ما الحكمة من استحباب زيارة القبور؟ ولماذا أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بزيارتها بعد أن كان قد نهى عنها؟
الحكمة من استحباب زيارة القبور: التذكير بالآخرة، وترقيق القلوب القاسية، والردع عن المعاصي، والزهدُ في الدنيا الفانية، وتهوين ما قد يلقاه المرء من المصائب.
وإنَّما كان نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن زيارة القبور حينما كان المسلمون قريبي عهد بالجاهلية، وبأفعالها التي كانت من عاداتهم عند زيارتهم للمقابر؛ من الندب والنواح والتلفظ بألفاظ يرفضها الشرع الشريف، وعندما استقر الإسلام في قلوبهم وزالت رواسب الجاهلية عنهم أمرهم حينئذ بزيارتها، ورغبهم في ذلك، ونهاهم عما كانوا يفعلونه بها من أفعال الجاهلية؛ لما في ذلك من نفعٍ يعود على من يقوم بزيارتها.
المحتويات
استحبَّ الشرع الشريف زيارة القبور ورغَّب إليها؛ لما في زيارتها من تذكر الآخرة، والزهد في الدنيا الفانية، وترقيق القلوب القاسية، والردع عن المعاصي، وتهوين ما قد يلقاه المرء من المصائب.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «زُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» رواه الإمامان أحمدُ ومسلمٌ، وأصحابُ "السُّنن".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهَا تُرِقُّ الْقُلُوبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ، فَزُورُوهَا، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" واللفظ له، والطبراني في "المعجم الكبير".
قال العلَّامة المُناوي في "فيض القدير" (4/ 67، ط. المكتبة التجارية): [ليس للقلوب -سيّما القاسية- أنفعُ من زيارةِ القبور، فزيارتها وذكر الموت يردع عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا، ويهون المصائب، وزيارة القبور تبلغ في دفع رين القلب واستحكام دواعي الذنب ما لا يبلغه غيرها] اهـ.
كان نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن زيارة القبور حينما كان المسلمون قريبي عهد بالجاهلية، وبأفعالها التي كانت من عاداتهم عند زيارتهم للمقابر؛ من الندب والنواح والتلفظ بألفاظ يرفضها الشرع الشريف، فعندما استقر الإسلام في قلوبهم وزالت رواسب الجاهلية عنهم، أمرهم حينئذ بزيارتها، ورغبهم في ذلك، ونهاهم عما كانوا يفعلونه بها من أفعال الجاهلية.
فالأمر بزيارة القبور بعد النهي عنها جاء مطلقًا غير مقيدٍ بوقتٍ دون وقت، ولا حال دون حال، بل جاء مبيِّنًا ما في زيارتها من نفع يعود على زائرها، وهو ممَّا ينبغي أن يحرص عليه المسلم دائمًا؛ فإنَّ في تذكر الآخرة رقةً للقلب وارتداعًا للنفس عن المعاصي والآثام. وعلى استحباب ذلك اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة:
فعند الحنفية: قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (24/ 10، ط. دار المعرفة): [وقيل: إنما نهوا عن زيارة القبور في الابتداء على الإطلاق؛ لما كان من عادة أهل الجاهلية أنهم كانوا يندبون الموتى عند قبورهم، وربما يتكلمون بما هو كذب، أو محال، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا»؛ أي: لغوًا من الكلام، ففيه بيان أن الممنوع هو التكلم باللغو، فذلك موضعٌ ينبغي للمرء أن يتعظ به ويتأمل في حال نفسه، وهذا قائم لم يُنْسَخ، إلا أنه في الابتداء نهاهم عن زيارة القبور لتحقيق الزجر عن الهُجر من الكلام، ثم أذن لهم في الزيارة بشرط أن لا يقولوا هُجرًا] اهـ.
وعند المالكية: قال الإمام أبو القاسم ابن الجَلَّاب المالكي (ت: 378هـ) في "التفريع في فقه الإمام مالك" (1/ 272، ط. دار الكتب العلمية): [ولا بأس بزيارة القبور، وليس لذلك حدٌّ ولا وقتٌ مخصوص] اهـ.
