الدعاء عند قبور الصالحين وبيان فضله

تاريخ الفتوى: 13 ديسمبر 2015 م
رقم الفتوى: 6533
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذكر
الدعاء عند قبور الصالحين وبيان فضله

سمعت أنَّ الدعاء عند قبور الصالحين مستجاب؛ فما مدى صحة ذلك؟

زيارة قبور الأولياء والصالحين ودعاء الله عند قبورهم أمرٌ جائزٌ شرعًا؛ وقد استقر العلماء على أن هذه من المواضع المُشَرَّفة والمباركة التي تعود بركتها على الداعي فيها؛ فيكون ذلك أرجى للدعاء، وأقرب للقبول.

المحتويات

حكم الدعاء عند قبور أولياء الله الصالحين

قرَّر العلماء أنَّ قبور الصالحين مواضعٌ مباركة يُستَجاب عندها الدعاء؛ فإنَّ قبور أهل الجنة روضات من رياض الجنة؛ إذ يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْقَبْرُ إِمَّا رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الْجنَّةِ، أَو حُفْرَةٌ مِن حُفَرِ النَّارِ» أخرجه الترمذي في "السنن" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والطبراني في "المعجم الأوسط" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وابن أبي الدنيا في "القبور" والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

وروى الحافظ أبو موسى المديني في "اللطائف من علوم المعارف" (رقم: 306) عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: [قبورُ العِبَادِ مِن أهل السُّنَّة روضةٌ مِن رياض الجنة] اهـ.

أقوال العلماء في حكم الدعاء عند قبور أولياء الله الصالحين

قبور الصالحين تتنزل عليها البركة والصلاة من الله تعالى في كل آنٍ؛ فإنه لا يخلو زمان من عبدٍ يُصلي داعيًا في صلاته بحصول الصلاة والبركة على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما في الصلاة الإبراهيمية، وهذا يقتضي تجدّد الصلوات والبركات والرحمات على أضرحتهم وقبورهم في كل لحظة وحين؛ فهم موضع نظر الله تعالى، ومَن نالهم بسوء أو أذًى فقد تعرَّض لحرب الله عز وجل؛ كما جاء في الحديث القدسي: «مَن عادى لي وَلِيًّا فقد آذَنتُهُ بالحَربِ» رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال العلامة الشوكاني في "تحفة الذاكرين" (1/ 71-72، ط. دار القلم): [فصل فِي أَمَاكِن الْإِجَابَة وَهِي الْمَوَاضِع المُبَارَكَة. (قوله: وهي المواضع المباركة) أقول: وجه ذلك أنه يكون في هذه المواضع المباركة مزيد اختصاص؛ فقد يكون ما لها من الشرف والبركة مقتضيًا لعود بركتها على الداعي فيها وفضل الله واسع وعطاؤه جمٌّ، وقد تقدم حديث: «هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ»؛ فجعل جليس أولئك القوم مثلهم مع أنه ليس منهم، وإنما عادت عليه بركتهم فصار كواحد منهم، فلا يبعد أن تكون المواضع المباركة هكذا فيصير الكائن فيها الداعي لربه عندها مشمولًا بالبركة التي جعلها الله فيها؛ فلا يشقى حينئذٍ بعدم قبول دعائه] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (7/ 388، ط. دائرة المعارف النظامية): [قال الحاكم في "تاريخ نيسابور": سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة مع جماعة من مشايخنا، وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس، قال: فرأيت من تعظيمه، يعني ابن خزيمة، لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا] اهـ.

وروى الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1/ 445، ط. دار الغرب الإسلامي): [عن إبراهيم الحربي أحد أئمة الحديث أنه قال: قبر معروف -يعني الكرخي- الترياق المجرب. وروى أيضًا عن المحاملي أحد أئمة الحديث أنه قال: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم إلا فرج الله همه] اهـ.

قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (9/ 343-344، ط. مؤسسة الرسالة): [وعن إبراهيم الحربي قال: قبر معروف الترياق المجرب، يريد إجابة دعاء المضطر عنده؛ لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء] اهـ.

وقال ابن حبان في "الثقات" (8/ 457، ط. دائرة المعارف العثمانية) في ترجمة علي بن موسى الرضا: [وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارًا كثيرة، وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا استجيب لي وزالت عني تلك الشدة، وهذا شيء جربته مرارًا فوجدته كذلك] اهـ.

وفي كتاب "الحكايات المنثورة" للحافظ الضياء المقدسي الحنبلي بخطه وهو مخطوط محفوظ بالمكتبة الظاهرية تحت رقم (98 مجاميع): أنه سمع الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي يقول: [إنه خرج في عضده شيء يشبه الدُّمَّل، فأعيته مداواتُه، ثم مسح به قبر أحمد بن حنبل فبرئ ولم يعد إليه] اهـ.

