حكم الفتح على الإمام في الصلاة وضوابطه

تاريخ الفتوى: 22 فبراير 2023 م
رقم الفتوى: 7491
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم الفتح على الإمام في الصلاة وضوابطه

ما حكم الفتح على الإمام في الصلاة؟ فقد كان إمام المسجد يقرأ في الصلاة الجهرية بآياتٍ مِن القرآن ويخطئ فيها، وإذا قام أحد المصلين بِرَدِّهِ فإنه يقوم بإمساك الميكروفون ويقول على مسمع الناس: لا يجوز رَدُّ الإمام في الصلاة؛ فما الحكم الشرعي في ذلك؟

لا حرج شرعًا في فتح المأموم على الإمام مع اعتبار الضوابط الشرعية لذلك، هذا إذا كان نسيان الإمام في غير الفاتحة، أما إذا ارتُجَّ عليه في الفاتحة فإنه يَلزم مَن وراءه من المأمومين الفتحُ عليه، وكذلك إذا أخطأ الإمام في القراءة الخطأ الواضح الذي يفسد المعنى؛ كأن يكون لازمه دخول أهل الجنة النار أو العكس فعلى المأموم حينئذٍ الفتحُ عليه، ولا ينبغي أن يكون هذا الأمر مثارَ نزاعٍ وخلافٍ بين المسلمين.

المحتويات

 

مفهوم الفتح على الإمام في الصلاة

الصلاة مبناها على الخشوع؛ حتى جعل الله تعالى الخشوع فيها أول صفات عباده المؤمنين فقال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2]؛ ولذلك فقد حرم الشرع الكلام فيها.

والفتح على الإمام: أي تنبيهه إلى ما يقرؤه من السور أو الآيات، وهذا التنبيه قد يكون تصحيحًا لخطأ في القراءة، وقد يكون تذكيرًا له بما يريد أن يقرأه.

وتنبيه الإمام على الخطأ في صلاته يكون في أضيق الحدود؛ فيُقْصَرُ على التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، وإصلاح خطأ قراءته يُعدُّ من باب الفتح عليه.

وتعريف الفتح في اصطلاح الفقهاء هو تلقين الآية عند التوقف فيها. أي: أن وقوف الإمام لطلب الرد أمر أساس في مفهوم الفتح عليه، فلا يبتدئه بالرد، ولا يقاطعه أثناء القراءة؛ لأن مصلحة انتظام شأن الصلاة والخشوع فيها مقدمة على ما عداها. كما في "مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني (1/ 356، ط. دار الكتب العلمية).

مشروعية الفتح على الإمام في الصلاة

الفتح من المأموم على الإمام داخل الصلاة مشروع في الجملة؛ وذلك لِمَا أخرجه الإمام أبو داود في "سننه" من حديث المُسَوَّر بن يزيد رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله تركت آية كذا وكذا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هَلَّا أَذْكَرْتَنِيهَا».

وما أخرجه أيضًا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: صَلَّى صَلَاةً، فَقَرَأَ فِيهَا فَلُبِسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأُبَيٍّ: «أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا مَنَعَكَ».
فالحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام، وهما الأصل في هذا الباب. ينظر: "شرح سنن أبي داود" للعيني (4/ 131، ط. مكتبة الرشد)، و"نيل الأوطار" للإمام الشوكاني (2/ 379، ط. دار الحديث).

ولا يُعارضُ مشروعية الفتح في الجملة ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَا عَلِيُّ لَا تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ».

فإنَّ هذا الخبر فيه مقال؛ فقد عقب عليه الإمام أبو داود بقوله: "أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها" اهـ.

وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه ما يعارض هذا الخبر؛ فقد أخرج الإمام البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "سننه" عن علي رضي الله عنه أنه قال: "إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الْإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ".

وقد علق الإمام الخطابي في "معالم السنن" (1/ 216، ط. المطبعة العلمية) على ما ورد في الفتح على الإمام بعد ذكره لحديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ فقال: [وفيه دليل على جواز تلقين الإمام.. قلت: إسناد حديث أُبي جيدٌ، وحديث عليّ هذا رواية الحارث وفيه مقال، وقال داود: أبو إسحاق سمع من الحارث أربعة أحاديث ليس هذا منها، وقد روي عن علي رضي الله عنه نفسه أنه قال: "إذا استطعمكم الإمام فأطعموه"؛ من طريق أبي عبد الرحمن السلمي؛ يريد أنه إذا تعايا في القراءة فلقنوه] اهـ.

