سائل يقول: قامت والدتي بتقديم أوراق الحج قبل وفاة والدي، وبعد الوفاة حصلت على التأشيرة الخاصة بالحج، وقامت بدفع الرسوم، ولن تستطيع استردادها حال عدم ذهابها، مع العلم أنَّ والدي لم يمانع من سفرها إلى الحج؛ فما حكم خروجها لأداء الحج أثناء العدة؟
يجوز لوالدة السائل أن تسافر للحج في العدة ما دامت قد سدَّدت رسوم الحج ونفقاته، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها؛ لأنَّ اختيارها والإذن لها بالسفر ودفعها لنفقات الحج الباهظة التي لا تُسْتَرَدُّ هو بمثابة دخولها في السفر ومُضِيِّها فيه، ولا سيما أنها قد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، ولا شك أن درء المشقة الحاصلة من تفويت الحج أعظم من جلب مصلحة الاعتداد في المنزل، لذا كان تقديم الحج أَوْلَى.
مِن المقرر شرعًا أنَّه يجب على المرأة المتوفَّى عنها زوجُها أنْ تتربص وتعتد أربعة أشهرٍ وعشرة أيامٍ؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَٱللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 234].
وجماهير الفقهاء على أنَّ السُّكنَى مِن لوازم الاعتداد؛ فتمكث المعتدة مدة عدتها في بيتها؛ فلا تخرج لحجٍّ ولا لغيره؛ واستدلوا على ذلك بحديث الفُرَيعةِ بنتِ مالِكِ بنِ سِنانٍ -وهي أُختُ أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رضي الله عنهما-: "أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَها أَن تَمكُثَ في بيتها حتى تَنتَهِيَ عِدّتُها" رواه الإمام مالِكٌ في المُوَطَّأِ، والشّافعيُّ عنه، وأَحمَدُ وأَبُو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وابنُ ماجه وصححه ابنُ حِبّانَ والحاكِمُ.
ونُقِل عن بعض السلف مِن الصحابة والتابعين: أنَّ السُّكنى ليست مِن العدة؛ فيجوز للمعتدة أن تعتدَّ حيث شاءت، ولا يحرُم عليها أن تحجّ أو تعتمر في عدتها؛ رُوِيَ ذلك عن سيدنا علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأم المؤمنين عائشة، وجابر بن عبد الله، رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وإليه ذهب الظاهرية.
وحجتهم: أنَّ الآية دلَّت على وجوب العدة لا على وجوب السُّكنى للمعتدة.
وأجابوا عن الحديث بأنَّه ضعيف، وأنَّه على فرض صحته فإنَّه واقعة عين.
وقد نصَّ العلماء على أنَّ مِنْ شرط الحج للمرأة ألا تكون في عدّة وفاة أو طلاق؛ فإن خالف وحجَّت صحَّ حجُّها وكانت آثمة.
واستثنى الفقهاء مِن ذلك: ما إذا كانت المرأة قد أحرمَت بالحجّ، أو كانت قد سافرت.
فنصّ فقهاء الحنفية: على أنَّها إن كانت حين مات زوجها مسافرةً وكان بينها وبين مصرها مدةُ سفر –أي: ثلاثة أيامٍ فأكثر-، فإنَّها ترجع إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها.
وعند المالكية: أنَّها إن مات زوجها وقد خرجت لحجة الإسلام، وكان بعدُها عن منزلها أربعة أيام فأقل رجعت وجوبًا؛ لتعتدَّ بمنزلها إن بقي شيء من العد، فإن زاد على هذا لمْ ترجع بل تستمر.
وعند الشافعية: أنَّها إن كانت مسافرة فمات زوجها؛ فلها الخيار في أن تمضي لسفرها ذاهبة وجائية، وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضي سفرها.
وعند الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي [ت 620هـ] في "المغني" (8/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج؛ لأنَّ العدة في المنزل تفوت، ولا بدل لها، والحجّ يمكن الإتيان به في غير هذا العام.
وإن مات زوجها بعد إحرامها بحجّ الفرض، أو بحجٍّ أذن لها زوجها فيه، نظرت؛ فإن كان وقت الحجّ متسعًا، لا تخاف فوته ولا فوت الرفقة لزمها الاعتداد في منزلها؛ لأنَّه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فوات الحج لزمها المُضِيّ فيه، وبهذا قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يلزمها المقام وإن فاتها الحجّ؛ لأنها معتدة، فلم يجز لها أن تنشئ سفرًا؛ كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها.
ولنا: أنَّهما عبادتان استويا في الوجوب وضيق الوقت؛ فوجب تقديم الأسبق منهما؛ كما لو كانت العدة أسبق؛ ولأنَّ الحج آكد؛ لأنَّه أحد أركان الإسلام، والمشقّة بتفويته تَعْظُم؛ فوجب تقديمه كما لو مات زوجها بعد أن بَعُدَ سفرها إليه] اهـ.
