الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان

تاريخ الفتوى: 13 مارس 2022 م
رقم الفتوى: 7469
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الاحتفالات
الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان

نرجو منكم بيان الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان.

المحتويات

فضل شهر شعبان

من الشهور المفضلة التي اختصها الله سبحانه وتعالى وأَوْلَاها من المنزلة بمكان: شهر شعبان؛ فمَيَّزه بمنزلة كريمة، ومكانة عظيمة، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يختص أيامه بالصيام؛ لكونها محلًّا لرفع الأعمال؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». أخرجه ابن أبي شيبة والبغوي في "المسند"، والنسائي في "السنن الصغرى" واللفظ له، والبيهقي في "فضائل الأعمال".

فضل ليلة النصف من شعبان

ثم اختصَّ سبحانه من هذا الشهر: ليلةَ النصف منه ونهارَها، وفضَّلهما على غيرهما من أيامه ولياليه، ورغَّبَ في إحيائها، واغتنام نفحها؛ بقيام ليلها وصوم نهارها؛ سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها، وما ينزل فيها من الخيرات والبركات.

وقد ثبت ذلك بنصوص الكتاب والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين ومَن بعدهم سلفًا وخلفًا، وعليه العمل إلى يوم الناس هذا.

الأدلة من القرآن على فضل ليلة النصف من شعبان

فأما الكتاب: فقد جاء في تفسير قول الله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]: أنها ليلة النصف من شعبان؛ يبرم فيها أمر السَّنَة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاجّ؛ فلا يُزَاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد؛ كما نقل ذلك الإمام الطبري في "جامع البيان" (22/ 10، ط. مؤسسة الرسالة)، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" (10/ 3287، ط. مكتبة نزار)، والإمام القشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 379، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب)، والإمام الكرماني في "غرائب التفسير" (2/ 1073، ط. دار القبلة)، والإمام البغوي في "معالم التنزيل" (4/ 172، ط. دار إحياء التراث)، وغيرهم من المفسرين.

الأدلة من السنة على فضل ليلة النصف من شعبان

وأما السنة النبوية: فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» أخرجه ابن ماجه في "السنن" واللفظ له، والفاكهي في "أخبار مكة"، وابن بشران في "أماليه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ» أخرجه ابن راهويه وأحمد في "المسند"، والترمذي وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعنها أيضًا رضي الله عنها أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان؛ ينْسَخُ فِيهَا الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ، وَيَكْتُبُ فِيهَا الْحَاجَّ، وَفِي لَيْلَةِ عَرَفَة إِلَى الْأَذَانِ» رواه الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في "الرواة عن مالك"، وابن الجوزي في "مثير العزم"، والديلمي في "الفردوس".

إلى غير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الأئمة في مصنفاتهم؛ حتى إنهم أفردوا لها بالتصنيف أبوابًا مخصوصة في كتبهم؛ فبوب الترمذي وابن ماجه في "سننهما": (باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان)، وبوَّب ابن أبي عاصم في "السنة": (باب ذكر نزول ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، وَمَطْلَعِهِ إلى خلقه)، وبوَّب البيهقي في "فضائل الأوقات"، والبغوي في "شرح السنة": (بَابٌ فِي فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ).

وأحاديث هذا الباب وإن كان في بعضها مقالٌ، إلا أنها في الجملة يقوِّي بعضُها بعضًا؛ لكثرة طرقها وتعدد رواتها؛ فيُحْتَجُّ بها؛ قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (3/ 364-367، ط. دار الكتب العلمية): [باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان.. فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء] اهـ.

أقوال الصحابة في فضل ليلة النصف من شعبان

وأما أقوال الصحابة رضوان الله عليهم: فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "يُعْجِبُنِي أَنْ يُفَرِّغَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الأَضْحَى، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ"؛ كما أورده الحافظ ابن الجوزي في "التبصرة" (2/ 20، ط. دار الكتب العلمية).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "خَمْسُ لَيَالٍ لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ" أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، والبيهقي في "شعب الإيمان" و"فضائل الأوقات".

ما روي عن التابعين في فضل ليلة النصف من شعبان

وأما ما روي عن التابعين ومَن بَعدَهُم: فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديّ بن أرطأة وهو عامله على البصرة: "أَنْ عَلَيْكَ بِأَرْبَعِ لَيَالٍ مِنَ السَّنَةِ؛ فَإِنَّ اللهَ يُفْرِغُ فِيهِنَّ الرَّحْمَةَ إِفْرَاغًا: أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةِ الفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى"؛ كما ذكره العلامة قوام السنة في "الترغيب والترهيب" (2/ 393، ط. دار الحديث)، والحافظ ابن الجوزي في "التبصرة" (2/ 20-21).

وعن خَالِد بْن معدَان قَالَ: "خَمْسُ لَيَالٍ في السَّنَةِ؛ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِن رَجَاءَ ثَوَابِهِنَّ وَتَصْديقًا بِوَعْدِهِنّ، أَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ: أَوْلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ نِصْفِ شَعْبَانَ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ الْأَضْحَى يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ عَاشُورَاءَ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا"؛ كما أورده أبو بكر الخلال في "فضائل شهر رجب" (ص: 75، ط. دار ابن حزم).

