ما حكم ترك تغسيل المتوفى بمرض مُعدٍ إذا قرر الأطباء أن العدوى تنتقل من خلال هذا إلى الحي؟
لا يجب تغسيل الشخص المتوفَّى بمرض مُعدٍ ما دام الغسل متعذرًا؛ لكونه مظنة حصول العدوى، وأن الأمر الذي يلي الغسل في اللزوم عند تعذره هو التيمم، فإن تعذر هو الآخر ولم يُتمكن من فعله للعدوى تُرِك وسقطت المطالبة به شرعًا، ولكن يبقى للميت بعد ذلك ما أمكن من التكفين والصلاة والدفن.
المحتويات
اتفق الفقهاء على أن تغسيل المتوفى حق للميت المسلم، وأن القيام به له فرض كفاية على المسلمين؛ فإذا قام به البعض سقطت المطالبة والإثم عن الباقين، وأما إذا لم يكن الميت مسلمًا، فلا يجب على المسلمين غسله.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 312 ط. دار المعرفة): [حَقٌّ على الناس غسل الميت، والصلاة عليه، ودفنه، لا يسع عامتهم تركه، وإذا قام بذلك منهم مَن فيه كفاية له أجزأ إن شاء الله تعالى] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 119، ط. المنيرية): [لا يجب على المسلمين ولا غيرهم غسل الكافر بلا خلاف] اهـ.
إن الفقهاء قد تدرجوا في الانتقال من الأصل إلى البدل في حالة تعذر الغسل وعدم إمكان تعميم جميع بدن المتوفى بالماء، فأوجبوا غسل ما يمكن غسله من أعضائه، وهذا كله بناءً على قاعدة: "الميسور لا يسقط بالمعسور"، وهذه القاعدة من أشهر القواعد المستنبطة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». انظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 155، ط. دار الكتب العلمية).
وتعذر غسل الميت قد يكون من أجله هو؛ كالمحروق، وقد يكون من أجل الغاسل والمغسول معًا؛ كالرجل بين النساء ولا محرم، أو العكس، وقد يكون من أجل خوف انتقال الضرر من المغسول إلى الغاسل بسبب تغسيله، وهذا الأخير هو الذي عليه مدار الحال المسئول عنه.
قال في "المنهاج" للنووي وشرحه "تحفة المحتاج" لشيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي (3/ 184، ط. المكتبة التجارية الكبرى بمصر): [(ومن تعذر غسله)؛ لفقد ماء، أو لنحو حرق، أو لدغ، ولو غُسِّل تهرَّى، أو خيف على الغاسل ولم يمكنه التحفظ (يُمِّم) وجوبًا، كالحي] اهـ. قال مُحَشِّيه العلامة الشرواني: [(قوله: أو خيف... إلخ) عطف على تهرَّى؛ أي: ولو غُسِّل تهرَّى الميت، أو خيف على الغاسل من سراية السم إليه. كردي] اهـ.
والقول بترك الغسل إن خيف على الغاسل من سراية السم نص جلي في ترك الغسل إن خيف على الحي الضرر.
وقد نَصَّ فقهاء المالكية على أن الغسل يسقط فيما هو أهون من ذلك، مثل أن تكثر الموتى جدًّا فيشق غسلهم؛ كما يحدث في الوباء ونحوه.
قال العلامة الموَّاق في "التاج والإكليل" (3/ 46، ط. دار الكتب العلمية): [ولو نزل الأمر الفظيع بكثرة الموتى، فلا بأس أن يدفنوا بغير غسل، إذا لم يوجد من يغسلهم، ويجعل النفر منهم في قبر واحد، وقاله أصبغ وغيره] اهـ.
