مدى صحة التفرقة بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية

تاريخ الفتوى: 20 ديسمبر 2015 م
رقم الفتوى: 6002
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: السمعيات
مدى صحة التفرقة بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية

هل هناك فارق بين (توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية) في تقسيم التوحيد؟ وهل هذا التقسيم صحيح أصلًا؟

التفرقة بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية تفرقة غير صحيحة؛ لأن تقسيم التوحيد إلى توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية لم يرد عن أحد من السلف، وهذا التقسيمٌ مبنيٌّ على جعل الأعمال داخلة في مفهوم الإيمان، وهو مذهب الخوارج الباطل، ومبني على أَنَّ الربَّ والإله استعمالان شرعيان مختلفان، وأنَّ توحيد الربِّ مختلفٌ عن توحيد الإله، وأَنَّ ما سماه توحيد الربوبيَّة كان معلومًا مستقرًّا لدى المشركين، وأَنَّ توحيد الألوهية هو ما دعا إليه الأنبياء، وهذا غير صحيح وغير موافقٍ لاستعمال القرآن الكريم؛ فالله تعالى هو الرَّب، والرَّب هو الإله، وقد جاء استخدام لفظ (الرب) و(الإله) في القرآن والسنة بمعنًى واحد ولا فرق بينهما.

بعض الناس يجعلون فارقًا بين توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وهذا تقسيمٌ للتوحيد لم يرد عن أحد من السلف، وأوَّل من أحدثه -على ما هو المشهور- هو الشيخ ابن تيمية رحمه الله؛ مُدَّعِيـًا أَنَّه استقراء لكلام السلف ثم أخذه عنه مَن تكلَّم به بعد ذلك.

وقد تعدَّى هذا التقسيم للتوحيد كوْنَه اصطلاحًا خاصًّا تجرى عليه قاعدة: "لا مشاحة في الاصطلاح" إلى أَنْ صار بابًا للتَّوسّع في تكفير المسلمين، وذريعةً لسفك الدماء المعصومة.

وهو تقسيمٌ مبني على جعل الأعمال داخلة في مفهوم الإيمان، وهو مذهب الخوارج الباطل، ومبني على أَنَّ الربَّ والإله استعمالان شرعيان مختلفان، وأنَّ توحيد الربِّ مختلفٌ عن توحيد الإله، وأَنَّ ما سماه توحيد الربوبيَّة كان معلومًا مستقرًّا لدى المشركين، وأَنَّ توحيد الألوهية هو ما دعا إليه الأنبياء.

وهذا التقسيمُ غير مقبول؛ وغير موافق لاستعمال القرآن؛ فإِنَّ الإله الحق هو الرَّبُّ الحق، ولا يستحق العبادة والتأليه إلا مَنْ كان ربًّا، ولا معنى لأَن نعبد من لا نعتقد فيه أنه ربٌّ ينفع ويضرّ، فهذا مرتب على ذلك؛ فالله تعالى هو الرَّب، والرَّب هو الإله، وقد تلازم في النصوص الشرعية استعمال الرب والإله كلاهما في موضع الآخر، ونجد لفظ (الإله) ولفظ (الرب) استخدموا في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة بمعنًى واحد؛ قال تعالى: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: 39]، وقال بعدها: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ [يوسف: 40]، وقال الله تعالى في حق نبيه عيسى عليه السلام: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا﴾ [آل عمران: 80]، وقال في الآية الأخرى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ [المائدة: 116].

ومن الأدلة على أَنَّ شرك الكفار في الربوبية كشركهم في الألوهية، وأنهما واحد: أَنَّ الميت في قبره يُسأل عن الربوبية، فيقول الملكان من ربك؟ لا يسألانه عن الألوهية؛ فعن الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ﴿يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ قال: «نَزَلَتْ في عَذَابِ الْقَبْرِ، فَيُقَالُ له: من رَبُّكَ؟ فيقول: رَبِّيَ الله، ونبيي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: ﴿يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وفي الآخِرَةِ﴾» رواه مسلم.

فتبين لنا بهذا أَنَّ (الرب) و(الإله) استخدمهما القرآن والسنة بمعنًى واحد، فالمشرك لا بد أَنْ يكون أشرك بالربوبية، ولا يعبد الله، ويعبد تلك الأرباب الباطلة، والدليل على هذا أَنَّ كلمة (لا إله إلا الله) تتضمن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، ولو كانت تتضمن توحيد الألوهية فقط -كما يقولون- لاقتضى أَن لتوحيد الربوبية كلمة أخرى غير هذه، ولا قائل بذلك.

والآيات تدلُّ على أن الرُّسل كما خاصموا المشركين في صرفهم العبادة لغير الله، فكذلك خاصمتهم في إثباتهم بعض خصائص الربوبية لغير الله من نفوذ شفاعتهم عنده تعالى، بحكم شراكتهم له في الربوبية، ومن نفوذ مشيئة مَن اتخذوهم أربابًا بجعلهم متصرفين فيهم استقلالًا بقدرة (كن)؛ نفعًا، وضرًّا، ونصرًا، وإعطاءً، ومنعًا، وتوسعةً في الرزق، وشراكة في الملك والربوبية، وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تذكر دعوة الرسل للمشركين إلى عدم الإشراك في خصائص الربوبية، منها قوله تعالى -يحكي قول سيدنا إبراهيم لقومه: ﴿قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ﴾ [الأنبياء: 56]. يعني: لا أربابكم التي تعبدونها.