حكم الفتح على الإمام في الصلاة

الفتح على الإمام قد يكون واجبًا، وقد يكون مندوبًا، فيكون واجبًا في قراءة الفاتحة؛ لأنها من أركان الصلاة عند الجمهور؛ قال الإمام النووي في سياق بيان دلالة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»؛ في "شرح صحيح مسلم" (4/ 102، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأما الأحكام؛ ففيه وجوب قراءة الفاتحة، وأنها متعينة لا يجزي غيرها إلا لعاجز عنها، وهذا مذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم] اهـ.

ويكون مندوبًا إذا ارتُجَّ -اختلط أو التبس- على الإمام أو نسي آية أو بعضها وطلب الفتح.

قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (1/ 193-194، ط. دار المعرفة): [(والفتح على الإمام لا يفسد الصلاة) يعني المقتدي.. فأما المقتدي إذا فتح على إمامه هكذا في القياس، ولكنه استحسن..، ولأن المقتدي يقصد إصلاح صلاته، فإن قرأ الإمام فلتحقق حاجته. قلنا: لا تفسد صلاته، وبهذا لا ينبغي أن يعجل بالفتح على الإمام، ولا ينبغي للإمام أن يحوجه إلى ذلك بل يركع أو يتجاوز إلى آية أو سورة أخرى، فإن لم يفعل وخاف أن يجري على لسانه ما يفسد الصلاة؛ فحينئذٍ يفتح] اهـ.

وقال الإمام الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (1/ 319، ط. دار الفكر): [(ص): وفتح على إمامه إن وقف. (ش): أي: ولا سجود على مصل في فتح على إمامه أو غيره ممَّن هو معه في تلك الصلاة، وهو جائز إن وقف واستطعم، وأما إن خرج من سورة إلى أخرى: فيكره الفتح عليه ولا تفسد، قاله الجزولي. وبعبارة أخرى قوله: وإن وقف أي: واستطعم أو تردد فيطلب منه الفتح عليه حينئذٍ، وإلا فيكره له الفتح عليه، وهذا في غير الفاتحة، وأما هي فيجب أن يفتح عليه مطلقًا] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 240، ط. دار الفكر): [مذاهب العلماء في تلقين الإمام: قد ذكرنا أن مذهبنا استحبابه وحكاه ابن المنذر عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر رضي الله عنهم وعطاء والحسن وابن سيرين وابن معقل بالقاف، ونافع بن جبير وأبي أسماء الرحبي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله، قال: وكرهه ابن مسعود رضي الله عنه وشريح والشعبي والثوري ومحمد بن الحسن، قال ابن المنذر: بالتلقين] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 82، ط. دار إحياء التراث العربي): [وله أن يفتح على الإمام إذا ارتج عليه] اهـ.

ثم إنه وإن كان فريق من السلف ذهب إلى كراهة الفتح على الإمام؛ كابن مسعود رضي الله عنه، والنخعي وسفيان الثوري رحمهما الله تعالى، فإنَّ ذلك حاصل لحدوث ما ظاهره التعارض في الأدلة الواردة في بيان حكم الفتح على الإمام؛ كما تقرَّر فيما سبق، فمن العلماء من ذهب إلى ترجيح أحاديث المشروعية على أحاديث المنع؛ لقوة أسانيدها، غير أن الترجيح لا يُلجأ إليه إلا عند عدم إمكان الجمع، والجمع هنا ممكن؛ فالمقصود بالمنع المسارعة في الرد على الإمام من غير ضرورة أو مقاطعته أثناء القراءة قبل أن يسكت طلبًا للفتح عليه.

يقول العلامة التهانوي الحنفي في "إعلاء السنن" (5/ 58، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية) في توجيه النهي الوارد عن الفتح على الإمام: [محمول على النهي عن الاستعجال في الفتح قبل تحقق الحاجة.. أو على الفتح من غير ضرورة؛ كما إذا قرأ الإمام قدر الفرض ثم ارتجَّ عليه أو انتقل إلى آية أخرى؛ فالفتح إذًا مفسد على قول صاحب "الهداية"، ولا يخلو من الكراهة عند عامة المشايخ، وهذا هو مجمل قول ابن مسعود رضي الله عنه إذا تَعَايَا الإمام أي: أظهر العِيَّ والعجز عن القراءة؛ كتَمَارَضَ إذا جعل نفسه مريضًا، فلا تَرُدَّنَّ عليه فإنه كلام؛ أي: لا تَرُدَّنَّ عليه بعد ما قرأ مقدار الفرض، أو كان انتقل إلى آية أخرى؛ فإنه كلام من غير ضرورة، وأما قبله فلا] اهـ.

أما الأحاديث التي جاء فيها مشروعية الفتح على الإمام فإنها وقائع أعيان جاء فيها حث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لبعض الصحابة رضوان الله عليهم بالفتح عليه، وهذا لا يصح أن يُستدل به على جواز الرد على الإمام مطلقًا؛ فإن هذا العموم غير مراد عند أحد من الفقهاء.

