حكم قضاء السنن الرواتب التابعة للصلوات المفروضة ووقت قضائها

تاريخ الفتوى: 28 سبتمبر 2022 م
رقم الفتوى: 7054
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم قضاء السنن الرواتب التابعة للصلوات المفروضة ووقت قضائها

ما حكم قضاء السنن الرواتب التابعة للصلاة المفروضة؟

يُسنُّ المحافظة على أداء السنن الراتبة في أوقاتها المحددة، فإن خَرَج وقتها فالمختار للفتوى أنه يجوز للمسلم أن يقضيها بعد ذلك، في أيِّ وقتٍ من غير حدٍّ -إلَّا أن يكون وقت كراهة-، وسواء كانت الفائتة  الفجر أم غيرها من الرواتب.

المحتويات

ترغيب الشرع الشريف في النوافل وبيان فضلها

الإكثار من النوافل سببٌ لمحبة الله تعالى؛ ففي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».

ومن هذه النوافل التي رغَّب سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في المواظبة عليها: السنن الرواتب التابعة للصلوات المفروضة، وجملتها اثنتا عشرة ركعة عند الحنفية؛ وهي: أربع ركعات قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر؛ ومجموعها اثنتا عشرة ركعة.

وأَمَّا الشافعية والحنابلة فمقدارها عندهم عشر ركعات: ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.

ويرى المالكية أنه لا حَدَّ للسنن الرواتب. ينظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 284، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2/ 66-67، ط. دار الفكر)، و"المجموع شرح المهذب" للإمام النووي (4/ 7، ط. دار الفكر)، و"المغني" للشيخ ابن قدامة (2/ 93، ط. مكتبة القاهرة).

فعن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها أنَّها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» رواه مسلم.

وفي روايةٍ للترمذي والنسائي في "السنن": «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ».

كما خصَّ سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض هذه الرواتب بالتَّأكيد والترغيب، كنافلة الفجر؛ فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رواه مسلم.

وعنها قالت: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَي الْفَجْرِ» متفق عليه.

وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على أن يصلِّي أربعًا قبل الظهر، فإذا لم يصلِّهنَّ قبل الظهر صلَّاهن بعدها؛ فقد روى الإمام الترمذي في "سننه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إِذا لم يُصَلِّ أربعًا قبل الظهر صلَّاهنَّ بعده.

قال العلامة الحسين بن محمود المظهري في "المفاتيح في شرح المصابيح" (3/ 137، ط. دار النوادر): [من أدَّى فرائض الله تعالى يحبُّه الله، ومن أدَّى الفرائض والنوافل يزيد حبُّ الله له، فبقدر ما زاد من النوافل يزيد حبُّ الله له، حتى صار عبدًا مُخلصًا مرضيًّا لله تعالى] اهـ.

حكم قضاء السنن الرواتب

نظرًا لعظم ثواب هذه السنن اختلف الفقهاء في حكم قضاء الفوائت منها: فذهب الحنفية والمالكية إلى أنَّ السنن الرواتب لا تُقْضَى بعد خروج وقت صلاتها المفروضة، واستثنوا من ذلك سنة الفجر، ووافقهم الحنابلة في قولٍ.

قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 287): [لا خلاف بين أصحابنا في سائر السنن -سوى ركعتي الفجر- أنَّها إذا فاتت عن وقتها لا تُقضَى سواء فاتت وحدها، أو مع الفريضة.. أمَّا سنة الفجر فإن فاتت مع الفرض تُقضَى مع الفرض استحسانًا.. وأمَّا إذا فاتت وحدها لا تُقضَى عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: تُقضَى إذا ارتفعت الشمس قبل الزوال] اهـ.

وقال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 408، ط. دار المعارف): [(والفجر) أي: ركعتاه، (رغيبة) أي: مُرغَّب فيها.. (ولا يُقضَى نفلٌ) خرج وقته (سواها)؛ فإنَّها تُقضَى بعد حل النافلة (للزوال) سواء كان معها الصبح أو لا] اهـ.

قال العلامة الصاوي محشِّيًا عليه: [قوله: (ولا يُقضَى نفل): ظاهره أنَّه يحرم قضاء غيرها من النوافل، وصرَّح في الأصل بالحرمة، قال في الحاشية: هذا بعيدٌ جدًّا، وليس منقولًا ولا سيَّما الإمام الشافعي يجوِّز القضاء، والظاهر أنَّ قضاء غير الفرائض مكروهٌ فقط] اهـ.

وذهب الشافعية في الأظهر، والحنابلة في المشهور إلى استحباب قضاء النوافل الراتبة.

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 337، ط. المكتب الإسلامي-بيروت): [النافلة قسمان: أحدهما: غير مؤقتة، وإنما تفعل لسبب عارض؛ كصلاة الكسوفين، والاستسقاء، وتحية المسجد، وهذا لا مدخل للقضاء فيه. والثاني: مؤقتة؛ كالعيد، والضحى، والرواتب التابعة للفرائض، وفي قضائها أقوال: وأظهرها: تُقضَى، والثاني: لا، والثالث: ما استقلّ؛ كالعيد والضحى، قُضي، وما كان تبعًا كالرواتب، فلا] اهـ.

وقال العلامة المرداوي في "الإنصاف" (2/ 178، ط. دار إحياء التراث العربي–الطبعة الثانية): [(ومن فاته شيءٌ من هذه السنن سُنَّ له قضاؤها) هذا المذهب والمشهور عند الأصحاب.. وعنه: لا يُستَحَبّ قضاؤها] اهـ.

كيفية قضاء السنن الرواتب

أمَّا عن كيفية قضاء السنن الرواتب عند القائلين به:

فللشافعية فيه أقوالٌ: المشهور: أنَّها تُقضى أبدًا في أي وقتٍ من غير حدٍّ، والثاني: تُقضَى فائتة النهار ما لم تغرب الشمس، وفائتة الليل ما لم تطلع الشمس، والثالث: يَقضِي كل راتبة تابعة لفريضة ما لم يصلِّ الفريضة التي بعدها، فيقضي سنة الصبح ما لم يصلِّ الظهر.

وعند الحنابلة تُقضَى السنن الرواتب على الترتيب كما هو الحال في قضاء الصلوات، ولم يحدُّوا وقتًا لقضائها.

وأمَّا قضاء سنة الفجر إذا فاتت: فعند الحنفية إن فاتت مع الفرض فإنَّها تُقضى مع الفرض استحسانًا، ولا تقضى بعد الزوال، وأمَّا إذا فاتت وحدها فلا تُقضى.

وعند المالكية: تُقضَى في الوقت الذي تحلُّ فيه النوافل إلى الزوال، سواء فات معها الفرض أو لا. ينظر: "بدائع الصنائع" (1/ 287)، و"حاشية الصاوي" (1/ 408)، و"روضة الطالبين" (1/ 337)، و"الإنصاف" (2/ 178)، و"كشاف القناع" للإمام البهوتي (1/ 260، ط. دار الكتب العلمية).

المختار للفتوى

المختار للفتوى: جواز قضاء النوافل الرواتب؛ وذلك لما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِىَ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا».

فهو عامٌّ في كل صلاة؛ سواء كانت فريضة أو راتبة. ينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (2/ 288، ط. دار الكتب العلمية)، لكن ينبغي أن يكون القضاء في غير أوقات الكراهة؛ مراعاةً لخلاف المالكية.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّه يُسنُّ المحافظة على أداء السنن الراتبة في أوقاتها المحددة، فإن خَرَج وقتها جاز للمسلم أن يقضيها بعد ذلك، في أيِّ وقتٍ من غير حدٍّ -إلَّا أن يكون وقت كراهة-، وسواء كانت الفائتة هي الفجر أم غيرها من الرواتب.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم قراءة سورة السجدة في فجر يوم الجمعة؟


ما حكم الشك في صحة الوضوء والصلاة؟ فالسائلة دائمة الشك أثناء الصلاة، ويراودها الشك في خروج شيء من مكان البول: ريح أو ما شابه ذلك، مما يسبب لها بعض القلق ويمنعها في بعض الأحيان من قراءة القرآن نظرًا لإعادتها الصلاة عدة مرات بسبب هذه الشكوك، وتطلب السائلة الإفادة في هذا الموضوع.


ما حكم تعدد صلاة الجمعة في القرية الواحدة، فقد سأل شيخٌ في قرية بها مساجد لا يسعُ أكبرها أهلَهَا المكلفين بالصلاة، ثم أُنشِئ مسجد آخر مثل هذه المساجد، فهل تصحّ إقامة الجمعة في هذا المسجد الحديث مع إقامتها في بعض المساجد الأخرى القديمة، أم كيف الحال؟


ما حكم قيام الطبيب بترك المريض بغرفة العمليات تحت تأثير المخدر لأداء صلاة الجماعة؟ حيث يقوم قسم جراحة الوجه والفك والتجميل بطب الأسنان بالعلاج الجراحي المتخصص لحالات أورام الفم والوجه والفكين، ويوجد أستاذ طبيب بهذا القسم يبدأ العمل في الصباح وحين يؤذن لصلاة الظهر يترك المريض بغرفة العمليات تحت المخدر مكلفًا أحد المساعدين بخطوات معينة وينزل إلى المسجد ليقيم الصلاة ويؤم المصلين ثم يعود لعمل الجراحة واستكمالها،وقد انتهت معظم الجراحات بسلام وبعضها حدثت منها بعض المضاعفات ومنها من توفاه الله، وبصدد حالة وفاة أخيرة لمريضة تم مناقشته في ذلك فقال: إنه كلف المساعد بخطوة معينة ولكنه قام بشيء خلاف المتفق عليه، علمًا بأن مساعده ذو خبرة قليلة، ثم عقد اجتماع لإقناعه بأداء الصلاة لوقتها بغرفة ملاصقة لغرفة العمليات، ولكنه لم يقبل حتى لو كانت الصلاة في جماعة. فهل هذا يرضي الله سبحانه وتعالى، أم الأفضل لظروف العمل أداء الصلاة بجوار غرفة العمليات ويمكن أداؤها في جماعةٍ مراعاةً لصالح وحياة المرضى؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.


ما حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم؟ فأنا نمت ليلة الجمعة متعبًا بسبب عملي فلم أستيقظ إلَّا بعد صلاة الجمعة؛ فهل يقع عليَّ إثم في هذه الحالة؟ وما الواجب عليَّ حينئذٍ؟


ما حكم صلاة الجنازة إذا صلى الإمام وهو على جنابة؟ حيث يوجد رجلٌ استيقظ من النوم على جنابة، فأُخبر بوفاة قريب له، فأسرع إليه، وعند صلاة الجنازة قدموه، فصلى بهم إمامًا ناسيًا أنه جُنُب، ولم يتذكر الجنابة إلا بعد العودة من الدفن؛ فما حكم صلاته؟ وما حكم صلاة المأمومين خلفه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :42
الظهر
12 : 49
العصر
4:17
المغرب
6 : 55
العشاء
8 :13