ما حكم إطلاق لفظ: "عليه السلام" على سيدنا الحسين؟ حيث عوَّدني أبي منذ نعومة أظفاري ألَّا أذكر سيدنا الحسين عليه السلام، إلَّا أتبعت اسمه الشريف بلفظ: "عليه السلام"، فلمَّا سمعني أحد أصدقائي وأنا أذكر بعد اسمه الشريف هذا القول، أنكر عليَّ مدَّعيًا أنَّ هذا من الغلو. فما حكم ذلك شرعًا؟
إطلاق لفظ السلام على سيدنا الحسين بن عليّ بأن نقول: "سيدنا الحسين عليه السلام" أمر مشروع؛ لما في ذلك من حسن التأدب مع آل البيت عليهم السلام ومودتهم وإظهار البر لهم، إلا إذا كان السياق موهمًا فينبغي -عندئذٍ- استعمال ألفاظ الترحم والترضي من نحو:"رضي الله عنه وأرضاه".
وقول: "عليه السلام" بعد ذكر الاسم الشريف هو دأب كثير من علماء الأمة، ولم يتحرَّجوا من ذلك، بل ذاع ذلك في دواوينهم ومصنفاتهم، ورواها رواتها ونسخها نساخها مقرين لذلك من غير نكير، متلقين لها بالقبول والرضا.
المحتويات
سيدنا الحسين هو: أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، سِبْطُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته من الدنيا؛ فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يديه، وفي حجره، فقلت: يا رسول الله أتحبهما؟ قال: «وَكَيْفَ لَا أُحِبُّهُمَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا أَشُمُّهُمَا» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".
من المُقرَّر شرعًا أنَّ تكريم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومحبتهم ومودتهم أمرٌ واجب دعت إليه الشريعة الإسلامية الغراء في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23].
قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 201، ط. دار طيبة): [ولا تنكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وُجِد على وجه الأرض، فخرًا وحسبًا ونسبًا، ولا سيَّما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم، كالعباس وبنيه، وعليٍّ وأهل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين] اهـ.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومًا فينا خطيبًا، بماء يدعى خمًّا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: «أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ؛ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ»، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي»، فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ؛ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِتْرَتِي، كِتَابُ اللهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا بِمَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا» أخرجه مسلم.
جاء في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا عليِّ القاري (9/ 3975، ط. دار الفكر): [قال الطيبي في قوله: «إنَّي تَارِكٌ فيكُمْ»، إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخَلَفَيْن عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنَّه يوصي الأمة بحسن المخالفة معهما وإيثار حقهما على أنفسهم، كما يوصي الأب المشفق الناس في حق أولاده] اهـ.
أما بالنسبة للفظ السلام فمعناه: التسليم؛ يقال: سلَّم سلامًا وتسليمًا، وقال قوم: معناه السلامة عليكم، والسلام: جمع سلامة، ومعنى قولنا: عليه السلام: الدعاء، أي سلمت من المكاره، وقيل: معناه: اسم السلام عليه، كأنه يتبرك عليه باسم الله عزَّ وجلَّ. ينظر: "المنتقى شرح الموطأ" للإمام أبي الوليد الباجي، (1/ 167، ط. مطبعة السعادة)، و"عمدة القاري" للإمام بدر الدين العيني (6/ 111، ط. دار إحياء التراث العربي).
وقد أجاز كثير من الفقهاء والمفسرين إطلاق لفظ السلام على غير الأنبياء استقلالًا؛ كالحسن البصري، ومجاهد، ومقاتل بن سليمان، ومقاتل بن حيان، والقاضي أبي حسين الفراء، وابن القيم من الحنابلة وغيرهم. ينظر: "غذاء الألباب" للعلامة السفاريني، (1/ 32-33، ط. مؤسسة قرطبة).
قال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 359، ط. جار الكتب العلمية): [والسلام على غيره صلى الله عليه وآله وسلم باسمه جائزٌ من غير تردُّد] اهـ.
وورد عن بعض العلماء كراهة إتباع اسم الغائب بقول عليه السلام؛ من ذلك ما قاله الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 227، ط. دار ابن حزم): [وأما السلام فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا: هو في معنى الصلاة، فلا يستعمل في الغائب، فلا يفرد به غير الأنبياء، فلا يقال: عليٌّ عليه السلام، وسواء في هذا الأحياء والأموات، وأما الحاضر، فيخاطب به، فيقال: سلام عليك، أو سلام عليكم، أو السلام عليك، أو عليكم، وهذا مجمع عليه] اهـ.
قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (6/ 422، ط. دار الكتب العلمية) بعد نقل كلام الإمام النووي السابق: [قلت: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: عليه السلام، من دون سائر الصحابة، أو كرَّم الله وجهه، وهذا وإن كان معناه صحيحًا، لكن ينبغي أن يساوى بين الصحابة في ذلك، فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه رضي الله عنهم أجمعين] اهـ.
وقال الإمام ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (6/ 753، ط. دار الفكر): [والظاهر أنَّ العلة في منع السلام ما قاله النووي في علة منع الصلاة أنَّ ذلك شعار أهل البدع.. أقول: وكراهة التشبه بأهل البدع مقررة عندنا أيضًا لكن لا مطلقا؛ بل في المذموم، وفيما قصد به التشبه بهم كما قدمه الشارح] اهـ.
