وزيرة الصحة المتعافين من فيروس كورونا، التوجه إلى أقرب مركز نقل دم تابع لخدمات نقل الدم القومية بوزارة الصحة والسكان؛ وذلك للتبرع ببلازما الدم، بعد مرور 14 يومًا على شفائهم، حيث تم تفعيل العمل بخمسة مراكز نقل دم على مستوى الجمهورية.
فما حكم تبرع المتعافين من الوباء بالبلازما في هذه الحالة؟ وهل يسوغ لهم الامتناع من التبرع مع المناشدة الوطنية والاستنفار القومي لإنقاذ الأعداد الكثيرة المصابة بوباء كورونا؟
ما حكم صوم من نهاه الطبيب عن الصوم؟ فرجلٌ مريض بالقلب أُجرِيَت له عملية قسطرة، وقد نهاه الطبيب عن الصيام في رمضان، فما حكمه؟ وهل يجوز له أن يصوم مخالفًا أمرَ الطبيب؟ وهل عليه وزر إذا صام؟