وقال العلامة أبو عبد الله الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 135، ط. دار الفكر): [(ص) وزيارة القبور بلا حدّ (ش) يعني أنه يجوز، بل يندب زيارة القبور بلا حدّ في المقدار من الأيام كيوم في الأسبوع أو أكثر، أو في قدر المكث عندها، أو في التعيين كيوم الجمعة، أو فيما يدعى به، أو في الجميع] اهـ.
وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير لمختصر خليل" (1/ 422، ط. دار الفكر): [وجاز (زيارة القبور) بل هي مندوبة (بلا حد) بيوم، أو وقت، أو في مقدار ما يمكث عندها، أو فيما يدعى به، أو الجميع، وينبغي مزيد الاعتبار حال الزيادة والاشتغال بالدعاء والتضرع، وعدم الأكل والشرب على القبور خصوصًا لأهل العلم والعبادة] اهـ.
وعند الشافعية: قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 317، ط. دار المعرفة): [ولا بأس بزيارة القبور، أخبرنا مالك، عن ربيعة يعني ابن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ونَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا»، قال الشافعي: ولكن لا يقال عندها هُجر من القول، وذلك مثل: الدعاء بالويل والثبور، والنياحة، فأما إذا زرت تستغفر للميت، ويرق قلبك، وتذكر أمر الآخرة: فهذا ممَّا لا أكرهه] اهـ.
وعند الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 422، ط. مكتبة القاهرة): [لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في إباحة زيارة الرجال القبور. وقال علي بن سعيد: سألت أحمد عن زيارة القبور، تركها أفضل عندك أو زيارتها؟ قال: زيارتها] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم القيام بتغسيل الميت بماء زمزم؟
أفاد المتخصصون أن جسمَ المتوفى بفيروس كورونا يظلُّ حاملًا لفيروس مدَّة بعد وفاته، ولذلك فإن عمليةَ تجهيزه يقومُ بها متخصصون من وزارة الصحَّة، ولا يسلمون المتوفى لأهله إلا بعد إتمام التعقيم والتغسيل والتكفين، ومما يقومون به في التكفين أنهم يضعون المتوفى في كيس مُعَدٍّ غير منفذ للسوائل، فهل هذه الطريقة كافية في تكفينه شرعًا؟
ما حكم دفن المسلم في تابوت في مقابر غير المسلمين للضرورة؟ حيث توجد مجموعة من المسلمين في دولة غير مسلمة وقد قامت الدولة بتخصيص مساحة من المقابر للمسلمين الموجودين هناك، بشرط دفن الميت في صندوق، وقد ضاقت المساحة المخصصة للمسلمين فسمحت لهم الدولة بالخروج عن حيِّز مقابر المسلمين والدفن في المقابر المجاورة الخاصة بغير المسلمين. فما حكم الشرع في دفن المسلم الميت بالصندوق إذا كانت الدولة تشترط ذلك؟ وفي دفن المسلمين في مقابر غير المسلمين في الدول غير المسلمة إذا لم يوجد مكان آخر للدفن.
عندنا مقبرة امتلأت بالموتى الذين صاروا عظامًا، وليس عندنا مكان آخر للدفن، فكيف نصنع بالموتى الجُدُد؟
يقول السائل: هناك مقبرة قديمة مجاورة لمنزلي، صارت إلى ملكي عن طريق الميراث، وقد مضى عليها أكثر من مائة عام دون أن تُسْتَغَلّ في دفن الموتى، وأريد أن أضمها لمنزلي بعد جمع العِظَام ونقلها إلى المقابر العامة، فما حكم الشرع في ذلك؟
ما حكم عدم تغسيل المتوفى بفيروس كورونا؟ فنحن نعيشُ في دولة أوروبية، وقد تُوفي معنا شخصٌ مسلمٌ بفيروس كورونا الوبائي، ولكن عندما هممنا أن نجهزه للدفن منعتنا السلطات من تغسيله، وأخبرت بأن جسمه ما زال حاملًا للفيروس. فما الحكم لو دفناه من غير تغسيل؟ هل يُعدُّ هذا الفعل امتهانًا لحقوق الميت وتقصيرًا منا تجاهه؟