هل الأطراف الصناعية والأجهزة الخاصة بمرضى الشلل التي تُعطى مجانًا للفقراء والمحتاجين تُعتَبَر من الصدقة الجارية؟
إن كان الجهاز المسؤول عنه يُمَلَّك للفقير أو المسكين فلا يكون من باب الصدقة الجارية؛ بل هي صدقة عادية؛ حيث إنه بملكيته له يكون له حقّ التحكم فيه باستفادة شخصية أو عدمها، أو بإعارة، أو ببيع أو غير ذلك، ويُورَث عنه إذا مات، ووارثه يكون له ذلك؛ فقد لا يحتاج له فلا يستعمله، أو يعيره، أو يبيعه، وهكذا.
أما إذا كان لا يملكه الفقير والمسكين، بل يستعمله كلٌّ منهما حتى إذا استغنى عنه استعمله غيرُهما ممَّن يحتاج إليه، وهكذا حتى ينتهي عمر الجهاز ويفقد صلاحيته للعمل فإنه يكون من الصدقة الجارية طيلة مدة استعماله.
الأصل أنَّ الصدقة الجارية هي: كل صدقةٍ يجري نفعُها وأجرُها ويدوم؛ كما عرَّفها بذلك القاضي عياض المالكي في كتابه "مشارق الأنوار على صحاح الآثار"، وقد حملها جماعة من العلماء على الوقف؛ لأنه أوضح ما تتحقق فيه الصدقة الجارية؛ حيث إن الوقف يدوم أصله وتتجدد منفعتُه؛ قال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 523، ط. دار الكتب العلمية) [وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ؛ فَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَيْسَتْ جَارِيَةً، بَلْ يَمْلِكُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَعْيَانَهَا وَمَنَافِعَهَا نَاجِزًا. وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ وَإِنْ شَمِلَهَا الْحَدِيثُ فَهِيَ نَادِرَةٌ، فَحَمْلُ الصَّدَقَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْوَقْفِ أَوْلَى] اهـ.
وللعلماء في الأنواع الأخرى التي لا ينقطع منها عمل المسلم بعد موته مسلكان:
فمنهم من يقصر الصدقة الجارية على الوقف -كما يُفهَم من كلام الخطيب الشربيني السابق-، ويجعل بقية الأنواع من الصدقة الجارية حكمًا؛ لأنها باقية كبقاء الوقف؛ يقول العلامة الشَّبْرامَلِّسي الشافعي في "حاشيته على نهاية المحتاج" للشمس الرملي (1/ 39، ط. دار الفكر-بيروت) بعد أن ذكر نظم الحافظ السيوطي: [ولعله إنما فصَّلها كذلك لورودها بأعيانها كذلك مُفرَّقةً في أحاديث، وإلا فيمكن ردُّ ما ذكره إلى ما في الحديث؛ بأن يُجعل تعليمُ القرآن من العلم الذي يُنتَفَع به، وما عداه من الصدقة الجارية ولو حكمًا، بجامع أن ما أجراه من الأنهار وحفرَه من الآبار وغرَسه من الأشجار ولو في ملكه ولم يَقِفْه والمصحفَ الذي نسخه أو اشتراه مثلًا ثم مات عنه ورباطَه بقصد الجهاد في سبيل الله آثارُه -مِن تَعَدِّي نَفْعِه للمسلمين- باقيةٌ كبقاءِ الوقف] اهـ.
ومنهم مَن يجعل الصدقة الجارية أعمَّ من الوقف، ولا يقصرها عليه، ولا يمنع من دخول بقية الأنواع تحت اسم الصدقة الجارية، وهذا المسلك أنسب بعموم اللفظ؛ إذ لا دليل على التخصيص بالوقف.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي الشافعي في "شعب الإيمان" (5/ 121، ط. مكتبة الرشد) بعد أن روى حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهَرًا كَرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ»، وحديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «سَبْعَةٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهَرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ» قال معقبًا عليهما: [وهما لا يخالفان الحديث الصحيح؛ فقد قال فيه: «إلّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ»، وهي تجمع ما وردا به من الزيادة] اهـ.
وعليه وفي واقعة السؤال: فإن كان الجهاز المسؤول عنه يُمَلَّك للفقير أو المسكين فلا يكون من باب الصدقة الجارية؛ بل هي صدقة عادية؛ حيث إنه بملكيته له يكون له حق التحكم فيه باستفادة شخصية أو عدمها، أو بإعارة أو عدمها، أو ببيع أو غيره، ويورث عنه إذا مات، ووارثه يكون له ذلك: فقد لا يحتاج له فلا يستعمله، أو يعيره، أو يبيعه، وهكذا.
أمَّا إذا كان لا يملكه الفقير والمسكين، بل يستعمله كل منهما حتى إذا استغنى عنه استعمله غيرُهما ممَّن يحتاج إليه، وهكذا حتى ينتهي عمر الجهاز ويفقد صلاحيته للعمل فإنه يكون من الصدقة الجارية طيلة مدة استعماله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال السائل: نتلقى الزكوات من أهل الخير على مدار العام ولدينا خطة توزيع على الفقراء طوال العام، وفي نهاية العام المالي يتبقى لدينا مبلغٌ في بنك ناصر الاجتماعي يتم ترحيله للعام المالي الجديد. فهل يجوز ذلك؟
هل على المدين زكاة في ذهب، أو فضة، أو حلي، أو تجارة، أو زروع وثمار، أو ماشية.. إلخ إذا استغرق الدين جل ما يملك وبقي للمدين أقل من نصاب الزكاة، أو أنه يشترط لإخراج الزكاة الخلو من الدين؟
ما حكم إخراج القيمة بدل الأعيان والأشياء في الزكاة؟ وهل ذلك يجوز؟
لدي بعض المال في البنك، زوجي يأخذ بعض أمواله للزكاة والصدقة ويخرجها عن ماله هو، فهل هذا يعد زكاة عنه هو أم عن ماله ومالي؟
ما حكم الزكاة للأخ إذا كان ابنه غنيًّا؟ فإن للسائل ابنًا يعمل بالسعودية، وقد تعود أن يدفع إليه بزكاة ماله؛ ليقوم بصرفها على الوجوه التي بيَّنها الله سبحانه وتعالى في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ﴾ .. إلخ الآية. ويقول السائل إن له أخًا يقيم في جرجا يمتلك ثلاثة قراريط ونصفًا أرضًا زراعية، ودكانًا مغلقًا، وعربة نقل يعمل عليها؛ ليصرف من دخلها على بيته ويسدد بعض ما عليه من الديون مما يتبقى من دخلها، كما أن له ابنًا يعمل مدرسًا بالكويت يساعده قدر استطاعته.
ويسأل السائل هل أخوه بوضعه هذا يدخل ضمن مصاريف الزكاة حتى يستطيع أن يدفع له من مال زكاة ابنه؟
ما حكم الزكاة في الماشية التي تملكها الدولة؟ فالسائل يعمل في محطة البحوث الزراعية التابعة لكلية الزراعة، ويوجد بجهة عمله مزارع للأقسام العلمية وكذلك وحدات إنتاجية، ويتبع ذلك وجود قطعان من الماشية والأغنام ومحاصيل زراعية تنتج على مدار العام. ويسأل هل تستحق زكاة على هذه الماشية والأغنام ومنتجاتها وكذلك المحاصيل الزراعية؟