هل يجوز احتساب الزيادة عند تعجيل الزكاة عن العام المقبل؟ فأحد الأشخاص يخرج زكاة ماله معجَّلة على دفعات خلال العام قبل مرور الحول بعد أن بلغ ماله النصاب، ثم يحسب في آخر العام مجموع أمواله، وما يجب عليه من زكاة، وما دفعه معجلًا منها خلال العام؛ بحيث لو بقي عليه شيء أخرَجه، ثم تبيَّن له بعد الحساب أنَّه أخرج أكثر ممَّا يجب عليه؛ فهل يجوز له أن يحتسب هذه الزِّيادة من زكاة العام القادم؟ علمًا بأنَّ أمواله لا تقل عن نصاب الزكاة بإخراجه هذه الأموال على مدار العام.
يجوز للمزَكِّي الذي عجَّل إخراج الزكاة بعد بلوغ ماله النصاب وقبل مرور الحول، ثم وجد في آخر الحول أنه قد أخرج زكاةً أكثر ممَّا وجب عليه في عامه الحالي؛ يجوز له أن يحتسب الزيادة على المقدار الواجب عليه ويخصمها من زكاة العام القادم، ما دام النصاب مكتملًا عند الإخراج ومُضِيِّ الحول، بشرط ألَّا يقلَّ مالُهُ عن النصاب عند اكتمال الحول الثاني؛ فيجوز للشخص المذكور أن يحتسب هذه الزيادة من زكاة العام المُقبِل ما دام قد أخرجها بنية الزكاة.
المحتويات
الزكاة عبادةٌ وركنٌ من أركان الإسلام، وهي عبادةٌ ماليَّةٌ محضةٌ، أوجبها الله تعالى على الأغنياء؛ قصدًا لسدِّ حاجة المصارف الثمانية المنصوص عليها؛ خاصة الفقراء والمساكين؛ ولذلك خصهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالذِّكر في حديث معاذ رضي الله عنه حين أرسله إلى اليمن وقال له: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» متفق عليه.
وتجب الزكاة في المال إذا بلغ النِّصاب الشرعيَّ، وكانت ذمَّةُ مالكه خاليةً مِن الدَّين، وكان فائضًا عن حاجته وحاجة مَن يعول، ومضى عليه الحول -عامٌ قمريٌّ كامل-، والنِّصاب الشرعي هو ما بلغت قيمته 85 جرامًا من الذهب عيار 21؛ فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر منه وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر 2.5%، وهو ما أجمع عليه الفقهاء؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 47، ط. دار المسلم).
تعجيل إخراج الزكاة أبلغ في تحقيق منفعة الفقراء والمحتاجين، فيجوز إخراج الزكاة قبل تمام الحول؛ سواء كان إخراجها دفعةً واحدةً أو على دفعات خلال العام، بشرط أن يكون المال مستكملًا النِّصاب وقت وجوب إخراج الزكاة عند تمام الحول، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية -كما في "البحر الرائق" لزين الدين ابن نجيم الحنفي (2/ 96/ ط. دار الكتاب الإسلامي)-، والشافعية -كما في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعيِّ (2/ 132، ط. دار الكتب العلمية)-، والحنابلة -كما في "الشرح الكبير" لشمس الدين ابن قدامة الحنبليُّ (2/ 682 ط. دار الكتاب العربي)-، وهو ما عليه الفتوى.
إذا عجَّل المزكي زكاة ماله قبل مرور الحول ثم وجد في آخر الحول أنَّه قد أخرج مالًا بنية الزكاة أكثر مما وجب عليه؛ فالمختار للفتوى: أنَّه يجوز له أن يحتسب هذه الزيادة معجَّلةً عن زكاة العام القادم، بشرط أن يكون المال من جنسٍ واحد؛ فزكاة المال غير زكاة الزروع، وهكذا، ويشترط كذلك ألَّا يَقِلَّ المال الذي يملكه عن النصاب بعد خصم الزِّيادة التي أخرجها؛ وهذا مذهب الحنفيَّة، ومُقتضى مذهب الشافعية في مقابل الأصحِّ، ومذهب الحنابلة.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 293، ط. دار الفكر): [في "الولوالجية": لو كان عنده أربعمائة درهم، فأدَّى زكاة خمسمائةٍ ظانًّا أنها كذلك؛ كان له أن يحسب الزيادة للسنة الثانية؛ لأنه أمكن أن تُجعل الزيادة تعجيلًا اهـ. وقيد في "البحر" بكون الجنس متحدًا.. والدراهم والدنانير وعروض التجارة جنسٌ واحد اهـ] اهـ.