والذي يظهر أن للعرف والاصطلاح مدخلًا في الجواز أو الكراهة، وهذا ممّا يختلف باختلاف سياق الاستعمال؛ فمتى سَلِمَ السياق من معنى كونه من الشعار المختص بغير أهل السنة مثلا: بقي ذلك على أصل الاستحباب، ويكره في كلِّ سياقٍ يدل على هذا الاختصاص بهذا الشعار مع بقاء استعمال ألفاظ الترضي من نحو: "رضي الله عنه وأرضاه".
دأب كثير من علماء الأمة على إِتْباع اسم سيدنا الحسين رضي الله عنه عند ذكره، بقول: "عليه السلام"؛ من ذلك ما قاله الإمام القرافي في "الذخيرة" (10/ 413، ط. دار الغرب الإسلامي) عند حديثه عمَّا يكتب في نسب الشرفاء: [وأن نسبه صريح صحيح متصل بنسب الحسين عليه السلام] اهـ.
وقال الإمام الروياني في "بحر المذهب" (4/ 222، ط. دار الكتب العلمية): [فلما ولدت -أي فاطمة عليها السلام- الحسين عليه السلام] اهـ.
وكذلك أتبع بعض المحدثين اسمه الشريف بقول: "عليه السلام"، ولم يتحرَّجوا من ذلك، بل ذاع ذلك في دواوينهم ومصنفاتهم، ورواها رواتها ونسخها نساخها مقرين لذلك من غير نكير، متلقين لها بالقبول والرضا؛ كما فعل الإمام البخاري في "الصحيح" حديث رقم (3748)، والإمام أحمد في "فضائل الصحابة" حديث رقم (972)، والإمام البيهقي في "السنن الكبرى" حديث رقم (4154)، والإمام ابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/ 488، ط. مطبعة العاني).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز إطلاق لفظ السلام على سيدنا الحسين بن علي بأن نقول: سيدنا الحسين عليه السلام، وذلك من حسن التأدب مع آل البيت عليهم السلام ومودتهم وإظهار البر لهم، إلا إذا كان السياق موهمًا فينبغي -عندئذٍ- استعمال ألفاظ الترحم والترضي من نحو: رضي الله عنه وأرضاه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم رفع الصوت في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دون قصد؟ فقد وقف بعضنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الرأس الشريف يسأله أن يدعو له مشتغلًا بالصلاة والسلام عليه متوسلًا به في حق نفسه مستشفعًا به إلى ربه، وبينا هو في ورد صلاةٍ عليه جاءه بعض العسكر فأمروه بالانصراف، فأبى إذ كان موقفه متأخرًا مبعدًا عن الطريق ليس فيه من إيذاء ولا تضييق على أحد، فجذبوه بالعنف حتى كادوا أن يمزقوا ثيابه وهو يقول نحوًا من: دعني، اتركني يا هذا، أنا مشتغلٌ بالصلاة على رسول الله، أنا في حمى رسول الله، ولم يجاوز نحو هذه الألفاظ، ثم تذكر أنه قد رفع صوته ببعضها دون أن يشعر مع شدة وطأة العسكر عليه رغم حرصه على ألا يرفع صوته هناك بشيء. فهل ترونه قد حبط عمله وضاعت حجته وزيارته، أم ترانا نسمع منكم ما يبشره ويسلي الله به قلبه ويفرج كربه؟ علمًا بأنه قد رأى بعدها في المنام أنه قد أصبح الإمام الراتب لمسجد رسول الله وبعض الناس يتربصون به، علمًا بأنه قصد موقفه الأول بعد ذلك مستخفيًا في الناس متنكرًا حتى لا تراه العسكر، فرأوه فجاءوا إليه مغمومين يطلبون العفو والسماح.
ما حكم تزوير الشهادات الطبية لبيع البلازما؟ ففي ظل انتشار وباء فيروس كورونا "كوفيد- 19"، وبعد خروج تصريحات وزارة الصحة المصرية بارتفاع نسب الشفاء بعد حقن المرضى ببلازما المتعافين؛ لاشتمالها على أجسام مضادة للفيروس، وجدنا من يستغل هذه الحاجة ويلفق كذبًا من الشهادات الطبية ما يفيد تعافيه من الفيروس؛ وذلك لبيع البلازما بمبالغ مالية كبيرة، فما حكم ذلك؟
ما حكم الدعاء بالمغفرة عند نهاية كل عام؟ والدعاء أيضًا بالإعانة مع بداية كل عام جديد؟
ما حكم التسامح بالتنازل عن قضية منظورة أمام القضاء مراعاة لحرمة شهر رمضان؟ فنحن مقبلون على أيام كريمة في شهر رمضان، وعندي قضية مرفوعة أمام إحدى المحاكم على بعض الأفراد بخصوص أرضٍ بيني وبينهم، وقال لي بعض المقربين بأنه لن يُتقبل لي صيام، ولن يُغفر لي إلا بعد التنازل عن هذه القضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليَّ التنازل عن القضية وعن حقوقي أو على أقل تقدير ما أظنه حقي من باب التسامح؟ وما التسامح الذي يحصل به القبول والمغفرة؟
ما حكم قراءة القرآن قبل صلاة الفجر وصلاة الجمعة؟ فسائل يقول: بجوارنا مسجدٌ، القائمون على شئونه يمنعون الناس من قراءة القرآن قبل صلاة الفجر وقبل صلاة الجمعة، ونرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي حتى نستطيع الرد على هؤلاء؟
ما حكم الشرع في الكسب المبني على الغش والخداع والتحايل على الناس؟