وعن عطاء بن يسار قال: "مَا مِنْ لَيْلَةٍ بَعْدَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا -يَعْنِي لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ-؛ يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ أَوْ قَاطِعِ رَحِمٍ" ذكره العلامة اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (3/ 499، ط. دار طيبة).

اهتمام العلماء ببيان فضل ليلة النصف من شعبان

وقد اعتنى العلماء بهذه الليلة المباركة؛ لما لها من الفضل، وزاد اعتناؤهم بها حتى أفردوا في فضلها وإحيائها وبيان خصائصها أجزاء حديثية ورسائل؛ منها: "ليلة النصف من شعبان وفضلها" للحافظ ابن الدبيثي صاحب "الذيل على تاريخ بغداد" [ت: 637هـ]، و"الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتي الرغائب والنصف من شعبان" للإمام ابن حجر الهيتمي [ت: 974هـ]، و"التبيان في بيان ما في النصف من شعبان" للملا علي القاري [ت: 1014هـ]، و"فضائل ليلة النصف من شهر شعبان" للعلامة سالم السنهوري [ت: 1015هـ]، و"رسالة في فضل ليلة النصف من شهر شعبان" للعلامة محمد حسنين مخلوف [ت: 1355هـ]، و"حسن البيان في ليلة النصف من شعبان" للعلامة عبد الله بن الصديق الغماري [ت: 1413هـ]، و"ليلة النصف من شعبان في ميزان الإنصاف العلمي" للإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم [ت: 1419هـ]، وغيرها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير اللغة العربية؟


يقول السائل: ما الدعاء الذي يستحب للإنسان أن يقوله إذا عصفت الريح؟ وهل سب الريح منهيّ عنه شرعًا؟ 


ما المراد بالذكر الذي أخبرَ الله تعالى بحفظه في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]؟ وهل يقتصر على القرآن الكريم أو يشمل السنة المطهرة أيضًا؟


ما هي الكلمة التي توجهونها فضيلتكم إلى أفراد القوات المسلحة بمناسبة المولد النبوي الشريف؟


حكم قراءة صحيح البخاري وكتب السنة لرفع الوباء حيث ورد سؤال يقول صاحبه: في ظِلِّ ما يمرُّ به العالمُ من تفشِّي وباء كورونا يقومُ بعضُ العلماء وطلبة العلم بتنظيم قراءة "صحيح البخاري" بتقسيمه على من يحِبُّ المشاركةَ في ختمه، عن طريق وسائلِ التواصل الاجتماعي؛ تبرُّكًا وتوسُّلًا إلى الله تعالى لكشْف وباء كورونا، جريًا على ما اعتاده علماءُ الأزهر من قراءته في الملمَّات والنوازل: كدفع الوباء، وكشف البلاء، ومواجهة الغلاء.
لكن خرج بعضُ مدَّعي العلمِ على بعض المواقع زاعمًا أن التَّعبُّدَ بتلاوة صحيح البخاري لمجرد التِّلاوة بدعة، وأن التبرُّك والتوسُّل به حرام، وأنه لا فرقَ في ذلك بين "صحيح البخاري" و"مسلم" مثلًا، وأنها مجرَّد طقوس ابتدعها بعض الجهلة لمواجهة الأوبئة، وأنَّ توظيف "صحيح البخاري" للاستشفاء والتحصين لرفع البلاء أمرٌ متكلَّف، وأنَّ من ضرورياتِ الدين أنَّ المقصودَ مِن كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هو العمل بِمَا فيهما مِن الأوامرِ والنَّواهي، والإيمان بِمَا فيهما مِن الأخبار، وليس المقصود مجرَّد تلاوتهما ألفاظًا وتعبُّدًا.. فبَيِّنوا لنا الصوابَ في ذلك مشكورين.
1- عادة إقراء "صحيح البخاري" عند النوازلِ من الكوارثِ والأوباء قديمة، جرت على لسان السراج البلقيني في اليقظة والمنام.
2- لعل أمر هذه الظاهرة يعودُ إلى أقدم من وباء الطاعون الذي عمَّ الدنيا سنة 749هـ، واشتهرت هذه الظاهرة عند قدوم تيمورلنك إلى بلاد المسلمين.
3- أشهر الإمام سراج الدين البلقيني العمل بها، ودوَّنتها كتب التراجم والتأريخ، ونقلنا ذلك عنه فيما مضى.
4- التحقيق أن هذا العمل ليس موصولًا بعصور السلف، وأنَّ شيوعَه وذيوعَه بحكم وقوعه ووجوده لا يعطيه الحجِّية، وأنه ما زال يحتاجُ للدليل، وأن مجرَّد رؤيةِ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يأمرُ به لا يكفي مُستَدلًّا؛ فالمنامات يُسْتَأنس بها وليست -عند أهل السنة والجماعة- حجةً وبرهانًا، وأن الاتِّكاء عليها مع ترْك الأخْذ بالأسباب بدعةٌ في الدين، ومضادَّة لمقاصدِ الشريعة الكلية، والله المستعان وهو الواقي والعاصم.


هل يجوز تفسير القرآن الكريم وتدريسه بغير اللغة العربية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :27
الشروق
6 :53
الظهر
12 : 42
العصر
4:1
المغرب
6 : 31
العشاء
7 :48