وقال الإمام النوويُّ الشافعيُّ في "المجموع" (6/ 147، ط. دار الفكر): [قال الرافعي: صحَّح الأكثرون المنع -أي من التعجيل لأكثر من عام- (فإذا قلنا) بالجواز فاتفق أصحابنا على أنَّه لا فرق بين عامين وأكثر، حتى لو عجَّل عشرة أعوام أو أكثر جاز على هذا الوجه، بشرط أن يبقى بعد المعجل نصابٌ؛ فلو كان له خمسون شاة فعجَّل عشرًا منها لعشر سنين: جاز] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعيُّ في "مغني المحتاج" (2/ 133، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا تُعَجَّل لعامين في الأصح) ولا لأكثر كما فُهِمَ بالأَوْلَى.. والثاني: يجوز؛ لما رواه أبو داود وغيره مِن أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم تَسَلَّفَ مِن العباس رضي الله عنه صدقة عامين، وصحح هذا الإسنويُّ وغيرُه، وعَزَوْهُ للنص] اهـ. فأفاد مقابلُ الأصح -وهو جوازُ التَّعجيل لأكثر من عامٍ- أنَّه يجوز لمَن وجد زيادةً فيما عجَّله من زكاة ماله أن يحتسب هذه الزيادة من زكاة العام الذي يليه.
وقال أبو السعادات البهوتيُّ الحنبليُّ في "كشاف القناع" (2/ 266، ط. دار الكتب العلمية): [(ولو ظن ماله ألفًا فعَجَّل زكاته فبان خمسمائةٍ: أجزأه) المعجَّل (عن عامين)؛ لِتَبَيُّنِ عدم وجوب زكاة الألف عليه، وأنَّه دفع زيادةً عما وجب عليه مع نية التعجيل. (وإن أخذ الساعي) من المزكي (فوق حقه حَسَبه) رَبُّ المال (مِن حولٍ ثانٍ) نص عليه] اهـ.
ولا يُتوهَّم بأن المتصدق إذا لم يكن له أن يحتسب ما أخرجه من مال الصدقة عن الزكاة الواجبة؛ فكذلك لا يجوز له أن يحتسب ما زاد من زكاة عامٍ من زكاة العام الذي يليه؛ لأن هذا قياسٌ مع الفارق؛ فلم يصح.
ووجه ذلك: أنَّ المتصدّق أخرج المال بنية الصدقة لا بنية عزل الواجب من الزكاة، أما المزكي فإنه يخرج زكاته بنية عزل الواجب من الزكاة عن ماله وتفريغ ذمته من حق الله تعالى؛ فافترقا، وكذا فإن المزكي لما احتسب ما زاد عن زكاة عامه من زكاة العام التالي لم تتحول نيتُه من الزكاة إلى غيرها، بخلاف احتساب ما أخرجه مِن الصدقة زكاةً فإن فيه تحويلًا للنية من الصدقة المندوبة إلى الزكاة المفروضة، وهو ما لا يصح.
والقول بجواز احتساب ما زاد من الزكاة عن عامٍ من زكاة العام التالي هو ممَّا يتوافق مع قواعد الشرع الشريف؛ لأن مراعاة مصلحة الغني والفقير معًا أَوْلَى مِن مراعاة أحدهما على حساب الآخر، بل الحفاظ على مال الغني وتنميته فيه مصلحة للفقير بدوام إخراج الزكاة، ولهذا كان حفظُ المال أحدَ الكليات الكبرى التي جاء الشرع الشريف بحفظها.
فإن قيل: هذا الأصل يلزم منه جواز احتساب الزكاة من مال الصدقة؛ حفظًا للمال أيضًا!
فجواب ذلك: أن الصدقة تكون عن طيب نفسٍ دون إلزامٍ أو إيجاب، ولا تُخرج في الغالب إلا عن ظهر غِنًى، أما الزكاة فإنها مالٌ واجبٌ فيه إلزام وإيجاب؛ فهي مالٌ متعيَّنٌ ومحددٌ؛ فَافْتَرَقَا.
