هل التصوير الفوتوغرافي يأخذ حكم التصوير الذي ورد النهي عنه شرعًا؟
المحتويات
التصوير الفوتوغرافي مصطلح مشتق من اللغة اللاتينية اليونانية مكون من شقين: الشق الأول: كلمة: (photo) وتعني: الضوء، والشق الثاني: كلمة: (Graphic)، وتعني الرسم أو الكتابة، فكلمة (Photographic) تعني بالعربية: الرسم بالضوء.
وحقيقته: أن يستخدم الـمُصَوِّر آلة -عدسة- مُصَمَّمة بطريقة تسمح بعكس المشهد الذي أمامها في وَسَطٍ يمكنه الاحتفاظ به؛ وذلك بواسطة تأثيرات ضوئية، ثم يمكنها بعد ذلك الاحتفاظ بذلك الانعكاس بداخلها؛ وهو ما يطلق عليه الصورة الفوتوغرافية.
وقد توصَّل العلماء لفكرة العدسات الناقلة للصورة من خلال دراستهم للعين البشرية، فآلة التصوير تشبه عمل العين في انعكاس الأجسام التي في حيز الضوء بداخلها، غير أن الآلة تعمل على تسجيلها على ذاكرتها حتى يمكن رؤيتها مرة أخرى.
قال العلامة الحسن بن الهيثم في كتابه "المناظر" (ص: 137، ط. التراث العربي): [قد تبيَّن فيما تقدم أن كلَّ جسم مضيء بأي ضوء كان، فإنَّ الضوء الذي فيه يصدر منه ضوء إلى كل جهة تقابله، فإذا قابل البَصَرُ مُبْصَرًا من المبصَرات وكان المبصَرُ مضيئًا بأي ضوء كان، فإنَّ الضوء الذي في المُبْصَر يرد منه ضوء إلى سطح البَصَرِ، وقد تبين أيضًا أن من خاصة الضوء أن يؤثر في البصر وأن من طبيعة البصر أن ينفعل بالضوء] اهـ.
ويقول العلامة بخيت المطيعي في "الجواب الشافي" (ص: 20، ط. المطبعة الخيرية): [إن أخذ الصور بالآلة المذكورة على ما قد علمناه من الثقات في ذلك، أنه عبارة عن حبس الظل بطريقة مخصوصة معلومة لأربابها، ومن المعلوم في كيفية حدوث الظل أن كل جسم كثيف إذا قابل جرمًا منيرًا حدث للجِرْم الكثيف ظلٌّ في الجهة القابلة للجِرْم المنير] اهـ.
إنما أُطْلِقَ اسم التصوير على التقاط الأشكال الفوتوغرافية مجازًا؛ تشبيهًا له بالتصوير اللغوي؛ فإن التصوير في أصل الوضع اللغوي هو مصدر "صوَّر"؛ أي: "جعل له صورة مجسَّمة"؛ كما في "المعجم الوسيط"، "والتصاوير: التماثيل"؛ كما في "الصحاح" للجوهري.
ولذلك فالتصوير الفوتوغرافي يختلف عن التصوير الذي ورد النهيُ الشرعيُّ عنه؛ إذ إنه يغايره في حقيقته ويباينه في علة تحريمه.
فأمَّا كونه مغايرًا له في الحقيقة؛ فالتصوير الفوتوغرافي: انحباس ظل، والتصوير الذي ورد النهي عنه: هو التمثيل أو ما جُعِل على نظير مثال سابق قابل للأبعاد الثلاثة، يقال: مثلت الشيء؛ أي: جعلت له مثالًا أو تمثالًا.
قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (11/ 613، ط. دار صادر): [والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع: التَّماثيل، ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره حتى كأَنه ينظر إِليه] اهـ.
وقد تقرَّر في قواعد الفقه في مثل هذه الحالة أن "العبرة في الأحكام للمعاني لا للألفاظ والمباني"، فإذا تغير المعنى تغير الحكم؛ وإن تشابهت الألفاظ والمسميات. قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (12/ 201، ط. دار المعرفة): [والعبرة للمعنى دون الألفاظ] اهـ.
وأما كونه مباينًا له في علة التحريم: فقد حرم الشرع الشريف التصوير؛ لما ارتبط به في الجاهلية من العبادة والتقديس، أو مضاهاة خلق الله تعالى تحدّيًا وكبرًا.