وقال الإمام أبو المظفر بن هُبَيرَة الحنبلي [ت 560هـ] في كتابه "اختلاف الأئمة العلماء" (2/ 199، ط. دار الكتب العلمية): [واختلفوا في المتوفى عنها زوجها وهي في الحج: فقال أبو حنيفة: يلزمها الإقامة على كل حال إن كانت في بلد أو ما يقاربه، وقال مالك والشافعي وأحمد: إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضيُّ فيه] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دامت والدة السائل قد سدَّدت رسوم الحجّ ونفقاته ومصروفاته، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها، فإنَّه يجوز لها أنْ تسافر للحجّ في العدة؛ لأنَّ اختيارها والإذن لها بالسفر، ودفعها لنفقات الحج الباهظة التي لا تُسْتَرَدُّ هو بمثابة دخولها في السفر ومُضِيِّها فيه، والرخصة في ذلك كالرخصة عند خوف فوت الرفقة، ودرء المشقة الحاصلة مِنْ تفويت الحج أعظم مِنْ جلب مصلحة الاعتداد في المنزل؛ فكان تقديم الحج أَوْلَى لا سيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، ولا يخفى أنَّ مِنْ مقاصد الشريعة الغرَّاء رفع الضرر عن المكلفين ودفع المشاقِّ عنهم؛ وقد تقرر في قواعد الفقه أنَّ "المشقة تجلب التيسير"، وأنَّه "إذا ضاق الأمر اتسع".
هذا بالإضافة إلى أنَّ ضياع هذا المبلغ المالي الباهظ عليها هو ضررٌ يجب رفعه، ومشقة تستوجب تيسيرًا؛ وقد تقرر في قواعد الفقه أنَّ "الضرورات تبيح المحظورات"، وأنَّ "الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة"، وسفر المعتدة للحجّ وإن كان محظورًا في الأصل إلا أنَّ الحفاظ على المال الذي دفعته في نفقات الحج هو ضرورة تبيح هذا المحظور؛ لأنّ المال مِن الكليات الخمس العليا التي يجب الحفاظ عليها في الشريعة الإسلامية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
أولًا: هل يجوز صلاة الابن عن أبيه؛ حيًّا كان الأب أو ميتًا؟
ثانيًا: هل يصح حج الابن عن أبيه إذا كان قد مات منتحرًا؟
شركة استثمار فندقية تطلب إبداء الرأي الشرعي في المشروع التالي: برنامج "عمرة دائمة".
مضمون المشروع: سيتم طرح برنامج عمرة دائمة مفاده: إمكانية إتمام عشر عمرات في العشر سنوات القادمة لكل معتمر.
هدف المشروع: التيسير على المسلمين بتخفيض أسعار الحج والعمرة لأقصى حد ممكن.
النظام المالي للمشروع: يدفع الطرف الثاني دفعة شهرية من المال على أن يتمّ عمل عمرة سنوية، ويتمّ دفع الدفعات في خلال 10 أعوام من تاريخ التعاقد، والسفر للاعتمار من بداية العام الثالث من تاريخ التعاقد إلى 10 أعوام.
يمكن الانسحاب من البرنامج في أي وقت، وفي حالة الانسحاب يتم ردّ جميع الدفعات السابقة -حتى آخر عمرة تمت- مع خصم 20 % مصاريف إدارية.
المستفيدون من المشروع:
-للعميل الحقّ في أن يملي أيّ اسم سيعتمر.
-للعميل أن يؤجل الاعتمار عامًا ليتمّ مضاعفته في العام التالي؛ ليصطحب معه آخر.
-للعميل أن يؤجل الاعتمار أكثر من عام ليتم مضاعفته في الأعوام التالية ليصطحب معه آخرين.
ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الحاج أثناء تأديته مناسك الحج؟
هل ينقطع تتابع أشواط الطواف بصلاة الفرض؟ حيث ذهبتُ إلى الحج هذا العام، وأثناء الطواف أقيمت إحدى الصلوات المفروضة وأنا في الشوط الخامس، فالتزمت مكاني وصليت مع الناس، وبعد السلام استكملت الشوط الخامس من المكان الذي توقفت فيه، ثم بقية أشواط الطواف بعد ذلك. فهل يُعدّ التوقف للصلاة المفروضة أثناء الطواف قاطعًا له؛ بحيث يجب عليَّ إعادة الطواف من أوله مرة أخرى؟
ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟
ما حكم التطوع بالطواف من غير الحاج والمعتمر؟ حيث إن هناك شخصًا قد دخل المسجد الحرام لصلاة فريضة الظهر، وكان الوقت قبل الصلاة كبيرًا، فأراد أن يتطوع بطواف البيت. فهل يجوز له ذلك مع كونه غير قاصدٍ لنسكٍ من حجٍ أو عمرة؟