وقال في "مختصر خليل وشرحه" لسيدي أحمد الدردير (1/ 420 مع "حاشية الدسوقي"، ط. دار إحياء الكتب العربية): [(و) جاز (عدم الدلك لكثرة الموتى) كثرة توجب المشقة؛ أي: الفادحة فيما يظهر, وكذا عدم الغسل، ويُيَمَّم مَن أمكن تيممه منهم، وإلا صلى عليهم بلا غسل وتَيَمُّم على الأصح] اهـ. قال مُحَشِّيه العلامة الدسوقي: [(قوله: المشقة الفادحة)؛ أي: في الدلك، والمراد بها: الخارجة عن المعتاد. (قوله: وكذا عدم الغسل)؛ أي: وكذا يجوز عدم الغسل؛ لكثرة الموتى كثرة توجب المشقة الفادحة في تغسيلهم بلا دلك. (قوله: وإلا صلى)؛ أي: وإلا بأن كان يشق تيممهم مشقة فادحة صلى عليهم بلا غسل وبلا تيمم, وهذا لا يعارض ما مر من قوله: (وتلازما)؛ لما علمت أن المراد تلازما في الطلب، ولا شك أن الغسل مطلوب عند كثرة الموتى ابتداءً، وإن اغتفر تركه؛ للمشقة الفادحة] اهـ.
ولا شك أن المشقة تتعلق بالحاجيات، وهي مرتبة أدنى من الضروريات، فما جاز تركه للحاجة جاز تركه للضرورة من باب أولى، وحفظ النفس من أهم الضروريات.
والمقصود أن نقرر أن الميت إذا لم نستطع تغسيله لعذر شرعي، فإنه يُنتَقَل إلى التيمم، فإن لم نستطعه فقد سقط التيمم أيضًا، لكن يبقى له ما يكون بعد ذلك مما يتيسر من التكفين والصلاة والدفن؛ لأن "الميسور لا يسقط بالمعسور".
الخلاصة: أنه لا يجب تغسيل جثث الأشخاص المتوفّين بمرض مُعدٍ ما دام الغسل متعذرًا؛ لكونه مظنة حصول العدوى، وأن الأصل الذي يلي الغسل في اللزوم عند تعذره هو التيمم، فإن تعذر هو الآخر ولم يمكن ارتكابه للعدوى تُرِك وسقطت المطالبة به شرعًا، ولكن يبقى للميت بعد ذلك ما أمكن من التكفين والصلاة والدفن.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الكيفية الصحيحة لتغسيل الميت؟ وهل يختلف غسل الصغير المتوفى عن الكبير؟
ما حكم منع الأب ابنه من السفر للجهاد؟ فأنا ليبي أعيش في بلدي مع أسرتي، فهل يجوز لي منع إبني البالغ من السنِّ ثمانية عشر عامًا من الذهاب للجهاد في سبيل الله سواء أكان في العراق أو الشيشان أو أفغانستان أو فلسطين المحتلة؟ وهل الجهاد في الوقت الحالي فرض عين؟ وهل موقفي في منع ابني من ذلك موقف شرعي أم أنه خروج عن طاعة الله عز وجل ومنع له من إقامة الفرائض الشرعية كما يقول؟
خرج زوج شقيقتي واستقل سيارته ربع نقل مع رفيقه -متوكلًا على الله- لينقل بعض الأثاث مقابل أجر، وبعد خروجه بنصف ساعة انقلبت السيارة ووافته المنية وهو في السيارة.
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في زوج شقيقته الذي خرج -متوكلًا على الله- ساعيًا على رزق بيته وأولاده ووافته المنية في سيارته بسبب الحادث؛ هل يعتبر شهيدًا؟ وما هي درجته؟
تم العثور على رسم هندسي لروضة الإمام محمد ماضي أبو العزائم، الصادر من محافظة القاهرة عام 1932م، محدد الأبعاد والموقع، يفيد أنَّ روضة الإمام أبو العزائم حدودها خارج المقصورة المقامة حاليًّا، وثم التأكد من ذلك بمعرفة المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية -مرصد حلوان- عن طريق الأجهزة العلمية الحديثة.
ومرفق تقرير ورسم هندسي صادر من مرصد حلوان وممهور بخاتم شعار الجمهورية يفيد ذلك، وبعرض الأمر على الشئون الهندسية بوزارة الأوقاف والسيد وكيل وزارة أوقاف القاهرة، تمَّ استصدار تصريح عمل لإنشاء درابزين حول الجزء المكشوف من روضة الإمام بمساحة 2متر في 2متر، وذلك بعد قيام أوقاف القاهرة والإدارة الهندسية بالتأكد من ذلك الأمر بالمعاينة على الطبيعة.