وقال نور الدين ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (1/ 19، ط. دار الفكر) ما نصه: [قال شيخ مشايخنا علامة العلماء المتبحرين شمس الدين بن الجزري في مقدمة شرحه "للمصابيح": إني زرت قبره بنيسابور (يعني الإمام مسلم بن الحجاج القشيري) وقرأت بعض "صحيحه" على سبيل التيمن والتبرك عند قبره، ورأيت آثار البركة ورجاء الإجابة في تربته] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فزيارة قبور الأولياء والصالحين ودعاء الله عند قبورهم أمرٌ جائزٌ شرعًا؛ واستقر العلماء على أنَّ ذلك أرجى وأقرب للقبول.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم القيام بتغسيل الميت بماء زمزم؟


هل يجوز صلاة الغائب على من مات بسبب وباء كورونا المستجد ولم يُصَلَّ عليه؟


حكم قراءة صحيح البخاري وكتب السنة لرفع الوباء حيث ورد سؤال يقول صاحبه: في ظِلِّ ما يمرُّ به العالمُ من تفشِّي وباء كورونا يقومُ بعضُ العلماء وطلبة العلم بتنظيم قراءة "صحيح البخاري" بتقسيمه على من يحِبُّ المشاركةَ في ختمه، عن طريق وسائلِ التواصل الاجتماعي؛ تبرُّكًا وتوسُّلًا إلى الله تعالى لكشْف وباء كورونا، جريًا على ما اعتاده علماءُ الأزهر من قراءته في الملمَّات والنوازل: كدفع الوباء، وكشف البلاء، ومواجهة الغلاء.
لكن خرج بعضُ مدَّعي العلمِ على بعض المواقع زاعمًا أن التَّعبُّدَ بتلاوة صحيح البخاري لمجرد التِّلاوة بدعة، وأن التبرُّك والتوسُّل به حرام، وأنه لا فرقَ في ذلك بين "صحيح البخاري" و"مسلم" مثلًا، وأنها مجرَّد طقوس ابتدعها بعض الجهلة لمواجهة الأوبئة، وأنَّ توظيف "صحيح البخاري" للاستشفاء والتحصين لرفع البلاء أمرٌ متكلَّف، وأنَّ من ضرورياتِ الدين أنَّ المقصودَ مِن كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هو العمل بِمَا فيهما مِن الأوامرِ والنَّواهي، والإيمان بِمَا فيهما مِن الأخبار، وليس المقصود مجرَّد تلاوتهما ألفاظًا وتعبُّدًا.. فبَيِّنوا لنا الصوابَ في ذلك مشكورين.
1- عادة إقراء "صحيح البخاري" عند النوازلِ من الكوارثِ والأوباء قديمة، جرت على لسان السراج البلقيني في اليقظة والمنام.
2- لعل أمر هذه الظاهرة يعودُ إلى أقدم من وباء الطاعون الذي عمَّ الدنيا سنة 749هـ، واشتهرت هذه الظاهرة عند قدوم تيمورلنك إلى بلاد المسلمين.
3- أشهر الإمام سراج الدين البلقيني العمل بها، ودوَّنتها كتب التراجم والتأريخ، ونقلنا ذلك عنه فيما مضى.
4- التحقيق أن هذا العمل ليس موصولًا بعصور السلف، وأنَّ شيوعَه وذيوعَه بحكم وقوعه ووجوده لا يعطيه الحجِّية، وأنه ما زال يحتاجُ للدليل، وأن مجرَّد رؤيةِ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يأمرُ به لا يكفي مُستَدلًّا؛ فالمنامات يُسْتَأنس بها وليست -عند أهل السنة والجماعة- حجةً وبرهانًا، وأن الاتِّكاء عليها مع ترْك الأخْذ بالأسباب بدعةٌ في الدين، ومضادَّة لمقاصدِ الشريعة الكلية، والله المستعان وهو الواقي والعاصم.


ما حكم الدعاء وقراءة الفاتحة بعد الفراغ من الطعام لكل من ساهم فيه؟ فعادةً ما يتم تقديم طعام الإفطار أو الغداء أو العَشاء للناس، ومِن ثم يتم الدعاء لمَن بَذَل وأَكَل وسَاهَم وتَصَدَّق، ويتم قراءة سورة الفاتحة، وأيضًا قراءة الفاتحة بعد تناول الطعام بشكلٍ عامٍّ في كلِّ الأوقات.


ما حكم قيام العائلات بتخصيص أماكن محددة لها في الدفن؟ فإن المقابر في قريتنا مشتركة بين جميع أهلها؛ ولأنها منطقة جبلية نقوم بدفن كل ميت في قبر على حدة، غير أننا نجعل لكل عائلة جزءًا معينًا تدفن فيه موتاها، فما حكم ذلك شرعًا؟


أرجو من فضيلتكم ذكر ما يدل على فضل الصلاة والسلام على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما ورد من أحاديث وآثار؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يوليو 2025 م
الفجر
4 :24
الشروق
6 :6
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :26