الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة

تاريخ الفتوى: 31 يوليو 2018 م
رقم الفتوى: 5745
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة

ما حكم قول المصلي للمصلي الذي بجواره: "حَرَمًا"؟

قول "حرمًا" بعد الصلاة هو من باب الدعاء، ودعاء المصلِّين لبعضهم عقب الفراغ من الصلاة بما تيسر من عبارات الدعاء مشروع، ولا يجوز إنكاره شرعًا؛ لأن الدعاء مشروع بأصله، وإيقاعه عقب الصلاة آكد في المشروعية وأشدُّ في الاستحباب، فإذا كان من المسلم لأخيه فهو أدعى للقبول، وبذلك جرت سُنّةُ المسلمين سلفًا وخلفًا، وإنكارُ ذلك أو تبديعُ فاعله ضربٌ من التشدد والتنطع الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

المحتويات

فضل دعاء المسلم لأخيه

لقد رغَّب الشَّرع الشَّريف في دعاء المسلم لأخيه، وبيَّن أنَّه مستجابٌ؛ فعن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه يقول: حدثَّني الصنابحي أنه سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "إن دعاء الأخ لأخيه في الله عز وجل يستجاب" أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن المبارك في "الجهاد"، والدولابي في "الكُنَى والأسماء".
قال العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1526، ط. دار الفكر): [قيل: كان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة ليدعو له الملَك بمثلها، فيكون أعون للاستجابة] اهـ.
فإذا كان الدعاء في الأحوال والأوقات والأمكنة الفاضلة تأكد استحبابه وزادت فضيلتُه، ورُجِيَ قبولُه وإجابتُه، ومن هذه الأوقات: الدعاء عقب الصلوات المكتوبات؛ قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ [النساء: 103]، وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» أخرجه الترمذي وحسَّنه، والنسائي في "السنن الكبرى".

دعاء المسلم لأخية عقب الصلاة

دعاء المسلمين لبعضهم بقبول الصلاة عقب الفراغ منها ليس بدعًا من القول، بل هو أمرٌ مضت به سُنّة المسلمين وجرت عليه عادتهم وأخذه خلفهم عن سلفهم، ولم يحرمه أو ينكره إلا نابتة هذا العصر؛ جهلًا أو قصورًا عن إدراك مقاصد الشرع الشريف:
قال الشيخ أبو عبد الله ابن بطة العُكْبَري الحنبلي في كتابه "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة" (ق: 89/ أ، مخطوط كوبريللي 719هـ): [أما ترون أن الرجل من المسلمين قد صلى الصلاة فأتمها وأكملها، وربما كانت في جماعة وفي وقتها وعلى تمامٍ من طهارتها، فيقال له: صليتَ؟ فيقول: قد صليتُ إن قبلها الله، وكذلك القوم يصومون شهر رمضان؛ فيقولون في آخره: صمنا إن كان الله قد تقبله منا. وكذلك يقول مَن قَدِم مِن حجِّه بعد فراغه من حجه وعمرته وقضاء جميع مناسكه؛ إذا سئل عن حجه إنما يقول: قد حججنا ما بقي غيرُ القبول، وكذلك دعاء الناس لأنفسهم ودعاء بعضهم لبعض: اللهم تقبل صومنا وصلاتنا وزكاتنا، وبذلك يلقى الحاج فيقال له: قبل الله حجك وزكى عملك، وكذا يتلاقى الناس عند انقضاء شهر رمضان، فيقول بعضهم لبعض: قبل الله منا ومنك. بهذا مضت سنة المسلمين، وعليه جرت عادتهم، وأخذه خلفهم عن سلفهم] اهـ، وفي المطبوع سقطٌ يسير.

حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة

أما قول "حرمًا" فهو دعاء بالصلاة في الحرم الشريف؛ أي: رزقك الله صلاةً في حرمٍ؛ فتكون "حرمًا" منصوبة على نزع الخافض، أو دعاء بأن يتقبل الله الصلاة كقبولها في الحرم الشريف؛ فتكون "حرمًا" نائبًا عن المفعول المطلق بيانًا للنوع، وقد جرت العادة أن المصلي إذا قال لجاره "حرمًا" أن يَرُدَّ عليه بقوله: "جمعًا"، والمعنى: الدعاء للداعي أن يقبلهما الله تعالى جميعًا؛ أي: ولك بمثل، أو أن يجمعهما في حرمه؛ فهو حالٌ على كل حالٍ.
وهذا من مُستحسَن الدعاء، وهو في معنى الدعاء بالقبول؛ لأن الصلاة في الحرم مظنة القبول وفيها مضاعفة الثواب مائة ألف مرة، وفيه إظهار الشوق إلى حرم الله ومقدساته، وفي الدعاء بـ"جمعًا" امتثالٌ لقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فدعاء المصلين لبعضهم عقب الفراغ من الصلاة بما تيسر من عبارات الدعاء مشروع، ولا يجوز إنكاره شرعًا؛ لأن الدعاء مشروع بأصله، وإيقاعه عقب الصلاة آكد مشروعيةً وأشدُّ استحبابًا، فإذا كان من المسلم لأخيه فهو أدعى للقبول، وبذلك جرت سُنّةُ المسلمين سلفًا وخلفًا، وإنكارُ ذلك أو تبديعُ فاعله ضربٌ من التشدد والتنطع الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما هو الأفضل: تأخير صلاة العشاء في جماعة، أو تأديتها مع جماعة أولى بالمسجد؟


ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟ حيث يقول السائل: إن ظاهرة صلاة الفريضة جماعة في المسجد على الكرسي هي من الأمور المحدثة التي تفتقد الشرط الثاني للعبادة، وهو الموافقة للشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن ظهور بعض الفتاوى بصحَّة صلاة الجماعة على الكرسي، مستندةً إلى حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا على الدابة لصلاة النافلة، وليس الفريضة، في حين أن هذا لا ينطبق على صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا نفلًا ولا فرضًا ولا مقيمًا ولا مسافرًا، فلم يثبت عنه ذلك الأمر ألبتة، كل ذلك دفعني إلى أن أبيِّن أدلة عدم صحة الصلاة للجالس على الكرسي؛ فالكرسي كان موجودًا فعلًا في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كرسي يستعمله في غير الصلاة، ولم يستعملْه ألبتة هو وأصحابه في الصلاة حال الصحَّة أو المرض ولا في الفريضة ولا في النافلة ولا في السفر ولا في الحضر، وحين مرض الرسول مرضًا شديدًا أعجزه عن الصلاة قائمًا قَعَدَ على الأرض ولم يجلسْ على كرسي أو غيره، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى النافلة مسافرًا على الدابة، فإذا حضرت الفريضة نَزَلَ واستقبل القبلة وصلَّى قائمًا، ولم يستعمل كرسيًّا ولا غيره. كما أن الصلاة بالجلوس على الكرسي تؤدِّي إلى مفاسدَ كثيرةٍ، منها:
إسراف العوام والمقلدين من الأمة في استعمال الكرسي في الصلاة دون ضوابطَ شرعيةٍ.
عدم استواء الصف وما له من أثر في قبول الصلاة.
تضييق المجال على الصف خلف الكرسي في السجود.
إسراف بعض المصلين في بعض البلدان باستخدام أرائكَ طويلةٍ مثل التي في الكنائس، مما يؤدِّي إلى تحوُّل المساجد في مظهرها إلى كنائسَ، وهذا محظورٌ شرعًا بلا جدال؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].
أنها تمنع من السجود على الأرض الواجب لصحة الصلاة لمن يقدر عليه.
فعدمُ استعمال النبي للكرسي في الصلاة وعدمُ ترخيصه بذلك لصحابته، بالإضافة إلى المفاسد الناجمة عن استعمال الكرسي في الصلاة، كلُّ هذا يشير إلى أن من يجيز استعمالَه فإنه يتعدَّى بذلك تعدِّيًا عقديًّا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على خطرٍ عظيم وحافة هاوية يكاد يقع فيها مَن يتبنى مثلَ هذا الرأي.