وقال سيدنا يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وهو يدعو صاحبي السجن إلى التوحيد: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: 39].

وقال فرعون لموسى عليه السلام: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: 24].

فهل كان صاحبا السجن -اللذان كانا يعبدان الأصنام- وفرعون مقرِّين بالألوهية لله؟! وقال تعالى أيضًا عن الكفار: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية: 24]؛ وفي هذا تصريح منهم بنفي الصانع، وقد نفى الله تعالى عنهم العلم؛ إذ ينسبون ذلك للدهر.

وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت: 17]؛ فلو كان الكفار يعتقدون أن الله هو الرزاق، ما أمرهم الله بابتغاء الرزق عنده وحده، ولكن لما كانوا يطلبونه من آلهتهم أمرهم الله بابتغاء الرزق من عنده، ومجانبة هذا النوع من الشرك الذي يدعي القائلون بالتقسيم المبتدع أن الكفار كانوا يؤمنون بأنه تعالى الخالق الرازق المدبر.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنّ هذا التقسيم لم يرد عن أحد من السلف، وهو تقسيمٌ مبني على جعل الأعمال داخلة في مفهوم الإيمان، وهو مذهب الخوارج الباطل، ومبني على أَنَّ الربَّ والإله استعمالان شرعيان مختلفان، وأنَّ توحيد الربِّ مختلفٌ عن توحيد الإله، وأَنَّ ما سماه توحيد الربوبيَّة كان معلومًا مستقرًّا لدى المشركين، وأَنَّ توحيد الألوهية هو ما دعا إليه الأنبياء؛ وهذا غير صحيح؛ وغير موافقٍ لاستعمال القرآن الكريم؛ فالله تعالى هو الرَّب، والرَّب هو الإله، وقد جاء استخدام لفظ (الرب) و(الإله) في القرآن والسنة بمعنًى واحد ولا فرق بينهما.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل ظلمت الشريعة المرأة بعدم مُساواة ميراثها بالرجل؟


سائلة تقول: لم أذهب إلى مقبرة والدي سوى مرات قليلة، وظروفي لا تسمح لي أن أذهب دائمًا؛ فهل يجب علي أن أذهب باستمرار؟ وهل صحيح أنَّ الميت يفرح بزيارة أهله له؟


كيف نرُدُّ على مَنْ يزعُم أنَّ السادة الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة؟


ما حكم ما يُسمى بـ(طلعة رجب) لتوزيع الصدقات عند المقابر؟ علمًا بأنه يعتاد بعض المسلمين في بداية شهر رجب من كل عام زيارة المقابر فيما يعرف بـ "طلعة رجب" ويمكثون في المقابر يوزعون فيها الطعام والأموال على الفقراء والمحتاجين. فما حكم ذلك شرعًا؟


ما حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف والكعبة المشرفة؟


برجاء التفضل بتوضيح بعض الأمور المتعلقة بالموت والحياة والاستنساخ؛ الروح هي سر الله تعالى كما جاء بقوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85].
هل الروح لجميع المخلوقات الحية: الإنسان، والنبات، والحيوان؟
هل الروح هي الفرق الوحيد ما بين الحياة والموت؟ السؤال يشمل كل شيء حي بما في ذلك الخلايا والنطفة.
هل الروح تتجزأ أو تتبدل في كائنها؟
هل الروح تنفخ في الجنين في بطن أمه بأمر الله تعالى بعد 120 يومًا من الإخصاب؟
السؤال الأساسي: ظهر في الشهور السابقة الاستنساخ في الإنسان، ومن عدة سنوات مضت في الحيوان، وعند التفكير بهذا الأمر أجد أنه من المستحيل أن تنجح هذه التجربة بخلايا ميتة، وهذا ما يؤكده العلم، ولكن أجد أن الفرق بين الخلية الحية والميتة هي الروح فقط، فإذا كانت الروح بكل الخلايا الحية؛ فمن أين التأكد أن الروح تنفخ في الجنين بعد 120 يومًا من الإخصاب؟ وإذا كانت الخلايا الحية بدون روح؛ فكيف تنفخ الروح في الجنين المستنسخ في ظل الظروف غير الطبيعية المصاحبة للتجربة من إلحاد وجنون علمي شاذ من إجراء هؤلاء الملحدين التجربة مختلطة من خلايا إنسان مع بويضة حيوان أو العكس، أو حتى تم وضعه ليس برحم امرأة ولكن بتجويف بطن رجل كما سمعنا، أو حتى أخذ هذه الخلية من جسد متوفى حديثًا؟ بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: 73] صدق الله العظيم. برجاء الإيضاح وجزاكم الله خيرًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13