قال الإمام ابن العربي المالكي في "أحكام القرآن" (4/ 9، ط. دار الكتب العلمية): [والذي أوجب النهي عنه في شرعنا -والله أعلم-: ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يُصَوِّرون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "شرح مسلم" (14/ 91، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأما رواية: «أشدُّ عذابًا» فقيل: هي محمولة على من فعل الصورة لتُعْبَدَ، وهو صانع الأصنام ونحوها فهذا كافر، وهو أشد عذابًا، وقيل: هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك] اهـ.
فإذا زالت علة التحريم -وهي العبادة أو المضاهاة- زال التحريم وجاز اتخاذها واستعمالها؛ لما هو مقرر أنَّ الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن توضعَ الصورة في البيت في موضع يشغله عن الصلاة، ثم أباحها للمصلحة إذا زالت هذه العلل عنها؛ فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها، أنه كان لها ثوب فيه تصاوير، ممدود إلى سهوة، فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي إليه فقال: «أَخِّرِيهِ عَنِّي»، قالت: "فأخَّرته فجعلته وسائد".
وعنها رضي الله عنها، قالت: "قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر وقد اشتريت نمطًا فيه صورة، فسترته على سهوة بيتي، فلما دخل كَرِه ما صنعت وقال: «أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ يَا عَائِشَةُ؟» فطرحته فقطعته مرفقتين، فقد رأيته متكئًا على إحداهما وفيها صورة" أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
قال العلامة بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (22/ 73، ط. دار إحياء التراث العربي): [فهذا يدلّ على أنه استعمل ما عملت منها، وهما المرفقتان] اهـ.
على ذلك: فالتصوير الفوتوغرافي ليس هو التصوير المنهيَّ عنه في الحقيقة، وليست فيه علةُ التحريم التي ورد النهي عن التصوير لأجلها، فإذا خلا من كشف العورات أو اختراق الخصوصيات فلا مانع منه شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يتم تداول قصيدة البردة بشكل واسع بين المسلمين؛ فما مدى صحة إسنادها إلى الإمام البوصيري؟
ما حكم التلفيق بين مذهبين في بعض مسائل الطهارة؟ حيث جاء في حاشية العلامة السفطي المالكي على الشرح المسمى بـ"الجواهر الزكية على ألفاظ العشماوية" للشيخ أحمد بن تركي المالكي في باب فرائض الوضوء ما نصه: "واعلم أنهم ذكروا للتقليد شروطًا.." إلى أن قال: "الثالث: أنه لا يلفق في العبادة، أما إن لفق كأن ترك المالكي الدلك مقلدًا لمذهب الشافعي، ولا يبسمل مقلدًا لمذهب مالك، فلا يجوز؛ لأن الصلاة حينئذٍ يمنعها الشافعي؛ لفقد البسملة، ويمنعها مالك؛ لفقد الدلك"، ثم قال بعد ذلك: "وما ذكروه من اشتراط عدم التلفيق رده سيدي محمد الصغير وقال: المعتمد أنه لا يشترط ذلك، وحينئذ فيجوز مسح بعض الرأس على مذهب الشافعي، وفعل الصلاة على مذهب المالكية، وكذا الصورة المتقدمة ونحوها وهو سعة ودين الله يسر". فهل لو اغتسل غسلًا واجبًا أو توضأ وضوءًا واجبًا من ماءٍ قليلٍ مستعمل في رفع حدث مقلدًا لمذهب مالك وترك الدلك مقلدًا لمذهب الشافعي يكون غسله أو وضوؤه صحيحًا مثل الصورتين المتقدمتين؟ وهل يجوز التلفيق في قضية واحدة بين مذهبين في غسل واجب أو وضوء واجب؟
سائل يقول: ينتشر بين الناس أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أن الملائكة تلعن الجنب في كل خطوة يخطوها"، أو "أنها تلعنه حتى يغتسل". فما مدى صحة هذا الكلام؟
ما حكم قول (سيدنا) على الإمام الحسين؟ فقد أنكر عليَّ أحدهم قولي: "سيدنا الحسين"، متعلِّلًا بأنَّ لفظ السيادة لا يجوز إطلاقه هكذا متعلِّلًا بحديث: «إنما السيد الله»، ونرجو بيان معنى هذا الحديث.
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلاَةَ عَلَيْه» فما كيفية هذا الإحسان؟ وهل يجب الالتزام بالوارد فقط؟
سائل يقول: نرجو منكم بيان المراد من قول النبي عليه الصلاة والسلام: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ»؟