هناك من يدَّعي حرمة تولي المرأة المناصب القيادية عامة ومنصب القضاء خاصة مستدلًا بحديث: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»، فما مدى صحة هذا الكلام؟
هذه الدعوى باطلة، والاستدلال عليها بالحديث المذكور غير صحيح؛ لأن الحديث ورد في واقعة معينة ولم يردْ على سبيل العموم، وإنما كان دليلًا وعلامةً على استجابة دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كسرى ومُلْكِه، فلا يستقيم في العقل حملُه على وجه العموم، ولا يُعَدُّ إخبارًا عامًّا منه صلى الله عليه وآله وسلم بأن كل قوم يُوَلُّون امرأةً عليهم أنهم لا يُفلحون، وإلا لكان ذلك مخالفًا في بعض الأحيان للواقع.
لا يصحّ الاستدلال على عدم جواز تولي المرأة المناصب العامة بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» "صحيح البخاري"؛ لأن هذا الحديث الشريف ورد على سبب مخصوص، وهو ما يُعرف في اصطلاح علماء الأصول بواقعة العين؛ وهي الحادثة أو النازلة المختصة بمُعَيَّن، والأصل في واقعة العين أنها تختص بالشخص المُعَيَّن الذى وقعت لأجله، فلا تعمُّ في حكمِها غيرَه، وكما تقرر في علم الأصول أن: "وقائع الأعيان لا عموم لها"؛ ومن ثمَّ فإن هذا الحديث الشريف واقعة عين، لا يُسْتَدَلُّ بها على غيرها أصلًا.
ومما يُستدل به على أن هذا الحديث الشريف واقعة عين لا عمومَ لها: أنه ورد على سبب خاص في سباق وسياق ولحاق معين، لا يستقيم في بداهة العقل حملُه على وجه العموم، وقد تعرَّض لسبب وروده الخاص العلامة ابن الجوزي في "كشف المشكل" (2/ 16، ط. دار الوطن)؛ فقال: [سبب قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا: أنه لما قَتَل شيرويه أباه كسرى، لم يملك سوى ثمانية أشهر، ويُقال ستة أشهر، ثم هلك، فملك بعده ابنه أردشير، وكان له سبع سنين فقُتِل، فملكت بعده بوران بنت كسرى، فبلغ هذا رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»؛ وكذلك كان، فإنهم لم يستقم لهم أمر] اهـ.
وأمَّا عن السباقات التي تعلقت بالحديث: فتتمثل في أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث رُسُله برسائل إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الله عز وجل ومنهم كسرى ملك الفرس؛ قال العلامة بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (18/ 58-59، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي سنة ستٍّ بعثَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبدَ اللهِ بنَ حذافة إلى كسرى ملك الفرس. قال الواقدي: كان ذلك في آخر سنة ستٍّ بعد عمرة الحديبية.. وقيل: في المحرم في سنة ست] اهـ.
ويأتي سياق الحديث ليشير إلى سوء أدب كسرى مع كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما أورده العلامة بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (14/ 210، ط. دار إحياء التراث العربي)، فقال: [إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزَّقه.. فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُمزَّقوا كلَّ مُمَزَّق] اهـ.
وقد أصابت دعوةُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم كسرى وقومَه، ودعاؤه لا شكَّ في إجابته؛ قال العلامة ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (18/ 32، ط. دار النوادر): [ولما دعا عليهم صلى الله عليه وآله وسلم بذلك؛ مات منهم أربعة عشر ملكًا في سنة] اهـ.
وعن لحاقات الحديث الممثَّلة في الآثار المترتبة على دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال العلامة بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (18/ 58-59): [فدعا على كسرى وجنوده بأن يُمَزَّقوا كلَّ مُمَزَّق؛ بحيث لا يبقى منهم أحد، وهكذا جرى ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة ولا أمر نافذ، وأدبر عنهم الإقبال حتى انقرضوا بالكلية في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه] اهـ.
وممَّا يؤيدُ هذا المعنى ويدلُّ على أنَّ الحديث الشريف يمثل واقعة عين لا عموم لها: أنَّ دلالة لفظ الفلاح الوارد في الحديث الشريف تشير إلى معنى البقاء والفوز، وهو المعنى الذي يناسب سباقات وسياقات ولحاقات الحديث؛ يوضح ذلك ما ذهب إليه العلامة اللغوي ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (4/ 450، ط. دار الفكر)؛ حيث قال: [الْفَاءُ وَاللَّامُ وَالْحَاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى شَقٍّ، وَالْآخَرُ عَلَى فَوْزٍ وَبَقَاءٍ.. وَالْأَصْلُ الثَّانِي الْفَلَاحُ: الْبَقَاءُ وَالْفَوْزُ] اهـ.