ما حكم إرسال اليدين في الصلاة؟ فقد كنت أُرسل يدي في الصلاة أثناء القيام، وبعد أن انتهيت من صلاتي جاءني أحد المصلين وقال لي: لماذا لا تضع اليد اليمنى على اليسرى أثناء الصلاة؟ فقلت له: أنا أُصلِّي على هذه الهيئة منذ أن بدأت أُصلِّي، فقال: إنَّ فعلك هذا مخالف للسُّنَّة، فما صحة هذا الكلام؟ وهل صلاتي صحيحة؟


ما حكم الاستغناء عن مسجد صغير بعمارة سكنية بعد بناء مسجد كبير أمامه؟ حيث يقول السائل: اشتريت منزلًا تقع فيه عيادتي ومسجد صغير، والسائل يرى أن في المسجد عيوبًا وهي: إزعاج المصلّين وقت الصلوات من المرضى الصاعدين والهابطين من وإلى العيادة، ووقوف الإمام خلف الجزء الأكبر من المصلين في صلاة الجمعة؛ حيث إن المسجد صغير ويصلي بعض الناس بالخارج، ويوجد ساكنين أعلى المسجد يمارسون حياتهم الطبيعية. علمًا بأني سأقوم بإنشاء مسجد أكبر أمامه؛ لإحلاله محل المسجد القديم الذي أنوي استغلاله لتوسعة العيادة، ولن أقترب من المسجد القديم إلا بعد تمام بناء المسجد الجديد، وبدء إقامة الصلوات فيه؛ فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم الجمع بين الصلوات بسبب العمل؛ فأنا أضطر إلى جمع الصلوات جمع تأخير بسبب ظروف عملي؛ حيث إنني أعمل طبيبًا وأدخل العمليات قبل صلاة الظهر ولا أخرج إلا بعد العصر، فهل يجوز لي الجمع؟ وهل يلزم أن أنوي جمع التأخير في وقت الصلاة الأولى؟ وهل إن فصلت بين الصلاتين بفاصل تبطل الصلاة؟


ما حكم الجمع في البلاد التي تنعدم فيها العلامات؟ فقد جاء في خطاب الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي، بشأن المقصود بجواز الجمع في البلدان الواقعة بين خطَّي عرض 48 و66 درجة شمالًا وجنوبًا، في القرار الثاني الخاص بمواقيت الصلاة في هذه البلدان:
أما البلدان الواقعة ما بين خطَّيْ عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا -وهي التي ورد السؤال عنها- فإن المجلس يؤكد على ما أقره بشأنها، حيث جاء في قرار المجمع في دورته التاسعة ما نصه: "وأما البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا، فيعين وقت صلاة العشاء والفجر بالقياس النسبي على نظيريهما في ليلِ أقربِ مكانٍ تتميز فيه علامات وقتَي العشاء والفجر، ويقترح مجلس المجمع خط عرض 45 درجة باعتباره أقربَ الأماكن التي تتيسر فيها العبادة أو التمييز، فإذا كان العشاء يبدأ مثلًا بعد ثلث الليل في خط عرض 45 درجة يبدأ كذلك بالنسبة إلى ليل خط عرض المكان المراد تعيين الوقت فيه، ومثل هذا يقال في الفجر".
وإيضاحًا لهذا القرار -لإزالة الإشكال الوارد في السؤال الموجه للمجمع- فإن مجلس المجمع يرى أن ما ذُكر في القرار السابق من العمل بالقياس النسبي في البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا إنما هو في الحال التي تنعدم فيها العلامة الفلكية للوقت، أمَّا إذا كانت تظهر علامات أوقات الصلاة، لكن يتأخر غياب الشفق الذي يدخل به وقت صلاة العشاء كثيرًا، فيرى المجمع وجوب أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد شرعًا، لكن من كان يشق عليه الانتظار وأداؤها في وقتها -كالطلاب والموظفين والعمال أيام أعمالهم- فله الجمع عملًا بالنصوص الواردة في رفع الحرج عن هذه الأمة، ومن ذلك ما جاء في "صحيح مسلم" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَرَادَ أَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". على ألا يكون الجمع أصلًا لجميع الناس في تلك البلاد، طيلةَ هذه الفترة؛ لأن ذلك من شأنه تحويلُ رخصة الجمع إلى عزيمة، ويرى المجمع أنه يجوز الأخذ بالتقدير النسبي في هذه الحال من باب أولى.
وأما الضابط لهذه المشقة فمرده إلى العرف، وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأماكن والأحوال". انتهى ما جاء في القرار.
والسؤال: هل يقتصر الجمع بين الصلاتين في هذا القرار على أفراد الناس ممن وجدت في حقهم المشقة؟ وهل يسري ذلك على المراكز والمساجد؟ أم أنها تقيم صلاة العشاء في وقتها ولو تأخر؛ كي لا يكون الجمع أصلًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20