ما حكم بيع دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة؟ فهناك جمعيةٌ خيريةٌ تعمل على ذبح الأضاحي كلَّ عامٍ بكمياتٍ كبيرةٍ، وعرضت عليها بعض مصانع الأسمدة شراء دماء الأضاحي. فهل يجوز شرعًا للقائمين على هذه الجمعية بيع دماء الأضاحي لتلك المصانع؟
دماء الأضاحي نجسةٔ ويحرم بيعها، إلا أنَّه يجوز للجمعية المذكورة التخلي عن هذه الدماء لمصانع الأسمدة في مقابل ماليٍّ على جهة "رفع اليد عن الاختصاص"، وذلك إذا ثبت نَفعُها في صناعة الأسمدة بما يؤدي إلى إنماء الثروة الزراعية، وعدمُ الضرر منها بأيِّ وجهٍ مِن الوجوه، سواءٌ على الإنسان أو الزرع أو البيئة، ولا حرج في ذلك شرعًا حينئذٍ.
المحتويات
الأضحية شعيرةٌ مِن شعائر الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي مِن أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه يوم النحر وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28].
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" واللفظ له، والبيهقي في "شعب الإيمان".
دم الأضاحي نجسٌ باتفاق الفقهاء، وهو الدم المسفوح المنهي عنه في قول الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: 145].
قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 19، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أنَّ الكثير مِن الدم أيَّ دمٍ كان، حَاشَا دم السمك وما لا يَسيل دَمُهُ، نجسٌ] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (22/ 230، ط. أوقاف المغرب): [وهذا إجماعٌ من المسلمين أنَّ الدم المسفوح رِجسٌ نَجسٌ] اهـ.
أجمع الفقهاء أيضًا على حرمة بَيع الدِّماء؛ لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» أخرجه الإمامان: أبو داود في "سننه"، وأحمد في "مسنده" واللفظ له.
وعن أبي جُحَيفَة رضي الله عنه قال: رأيتُ أَبِي فقال: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَالوَاشِمَةِ وَالمُسْتَوْشِمَةِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 144): [وجميع العلماء على تحريم بيع الدم] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 427، ط. دار المعرفة): [والمراد: تحريم بيع الدم، كما حرم بيع الميتة والخنزير، وهو حرامٌ إجماعًا، أعني بيع الدم وأخذ ثمنه] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "الكافي" (2/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز بيع الدم، ولا السرجين النجس؛ لأنه مُجمَعٌ على تحريمه ونجاسته، أشبَه الميتة] اهـ.
ومن ثمَّ فإنه يحرم بيع دماء الأضاحي، ولا يصح عقد بيعها، بل يجب التخلص من هذه الدماء لنجاستها.
إذا قرر المتخصصون فائدةَ هذه الدماء المسفوحة ونَفْعَها في صناعة الأسمدة بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج الزراعي أو تحسين نوعيته، مع ثبوت عدم الضرر على الإنسان أو الثروة الزراعية أو البيئة مِن هذا الاستخدام، وكان ذلك تحت إشراف الجهات الرقابية المعنية، وكان مِن شروط المَبِيع أن يكون طاهرًا، ودماء الأضاحي نجسةٔ بالاتفاق، فالحيلة الشرعية للاستفادة من هذه الدماء: ألَّا يتم ذلك عن طريق البيع والشراء، لكن عن طريق أخذ الجمعية المذكورة عِوَضًا ماليًّا نظير الإذْن لمصانع الأسمدة بأخذ الدِّماء مِن اختصاص الجمعية لتدخله في اختصاص نفْسها، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بـ"رفع اليد عن الاختصاص"، وهو تَعامُلٌ يختلف عن البيع، ويخالفه في ثبوت الضمان على المشتري بمجرد العقد ولو لم يحصل قبض، على حين أنَّ الضمان في عقد البيع يَظَلُّ على البائع إلى أن يقبض المشتري السلعة.
وعليه: فيكون تصرف الجمعية المذكورة في دماء الأضاحي حينئذٍ على جهة التخلي ورَفْع يَدِ الاختصاص عنها بمقابلٍ مالِيٍّ، وليس مِن باب البيع والتمليك.
و"الفرق بين الملك والاختصاص: أنَّ المِلك يتعلق بالأعيان والمنافع، والاختصاص إنما يكون في المنافع، وباب الاختصاص أوسع"؛ كما قال الإمام الزركشي في "المنثور في القواعد" (3/ 234، ط. أوقاف الكويت)، فعُلِم مِن ذلك أنَّ حق الاختصاص "عبارةٌ عما يَختصُّ مُستَحِقُّهُ بالانتفاع به، ولا يَملِكُ أحدٌ مُزَاحَمَتَهُ فيه، وهو غير قابلٍ للشُّمُولِ والمعاوضات، ويدخل تحت ذلك صورٌ: منها.. الأدهان المتنجسة"؛ كما قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "القواعد" (ص: 192، ط. دار الكتب العلمية).
