نرجو منكم بيان أهمية العمل والحث على إتقانه في الشرع.
حثَّ الشرع الشريف على العمل والإنتاج ورغَّب فيهما؛ فقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥].
قال الإمام النسفي في "تفسيره" (3/ 514، ط. دار الكلم): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوابها استدلالًا استرزاقًا أو جبالها أو طرقها ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي من رزق الله فيها] اهـ.
وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَحْتَطِب أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ».
وأكَّدت الشريعة الغراء على أنَّ من مقاصدها العمل والسعي والإنتاج؛ فروى الإمام البخاري في "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 241، ط. مكتبة دار السلام): [والحاصل أنَّه مبالغةٌ، وحثٌّ على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس غيرك ما شبعت به فاغرس لمَن يجيء بعدك] اهـ.
وفي سبيل ذلك دعت -الشريعة الإسلامية- إلى إتقان أي عمل يُقدم عليه الإنسان؛ فروى الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير" (3/ 378، ط. مكتبة دار السلام): [«إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا» دينيًّا أو دنيويًّا له تعلق بالدين «أَنْ يُتْقِنَهُ»، الإتقان الإحسان والتكميل؛ أي: يحسنه ويكمله] اهـ.
بل جعل الله تبارك وتعالى عمارة الكون -بالإنتاج والتقدم- مقصدًا من مقاصد خلق الإنسان؛ حيث قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١]، قال الإمام النسفي في "تفسيره" (2/ 69): [﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ وجعلكم عمَّارها وأراد منكم عمارتها] اهـ.
وهو ما أكَّد عليه المشرع المصري؛ فتنص المادة (12) من دستور مصر الحالي وفقًا لآخر التعديلات على أنَّ: "العمل حق، وواجب، وشرف تكفله الدولة"، وتتمثل كفالة الدولة لذلك في تشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير، وإعلائها لقدر العمل وارتقائها بقيمته.
ولما كان حفظ المال مقصدًا من مقاصد الشرع فكذلك كل ما يعمل على زيادته وإنمائه يكون مقصودًا من قبل الشرع الشريف، وأي عمل يعرقله ويضرّ به يكون معارضًا لمقاصد الشرع الشريف، يقول الإمام الغزالي في "المستصفى" (ص: 174، ط. دار الكتب العلمية): [ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم؛ فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوِّت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما أهم الآداب والضوابط التي جاءت بها شريعة الإسلام لتنظيم المعاملات بين الناس؟
هل كان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام قبول الهدية؟ وما هي الأدلة على مشروعية الهدية من الكتاب والسنة النبوية؟
يعتري الخاطبَ حالةٌ من الغيرة الزائدة والشك المفرط وقلة الثقة في المخطوبة دون مبررٍ حقيقيٍّ لذلك، مما يدفعه إلى التجسس على مكالماتها الهاتفية، أو التفتيش في مراسلاتها ومحادثاتها الإلكترونية، وأجهزة الاتصال الخاصة بها، وفي غالب الأحوال يترتب على مثل هذا السلوك فشل الخطبة وعدم إتمام الزواج. فما حكم الدين في ذلك؟
ما حكم التحايل على الشرع والقانون تهربًا من العقوبة؟ فبعض الناس الذين لا يلتزمون بالقوانين المنظِّمة للمرور، يستخدمون الحيل للتهرب من دفع الغرامات التي تلحقهم، كطمس معالم الملصق الإلكتروني أو بعض أرقام السيارة، أو تبديلها بغيرها، أو استخدام لوحات لأرقام سيارة من السيارات المتوقفة عن العمل "المُكهَّنة"، فما حكم الشرع في هذا التحايل؟
ما شروط التوبة في حق من ارتكب الكبائر؟ حيث لي صديق يبلغ من العمر حوالي 36 سنة، وقد ارتكب وهو صبي عدة كبائر: منها الزنا، وشرب الخمر، والقمار، والحصول على أموال وأشياء ليست من حقه، ولا يستطيع ردها؛ لأنه غير قادرٍ ماديًّا. فهل لصديقي هذا توبة؟ وما شروطها وكيفيتها حتى تُقبل منه؟
سائل يقول: النفس الإنسانية لها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية؛ فنرجو منكم بيان ضرورة المحافظة عليها في ضوء نصوص الشرع؟