نرجو منكم بيان حقيقة الغيبة المحرمة شرعًا.
الغَيبة: بالفتح مصدر غاب، يقال: غاب الشيء يغيب غيبًا وغيبة وغيابًا، أي: بَعُدَ.
والغِيبة: بالكسر أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه. فإن كان صدقًا سمي غيبة، وإن كان كذبًا سمي بهتانًا. انظر: "مختار الصحاح" لزين الدين الرازي (ص: 231، ط. المكتبة العصرية)، و"لسان العرب" لابن منظور (1/ 656، ط. دار صادر)، و"عمدة القاري" للإمام بدر الدين العيني (22/ 127، ط. إحياء التراث العربي).
فالغيبة: هي ذكر المرء بِمَا فيه مما يَكْرَهُ في دينه أو دنياه أو أهله أو غير ذلك مما يتعلق به؛ سواء كان ذلك باللفظ أو بالإشارة أو الرَّمْز، أما ذِكْرُه بما ليس فيه فيكون بهتانًا.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 117، ط. دار الكتاب الإسلامي): [الحاصل أن الغيبة: وهي ذِكْرُ الإنسان بما فيه مما يكره ولو في ماله أو ولده أو زوجه أو نَحوِهَا مُحَرَّمَةٌ؛ سواء أذكره بلفظ أم كتابة أم إشارة بعين أو رأس أو يد أو نحوها] اهـ.
والأصل أن الغيبة مُحَرَّمة بالقرآن والسُّنَّة والإجماع.
أما القرآن: فقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: 12].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (22/ 308، ط. مؤسسة الرسالة): [حرَّم الله على المؤمن أن يغتاب المؤمن بشيء، كما حرَّم المَيْتة] اهـ.
وقال أيضًا في (22/ 308) عند تفسيره للآية الكريمة في خطابه تعالى للمؤمنين منزِّلًا الحسيِّ منزلة المعنوي: [أيحبّ أحدكم أيها القوم أن يأكل لحم أخيه بعد مماته ميتًا، فإن لم تحبوا ذلك وكرهتموه؛ لأن الله حرَّم ذلك عليكم، فكذلك لا تحبوا أن تغتابوه في حياته، فاكرهوا غيبته حيًّا كما كرهتم لحمه ميتًا؛ فإن الله حرَّم غيبته حيًّا، كما حرَّم أكل لحمه ميتًا] اهـ.
وأما السُّنَّة: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَمَّا عرج بي ربي مررت بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ، يخمشون وجوههم وصدورهم. فقلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم النَّاس، ويقعون في أعراضهم» أخرجه أبو داود في "السنن"، والإمام أحمد في "المسند".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أكل لحم أخيه في الدنيا، قُرِّبَ إليه يوم القيامة، فيُقَالُ له: كُلْهُ حيًّا كما أكلته ميتًا؛ فيأكله، ويكْلَحُ ويصيحُ» رواه الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط".
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 470، ط. دار المعرفة): [وهذا الوعيد في هذه الأحاديث يدل على أن الغيبة من الكبائر] اهـ.
وقد نقل الإمام النووي الإجماع على تحريم الغيبة؛ فقال في "الأذكار" (ص: 336، ط. دار الفكر) عند تعرضه لحكم الغيبة والنميمة: [هما محرمتان بإجماع المسلمين] اهـ.
وعدَّها العلامة ابن حجر الهيتمي من الكبائر؛ حيث قال في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 8، ط. دار الفكر): [الكبيرة الثامنة والتاسعة والأربعون بعد المائتين: الغيبة والسكوت عليها رضًا وتقريرًا] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما معنى وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأمي؟ وكيف يكون ذلك معجزة في حق مقامه الشريف؟
ما حكم وضع كاميرات مراقبة في غرف القياس؟ حيث اكتشف في الآونة الأخيرة أن بعض أصحاب المحلات التجارية لبيع الملابس يضعون كاميرات تصوير في غرف تبديل الملابس المخصَّصة لقياس الملابس المعروضة، وذلك بطريقة خفية بحيث لا يراها من يبدل ملابسه، ولا يخفى ما في ذلك من كشف للعورات التي حث الشرع على حفظها، فما حكم الشرع في من يفعل ذلك متحججًا بأن ذلك من أجل الحفاظ على أمواله من السرقة؟
نرجو منكم بيان حكم الاحتكار؟ وهل يجوز شرعًا لولي الأمر (الجهات المختصة) معاقبة الشخص المُحْتَكِر؟
ما حكم بيع القمح في السوق السوداء لاستخدامه بدلًا من العلف الحيواني؟
هل لي الحق في منع شخص من أصهاري يتسبب في فتنة في بيتي ومشكلات بين أهل بيتي من دخول البيت؟
ما هي مظاهر حث الشرع الشريف على الوعي بما يحافظ على الوطن ومُقَدَّراتِه والتحذير من نشر الشائعات من دون تحقّق؟