شروط الفتح على الإمام في الصلاة

اشترط الفقهاء في الفتح شروطًا تجعله جابرًا لخلل الصلاة من غير أن يكون مخرجًا لها عن خشوعها وخضوعها؛ فنصوا على أن الإمام لا يفتح عليه إلا إذا استفتح؛ أي: طلب الفتح، وأنه لا يُلَقَّن ما دام مترددًا؛ حتى يقف طلبًا للفتح وإن خرج من سورةٍ إلى سورة ما دام لم يخلط آية رحمة بآية عذاب، أو عذاب برحمة، أو يغير تغييرًا يقتضي كفرًا.

ضوابط الفتح على الإمام في الصلاة

الحاصل أن الحكم بجواز الفتح على الإمام عند جمهور الفقهاء مُقيَّدٌ بمجموعة من الضوابط تُفهم من كلامهم، وتتلخص في الأمور الآتية:

أولها: أن يقف وينتظر الفتح، فإن لم يقف وينتظر الفتح فلا يفتح عليه ما دام أن ذلك في غير الفاتحة.

ثانيها: أنَّه لا يفتح عليه وإن خرج من سورة إلى سورة، أو ترك آية أو مجموعة من الآيات ما لم يفسد المعنى، بأن يخلط آية رحمة بآية عذاب، أو أن يتغير المعنى تغيرًا يقتضي الكفر.

ثالثها: ألَّا يُعلَم من حال الإمام أنه يتحير ويرتبك من الفتح عليه؛ فإنه يُترَك، ولا يُرَدُّ عليه ما لم يكن ذلك أيضًا في الفاتحة أو يفسد المعنى.

الخلاصة

بناء عليه وفي واقعة السؤال: فإنه لا حرج شرعًا في فتح المأموم على الإمام مع اعتبار الضوابط الشرعية لذلك، هذا إذا كان نسيان الإمام في غير الفاتحة، أما إذا ارتُجَّ عليه في الفاتحة فإنه يَلزم مَن وراءه من المأمومين الفتحُ عليه، وكذلك إذا أخطأ الإمام في القراءة الخطأ الواضح الذي يفسد المعنى؛ كأن يكون لازمه دخول أهل الجنة النار أو العكس فعلى المأموم حينئذٍ الفتحُ عليه، ولا ينبغي أن يكون هذا الأمر مثارَ نزاعٍ وخلافٍ بين المسلمين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الذي يُقال من الأدعية والأذكار عند حصول الأرق؟ فأنا أعاني منذ مدة من الأَرَقِ؛ حيث إني لا أستطيع النوم في الليل؛ فأبقى مستلقيةً في الفراش دون نوم، وقد سمعت أن هناك بعض الدعوات والأذكار التي تُقال عند النوم للتخَلُّصِ من الأرَقِ، فهل ما سمعته صحيحٌ؟ وما تلك الأذكار لأواظبَ عليها؟


ما حكم حركة الإصبع عند التشهد؟ أبدعة هو أم سنة؟


حكم تنظيم أوقات الامتحانات بما يتناسب مع أوقات الصلاة؛ حيث تقوم إحدى الجامعات الأجنبية بالقاهرة بتقديم شهادة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية، والذي يتطلب إجراء امتحانات دورية في نصف ونهاية كل فصل دراسي، ونوعية الدارسين من الموظفين؛ بما يتحتم معه أن تكون مواعيد الامتحانات من الساعة السابعة مساءً حتى التاسعة مساءً، وبعض الطلبة يطلبون الخروج أثناء وقت الامتحانات لدخول دورات المياه للوضوء والصلاة؛ مما يربك بقية الحاضرين من زملائهم في القاعة وخارجها ويشتت أفكارهم ويسمح لبعضهم بإجراء مكالمات تليفونية أو للغش في الامتحان.
فبرجاء الإفتاء عن وجوب الخروج من الامتحان للصلاة من عدمه، وبرجاء الإفادة عما إذا كان هذا النظام مُتَّبَعًا في كليات جامعة الأزهر من عدمه.

 


ما حكم خطأ المؤذن غير العربي في ألفاظ الآذان؟ فأنا أصلي في مسجد في سانت أولبنس إحدى ضواحي لندن، لدينا مؤذن باكستاني عند لفظة "حي على الصلاة" يقول: "خيال الا الصلاخ" وكذلك في لفظة "حي على الفلاح" فيقول: "خيال الفلاخ" تكلمت معه ولكنه لا يغير هذا. الرجاء أن تؤتونا بفتوى لعله أن يستمع. ولكم الثواب.


 سائل يسأل عن حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة، وهل هذا يُؤثِّر على كونها صحيحة؟


ما حكم تشغيل شرائط القرآن أثناء الانشغال بمهام العمل في الأوقات الرسمية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28