وعن الصلة الوثيقة بين سبب ورود الحديث الشريف ودعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كسرى ومُلْكِه: يقول الإمام القسطلاني في "إرشاد الساري" (10/ 192-193، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [والغرض من ذكر هذا الحديث هنا بيان أنَّ كسرى لمَّا مزَّق كتابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ودعا عليه؛ سلَّط الله عليه ابنَه فمَزَّقَه وقتَلَه، ثم قتَلَ إخوتَه؛ حتى أفضى الأمر بهم إلى تأمير المرأة؛ فجرَّ ذلك إلى ذهاب ملكهم ومُزِّقوا، واستجاب الله دعاءَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ] اهـ.
كما أكد على هذا المعنى وتلك الصلة: شمس الدين الكرماني في "الكواكب الدراري" (16/ 232، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ فقال: [هو مِن تَتمة قصة كتاب كسرى حين مزَّقه، وقتله ابنُه، ثم مات الابن بالسمّ الذي دسه أبوه له، ثم جعل البنت ملكة] اهـ.
وقال أيضًا في "الكواكب الدراري" (24/ 173): [وابنة كسرى اسمها بوران.. وكان مدة ملكها سنة وستة أشهر] اهـ.
وممَّا تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا علِم بولاية المرأة؛ أخبر أنَّ هذا علامةُ ذهاب ملكهم وتمزُّقه، إجابةً لدعوته عليهم؛ مصداقًا لقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [الأحزاب: 57]؛ ومن ثمَّ فلا يُعَدُّ ذلك إخبارًا عامًّا منه صلى الله عليه وآله وسلم بأن كل قوم يُوَلُّون امرأةً عليهم أنهم لا يُفلحون.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة المرأة كاشفة شعرها؟ فإن زوجتي صَلَّت كاشفة شعرها في حال وجودي في البيت؛ فهل صلاتها صحيحة؟ وهل هناك فرق لو صَلَّت بهذا الحال منفردة في مكان لا يراها أحد؟
سائل يقول: ما مصير النساء المؤمنات القانتات في يوم الحساب؟ وهل يشتركن في الهبة التي يهبها الله لأزواجهم المؤمنين في الآخرة؟
ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح مع وجود خطورة على الأم وتشوهات بالجنين؟ فزوجتي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، وهي حامل في منتصف الشهر السادس، وقد اكتشفنا أن حملها غير طبيعي من بداية الحمل؛ حيث أظهرت أشعة الموجات فوق الصوتية وجود توءمين أحدهما حي والآخر ميت، وتابعنا الحمل حتى اختفى التوءم الأخير واستمر التوءم الحي، ومنذ شهر تقريبًا اكتشفنا بواسطة أشعة الموجات الصوتية رباعية الأبعاد وجود استسقاء مائي كبير ومطرد بالجمجمة نتيجة ورم حميد بالمخ أدى إلى تضخم حجم جمجمة الجنين مع ضمور شبه كامل بالمخ، وأكد لنا الأستاذ الدكتور الذي يتابع الحالة وهو أستاذ التوليد والنساء بكلية طب عين شمس، والذي أجرى الأشعة، ضرورةَ إنهاء الحمل على الفور؛ حيث إن استمراره للنهاية قد يؤدي إلى تضخم الرأس بشكل كبير يصعب معه الولادة الطبيعية إضافة إلى أنَّ فرص بقاء الجنين حيًّا بعد الولادة منعدمة نظرًا لضمور المخ ضمورًا شبه كلي، وقد استشَرتُ اختصاصي الأمراض العصبية وأكد لي صعوبة بقاء الطفل وصعوبة إنقاذه حال ولادته مبكرًا في سبعة أشهر؛ لعدم وجود المخ القادر على القيام بالوظائف الحيوية والحركية وخلافه. إضافة إلى أن شقيقتي وهي طبيبة أمراض توليد ونساء متخصصة في رعاية الأجنة بكلية طب عين شمس أفادتني بخطورة استمرار الحمل حتى النهاية لاحتمالية تأثير الجمجمة المتضخمة على الأم، وقد يؤدي إلى نزيف رحمي حاد قد يؤدي إلى استئصال الرحم لا قدر الله، وزوجتي صغيرة في السن، ولم يُنعم علينا المولى — عز وجل — بنعمة الإنجاب بعدُ، إضافةً إلى خطورة ذلك على الأم. فما الحكم الشرعي في الإجهاض في هذه الحالة؟
هل هناك فضل في تسمية الأولاد باسمٍ من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وما الذي ورد في ذلك؟
من هو الأَولى بحضانة طفلين؛ حيث إن أحدهما في سن الخامسة، والأخرى في سن الثامنة، مع العلم بأن الجدة لأم على قيد الحياة وبصحة جيدة، وأن الأم متوفاة؟
ما حكم عمل غير المسلمين في المؤسسات والجمعيات الرسمية القائمة على توزيع الزكاة؟ وهل يجوز إعطاؤهم أجرة عملهم من أموال الزكاة؟