مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

تاريخ الفتوى: 05 سبتمبر 2022 م
رقم الفتوى: 7299
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

هل يأخذ المصحف المكتوب بطريقة برايل نفس أحكام القرآن الكريم من حيث احترامه وتنزيهه ومس المحدث له ونحو ذلك؟

المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إنَّ المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل.

المحتويات

 

تعريف القرآن الكريم

القرآن الكريم: هو كلام الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام؛ للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا. انظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للإمام الزركشي (2/ 178، ط. دار الكتبي)، و "روضة الناظر وجنة المناظر" للإمام ابن قدامة المقدسي (1/ 198، ط. مؤسسة الريّان).

الإجماع على وجوب تعظيم القرآن الكريم

وجوب تعظيم القرآن الكريم، واحترامه، وتنزيهه، وصيانته، والتعامل معه بطريقة تختلف عن التعامل مع غيره من الكتب ممَّا أجمعت عليه الأمة، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 170، ط. المنيرية): [أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الاطلاق، وتنزيهه، وصيانته] اهـ.

حكم مس المحدث للمصحف الشريف

اعتبار الطهارة لمس المصحف الشريف من مظاهر هذا التعظيم والصيانة؛ فلا يجوز مس المصحف للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر.

ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ۝ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: 77-80].

ومن أدلة السُّنَّة: ما رواه مالك في "الموطأ" من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، وفيه: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ». وهذا القول هو مذهب جمهور الفقهاء؛ قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" (17/ 397، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسّه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء] اهـ.

حكم كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة

قد ظهرت طريقة مبتكرة في الأعصار الأخيرة لتساعد فاقدي حاسة الإبصار من المكفوفين على القراءة عن طريق حاسة اللمس؛ فيما عُرِف بـ"طريقة برايل"، وهي عبارة عن مجموعة من الرموز، يتكون كل رمز فيها من عمودين، بكل عمود ثلاث نقاط بعضها يكون بارزًا؛ بحيث يستطيع الكفيفُ من خلال لمس الرمز بأنامله، وتحديد النقاط البارزة فيه قراءةَ المكتوب، ونطقه باللغة التي استعملت فيها هذه الطريقة، وقد استعملت هذه الطريقة في اللغة العربية عام 1878م، وتم تحديد رموزها في مقابلة كل حرف من أحرف الهجائية العربية، فكل حرف في الهجائية العربية يدل عليه تكوين خاص من النقاط البارزة بكل رمز في هذه الطريقة.

وقد بيّن العلماء أنه لا مانع شرعًا من كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة؛ للحاجة إلى ذلك: بحيث إن الماسَّ لهذه النقوش يستدلّ بها على الحروف التي تقابلها بشكلها؛ وهو ما يُعرف بـ"الفوناتيك" (PHONETIC TRANSCRIPTION)؛ أي: الرسّم الصّوتي للآيات القرآنيّة؛ بمعنى أن تُكتب الآية أو السّورة بالنقوش البارزة، وتُنطق باللغة العربيّة بألفاظ القرآن بالضبط.

فقد ورد أنَّ الفرس كتبوا لسلمان الفارسي رضي الله عنه بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكانوا يقرأون ما كتب حتى لانت ألسنتهم. انظر: "المبسوط" للإمام السرخسي (1/ 37، ط. دار المعرفة).

قال العلامة البدر العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (12/ 237، ط. دار الكتب العلمية): [وما كتب سلمان رضي الله تعالى عنه الفاتحة بالفارسية كان للضرورة لأهل فارس] اهـ.

وقد احتمل الإمام بدر الدين الزركشي الجواز إذا كانت الكتابة بغير القلم العربي يساعد مَن لا يُحسِن أن يقرأه بالعربية؛ فقال في "البرهان" (1/ 380): [هل يجوز كتابة القرآن بقلم غير العربي؟ هذا ممَّا لم أر للعلماء فيه كلامًا، ويحتمل الجواز؛ لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية، والأقرب المنع، كما تحرم قراءته بغير لسان العرب، ولقولهم: "القلم أحد اللسانين"، والعرب لا تعرف قلمًا غير العربي، قال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195] اهـ.

وقد أفتى خاتمة المحققين الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله تعالى بجواز كتابة القرآن الكريم بغير العربية للعاجز عنها بشرط ألا يختلّ اللفظ ولا المعنى. "مجلة المنار" (6/ 274).

مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

إذا ثبت هذا، فنقول: إن المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ قال الإمام العراقي في "الغيث الهامع شرح جمع الجوامع" (ص: 105، ط. دار الكتب العلمية): [القرآن يطلق؛ ويراد به مدلول اللفظ، وهو المعنى القائم بالنفس، وهو محلّ نظر المتكلمين، وأخرى ويراد به الألفاظ الدالة على ما في النفس؛ ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ﴾ [التوبة: 6]. والمسموع هو العبارات، وهذا محلّ نظر الأصوليين والفقهاء والنحاة وغيرهم] اهـ.

فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إنَّ المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل. وممَّا ذُكِر يعلم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تكفين الجزء المأخوذ من الميت لدفنه؟ فإنَّ ابني كان طالبًا في كلية الطب، وأحضرنا له بعض العظام البشرية للتعليم عليها، وقد أنهى دراسته الجامعية، فماذا أفعل في هذه العظام؟ هل أعطيها لغيره من الطلبة ليتعلم عليها، أو يجب عليَّ دفنُها صيانةً لحرمة هذا الميت؟


ما حكم معيشة ولد الزوج مع زوجة أبيه إذا كان يؤذيها؟ فقد توفي زوجي إلى رحمة الله، وهذا الزوج له ابن أتم تعليمه وبلغ سن الرشد، وكان والده قد أوصى بأنه عندما يتم تعليمه ينتقل لشقته حتى لا يكون مصدر خطر دائم، وكان يعيش معي في شقة الزوجية حال حياة والده، واستمر ذلك بعد وفاته إلى أن أتم تعليمه وبلغ سن الرشد، وحفاظًا مني على المودة والرحمة بالولد وبأسرة زوجي فقد عملت على خدمة هذا الولد بكل ما أستطيع، إلا أن هذا الولد فاسق بكل المعايير ويقوم بتوجيه ألفاظ نابية إليَّ، وحيائي يمنعني من ذكرها، وهي ألفاظ يندى لها الجبين لا تأتي إلا من مختل عقليًّا، علمًا بأنني أتلو كتاب الله دائمًا وأتدبر معانيه العظيمة، وحافظة جدًّا لحدود الله، وهذا الولد لا يقرأ القرآن ولا يستمع إليه، وحالته هذه كما كانت أيام حياة أبيه، وحاول الأب حال حياته بكل الأساليب التربوية أن يصلح من شأنه إلا أن الولد ظل كما هو حتى توفي والده، والآن أنا أواجَه بسوء سلوكه وعدم احترامه لي، وكان دائم الإساءة لفظًا وضربًا للشغالة وهي خرساء صماء، وخشية عليها وحتى لا تقع كارثة في بيتنا اضطررت أن أسلمها إلى أهلها، وأنا لا أرغب في العداء بحكم أنه نجل زوجي. فماذا أفعل وهو يرفض ترك شقة الزوجية -علمًا بأنها ملك لي- ومقيم معي بطريق البلطجة؟


ما المراد بالتهادي الوارد في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهادَوْا تَحابُّوا»؟ وما الحكمة من الحث على التهادي؟


ما حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها؟ حيث إن هناك امرأةٌ فاجأها الحيض بعد دخول وقت إحدى الصلوات المفروضة بزمنٍ يسير، ولم تكن قد أدَّت هذه الصلاة، فهل يلزمها قضاؤها بعد طُهْرِها مِن الحيض؟


ما حكم صيام من احتلم في نهار رمضان؟ فقد كنت نائمًا أثناء النهار في رمضان، فاحتلمت واستيقظت على جنابة ثم اغتسلت؛ فهل فسد صومي بهذا الاحتلام، وبِالتالي يكون عليَّ قضاء هذا اليوم بعد رمضان؟


ما كيفية الطهارة عند وقوع النجاسة على شيء ولم يُعرَف موضعها؟ فقد توضأتُ للصلاة، ولما فرَغتُ مِن الوضوءِ وَقَعَ عليَّ ماءٌ نجسٌ، وأصاب ثَوبِي وبَدنِي، وتَطَايرَ على المكان الذي أُرِيدُ الصلاة فيه، لكن لا أعلم موضع تلك النجاسة التي أصابتني، فما حكم الصلاة في هذه الحالة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28