وقد نصَّ الشافعية على جواز "رفع اليد عن الاختصاص" في خصوص الأعيان النجسة.
قال العلامة الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (4/ 235-236، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويجوز نقل اليد عن النجس بالدراهم.. وطريقُهُ أن يقول المستحِق له: أسقطتُ حَقي مِن هذا بكذا، فيقول الآخَر: قَبِلْتُ.. والذي حققه ابن قاسمٍ أنَّ المبيع هو الطَّاهر فقط، والنجس مأخوذٌ بحُكم نَقْلِ اليد عَن الاختصاص، فهو غير مَبِيعٍ وإنْ قَابَلَهُ جزءٌ مِن الثمن] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ دماء الأضاحي نجسةٌ ويحرم بيعها، إلا أنَّه يجوز للجمعية المذكورة التخلي عن هذه الدماء لمصانع الأسمدة في مقابل ماليٍّ على جهة "رفع اليد عن الاختصاص"، وذلك إذا ثبت نَفعُها في صناعة الأسمدة بما يؤدي إلى إنماء الثروة الزراعية، وعدمُ الضرر منها بأيِّ وجهٍ مِن الوجوه، سواءٌ على الإنسان أو الزرع أو البيئة، ولا حرج في ذلك شرعًا حينئذٍ؛ كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم جمع جلود الأضحية وبيعها والتبرع بثمنها؟ فجمعيتنا تقوم على الدفاع عن حقوق مسلمي تركستان الشرقية التي ما زالت تحت احتلال الصين الشيوعية، سواء أكانت هذه الحقوق متعلقة بالتركستانيين في البلاد أم في الخارج، إضافة إلى أن عندنا جامعًا كبيرًا في تركيا باسم "جامع التركستان"، ونعطي منحًا دراسية لعدد من الطلاب، علمًا بأن الجمعية ليس لها أي مصدر مالي وأنها تعتمد على مساعدات الآخرين؛ لهذا السبب ولغيره كنا نجمع منذ سنوات جلود الأضحية ونصرفها على الأمور المذكورة سابقًا، إلا هذه السَّنة، حيث قال البعض: إن جمع جلود الأضحية للجمعية لا يجوز ولو كان لمسجدٍ أو لغيره. نريد منكم التوضيح في أقرب وقت ممكن حتى لا نسير على طريق غير مستقيم.
يتعذَّر علينا تحديد سن الأُضحية، علمًا بأننا نقوم بشراء العجول من الجاموس والبقر بأوزان تتراوح بين 350 كجم إلى 400 كجم، وعند سؤال التُجَّار عن ذلك أجابوا بأنَّ العجل يزيد بناءً على كمية الأكل والاهتمام به، فهل التضحية بهذه الهيئة جائزٌة شرعًا؟ نرجو منكم التفضل بالإفادة عن مدى صحة ذلك.
ما شروط الأضحية؟ فقد اعتدت أن أضحي كل عام بخروف اقتداء بسنة رسولنا الكريم، ولما كان لحم الخروف لا يكفي لسداد ما أتصدق به على الفقراء وما أوزعه من هدايا على الأقارب والأصدقاء، فقد درجت منذ عدة سنوات على أن أشترك مع ابني في التضحية بعجل من البقر أو الجاموس، والآن يريد زوج ابنتي أن يشترك معنا في الأضحية على أن نشتري نحن الثلاثة عجلًا أكبر، ويطلب السائل الاستفسار عن الآتي:
1- هل يجوز التضحية من البقر والجاموس؟
2- ما هو الحد الأدنى لسن كل من عجل البقر والجاموس الذي تتم به التضحية؟
3- هل يجوز التضحية بأنثى البقر وبأنثى الجاموس؟ وما هو الحد الأدنى لسن كل منهما؟
4- ما هو الحد الأقصى لعدد المشتركين في التضحية بعجل البقر أو عجل الجاموس؟
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟ حيث اعترض عليَّ بعض الأصدقاء في العام الماضي، وقال لي بأنه لا يصح ذبح الأضحية ليلًا، فهل هذا صحيح أو لا؟ بحيث أتمكن من فعل ما هو موافق لأحكام الشرع الحنيف في هذا العام، علمًا بأن هذا الوقت هو الذي يكون مناسبًا لي في الأغلب.
سائل يقول: سمعت أنَّ المذهب الحنفيّ يقول بعدم سنيّة العقيقة، فهل هذا صحيح؟ وأرجو بيان مذاهب الفقهاء المتبوعين في العقيقة.
أنا امرأة متزوجة؛ فهل يجوز لي تهذيب الحاجبين؟