بناءً على ذلك: فإنَّه يجوز للمزَكِّي الذي عجَّل إخراج الزكاة بعد بلوغ ماله النصاب وقبل مرور الحول، ثم وجد في آخر الحول أنه قد أخرج زكاةً أكثر ممَّا وجب عليه في عامه الحالي؛ أن يحتسب الزيادة على المقدار الواجب عليه ويخصمها من زكاة العام القادم، ما دام النصاب مكتملًا عند الإخراج ومُضِيِّ الحول، بشرط ألَّا يقلَّ مالُهُ عن النصاب عند اكتمال الحول الثاني.
وفي واقعة السؤال: يجوز للشخص المذكور أن يحتسب هذه الزيادة من زكاة العام المُقبِل ما دام قد أخرجها بنية الزكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز التبرع بالصدقة والزكاة لصالح منتجات رمضان؛ وهي: "خيمة لإفطار الصائمين، وكرتونة غذائية، ووجبات إفطار للمسافرين"؟
لقد يسرنا الله تعالى لإنشاء جمعية خيرية، ونشاطها الأساس يهدف إلى إعداد حَمَلة القرآن ليكونوا صالحين كقدوة لغيرهم في أخلاقهم وشخصيتهم، حيث نعد لهم برامج تدريبية متخصصة بطريقة عملية لننمي فيهم حفظ القرآن والتخلُّق بالأخلاق الحميدة وتمسكهم برسول الله كقدوة، مع الاتفاق مع المراكز المتخصصة في التنمية البشرية لتنمية المهارات السلوكية ومهارات التفكير لهم، وذلك لبناء شخصيتهم متعددة المواهب، واكتشاف مواهبهم وتنميتها وتأصيل انتمائهم لأجدادهم المسلمين. والسؤال: هل يجوز أن نصرف أموال الزكاة على هذه البرامج حيث إنها تحتاج لدعم مالي ضخم يصل إلى ألف وخمسمائة جنيه شهريًّا للطفل الواحد، أمكن تخفيضها لتصل إلى ثلاثمائة وثمانين جنيهًا شهريًّا عن طريق الاعتماد على المتطوعين؟ وهل يجوز أن نصرف هذه الأموال على تعليمهم الحِرَف والمهارات اليدوية؟ حيث إنها تنمِّي الفصَّ الأيمن من المخ، وتعلمهم معنى الاعتماد على النفس، وتعلمهم معنى الكسب من عمل اليد، وتوجِّه طاقتهم، وهل يجوز أن نصرف منها على تعليمهم الرياضة البدنية لتنمية أجسامهم؟ وهل يجوز أن نصرف منها على إيجارات أو تمليك مقر لتعليم القرآن وإعداد حمَلة القرآن؟ أرجو من سيادتكم بيان الحكم الشرعي.
هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية إذا شاركوا في العمل أكثر من ست ساعات؛ لضمان استمرار قدرتهم على المشاركة؟ علمًا يأن ذلك يكون من أموال الصدقات لا من الزكاة.
برجاء موافاتنا بفتواكم حول إمكانية استخدام زكاة المال لتملك أسهُم في الوقف الخيري في فندق يُستخدم في رحلات الحج والعمرة الخيرية فقط.
ما حكم زكاة المال المحتجز لخطابات الضمان البنكية؟ فإنه يوجد رجل لديه مبلغ محتجز في البنك لغرض إصدار خطاب ضمان لصالح إحدى الشركات التي هو شريك فيها، والمبلغ المحجوز عليه واقع تحت تصرف البنك منذ أكثر من عشرين سنة؛ حيث يقوم البنك بتجديد خطابات الضمان بشكل تلقائي كل سنة لصالح تلك الشركة، مع العلم أن العميل لا يجني أي عائد من وراء هذا المبلغ، ولا يمكنه الاستفادة منه.
هل على ذهب الزوجة زكاة إذا أخذه الزوج فباعه واشترى غيره مستغلا ارتفاع الأسعار وانخفاضها؟ فقد قمت ببيع الذهب الخاص بزوجتي لما ارتفع ثمن الذهب عن وقت شرائه، وبعد فترة خفت من إنفاق المبلغ فاشتريت به كمية أخرى من الذهب، وشجعني على ذلك عودة السعر للانخفاض عن السعر الذي اشترينا به مؤخرًا، فحدثني أحد الأصدقاء بأن هذا التصرف أخرج الذهب من كونه للزينة إلى هدف التجارة، مع العلم أن الكمية الأولى بلغت النصاب، فما الحكم؟