وحيث إنَّ بعض المُصَلِّين يعترضون على إنشاء درابزين لإحاطة الجزء المكشوف لروضة الإمام، بحجة أنَّ الصلاة فوق القبور والدوران حول الضريح جائز وعمل مبارك؛ لذلك نرجو التكرم بإصدار فتوى شرعية في هذا الأمر بناء على المستندات والرسومات وتصريح وزارة الأوقاف المرفق طيه. وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.
ما حكم وضع الجنازات في طوابق عند الصلاة عليها، حيث أني أعمل في مسجد "الرحمن الرحيم" الكائن في طريق صلاح سالم بالعباسية، وفي يوم الجمعة يكون المسجد مكتظًّا بالجنازات التي كثيرًا ما تزيد عن العشرة، ويتعثر علينا كعمال بالمسجد حمل الجنازات إلى الأمام في وقت الجمعة لشدة الازدحام، وعليه: فإننا نرجو من فضيلتكم التكرم بفتوى تبين حكم وضع الجنازات في ركات متعددة الطوابق في شقٍّ صغيرٍ أمام المصلين حتى لا تأخذ الجنازات مساحة كبيرة من المسجد. مع العلم أننا سنضع ساترًا يفصل الجنائز عن المصلين، فهل هناك مانع شرعي من هذا؟
استفتاء عن حكم الشرع في طريقة الدفن المقدمة من إحدى الشركات المتخصصة بمدينة سيدني باستراليا، ونص استفتاء الشركة جاء كالتالي: حفاظًا وصونًا لكرامة موتى المسلمين بعد دفنهم في استراليا بخاصة وفي جُلِّ بلاد العالم بصفة عامة، حيث تُغْمَرُ وتمتلئ المقابر بالمياه الجوفية والأمطار مما يجعل الميت مغمورًا في بركة من المياه، وهي مشكلة يترتب عليها ما يلي:
- الضرر والأذى الذي يحل بالموتى، فهل للميت حرمة كحرمته حيًّا؟
- هذه الحالة تحول دون تحلُّل الجثة وفنائها مع تراب الأرض بطريقة طبيعية.
- حالة التعفن والتحلُّل داخل المياه يترتب عليها مخاطر بيئية وصحية بيولوجية.
- استنفاد المساحة المخصصة لدفن موتى المسلمين مما يضطرهم إلى البحث عن أماكن نائية خارج المدن فضلًا عن ارتفاع تكلفة الدفن في استراليا والبلاد الغربية.
ملحوظة: طبيعة الأرض في استراليا صلصالية صوانية غير مسامية وتحتفظ بالماء زمنًا طويلًا.
لهذه الأسباب وغيرها.. وفَّق الله تعالى شركتنا لاختراع وابتكار واستحداث طريقة علمية عملية لحماية موتى المسلمين وغيرهم من هذه الأضرار، كما تمنح الجاليات الإسلامية فرصة أكبر من الاستفادة من مساحة الأرض.
وتسمح للعائلات المسلمة من دفن موتاهم في مقبرة واحدة حسب تعاليم الشريعة الإسلامية.
وهذا الإنجاز والابتكار يتمثل في وحدة دفن مستطيلة على حجم الجثمان من مادة خاصة واقية من تسرب أية نسبة من الماء تمامًا بالتجربة والمعاينة، وقد أطلق عليها مصطلح (OBS) بينما سيكون جسد الميت متصلًا بالأرض الطبيعية مباشرة.
ونفس الطريقة يتم دفن ميت آخر بوضع فاصل ترابي بين الوحدتين مع تغطية القبر بالتراب كاملًا بعد الدفن بطريقة مُعتادة. كما هو موضَّح في نص الفتوى التفصيلية.
فما هو حكم الشريعة الإسلامية فيما طرحناه؟ لنتمكن من تطبيقه وتعميمه واستخدامه بين المسلمين. وجزاكم الله خيرًا. مع فائق الاحترام.